تسجيل 25 جريمة قتل نساء خلال سنة 2023    يمنى الدّلايلي أوّل قائدة طائرة حربية مقاتلة في تونس    مرصد سلامة المرور: تسجيل 376 حالة وفاة في 1571 حادث مرور منذ بداية السنة    زغوان: حجز 94 طنا من الأعلاف غير صالحة للاستهلاك منذ افريل المنقضي    الكاف: خطة جهوية لحماية صابة الحبوب والتوقي من الحرائق الصيفية    كأس تونس: البرنامج الكامل لمواجهات الدور ثمن النهائي    عاجل/ حادثة اعتداء امرأة على طفليها: معطيات جديدة وصادمة..    دراسة صادمة.. تناول هذه الأطعمة قد يؤدي للوفاة المبكرة..    السلطات السعودية تفرض عقوبة على كل من يضبط في مكة دون تصريح حج.    قضية مخدّرات: بطاقة ايداع بالسجن في حق عون بالصحة الأساسية ببنزرت    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    في وقفة احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي.. "تونس لن تكون مصيدة للمهاجرين الأفارقة"    مقارنة بالسنة الفارطة: تطور عائدات زيت الزيتون ب91 %    الثلاثي الأول من 2024: تونس تستقطب استثمارات خارجيّة بقيمة 517 مليون دينار    الفيلم العالمي The New Kingdom في قاعات السينما التونسية    على طريقة مسلسل "فلوجة": تلميذة ال15 سنة تستدرج مدير معهد بالفيسبوك ثم تتهمه بالتحرّش..    كشف لغز جثة قنال وادي مجردة    البطولة العربية لألعاب القوى للشباب: ميداليتان ذهبيتان لتونس في منافسات اليوم الأول.    4 جوائز لمسرحية تونسية بمهرجان مفاحم الدولي لمسرح الطفل بالمغرب    مائة ألف عمود إنارة عمومي يعمل فقط من بين 660 ألف مالقصة ؟    الرابطة الأولى: الغموض والتشويق يكتنفان مواجهات مرحلة تفادي النزول    كتاب«تعبير الوجدان في أخبار أهل القيروان»/ج2 .. المكان والزّمن المتراخي    البنك الدولي: تعزيز الإطار التنظيمي يسرع برنامج تونس الطموح لتطوير الطاقة المتجددة    نقطة بيع من المنتج الى المستهلك: هكذا ستكون الأسعار    عاجل/ نشرة استثنائية: أمطار متفرقة بهذه المناطق..    قفصة: القبض على شخص بصدد بيع تجهيزات تستعمل للغشّ في الامتحانات    سفير السعودية: بناء المستشفى والمدينة الصحية "الأغالبة" خلال هذه الفترة    بطولة روما للتنس للماسترز : انس جابر تواجه الامريكية صوفيا كينين في الدور الثاني    آخر أجل لقبول الأعمال يوم الأحد .. الملتقى الوطني للإبداع الأدبي بالقيروان مسابقات وجوائز    «قلق حامض» للشاعر جلال باباي .. كتابة الحنين والذكرى والضجيج    هل انتهى القول في قضية تأصيل الأدب ؟    بطولة الكرة الطائرة: نتائج منافسات الجولة الرابعة لمرحلة "السوبر بلاي أوف" .. والترتيب    «راشد الغنوشي حرباء السياسة التونسية» للكاتب ياسين بوزلفة    كلمة أثارت'' الحيرة'' لدى التونسيين : ما معنى توطين و مالفرق بينها و بين اللجوء ؟    تأجيل إضراب أعوان شركة ''تاف تونس'' بمطار النفيضة    إذا علقت داخل المصعد مع انقطاع الكهرباء...كيف تتصرف؟    محمد بوحوش يكتب...تحديث اللّغة العربيّة؟    مدْحُ المُصطفى    ستنتهي الحرب !!    "ألقته في نهر التماسيح".. أم تتخلص من طفلها بطريقة صادمة    يهم التونسيين : ما معنى التضخم ولماذا ترتفع أسعار السلع والخدمات؟    خوسيلو يسجل هدفين ليقود ريال مدريد لنهائي رابطة الابطال    وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تنبه من خطر قائم    بعد التقلبات الأخيرة: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ    بنزرت:معتمدية تينجة تتخذ عددا من الإجراءات العملية لتعزيز المخطط المحلي للسلامة المرورية    عشرات الشهداء والجرحى والمفقودين جراء قصف متواصل على قطاع غزة    سالفيني عن ماكرون بعد اقتراحه إرسال جنود إلى أوكرانيا: "يحتاج إلى علاج"    ! منديل ميسي للبيع ...