في سلسلة احاديثنا التقييمية حول ما تحققق وما لم يتحقق سنتين بعد الثورة كان لنا لقاء مع الاستاذان مصطفى صخري وعبدالستار المسعودي والقاضي احمد الرحموني وهكذا كان تقييمهم المجلس التأسيسسي لم ينجز سوى فصل يتيم على مستوى القضاء أصبحنا نعيش ظاهرة خطيرة وهي إرهاب القضاء من خلال الوقفات الإحتجاجية والإعتصامات داخل المحاكم والإعتداء على القضاة فهنالك من تم تعنيفهم ماديا ومعنويا ،وكان من المفروض أن تحترم هيبة القضاء فهيبته من هيبة الدّولة ،ولكن ما نلاحظه أن ظاهرة الإعتصام داخل المحاكم وتهديدات القضاة من قبل المواطنين في صورة عدم الحكم لصالحهم في بعض القضايا هذا ما أفادنا به الأستاذ مصطفى الصخري،مضيفا أن ما نلاحظه تجييش الإعلام في بعض القضايا،فمن المفروض حسب ذكره أن يكون لنفس المتهمين نفس الحظ لا تهويل قضايا على حساب قضايا أخرى وإعطائها أكثر من حجمها ،وكان من المفروض أيضا احترام سرية التحقيقات وعدم نشر تفاصيل بعض القضايا بحذافيرها هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فنلاحظ أن الأمن أيضا وقع مسّه فأحرقت العديد من المقرّات الأمنية التي هي من المفروض أنها مقرّات سيادة وهي ممتلكات الشعب ويفترض أن تظلّ مصانة وأن يسعى الجميع للمحافظة عليها . واعتبر أن ذلك ظاهرة خطيرة كما هو الحال لظاهرة إحراق الغابات بالإضافة الى ذلك فقد انتشرت الفوضى والتهوّر فرئيس الدولة لم يحترم وقذف بالحجارة والذي من المفروض أنه رمز من رموز الدّولة واحترامه واجب وقد أعطى ذلك صورة سيئة وسوداء قاتمة على تونس وثورتها التي يفترض حسب ذكره أن تكون مثالا يحتذى به مقارنة مع الثورات العربية الأخرى التي تعد ثورات فاشلة خاصة وأنها قد سرقت كثورة اليمن ومصر مضيفا أن هنالك ظواهر سلبية للثورة كالسلوك الهجين المتعجرف لبعض الأشخاص وتجسّد ذلك فيما نلاحظه في الطريق العام من كلام مناف للأخلاق وعدم احترام الأفراد لبعضهم البعض ولاحظ أنه على مستوى آخر فقد خيّب المجلس التأسيسي آمال الشعب الذي سوّق له وظل في طوابير مكاتب الإقتراع لساعات طويلة،ورغم أنها مرت أكثر من سنة لم ينجز الدستور الذي هو مهمة المجلس التأسيسي الرئيسية والتأسيسية وأن كل ما أنجزه أنه صادق فصل يتيم نقله حرفيا من دستور غرّة جوان 59 الذي يقول أن تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة دينها الإسلام ولغتها العربية والجمهورية نظامها الثورة سحقت الفئة المعدومة مضيفا أنه بالإضافة الى ذلك كلّه فالثورة سحقت الفئة المعدومة من السّابق فقد غلت الأسعار وتنامت ظاهرة الإحتكار وغابت آليات ناجعة للحد من ظاهرة اشتعال نار الاسعار وكل ما تحقق حسب ذكره فيمكن التنويه به كحريّة الإعلام وان استغلّت من بعض الأطراف لتشويه السمعة وهو ما يلاحظ في انتشار بعض الصحف الصفراء التي تخصصت لهتك الأعراض وما يجب التنويه به أيضا أن التونسي أصبح يشعر بالأمان فيما يتعلق بما ينعم به من حرية وخاصة حرية التعبير من خلال تكوين الأحزاب والجمعيات وتعدد المنابر وبالتالي تخلص التونسي من هواجس الخوف والترهيب التي عاشها خلال فترة المخلوع الذي جثم على رقاب التونسيين .
