سامي الطرابلسي: مواصلة الانتصارات والتأهل للدور الثاني أكبر حافز أمام نيجيريا    جريمة مزلزلة: أم ترمي رضيعتها من الطابق الرابع..!    ممثلون وصناع المحتوى نجوم مسلسل الاسيدون    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    تونس والاردن تبحثان على مزيد تطوير التعاون الثنائي بما يخدم الأمن الغذائي    عاجل/ تبعا للتقلبات الجوية المرتقبة..الحماية المدنية تحذر سكان هذه الولاية..    الحماية المدنية.. 274 تدخلا في غير حوادث المرور خلال ال24 ساعة الماضية    إنطلاق أشغال المسلك السياحي الحصن الجنوي بطبرقة    سيدي بوزيد: "رفاهك في توازنك لحياة أفضل" مشروع تحسيسي لفائدة 25 شابا وشابة    رئاسة الحرمين تحذر: هذا شنوا يلزم تعمل باش تحافظ على خشوعك في الجمعة    محكمة الاستئناف : تأجيل النظر في قضية "انستالينغو" ليوم 09 جانفي القادم    عاجل: هذه فرضيات المنتخب التونسي الدور القادم في حالة الترشح    بُشرى للجميع: رمزية 2026 في علم الأرقام    انطلاق عمليّة إيداع ملفّات الترشّح لمناظرة الانتداب في رتبة أستاذ مساعد للتعليم العالي    عاجل/ انفجار داخل مسجد بهذه المنطقة..    مارك زوكربيرغ يوزّع سماعات عازلة للحس على الجيران و السبب صادم    إهمال تنظيف هذا الجزء من الغسالة الأوتوماتيك قد يكلفك الكثير    وفاة الدكتورة سلوى بن عز الدين أحد مؤسسي المصحّة العامّة لأمراض القلب والشرايين بتونس    انطلاق توزيع 30 آلة خياطة متعددة الاختصاصات لفائدة العائلات المعوزة    الاتهام شمل اكثر من 40 متهما.. الاستئناف تجدد النظر في ملف " انستالينغو "    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    عاجل: دار الإفتاء المصرية ''الاحتفال برأس السنة جائز شرعًا''    بطولة كرة السلة: نتائج منافسات الجولة الخامسة إيابا .. والترتيب    النادي الإفريقي: محمد علي العُمري مطالب بالمراجعة    أحداث 2026 الدولية الأكثر أهمية...7 قضايا لازمك اتّبّعهم    مصر ضد جنوب إفريقيا اليوم: وقتاش و القنوات الناقلة    عاجل : لاعب لريال مدريد يسافر إلى المغرب لدعم منتخب عربي في كأس الأمم الإفريقية    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    عاجل/ مع اقتراب عاصفة جوية: الغاء مئات الرحلات بهذه المطارات..    الرصد الجوّي يُحذّر من أمطار غزيرة بداية من مساء اليوم    أمطار غزيرة متوقعة آخر النهار في هذه المناطق    استدرجها ثم اغتصبها وانهى حياتها/ جريمة مقتل طالبة برواد: القضاء يصدر حكمه..#خبر_عاجل    الصحة العالمية: 100 ألف طفل في غزة مهددون بسوء تغذية حاد    من الهريسة العائلية إلى رفوف العالم : الملحمة الاستثنائية لسام لميري    كيفاش يعرف أعوان المرور إنك خلصت ال Vignetteو Autocollantما هوش لاصق ؟    تونس : آخر أجل للعفو الجبائي على العقارات المبنية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    هيئة السوق المالية تدعو الشركات المصدرة إلى الاتحاد الأوروبي للإفصاح عن آثار آلية تعديل الكربون على الحدود    هام/ كأس أمم افريقيا: موعد مباراة تونس ونيجيريا..    