ما قصته    بدء تشغيل أكبر محطة في العالم لامتصاص التلوث من الهواء    يديمك عزي وسيدي ... أصالة ترد على شائعات طلاقها من فائق حسن    محيط قرقنة يُقصي الترجي من سباق كأس تونس    معهد باستور: تسجيل ما بين 4 آلاف و5 آلاف إصابة بمرض الليشمانيا سنوياّ في تونس    90 % من الالتهابات الفيروسية لدى الأطفال لاتحتاج إلى مضادات حيوية    السباح التونسي احمد ايوب الحفناوي يغيب عن اولمبياد باريس    عاجل/ فضيحة تطيح بمسؤولة بأحد البرامج في قناة الحوار التونسي..    سحب لقاح "أسترازينيكا" من جميع أنحاء العالم    بعض مناضلي ودعاة الحرية مصالحهم المادية قبل المصلحة الوطنية …فتحي الجموسي    متى موعد عيد الأضحى ؟ وكم عدد أيام العطل في الدول الإسلامية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم معارضة المجتمع المدني والرأي العام ..الحكومة تقيم مخزونات الغاز الصخري وآثاره على البيئة
نشر في الصباح نيوز يوم 28 - 09 - 2018

تنوي الحكومة التونسية الخوض في تجربة استغلال المحروقات غير التقليدية وبالاخص الغاز الصخري في إطار تنويع مصادر الطاقة، رغم معارضة المجتمع المدني والرأي العام لهذا النشاط في تونس.
وقد أعطت الحكومة الحالية، الضوء الاخضر لإعداد دراسة تحدد حجم المحروقات غير التقليدية في كامل التراب التونسي (الغاز الصخري والبترول الصخري..) ومعرفة الآثار المحتملة لعمليات استخراجه على البيئة والمحيط. ويقيم هذا التوجه، الدليل على أنّ الحكومات التونسية المتعاقبة بعد الثورة، لم تحسم في مسألة استخراج الغاز الصخري ولم تصرّح بنية استخراجه أو منعه نهائيا وبموجب قوانين، مثلما فعلت دول أخرى مثل فرنسا التي حجرت التنقيب عنه.
وترى وزارة البيئة أنّ الدّراسة، التي تصل كلفتها الى 2 مليار و75 ألف دينار ويعكف على إعدادها، حاليا، مكتب الدراسات التونسي "سات تونس" والكندي" WSP"، "ستساعد على اتخاذ القرار" وربما إقناع الرّأي العام الرّافض للمسألة برمتها.
واستنادا الى عدة دراسات، فقد رخصت الدولة التونسية لبعض المؤسسات الاجنبية للقيام بعمليات التكسير الهيدرولكي لاستخراج المحروقات التقليدية وغير التقليدية.
وتجنّدت منظمات من المجتمع المدني ونشطاء بيئيون، خلال فترة ما بعد الثورة في تظاهرة يوم 9 أكتوبر 2012، ضد الغاز الصخري ليبلّغوا النواب، آنذاك، معارضتهم لكل مشروع في هذا المجال، آملين في تغيير يفرضه الدستور الجديد الذّي نصّ، فيما بعد، صراحة على حقوق الأجيال القادمة في الثروات الطبيعية وفي بيئة سليمة (الفصلان 13
و129).
وجرى الاعلان في ماي 2015، عن إحداث المنتدى المتوسطي المناهض للتكسير الهيدروليكي والغاز الصخري (يضم تونسيين وجزائريين وممثلين عن بلدان متوسطية أخرى)، بعد أحداث العنف التي شهدتها معتمدية الفوار من ولاية قبلي على خلفية الإعلان عن اكتشاف آبار نفط جديدة في المنطقة. وساند المنتدى آنذاك التحركات الاجتماعية المنددة بتصرفات الشركات الأجنبية الناشطة بالجهة في قطاع استخراج النفط والغاز.
وتعوّل وزارة البيئة على الدراسة المذكورة، للتوعية من جهة والحسم في قرار الاستثمار في الغاز الصخري من جهة اخرى، وهي تعتمد على مكتبي الدراسات للتواصل مع الرأي العام في الجهات المعنية بهذا النشاط.