الاعلام تحت السيطرة وشاطر الأستاذ عبد الستار المسعودي الأستاذ مصطفى الصخري الرأي ولاحظ أننا كنا نطمح لوضع أحسن فسقطنا في وضع أتعس اجتماعيا واقتصاديا مضيفا أن نواميس الدولة كانت محترمة والآن لا نرى سوى تسيّب التونسي وانكشف التونسي على حقيقته فلا يعرف النظام وأصبح يعمل بمقولة "أنا وما بعدي الطوفان" فالقضاء يستغيث ويعيش في أتعس حالاته فوزير العدل هو الذي يقرر عوضا عنه فهو من يوقف ويطلق سراح من يريد فلم يعد يعمل معه أي هيكل لا جمعية القضاة ولا النقابة ولا حتى هيئة المحامين ولاحظ أن البلاد تعيش أتعس الفترات ففي العهد السابق كان هنالك اندماج بين الدولة والحزب الحاكم والآن الحزب الحاكم هو الدولة وحكومتان واحدة في القصبة والثانية في مونبليزير أي حكومة الغنوشي وقد عدنا 20 سنة الى الوراء فلا اقتصاد منتعش ولا اعلام نزيه ومحايد فالقناة الوطنية الأولى والثانية حسب ذكره أصبحت بوق النهضة فلم نحقق سوى الخسارة ولن نكسب شيئا ولم يبقى سوى الصراع داخل "البلاتوات" والقضايا الأخلاقية كقضية "الشيراتون" ففي اعتقاده لا توجد عزيمة صادقة للتغيير والتونسي ممحون بالتلوّث الفكري وله ازدواجية في الشخصية وانقسمنا بين كفّار على حد تعبير البعض ومسلمين .
التاسيسي خيب الامال ورأى أحمد الرحموني رئيس المرصد الوطني لإستقلال القضاء أن المؤسسات التي مارست الإنتهاكات الماضية لم تشهد أي إصلاح أو خطوات للإصلاح سواء تعلّق ذلك بالأمن أو بالقضاء أو غيره وهذا أكبر دليل حسب ذكره على أننا مازلنا نعيش في استبداد. ولكن نجحنا في بناء مؤسسات شرعية مثل المجلس التأسيسي الذي خيّب أملنا،مضيفا "أننا لم نشهد أي مؤسسات جديدة رغم أن الثورات غالبا ما تشهد بروز مؤسسات جديدة واختفاء أخرى ولكن ما نلاحظه أن المؤسسات الموروثة لم يقع إصلاحها بل أصبحت تعتمد عليها الدولة وكان من المفروض أن كل ثورة تكتب ميثاقها أي أهدافها ولكن لم يكتب ميثاق الثورة وأصبح كل الأشخاص يدّعون الثورية دون الإتفاق على أهدافها كما أن العدالة الإنتقالية لم تبدأ مبكّرا لذلك ان لم نبدأ العدالة الإنتقالية فإن كل ما هو مرتبط بها كالمحاسبة ومحاكمة رموز النظام السابق وإصلاح المؤسسات والكشف عن الحقيقة فهذا كله لم يتحقق لذلك حسب تصريحاته فنحن بقينا ننتظر متى يكتب الدستور ومتى تنتهي الحكومة الشرعية" مشيرا "أن ما نلاحظه ونحن نحتفل بالذكرى الثانية للثورة أنه لم يقع تركيز هيئات كهيئة العدالة الإنتقالية والقضاء والإعلام ودائما نؤجل ذلك وانتظاراتنا وآمالنا في تحقيق ايجابيات خاصة أننا قضينا على راس الأفعى الذي ما زال مطاردا"