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مقابلات اليوم من الجولة الثانية    عاجل/ قتلى وجرحى في اطلاق نار بهذه المنطقة..    أبرز ما جاء لقاء سعيد برئيسي البرلمان ومجلس الجهات..#خبر_عاجل    عاجل: هكا باش يكون طقس ''فاس المغربية'' في ماتش تونس ونيجريا غدوة    عاجل: الكشف عن هوية اللاعب الشاب الذي عُثر عليه غارقًا في بحر بنزرت    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز... التفاصيل    ترامب يعلن شن ضربة عسكرية على "داعش" في نيجيريا    تظاهرة «طفل فاعل طفل سليم»    رواية " مواسم الريح " للأمين السعيدي صراع الأيديولوجيات والبحث عن قيم الانسانية    بداية «الليالي البيض»    أولا وأخيرا .. رأس العام بلا مخ ؟    يتميّز بسرعة الانتشار والعدوى/ رياض دغفوس يحذر من المتحور "k" ويدعو..    أنشطة متنوعة خلال الدورة الأولى من تظاهرة "مهرجان الحكاية" بالمركب الثقافي بسيدي علي بن عون    التمديد في المعرض الفني المقام بالمعلم التاريخي "دار الباي" بسوسة الى غاية منتصف جانفي 2026    افتتاح الدورة 57 للمهرجان الدولي للصحراء بدوز    مع Moulin d'Or : قصّ ولصّق وشارك...1000 كادو يستناك!    نانسي عجرم ووائل كفوري ونجوى كرم يحضروا سهرية رأس السنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل الثورة كانت "سياسة نظام" وبعد الثورة تمتّع "الجناة" ب"الافلات" .. التعذيب .. جريمة "لا يُعاقب عليها أحد"!
نشر في الصباح نيوز يوم 27 - 10 - 2018

*وفق إحصائيات المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب: أكثر الانتهاكات تحصل في مراكز الشرطة والحرس الوطني والسجون..
في جوان 2013 تعرّض المواطن عبد الكريم البالغ من العمر 58 سنة والقاطن بولاية جندوبة إلى العنف والتضييق والتحرّش الجنسي بابنته وكذلك الى الاهانة..
في جويلية 2014 صُنفت المواطنة منجية والبالغة من العمر 38 سنة والقاطنة بولاية المهدية، كضحية ثانوية بعد أن تعرض زوجها الى عنف جسدي ومعنوي من قوات الشرطة، التي قامت بمداهمات عشوائية لمنزلهم ممّا ولّد لدى العائلة ولدى أطفالها الصغار حالة من الصدمة والخوف من الأعمال الانتقامية لقوات الشرطة وهو ما نتج عنه آثار نفسية عميقة..
في ماي 2015 تعرّض المواطن عبد المجيد البالغ من العمر 53 سنة والقاطن بولاية سيدي بوزيد الى الايقاف والعنف الشديد من طرف قوات الشرطة والى الاعتداء الجسدي البليغ والاهانة وهو ما أنتج موتا مسترابا فيه..
وفي مارس 2015 تعرّض المواطن أمين البالغ من العمر 27 سنة والقاطن بتونس الى تعذيب جسدي ونفسي فظيع من طرف أعوان شرطة، ما ولّد لديه حالة صدمة عميقة وقلق دائم... وفي جويلية 2018 تعرّض سامي البالغ من العمر 42 سنة والقاطن بجهة نابل إلى الإيقاف من طرف أعوان شرطة وإلى عنف أدّى الى "جدع" جزء من أنفه كما تم إيداعه بمستشفى الرازي دون إذن قضائي وهو ما نتج عنه فقدانه لعمله وتدهور وضعه الأسري خاصّة وأن لديه 3 أبناء منهم اثنان حاملان لاعاقة..
