وقد كشف مقياس الشأن السياسي عن تحسن نسبة الرضاء مقارنة بشهر جانفي الماضي أين كانت في حدود 31.5 % لتسجّل خلال شهر مارس الجاري 33،5 بالمائة وكانت بداية شهر فيفري الفارط في حدود 32.7 % . وتفسر أسباب العودة التدرجية لنسب الرضاء عن آداء رئيس الجمهورية إلى عودته القوية على الساحة السياسية كفاعل رئسي مازال ينظر إليه بعين «رجل المهمات الصعبة» أو المنقذ من الأزمات لا سيما وأن كثيرين تشرئب أعناقهم إلى قصر قرطاج مع كل أزمة سياسية بحثا عن مبادرة من رئيس الدولة للخروج من المأزق. وحصل ذلك مع أزمة حكومة الشاهد مؤخرا بعد ارتفاع أصوات المطالبين بتحوير وزاري وبرأس الشاهد وسط توتر الأجواء بين رئيس الحكومة والمركزية النقابية أين تدخل رئيس الجمهورية بالدعوة إلى اجتماع الموقعين على وثيقة قرطاج واحتواء الأزمة باقتراح لجنة لضبط الأولويات قبل الحديث عن تحوير ما اعتبره كثيرون دهاء سياسيا من الباجي قائد السبسي ربحا للوقت وطوق نجاة للشاهد. كما ظهر رئيس الجمهورية في خطابه الأخير بمناسبة عيد الإستقلال في ثوب الممسك بكل خيوط الساحة السياسية وقفز بحنكة على انتظارات بعض الراغبين في دعوة الرئيس لمراجعة الدستور ودعا في المقابل إلى مراجعة القانون الانتخابي. ورغم أن نسبة الرضاء عن أداء رئيس الجمهورية مازالت بعيدة عن أعلى نسبة رضاء عن أدائه في السنة المنقضية والتي كانت خلال شهر جويلية المنقضي، أين بلغت النسبة 39.5% وذلك خاصّة بعد دعمه للحكومة بخصوص الإجراءات المتخذ ة وقتها لمحاربة الفساد..إلا أن تواصل الأداء الإيجابي لرئيس الجمهورية وتفاعله بنفس النسق مع التطورات على الساحة السياسية سيزيد في نسب الرضاء على آدائه مستقبلا. شعبية رئيس الحكومة ليس بعيدا عن آداء رئيس الجمهورية يسير رئيس الحكومة باتجاه المحافظة على استقرار في نسب الرضاء على آدائه مع تحسن طفيف إذ بلغت النسبة 48،8 بالمائة مقابل 48.3 بالمائة خلال شهر فيفري الفارط . وتبقى نسب الرضاء عن آداء رئيس الحكومة بعيدة عن تلك القفزة التى عرفها في جويلية الفارط عندما أطلق حملته ضد الفساد إلا أن حفاظ يوسف الشاهد على استقرار شعبيته لدى التونسيين في الآونة الأخيرة يعد انجازا في حد ذاته بالنظر إلى الأزمة الأخيرة التى تعصف به وبحكومته وسط تصاعد وتيرة التصريحات السلبية حول شخص يوسف الشاهد وحصيلة حكومته. وصدرت أبرز هذه التصريحات عن المركزية النقابيية وتحديدا الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي الذي انتقد الشاهد في أكثر من مناسبة عندما قال أن «المسؤول المحنك والسياسي الناجح مطالب بالأرقام ومطالب بالنتائج، وأنا عندما أنظر وأتمعن اليوم في هذه النتائج أجدها كلها سلبية».وعندما طالب صراحة بأنه «آن الأوان لضخ دماء جديدة في بعض الوزارات والمؤسسات العمومية والإدارات العامة، وأن اتحاد الشغل لم يمنح صكا على بياض لحكومة الشاهد». ويعتبر الكثير من الملاحظين أن الشاهد نجح نسبيا في تجاوز عين العاصفة إلى حد الآن ولعل ذلك ما يفسر استقرار نسب الرضاء حول آدائه.وسعى الشاهد في الآونة الأخيرة للرد على تصريحات المركزية النقابية بالتأكيد أنه يواصل العمل والزيارات الميدانية وجاء الرد على أول تصريحات الطبوبي من سوسة في زيارة رئيس الحكومة الأخيرة. كما تجاوز الشاهد نسبيا «غصرة « جلسة المساءلة الأخيرة في مجلس النواب رغم توقعات البعض الاستباقية بأنها ستكون حاسمة. لكن ما شاب الجلسة من مداخلات لبعض النواب مثيرة للجدل على غرار مداخلة النائب عمار عمروسية والانتقدات الموجه لها كان في صالح رئيس الحكومة على ما يبدو