وأوضح مدير البيئة الصناعية بوزارة البيئة والشؤون المحلية، يوسف الزيدي، في حوار مع "وات"، أنّه سيتم القيام باستشارات مع المواطنين، بعد الانتهاء من الدراسة، كما ستقع دعوة الجمعيات والسلط المحلية والخبراء بالجهات المعنية، لتقديم النتائج وللحديث عن المخاطر البيئية والصحية المحتملة ومن ثمة الخروج بتوصيات تساعد الحكومة على اتخاذ القرار". قرار ربما يأتي متأخرا في كل الاحوال، لأن تقارير ودراسات مؤسسات وشركات أجنبية تفيد بأن عمليات تكسير هيدروليكي للتنقيب عن المحروقات غير التقليدية قد تمت بالفعل في تونس.
وأضاف "لا يمكن للحكومة أن تكتفي بدراسة الوكالة الامريكية (2013) أو دراسات أجنبية أخرى حول إمكانات الغاز الصخري في تونس، وقد ارتأت أن تتحرّى بواسطة خبراء تونسيين من صحة المعطيات وعن طريق بحوث ميدانية وطنية لتتولى بعدها تأكيد المعلومات التي سبق ونشرت أو تفندها".
* القوانين الحالية لا تنظم نشاط الغاز الصخري
وتمضي الدولة في هذا الخيار رغم أنّ مجلة المحروقات في تونس، في صيغتها الصادرة في 1999، لا تنظم سوى أنشطة استخراج المحروقات التقليدية (البترول والغاز الطبيعي) وهو ما يجعل من كل نشاط في المحروقات غير التقليدية (الغاز الصخري مثلا) نشاطا غير قانوني.
وفي هذا الشأن، أشارت الدكتورة عفاف همامي مراكشي، المختصة في قانون البيئة والعمران في مداخلة نصها متاح للعموم على الانترنت، إلى "ضرورة تنقيح مجلة المحروقات حتى تتماشى مع تطورات الصناعات الاستخراجية لانه لا وجود، حاليا، لإطار قانوني ينظم تقنيات استخراج المحروقات من الحجرة الام" (الغاز الصخري، البترول الصخري والزيت الصخري).
وتحدثت عن "فراغ قانوني" وعن نقائص تحتويها المجلة سلفا، مشيرة إلى أن "مهام الشركة التونسية للأنشطة البترولية تتضارب وتؤثر على حيادية المتابعة التقنية للزمات وأن مجلة المحروقات وإن كانت تخضع المستغلين لدراسة الأثر على البيئة فإن هذه الدراسة لا تغطي سوى مخاطر التلوث المتعارف عليها وهو ما لا يتماشى مع تطور أنشطة استخراج الغاز وما يرفقه من مخاطر غير معروفة ولا يمكن التحكم بها".
هذا الامر يجعل من الصعب مساءلة المستغلين إذا تعلق الامر بمخاطر أخرى مجهولة ولا يمكن التحكم بها مثل تلك الناجمة عن التكسير الهيدروليكي (انشطة زلزالية، تلوث خزانات المياه الجوفية)، وفق ما أكده مصدر من التحالف التونسي للشفافية في الطاقة والمناجم الذي يضم 13 جمعية ناشطة في المجالات المدنية والبيئية.
واعتبر نفس المصدر، الذي آثر عدم الكشف عن هويته، "أنّ استخراج الغاز الصخري ليس خيارا وإنما فرض على الدولة التونسية من طرف لوبيات وشركات، تريد أن تستثمر في هذا المجال في تونس"، مضيفا أن المسؤولين عن قطاع الطاقة عمدوا إلى استقطاب كفاءات من التحالف وتشريكهم في الدراسة المذكورة لتبرير خطواتهم القادمة نحو السماح لشركات أجنبية باستخراج الغاز الصخري.
ويبدو أنّ الدولة التونسية سبق وأن سمحت، عن طريق المؤسسة التونسية للانشطة البترولية، لشركات أجنبية، بالقيام بعمليات تكسير هيدروليكي، إمّا لاستخراج المحروقات غير التقليدية أو التقليدية، حسب دراسة نشرتها المؤسسة الالمانية المناصرة للبيئة "هينريش بول" حول الغاز الصخري في تونس.