هؤلاء جميعا هم مواطنون تونسيون يكفل لهم الدستور كل حقوقهم وكرامتهم ويضمن لهم ممارسة حريّتهم وحقهم في التعبير أو الاحتجاج أو الاضراب، ولكن بمجرّد أن مارس أحدهم أحد هذه الحقوق أو الحريات المنصوص عليها بالدستور حتى وجد نفسه ضحية انتهاك واعتداء وسوء معاملة من طرف الأجهزة الأمنية للدولة..
قد تكون كل هذه الشخصيات شخصيات "مغمورة" لم يسمع بها أحد من قبل، ولكنها شخصيات عايشت بعد الثورة محنة "التعذيب" و"الانتهاك" ولم تجد لها من "سند" إلاّ مراكز "سند" .
و"سند" هو برنامج المنظّمة العالمية لمناهضة التعذيب، يهتم بتقديم مساعدة مباشرة متعدّدة الاختصاصات لضحايا التعذيب وسوء المعاملة من خلال مركزين اثنين، بالكاف وسيدي بوزيد، بدعم وتنسيق من مكتب المنظّمة العالمية. ومنذ إنشائه في شهر سبتمبر 2013 تمكّن برنامج سند من الإحاطة ب260 ضحية مباشرة (أي تعرّضت للتعذيب بطريقة مباشرة) للانتهاكات، وأكثر من 110 ضحية ثانوية وهم أساسا الأزواج أو عائلات أو أبناء الضحايا.
ويعمل هذا البرنامج على تقديم المساعدة المباشرة والمجانية لضحايا التعذيب وسوء المعاملة من خلال المساعدة والتوجيه الطبي والتوجيه القانوني والتوجيه الاجتماعي والاحاطة والتوجيه النفسي.
ورغم هذه البرامج التي ترعاها منظّمات دولية أو من خلال متدخلين عبر جمعية ومنظمات وطنية لمرافقة ومساعدة ضحايا التعذيب بعد الثورة، الاّ أنه ورغم كل ما يقال عن نهاية جريمة التعذيب -التي لا تسقط بالتقادم- كسياسة ممنهجة، يؤكد الواقع والمنظمات الوطنية والدولية أن هناك سياسة إفلات من العقاب وتستّر على الجناة!
مراكز "سند".. نقطة ضوء في العتمة
احتفل أمس برنامج سند بخمس سنوات من تأسيس مراكز سند التي تعمل على الاحاطة بالضحايا في كامل تراب الجمهورية. ووفق احصائيات قدّمها أمس القائمون على البرنامج فإن أغلبية المتقدّمين لمراكز سند للتبليغ عن حالات التعذيب وسوء المعاملة التي تطالهم بصفة مباشرة هم في حدود 350 ضحية أغلبهم من الرجال وتمثّل النساء الجزء الأكبر من الضحايا الثانويين باعتبارهنّ الزوجات والأمهات والأخوات أو بنات المستهدفين الرئيسيين، نتيجة لتأثير الصدمة وتدهور الحالة النفسية للضحية سواء كان أبا أو زوجا أو ابنا، وكذلك نتيجة التهميش الاقتصادي والاجتماعي للضحية الرجل الذي كان يمثّل مصدر الدخل الأوّل والوحيد في معظم الأحيان، وفي غيابه كثيرا ما تضطر النساء الى الاضطلاع بدور هام جدّا بالنسبة للأسرة وهو ما دفع مركز "سند" الى الاحاطة بهؤلاء النساء واعتبارهنّ "ضحايا ثانويين".
وبالنسبة للوضعية الاجتماعية والمهنية، فإن هناك -حسب الاحصائيات المقدّمة- 52 بالمائة موظفين وعاملين، و27 بالمائة بدون شغل و21 بالمائة تلاميذ وطلبة.. وينتمي معظم المستفيدين من برنامج سند الى الطبقة العاملة، فهم في أغلبهم من العملة اليوميين، وهي طبقة هشّة جدا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وتقدر نسبتهم بحوالي 52 بالمائة من جملة المستفيدين.. إذ يمثّل الأشخاص الذين يعانون من البطالة أو الذين لهم عمل هشّ 79 بالمائة منهم..
