اعتبر عدد من المتخصين في القانون الدستوري، أن التجاذبات السياسية ونظام الإقتراع هي الاسباب الرئيسية التي ادت الى تعطيل إرساء المحكمة الدستورية، وذلك خلال إجتماعهم اليوم الإربعاء بضاحية قرطاج، في إطار مائدة مستديرة تحت عنوان "نجاح المسار الانتقالي رهين تركيز المحكمة الدستورية"، بمبادرة من المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية. فقد أبرز أمين محفوظ أستاذ القانون الدستوري، ضرورة اختيار أعضاء المحكمة الدستورية على أساس كفاءتهم وإنجازاتهم ومساهماتهم، بغض النظر عن انتمائهم الحزبي، قائلا "كل فرد له الحرية في الانتماء إلى حزب سياسي، في المقابل على القاضي أن ينهمك كليا في مهمته بمجرد إنتخابه عضوا بالمحكمة الدستورية"، مضيفا "للأسف هناك ارادة من الطبقة السياسية لاقتراح جنودها عوضا عن الكفاءات". ولاحظ أنه إلى جانب التجاذبات السياسية، فان نظام الإقتراع يتسبب أيضًا في عرقلة إرساء المحكمة الدستورية ، واصفا إياه ب "الكارثة" في مقابل عملية تركيز المؤسسات الدستورية، على حد تعبيره. وأضاف أن القانون الإنتخابي الذي يفرض نظام التمثيل النسبي، يعد بدوره مصدرا للمشاكل وعدم الاستقرار والغموض، والذي يتعين تجاوزها في أقرب وقت ممكن، مشددا على ضرورة اصلاحه، من أجل فرض مبدأ الأغلبية المطلقة عوضا عن نظام التمثيل النسبي. من جانبه، صرح استاذ القانون الدستوري كمال بن مسعود، بأن الخيار الوحيد المتبقي لإيجاد مخرج لأزمة إرساء المحكمة الدستورية، هو تقديم مبادرة تشريعية لتعديل القانون الأساسي للمحكمة الدستورية، موضحا أن هذا المشروع يقترح اللجوء الى نظام أغلبية الثلثين (145 صوتا) في الدورتين الأولى والثانية واللجوء الى حل الأغلبية المطلقة في حال تعذر تطبيق الأول. وإعتبر في تصريح إعلامي، أن كل عضو بالمحكمة الدستورية مهما كانت خلفيته السياسية عليه أن يحترم واجب عدم الوفاء، بما يعني ألا يكون القاضي وفيا للذي إنتخبه بل وفيا فقط لتونس ولعلوية الدستور. كما عليه أن يعمل على حسن تطبيق الدستور واحترام مضامينه من قبل كل الهياكل العمومية. من ناحيته، قال استاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد، "لقد أدت التجاذبات السياسية الى الحط من قيمة المحكمة الدستورية"، مبينا ان هذه التجاذبات من شأنها أن تمس من هيبة القضاة الذين سيتم إنتخابهم، في الوقت الذي يجب ان يكون فيه اعضاء المحكمة الدستوري اكثر القضاة كفاءة وإستقلالية في مجالهم. وقد فشل اعضاء مجلس نواب الشعب عديد المرات في إنتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين بالمحكمة الدستورية. وقد تم إنتخاب عضو واحد للمحكمة الدستورية في مارس الفارط من قبل مجلس نواب الشعب (روضة الورسيغني)، على أن يتم لاحقا إنتخاب الاعضاء الثلاثة المتبقين (مختصان في القانون وآخر من غير المختصين). وينص الفصل 118 من الدستور على أن المحكمة الدستورية هي هيئة قضائية مستقلة تتكون من 12 عضوا يتم إختيارهم من ضمن المترشحين الأكثر كفاءة، على أن يكون ثلاثة أرباع الأعضاء من المختصين في القانون ولديهم خبرة لا تقل عن 20 سنة في المجال. ويتولى كل من رئيس الجمهورية ومجلس نواب الشعب والمجلس الاعلى للقضاء إختيار أربعة اعضاء يكون ثلاثة أرباعهم من المختصين في القانون. وينص الدستور على إرساء المحكمة الدستورية في أجل لا يتجاوز سنة من تاريخ تنظيم الإنتخابات التشريعية سنة 2014.