تنطلق اليوم في تونس الحملة الانتخابية في أول انتخابات حرة وتعددية في تاريخ البلاد وسيتنافس قرابة 11 ألف مترشح على 218 مقعدا بالمجلس التأسيسي. وبلغ عدد المترشحين لانتخابات التأسيسي وفق الإحصائيات الأولية الصادرة عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات 10937 شخصا موزعين على حوالي 1424 قائمة في الدوائر ال27 داخل البلاد التونسية. وتأتي القائمات الحزبية، وفق هذه الإحصائيات، في صدارة الترتيب ب787 قائمة تليها القائمات المستقلة ب587 ثم وصل عدد القائمات الائتلافية إلى 54 قائمة. وتتميز المشاركة في القائمات بحضور قوي للمرأة والشباب حيث تترأس نساء 292 قائمة انتخابية وتتراوح أعمار ربع المترشحين بين 23 و30 عاما وتمثل شريحة 30 إلى 50 عاما من العمر 55 بالمائة من المترشحين. وستجري الانتخابات في 33 دائرة انتخابية: 27 داخل تونس و6 خارجها (باريس ومرسيليا وإيطاليا وألمانيا وكندا وأبو ظبي). ويضم المجلس التأسيسي الذي سينبثق عن انتخابات 23 أكتوبر 218 مقعدا 19 منها خصصت للتونسيين بالخارج، وستوكل له مهام تسيير شؤون البلاد مؤقتا وصياغة دستور جديد تقام على أساسه انتخابات رئاسية وتشريعية. وتنطلق الحملة في ظل اتهامات وآراء متباينة حول ما أتته بعض الأحزاب السياسية والمرشحين لكسب الأنصار وهو ما اسماه خصومهم بمحاولة شراء ذمم الناخبين وعرف الجدل منحى كبيرا على خلفية قوانين منع الإشهار السياسي ورفض بعض الأطراف الانصياع لها. ورافقت الاستعدادات للحملة الانتخابية إجراءات عديدة لضمان حياد الإدارة وحسن سير العملية وتمتيع المترشحين بنفس الفرص عبر تمويل عمومي وخاص ستفرض عليه رقابة شديدة. ورغم انطلاق عديد الأحزاب في العمل وفي التعريف بنفسها وببرامجها منذ أسابيع ورغم الكم الهائل من المقالات والحوارات الصحفية والبرامج الإذاعية والتلفزيونية حول الشأن السياسي عموما وحول الانتخابات والأحزاب بصفة خاصة، كشفت دراسات ميدانية وعمليات سبر آراء أن أغلب التونسيين (قرابة 60 بالمائة) مازالوا لم يحددوا اختياراتهم. واشتكى شق كبير من الناخبين من غموض برامج الأحزاب وبالشبه الكبير بين العديد منها وأبدوا تخوفات من عدم تلائم خطاب السياسيين والأحزاب مع خلفياتها الإيديولوجية ومطامعها السياسية غير المعلنة. ورغم تقدّم حركة النهضة في استطلاعات الرأي حول النوايا الانتخابية، لا يستبعد ملاحظون أن تفرز الأسابيع الثلاثة للحملة الانتخابية واقعا جديدا وأن تقلب الكثير من موازين القوى لصالح أو ضد بعض المرشحين أو القائمات. ورغم الحضور الكبير للقوائم المستقلة والائتلافية في هذه الانتخابات، مازالت القوائم الحزبية تستهوي عددا كبيرا من الناخبين. وعموما يطغى على التونسيين تفاؤل بانتخابات شفّافة وحرّة رغم تحذيرات ومخاوف من تأثير المال السياسي وبعض اللوبيات السياسية والاقتصادية على اختيار الناخبين وبالتالي على ما ستفرزه صناديق الاقتراع بعد ثلاثة أسابيع من الآن.