ولعلّ الجدل القائم إلى اليوم، حول قطاع الطاقة عموما والانشطة الاستخراجية بالخصوص، مردّه التعتيم الكلي الذي كان يحفّ بالأنشطة الاستكشافية، دون طرح الموضوع في إطار استشارة وطنية موسعة أو إعلام الرأي العام بحيثيات الانشطة الاستخراجية.
* تضارب المعلومات حول الانشطة الاستخراجية يطمس الحقيقة
رغم الجدل القائم ونفي الجهات الرسمية، تواترت معلومات نشرت في تقارير ودراسات، تفيد بأن شركات بترولية أجنبية، قد قامت فعلا بعمليات تكسير هيدروليكي في تونس، غير أنه لا تتوفر معلومات تدل على أن هذه العمليات كان هدفها استخراج "غاز الشيست" أو استخراج محروقات تقليدية.
ومن بين هذه الشركات، شركة "بيرنكو" الفرنسية - البريطانية، التي أعلنت في فيفري 2014، عن نجاح عملية تكسير هيدروليكي في تونس على موقعها الالكتروني.
ووردت نفس المعلومات، أيضا، في دراسة نشرتها الشركة الدولية للخدمات البترولية "شلومبارغر"، في 2013، بعنوان" الكثير من الغاز الصخري والقليل من التنقيب"، ذكرت فيه أن شركة "بيرينكو"، قامت بعملية تكسير للبحث عن المحروقات غير التقليدية في جنوب تونس. وذكرت أن "النتائج اعتبرت سرية ولكنها تبقى العملية الوحيدة التي تمت للبحث عن الغاز الصخري في تونس".
وكشفت نفس الدراسة أن الحكومة التونسية، آنذاك، تفاوضت مع العديد من المستثمرين من بينهم شركة "شال" البريطانية التي تنوي القيام بالعديد من عمليات التنقيب في تونس.
وفي الوقت الذي ذكرت فيه شركة "بيرنكو" في مراسلة في 2012، حسب ما أشارت إليه دراسة المؤسسة الالمانية "هينريش بول"، أنّ إنتاجها من الغاز يتأتى كليا من مخزونات تقليدية وأنّ التجربة التي خاضتها في تونس لتقييم محروقات الشيست كانت "سلبية"، أظهرت صور أقمار صناعية نشرت ضمن الدّراسة آبارا يتم استغلالها في جنوب شط الجريد (ولاية قبلي) بتجهيزات خاصة باستغلال المحروقات عن طريق التكسير الهيدروليكي.
"وبما أن الشركة التونسية للأنشطة البترولية "إيتاب"، شريكة في هذه اللزمة بنسبة 50 بالمائة، فإن الحكومة التونسية، يجب أن تكون على علم بتطور هذا المشروع ومآل عمليات الحفر"، حسب معدّي هذه الدّراسة، التّي أكّدت أن رصد التقسيم الجيولوجي للموقع يفيد أن آبار "الفرانيق 1 " و"الفرانيق 2 " و"الفرانيق 3 "، التي تستغلها شركة "بيرنكو" في ولاية قبلي، تقع على تشكيلة من "الصخر الزيتي السيلوري" أو ما يسمى "بالنفط الصخري" وهو أكبر مصدر للمحروقات القديمة في شمال إفريقيا والجزيرة العربية.
وتشير وثيقة المؤسسة الالمانية "هينريش بول"، إلى أن الشركة الكندية "سيغام اينرجي اينك"، قامت ب47 عملية تكسير هيدروليكي في 11 بئرا في إطار لزمة "بير بن ترتار" في منطقة رمادة جنوب تونس، بين ماي 2011 وجانفي 2013.
وذكرت، أيضا، أنه تم حفر بئر للتنقيب عن المحروقات غير التقليدية في الجنوب التونسي في 2010، وأنّ أول نشاط تكسير هيدروليكي تم في تونس قامت به شركة "سيغام اينرجي" مع شركة "شينوك" والشركة التونسية للانشطة البترولية "إيتاب" في "بير بن ترتار"، جنوب رمادة بتطاوين في جويلية 2008، ثم في 2010 في منطقة الفرانيق بولاية قبلي ثم مرة أخرى في 2011 في كل من جنوب رمادة في "بير بن ترتار" و"جفارة" وجنوب توزر، ثم تمت خلال سنتي 2012 و2013، عمليات تكسير هيدروليكي في نفس منطقة "بير بن ترتار وجفارة".