حيث تحولت الأنظار عن لب الموضوع وهو مساءلة الشاهد وتقييم آداء حكومته ليصبح الجدل حول مستوى مداخلات النواب تحت قبة البرلمان والمتواصلة إلى اليوم مع نقاش التمديد لهيئة الحقيقة والكرامة. شعبية الشخصيات السياسية في إجابة على سؤال تلقائي للعينة المستجوبة حول الشخصية السياسية التي يراها التونسيون اليوم القادرة على قيادة البلاد، استطاع رئيس الحكومة يوسف الشاهد أن يُحافظ على صدارة ترتيب الشخصيات بنسبة 12،2 بالمائة وكانت النسبة 11.4 بالمائة خلال فيفري الفارط وبذلك تكون أغلبية المستجوبين ثقتهم في رئيس الحكومة باعتباره الشخصية السياسية الأقدر على قيادة البلاد، رغم الصعوبات التي تواجهها الحكومة ورغم الانتقادات المطالبة بتغييره وإدخال تحويرات على فريقه الحكومي. وواصل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، احتفاظه بالمرتبة الثانية بنسبة 9،2 بالمائة مقابل 7.6 بالمائة خلال شهر فيفري وسجل رئيس الحكومة تحسنا بنقطتين وهو ما يؤكد عودة الثقة في شخص الباجي قائد السبسي بعد آدائه الأخير وإدارته للأزمة في الحكومة . وقد حافظت أغلب الشخصيات على ترتيب شهر جانفي لكن مع تفاوت في النسب صعودا أو نزولا، حيث حافظ المنصف المرزوقي على المركز الثالث بنسبة 6 بالمائة والكاتب الصحفي الصافي سعيد الذي حافظ على المرتبة الرابعة بنسبة 3،9 بالمائة. في المقابل تقدم مهدي جمعة المرتبة الخامسة بنسبة 3 بالمائة بعد أن كان في المرتبة التاسعة خلال شهر فيفري الفارط. وتراجعت في المقابل سامية عبو إلى المرتبة الثامنة بعد أن احتلت المرتبة الخامسة الشهر الفارط.. وتذل ترتيب الشخصيات السياسية القادرة على قيادة البلاد في تقدير التونسين كلا من محسن مرزوق وسليم الرياحي. والملاحظ أن ترتيب الشخصيات القادرة على قيادة البلاد وان لم يتغيّر كثيرا مقارنة بشهر فيفري حيث حافظ كل من يوسف الشاهد والباجي قائد السبسي والمنصف المرزوقي على صدارة الترتيب. مؤشر الخطر الإرهابي في سؤال حول تقييم المستجوبين للخطر الارهابي وما اذا كان مازال مرتفعا أو انخفض رأى 19،2 بالمائة أنه مرتفع ورغم الارتفاع الطفيف مقارنة بشهر فيفري الفارط حيث كانت النسبة في حدود 17.9% إلا أن ثقة التونسي في الوضع الأمني في تحسن وقد تراجعت هذه النسبة مقارنة بشهر جانفي المنقضي حيث كانت في حدود 22.6 %. وتبدو النسب منطقية بالنظر إلى تحسن الوضع الأمني منذ فترة ونجاح المؤسستين العسكرية والأمنية في تحقيق انجازات على أرض الواقع في التصدي للخطر الإرهابي وتحقق نجاحات استخباراتية مهمة آخرها في بن قردان تزامنا مع عيد الاستقلال حيث نجحت الوحدات الأمنية في محاصرة ارهابييْن بمنطقة المقرون بجانب محمية سيدي التوي معتمدية بنقردان ولاية مدنين وتولّي أحدهما تفجير نفسه وتمكن الامنيون من القضاء على العنصر الإرهابي الثاني. كما بدأ التونسيون يستشعرون نتائج تحسن الوضع الامني من خلال المؤشرات الإيجابية عن موسم سياحي جيد في الأفق وهو ما بعث نوعا من الطمأنينة في النفوس هدأت من المخاوف . الأمل الاقتصادي رأى حوالي 55 بالمائة من المستجوبين (54,9 بالمائة)أن الأوضاع الاقتصادية في تونس بصفة عامة تتدهور وكانت النسبة في فيفري الفارط في حدود 64 بالمائة بما يعني أن هناك تراجعا طفيفا في النظرة المتشائمة للأوضاع الاقتصادية والمالية. ويتضح هذا المنحى المتفائل نسبيا في نسبة المستجوبين الذين أكدوا أن الأوضاع الاقتصادية في تحسن حيث بلغت نسبتهم 34 بالمائة مقابل 27 ،6 بالمائة فقط خلال شهر فيفري الفارط.. وربما التحسن الأخير الذي عرفته نسبة