أكّد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي انّ عقلية الغنيمة والمحاصصة التي استبدت ببعض القوى السياسية في الفترة الأخيرة خلقت واقعا جديدا اتسم بالتغوّل المفرط جاء ذلك في كلمة ألقاها الأمين العام اليوم بمناسبة انعقاد المائدة المستديرة حول الحوار الاجتماعي والانتقال الديمقراطي بالحمامات، حسب الموقع الرسمي للاتحاد وأضاف العباسي انّه من مظاهر التغوّل كان تفشي منطق الإقصاء والاستبداد بالرأي وغياب الحوار والقبول بالرأي المخالف، واستفحال ظاهرة العنف الذي بلغ أقصاه باغتيال الشهيد القيادي السياسي والمناضل الحقوقي شكري بلعيد رحمه الله مشيرا إلى انّه وبالرغم من انّ الأيام الأخيرة التي تلت عملية الاغتيال الجبانة، اتّخذت منحى جديدا يوحي بالإقرار بحتمية التمشي التوافقي وبأهمية الحوار من أجل إدارة المرحلة الانتقالية المقبلة فإن استمرار العجز في معالجة بعض المعضلات الحارقة بات يهدد بنسف كل محاولات التهدئة ويرتهن المبادرات الرامية إلى عقلنة العلاقات ومأسستها ومن أهم هذه المعضلات تلك التي تتعلق بالتشغيل وخاصة تشغيل أصحاب الشهائد العليا والتفاوت الجهوي واستشراء الفساد بما في ذلك سيطرة المهربين على مسالك التوزيع وتحكمهم في الأسعار. وأضاف الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل انّ الاتحاد شدّد، منذ سقوط الطاغية وإلى اليوم، على أهمية الحوار بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين ومكونات المجتمع المدني، بأنّ الحلول التوافقية، والإرادة الجماعية هي الأقدر على مواجهة التحديات وتجاوز الصعوبات. بل وحسب تعبيره كان في طليعة الحاضنين للقاءات الأولى التي جمعت أهم فصائل المعارضة ومكونات المجتمع المدني، للبحث في سبل حماية أهداف الثورة. وكان في المدّة الأخيرة، من أكثر الحريصين على دعوة الفرقاء إلى حوار وطني للتوافق حول الاستحقاقات الرئيسية للمرحلة الانتقالية. كما سعى من خلال مشروع الدستور الذي أعدّه، ومن خلال توقيعه على عقد اجتماعي مع الحكومة المؤقتة وشريكه الاجتماعي، الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، إلى بلورة مضامين جديدة لما يمكن أن يكون عليه الحوار في بلادنا، ولما يمكن أن يجمع الفرقاء مهما كان موقعهم للإستجابة إلى الاستحقاقات التي نادت بها ثورة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وقال العباسي "إن التأسيس لحوار اجتماعي مع شركائنا الاجتماعيين، حكومة كانت أو اتحادات مهنية مختلفة، بجب أن يراعي الأصول البيداغوجية، والتي تقضي بمنح الأولوية للحوار داخل المؤسسة، حيث تكون التنشئة الحقيقية على ثقافة التشاور والعمل الجماعي والتدرب على التفاوض وصياغة الحلول التوافقية، بدأ من القاعدة مرورا بالمستوى القطاعي إلى المستوى الوطني ثمّ الإقليمي والدولي. وإن ما توصلنا إليه في الأيام الأخيرة مع شريكينا الجامعة التونسية للنزل والجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة وتوفقنا إليه مع شريكنا الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وما نعتزم القيام به مع الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري وبقية المنظمات المهنية إنما يعبّر عن رؤيتنا الجديدة لما يمكن أن يكون عليه الحوار الاجتماعي والعلاقات الشغلية مستقبلا". وأضاف حسين العباسي ان إرساء مقومات الحوار الاجتماعي يبقى رهين قابلية كل الأطراف للتعاون من أجل التوفّق لاتخاذ إجراءات عاجلة تبعث بإشارات دالة تعيد الثقة وتحفز على الانخراط في نهج البناء الجماعي على قاعدة الوعي المشترك بعلوية المصلحة العليا للوطن. مشيرا إلى انّه في سياق هذا التمشي، واستجابة لاستحقاقات المرحلة الانتقالية، فانّ الاتحاد يرى أنه من المتأكد توجيه الحوار الاجتماعي إلى ما يساعد إلى التخفيف من الضغط الذي يعيشه المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، من ذلك على سبيل المثال لا الحصر: -العمل على اتخاذ إجراءات عاجلة تساعد على تجاوز العراقيل الادارية التي تحول دون انجاز البرامج الخاصة بتشغيل الشباب من حاملي الشهادات العليا خاصة، وتلك المتعلقة بالتنمية الجهوية من ذلك مثلا بعث لجنة أزمة تتمتّع بالصلاحيات الضرورية لتفعيل هذه البرامج وإعادة إحيائها. -تركيز لجان تدخّل ووساطة متكوّنة من رجال أمن، ومن موفّقين محليين مدنيين، يباشرون ويسهرون على معالجة ما يحدث من نزاعات عنيفة في هذه الجهة أو تلك، والتحقيق في انشطة القطاع الغير المنظم بما في ذلك نشاط التهريب داخل البلاد وفي المناطق الحدودية. -ضبط مقاييس واضحة وموضوعية للإنتداب في الإدارة والمؤسّسات العمومية والخاصة، بعد التشاور مع المعطلين عن العمل وممثليهم. -تقديم الدّعم المالي الكافي للجمعيات التنموية الجهوية والمحلية، وخاصة تلك التي تضمّ حاملي الشهادات العليا، لتضطلع بدورها في مجال التشغيل والتأطير المحلي. -استحداث آليات جديدة للتشاور في المستوى المحلي بما يساعد المتساكنين على تبليغ صوتهم بشأن ما يتّخذ من قرارات وإجراءات اقتصادية واجتماعية. -التشديد على إدراج مسألة اللامركزية السياسية والاقتصادية في جدول أعمال المجلس الوطني التأسيسي، مع التركيز على ضرورة إعادة النظر في التقسيم الجهوي واستحداث المجالس الجهوية والجماعات المحلية على قاعدة الانتخاب ورصد ميزانيات مستقلة وهامة للجهات وفق مبدأ التمييز الإيجابي لفائدة المحرومة منها لمواجهة الاستحقاقات العاجلة للفئات الأكثر فقرا واحتياجا. -توجيه جهود المجموعة الدولية نحو الدعم المالي واللوجستي لجمعيات التنمية الجهوية والمحلية والمنظمات المهنية بما يساعدها على الاضطلاع بدورها التشاركي في أفضل الظروف.