عندما أراد رئيس الدولة جمع كل الأطراف السياسية حول أهداف ومبادئ تلخص في خارطة طريق لم يكن هدفه ترويض الموقعين على وثيقة قرطاج فحسب بل كان يرمي إلى نقل سلطات القصبة إلى مقر حكمه وفق قواعد حددها مسبقا وكان على رئيس الحكومة الجديد احترامها.. وعندما بادر رئيس الحكومة بإعلان الحرب على الفساد وسطع نجمه ورفع له مناصروه شعار " غو دجو" ثارت ثائرة سكان القصر على من ظنوه ابنهم بالتبني والخاتم الطيّع في أصابعهم فلم تمر أسابيع قليلة حتى انساق رئيس الحكومة مجددا لبيت الطاعة ليعيد ووفق القواعد المضبوطة سلفا الاعتبار لرئيس الدولة كمحور رئيسي في العملية السياسية وإدارة شأن البلاد . اليوم ومع حلول شهر الهزات السياسية وفي ظل التقييمات المتشابهة لتقييمات حكومة الحبيب الصيد ، بين من يرى شطر الكأس الملآن وبين من يرى ما تبقى منها فارغا تعود المطالبة بإسقاط الحكومة من أطراف جلهم غير مؤهلين لفرض مثل هذا الطلب فلا اتحاد الشغل ولا ما يسمى باتحاد المرأة ولا اتحاد الوطني الحر الذي يديره رئيس مورط في قضايا تبييض أموال لهم شرعية تحديد مصير الحكومة فوحده مجلس نواب الشعب المؤهل لذلك. والأدهى والأمر أن الطلب تشاركهم فيه عائلة رئيس الدولة وفق الكلام الذي بات يقال جَهْرًا دون تكذيب رسمي من الجهات المعنية عن دور عائلة رئيس الدولة في ادارة الشؤون السياسية للبلاد مذكرة التونسيين بماض قريب قادوا من اجله ثورة انتهت بهم إلى ما هم عليه اليوم من تراجع لكل المؤشرات مقارنة بما كانوا عليهم في سنة 2010 .. لقد دفعهم جبروت وفساد العائلة الحاكمة ليضحوا بما ضحوا به ،رغم ما كانوا عليه من وضع اقتصادي مريح نسبيا،وهم اليوم يخشون من تسلط الابن وسيطرته على الحزب الحاكم بعد أن أقصى مناضليه وعوّضهم بما يسميهم البعض مرتزقة كما يخشون من سلطة بقية أفراد العائلة وتأثيرها على رئيس الدولة الذي أضحى مسيطرا على كل السلطات. فبين أطراف ممضية على وثيقة قرطاج نصفها تحركها أهداف شخصية وبين ضغط محتمل لعائلته ، على رئيس الدولة ان يصغي لما سيقوله فيه التاريخ غدا ويرجح صوت العقل فتونس لم تعد تحتمل هكذا هزات مفتعلة ..