الصادرات والتوقعات المتفائلة بشأن الموسم السياحي خففت من النظرة التشاؤمية رغم أن ذلك لا يقلل من تواصل القلق لدى أغلب التونسيين جراء تدهور المقدرة الشرائية وسط تواصل تراجع احتياطي العملة الصعبة ومشاكل المالية العمومية المزمنة. مؤشر حرية التعبير يتواصل نسق ارتفاع نسبة التونسيين الذين يرون أن حرّية التعبير مهدّدة لتبلغ اليوم نسبة 46،7 بالمائة وكانت هذه النسبة قد سجلت أيضا ارتفاعا خلال فيفري الفارط لتبلغ 39 بالمائة مقارنة بشهر جانفي الماضي والتي كانت في حدود37.1 بالمائة ويعود تواصل نسق تنامي المخاوف بشأن حرية التعبير في ظل تواصل تداعيات الأزمة الأخيرة بين وزارة الداخلية ونقابة الصحفيين بعد موجة الاعتداءات والمضايقات المتزامنة والمتواترة التي تعرّض لها الصحفيون من طرف الأمنيين. واثر يوم الغضب الذي دعت إليه الهياكل النقابية الممثلة لقطاع الإعلام الشهر الماضي تواصلت التصريحات المنددة بمحاولات تركيع الإعلام كما تواصل صدور تقارير رصد الاعتداءات على الصحفيين (صدور آخر تقرير يوم 19 مارس الجاري )التى تؤكد تسجيل انتهاكات يحتل فيها الأمنيون صدارة المعتدين. مؤشّر التفاؤل والتشاؤم يشهد نسق التشاؤم لدى التونسيين تقلصا ملحوظا ناهز 10 نقاط تقريبا إذ تراجعت النسبة لتبلغ 25،3 بالمائة مقابل 36.4 بالمائة خلال شهر فيفري بعد أن كانت في حدود 39.8 بالمائة خلال شهر جانفي. وبحوالي 10 نقاط ارتفعت أيضا نسب التفاؤل لتبلغ 67،4 بالمائة بعد أن كانت في حدود 57 بالمائة في شهر فيفري و 53.2 بالمائة في شهر جانفي الفارط . ويحافظ التونسيون على تفاؤلهم بالمستقبل رغم كل الصعوبات التى تمر بها البلاد ولعل الأمر يبدو غريبا نوعا ما في ظل التطورات الأخيرة والمخاض حول النظام الانتخابي ومستقبل الحكومة وغيرها من الملفات الساخنة لكن قد يكون النجاح النسبي إلى حد الآن في المضي في انجاز بقية المستحقات السياسية وتحديدا الانتخابات البلدية ساهم إلى حد ما في الرفع من نسب التفاؤل بالمستقبل. * 81 ٪ من التونسيين لا يساندون إضراب الأساتذة وحجب الأعداد تزامنا مع الأزمة الحالية في علاقة باضراب الاساتذة والتصعيد المتواصل من الطرفيين ،جامعة التعليم الثانوي ووزارة التربية تضمن الاستبيان هذه المرة سؤالا حول ما إذا كان التونسيون يساندون اضراب الأساتذ ة وقرار حجب الأعداد حيث عبر 81 بالمائة من المستجوبين أنهم لا يساندون الاضراب ولا قرار حجب الأعداد واقتصرت نسبة المساندة على 8 بالمائة . ولا تعد النتائج مفاجئة إذ من المعروف أن الأزمة الحالية في قطاع التعليم الثانوي طال أمدها وألقت بظلالها على جل العائلات التونسية في ظل تنامي المخاوف من سنة بيضاء الأمر الذي يرفضه الأولياء والتلاميذ وقد عبر هؤلاء عن تململهم من قرار حجب الأعداد وأصدرت منظمات وجمعيات تعنى بالشأن التربوي بيانات احتجاج ورفض لما اعتبروه استهتارا بمستقبل أبنائهم . ووصف كثيرون وفي مقدمتهم وزارة التربية قرار حجب الأعداد بأنه بمثابة وضع التلاميذ كرهينة لمطالب نقابية . ورغم رفض النقابات لهذه التصريحات التى اعتبرتها تشويها لمطالبها ومحاولة للتحريض على الأساتذة وتوتير علاقتهم بالتلاميذ مؤكدين حرصهم على مصلحة التعليم ودفاعهم عن مستقبل المدرسة العمومية كمطلب رئيسي على لائحة تحركاتهم،إلا أن نتائج الاستبيان وعدم مساندة التونسيين لقرار الاضراب وحجب الأعداد يؤكد مرة أخرى مكانة تعليم الأبناء لدى العائلة التونسية الذي يتصدر ترتيب الأوليات ولا تسامح في نظر الأولياء مع كل ما من شأنه أن يهدد مستقبل أبنائهم. قراءة وتحليل: منى اليحياوي