وهذه الفئة من المرجّح أن تكون عرضة للانتهاكات كما تكون أثارها أكبر وأشدّ ، مما يجعل الحصول على الخدمات الطبية والاجتماعية اللازمة أمرا صعبا بل ومستحيلا في عديد الحالات.
وبالنسبة للفئات العمرية فإن أكبر فئة هم ومن فئة الشباب التي تمثّل 62 بالمائة من الفئات المستفيدة تتراوح بين 18 و34 سنة.
ويؤكّد القائمون على مراكز "سند" أنه ولئن تنوّعت أسباب الاعتقالات فانه لا يمكن الجزم بأن المشاركة السياسية أو الانتماء النقابي قد يكون عاملا رئيسيا في تزايد خطر التعذيب أو سوء المعاملة، لكن القائمين على برنامج "سند يؤكدون أن 58 بالمائة من مستفيدي سند قد تعرّضوا لهذه الانتهاكات من جرّاء ممارستهم لحرّية التعبير أو التحركات الاجتماعية و الاحتجاجات السلمي.
ووفق الاحصائيات المقدّمة فان 58 بالمائة من المستفيدين لهم انتماء أو التزام سياسي والمقصود منه وفق القائمين على برنامج سند ليس فقط الانضمام الى حزب سياسي ولكن أيضا الانتماء والنشاط ضمن الحركات الاجتماعية أو منظّمات الدفاع عن الحرّيات الفردية.
ووفق الاحصائيات التي قدّمها أمس القائمون على برنامج "سند" فان 32 بالمائة من الانتهاكات تحصل في مراكز الشرطة و 19 بالمائة تحصل في مراكز الحرس و15 بالمائة في السجون و21 بالمائة في الأماكن العامّة.
وبالنسبة لمرتكبي هذه الانتهاكات نجد قوات الشرطة في صدارة المرتكبين لانتهاكات يليها قوات الحرس الوطني ثم موظفي السجون وموظفي آخرين وشرطة البلدية..
من يحمي الجناة؟
أكّد أمس نائب رئيس المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، الأستاذ مختار الطريفي إن القضاء التونسي لم يصدر أي حكم يخص القضايا المرفوعة أمامه على خلفية جريمة التعذيب والتي تقدّمت بها المنظمة امام القضاء التونسي، وقد لاحظ ان البت في هذه القضايا اتسم بالبطء رغم أن الجريمة خطيرة وهي جريمة التعذيب التي لا تسقط بالتقادم.
وقال ايضا ان التعذيب في تونس من قبل افراد الامن وغيرهم من الموظفين العموميين "لم يعد اليوم سياسة ممنهجة ولكن السكوت على ارتكاب التعذيب وعدم معاقبة الجناة قد يدفع هؤلاء الى ارتكاب المزيد منه"، داعيا الدولة الى تبني سياسة "صفر تسامح" مع الجناة فضلا عن مواصلة التشهير بالانتهاكات والتجاوزات.
الطريفي أشار أيضا الى كون بعض الضحايا يفضلون التنازل عن حقّهم في تتبّع الجناة من باب "الخوف" من الأعمال الانتقامية، ولكن نحن نعتقد أن الأمر له علاقة بسياسية الافلات من العقاب التي تنتهجها الأجهزة المعنية في مثل هذه القضايا، حيث الى اليوم لم ينل أي جلاّد او جاني في جريمة التعذيب ما يستحقّ أن يناله أمام القضاء على ما اقترفه من جرائم تعذيب بشعة لا تُمحى آثارها النفسية والجسدية من ذهن أغلب الضحايا الذي يئسوا من محاسبة "جلاّديهم" قضائيا أو وفق مسار العدالة الانتقالية "المتعثّر".
منية العرفاوي
جريدة الصباح بتارتريخ 28 اكتوبر 2018


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.