تعيش البلاد في الفترة الأخيرة حالة من عدم الاستقرار شملت العديد من القطاعات ومست أغلبية الشرائح والفئات الاجتماعية نتيجة التراكمات والمشاكل العالقة التي مازالت تنتظر حلولا جذرية، حيث عادت التحركات والاحتجاجات لتطفو مجددا على سطح الأحداث من خلال التصعيد في عدد من القطاعات الشغلية ذات الثقل النقابي، على غرار التربية والصحة، والوظيفة العمومية التي تستعد للمواجهة مع الحكومة، عبر الإضرابات في علاقة بجملة من المطالب القطاعية. وأوضح الأمين العام المساعد بوعلي المباركي في تصريح ل»الصباح» أنه تمت دعوة كافة الهياكل النقابية داخل كل المؤسسات العمومية للحضور وإبداء الرأي حول مشروع الحكومة الخاص بإصلاح وحوكمة المنشآت والمؤسسات العمومية وستخرج اليوم توصية لدعم موقف مجمع القطاع العام الداعم لتنفيذ إضراب عام بالمؤسسات العمومية، نتيجة تعطل المفاوضات الاجتماعية والتوجه الحكومي لإعداد مشروع لخوصصة المؤسسات العمومية دون تشريك الاتحاد، وفق تعبيره. وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي قد أكد في تصريحات إعلامية أن الأزمة السياسية الراهنة ألقت بظلالها على كل مكونات الدولة ومؤسساتها وأثرت سلبا على كل المناخ العام في البلاد، متهما الحكومة بالمماطلة في تطبيق اتفاق نوفمبر 2017، ومشيرا إلى أن الجلسة الأخيرة المتعلقة بالمفاوضات الاجتماعية للزيادة في الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية لم تكن في المستوى المأمول وكشفت «عدم جدية الوفد الحكومي في التعامل مع الملفات الاجتماعية العالقة». والمتمعن في الوضع العام للبلاد اليوم يدرك أن الأمور تسير نحو مواجهة حتمية بين الحكومة وبين الاتحاد العام التونسي للشغل، مواجهة عواقبها غير محسوبة، بعد تلويح الأمين العام للمركزية النقابية بإضراب عام في القطاع العام. ويبدو أن الوضع يسير نحو مزيد من التصعيد أمام ما تشهده القطاعات ذات الثقل النقابي من تحركات يعود أساسا إلى عدم اتخاذ الحكومة لخطوات جريئة في معالجة الملفات الكبرى والاقتصار على حلول ترقيعية، وهو ما ينبئ بزلزال سياسي عنيف مرتقب تسبقه هزّات اجتماعية وقطاعية. ويأتي تسارع الأحداث في ظل أزمة سياسية خانقة كان آخر فصولها إقالة وزير الطاقة وأربعة مسؤولين آخرين على خلفية شبهات فساد، هذه الإقالة التي أثارت العديد من التساؤلات في علاقة بأبعادها السياسية وحيثياتها القانونية وعواقبها الاقتصادية، والتي يبدو أنها ستحول الصراعات بين اتحاد الشغل والحكومة من طاولة الحوار والنقاش الى مواجهة على أرض الواقع... صراع يدور في ظاهره حول التفويت في المؤسسات العمومية أو إصلاحها وإعادة هيكلتها، والحرب على الفساد التي يعتبرها البعض انتقائية ويعتبرها البعض الآخر فاشلة ولم تؤت أكلها بعد، وفي جوهرها خلافات عميقة بسبب تمسك المركزية النقابية بضرورة رحيل يوسف الشاهد المصرّ على مواصلة مهامه. ◗وجيه الوافي الصباح بتاريخ 6 سبتمبر 2018