وأفادت أن تونس والمغرب والجزائر واليمن والسعودية والاردن من بين البلدان العربية، التي تستعمل تقنية التكسير الهيدروليكي، في حين تحجره بعض الولايات في أمريكا وتمنعه فرنسا وألمانيا وبلغاريا، وهو نشاط معلق في مقاطعة الكيبك بكندا وأجزاء من استراليا ومن المملكة المتحدة ، بحسب موقع إدارة المعلومات الامريكية للطاقة وموقع.http://www.ecomena.org/fracking-ar
ورغم تواتر المعلومات حول عمليات تكسير هيدروليكي تم القيام بها في تونس، نفى المدير بإدارة دراسات التأثير على المحيط في الوكالة الوطنية لحماية المحيط، بكار ترميز، في تصريح ل"وات"، بشدة القيام بأي عمليات تنقيب عن الغاز الصخري وعمليات تكسير هيدروليكي للاستخراج هذا الغاز، قائلا أن "الوكالة لم تصادق على أية دراسة أثر لشركات أجنبية تقوم بهذا النوع من النشاط".
وأكّد ترميز، الذي أشار إلى خبرته في الجيولوجيا "لازلنا لا نعلم هل عندنا مخزونات من الغاز الصخري في تونس أو لا"، نافيا قطعيا أن تكون قد تمت أي عمليات استكشاف أو استغلال لهذا الغاز الذي قال عنه أنه غاز عادي وأن الجدل القائوم حوله ينم عن عدم دراية بالموضوع. وأوضح " أن التكسير الهيدروليكي يحدث بالنسبة للمحروقات التقليدية وغير التقليدية وأن الدراسة التي تقوم بها وزارة البيئة دراسة ذات أهمية كبيرة وستحدد المخزونات بشكل صحيح".
رغم تأكيد المسؤول، ذكرت دراسة المؤسسة الالمانية أن الوكالة أقرت، في جانفي 2014، بحدوث عمليات تكسير هيدروليكي دون رخصة على التراب التونسي و"لكن ذلك لم يمنعها من إعطاء رخصتين للقيام بعمليات تكسير هيدروليكي لشركتي "بيرنكو" و"ستورم" وشركة "وينستار سيرينوس" في أوت 2014.
* التكسير الهيدروليكي، تهديد لخزانات المياه الجوفية
يعتمد نشاط استخراج الغاز الصخري تقنية "التكسير الهيدروليكي" أو ال"Fracking"، التي تتمثل في حقن المائدة المائية بالماء تحت ضغط عال جدا وبكميات كبيرة مختلطة من الرمل والمواد الكيميائية ، منها الخطرة مثل الميثانول والرصاص (فالميثانول مثلا قد يتسبب، حسب دراسة لمعهد الميثانول، في حدوث آثار ضارة بالصحة والبيئة عندما لا يتم التعامل معه على نحو مناسب)، لكسر وتفتيت الصخور العميقة وإطلاق الغاز المنحصر في "الحجرة الام" المتواجدة في عمق آلاف الامتار في باطن الأرض
وذكرموقع "إيكومينا"، وهو مبادرة لخبراء متطوعين لنشر الوعي البيئي الشامل وتعزيز الاستدامة في جميع أنحاء العالم، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن بعض الدول علّقت استخدام الغاز الصخري وحظرته بسبب المخاوف البيئية وتأثيره علي الصحة العامة. "ومن بين هذه المخاطر تلوث المياه الجوفية، وتلوث الهواء، وهجرة المعادن والغازات الجوفية في الأرض إلى سطح الأرض و أيضا ضعف الادارة البيئية للنفايات الخطرة وللمياه المستعملة في عملية التكسير".
وتعد آلية التكسير الهيدروليكي مكلفة وباهظة الثمن، فالعملية الواحدة تتطلب قرابة مليوني دولار أمريكي، أي حوالي 32ر5 مليون دينار تونسي، في تقدير مهندس مسؤول بموقع تنقيب في مصر، التقته الصحفية المصرية مها البديني في تحقيق استقصائي نشرته في 17 أكتوبر 2017. وخلصت في هذا التحقيق إلى أن أربع قرى في مصر تضررت من التكسير الهيدروليكي وغمرتها المياه المتفجرة من الارض نتيجة عمليات التنقيب والمختلطة بالصرف الصحي.
وحسب موقع المجلس الدولي للطاقة (2010)، يتطلب حفر بئر واحدة لاستخراج الغاز من "الصخرة الأم"، بين 2300 و4000 متر مكعب من الماء وهي كمية مهولة بالنسبة لتونس التي تعيش أكثر من أي وقت مضى على وقع أزمة مياه وتهديد بالعطش.
* الشفافية في قطاع الطاقة، غاية لا تدرك
أشارت دراسة "هنريش بول" السابق ذكرها، الى أنّ 18 لزمة بترولية تستغلها شركات أجنبية "لا يعلم التونسيون عنها أي شيء ولا عن منتوجها أو الطبقة الجيولوجية المستهدفة ولا آجال الدخول في طور الانتاج".
وأضافت أن الغاز الصخري، يعد من الخيرات المسوقة في مشروع الحكومة الحالي ولا يمكن لتونس أن تستغله في استقلالية عن الشركات الاجنبية الدولية مبينة أنه "حتى في حالة الانتاج من حقول الغاز الصخري، سيبقى الخواص والدولة والصناعة البترولية، مضطرين للتزود بالغاز الطبيعي من القطاع الخاص ودفع الثمن الذي يفرضه المزودون والموزعون".
وبشكل عام لا يمكن للشركة التونسية للأنشطة البترولية مراقبة إنتاج حوالي نصف اللزمات البترولية في تونس (50 بالمائة)، لأنها لا تمتلك عدادات و"مؤشرا موازيا" لما تمتلكه وتنتجه الشركات الاجنبية المستغلة، وفق تقرير دائرة المحاسبات لسنة 2013. إشكال سبق وذكره وغيره من التجاوزات في تقرير اللجنة الوطنيّة لتقصّي الحقائق حول الرّشوة والفساد لسنة 2011 والذي اتهم بعض الشركات البترولية الوطنية والاجنبية بالفساد وبرشاوى من الحجم الكبير.
ورغم أن بعض المسؤولين والجهات الرسمية، يروجون للغاز الصخري على أنه فرصة حقيقية لتونس للحد من العجز الطاقي وحل مشكل التبعية الطاقية أمام نضوب مخزوناتها من الغاز التقليدي، فإنّ العقود الاخيرة من استغلال البترول والغاز التقليدي في تونس لم تجلب الثراء المنشود "لان الثروات الوطنية لا تعود ملكيتها فعلا للدولة". كما أن حجة التشغيل باتت واهية حسب دراسة "هينريش بول" التي علقت على هذا الموضوع بالقول "يبدو من غير المنطقي التوجه نحو المحروقات غير التقليدية في الوقت الذي يمكن للقطاع الفلاحي أن يستقطب عددا هائلا من العاطلين عن العمل".
ولا يزال تقييم حوكمة قطاع الطاقة "ضعيفا" في تونس حسب مؤشر حوكمة الموارد الطبيعية لسنة 2017 ، الصادر عن معهد حوكمة الموارد الطبيعية. فقد تحصلت تونس في قطاع النفط والغازعلى 56 نقطة فقط من 100 وبملاحظة "ضعيف".
وبعيدا عن التقييمات، فقد أقام عزل طاقم كامل من وزارة الطاقة، في 31 أوت 2018، من قبل رئيس الحكومة، شمل وزير الطاقة وكاتب الدولة المكلف بالمناجم والرئيس المدير العام للشركة التونسية للانشطة، الدليل على أن الشفافية في القطاع لازالت غاية لم تدرك.
وقد أقرت رئاسة الحكومة التي أذنت بفتح تحقيق شامل في القطاع أن أسباب العزل "هامة وخطيرة" في حين قال مصدر من الشركة التونسية للانشطة البترولية ل"وات" أن وضعية لزمة حلق المنزل بولاية المنستير ليست الوحيدة التي يجب مراجعتها والتثبت من اجال استغلالها وإنما العديد من اللزمات البترولية الاخرى التي بقيت وضعياتها معلقة بعد الثورة.
وكانت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قد دعت في 4 سبتمبر 2018 إلى التسريع في إصلاح حوكمة الطاقة والاسراع بمراجعة مجلة المحروقات والمناجم "بما يضمن التوقي من الفساد وذلك بإدراج أحكام تهم الشفافية والحوكمة كما تعهدت به الحكومات السابقة". (وات(


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.