- صورة الفنان والمثقف المثال ضرورية للرقي بالفن والفنان تجمع عديد المواقف والآراء على أن المشهد الثقافي في تونس عامة والقطاع الموسيقي والفني بصفة خاصة، يسجل أسماء ترتقي لتكون في مرتبة كفاءات فنية قادرة تغيير المشهد نحو الأفضل وتقديم أعمال ومادة فنية ترتقي بالذائقة من ناحية وبمستوى وقيمة الفن والفنانين في تونس على مستويين وطني ودولي، لاسيما في ظل موجة الرداءة التي ما انفكت تلقي بظلالها على الساحة والمشهد العام. وتعد الفنانة شيراز الجزيري من بين هذه الأسماء. فرغم اعترافها بانطلاقة مسيرتها الفنية المتأخرة لعدة عوامل وأسباب لعل من أبرزها اهتمامها بإتمام دراستها العليا في الجامعات التونسية والاسبانية، إلا أنها تؤكد أنها عاقدة العزم على تدارك ذلك وتقديم انتاجات جديدة بالجملة موازاة مع عملها كأستاذة جامعية مختصة في تدريس اللغة الاسبانية بكلية الآداب والإنسانيات بمنوبة. وأكدت في نفس السياق أنها تستعد لإصدار مجموعة من الأعمال الجديدة مواصلة لمشروعها الفني الذي انطلقت في تنفيذه منذ نهاية 2017 وتبلور في شكله ومضمونه ومنجزه الذي خططت له رفقة مدير أعمالها الفني المايسترو العربي ساسي. خاصة أنها تفضل إطلاق أغانيها في شكل "سينغل" ومصورة عن طريق "الفيديو كليب". وكان آخر عمل أعلنت عن صدوره مؤخرا أغنية "سينيوريتا" وهي من كلماتها وألحانها وتولت تصويرها المخرجة السينمائية مروى الجوابي. حول هذا العمل قالت: "هذه الأغنية هي عبارة عن مزيج بين اللهجة التونسية واللغة الاسبانية. لأني في ميولاتي الفنية معجبة ومتأثرة بتجربة الراحل الهادي الجويني وغيره من رموز الأغنية التونسية القدامى ممن ترجموا انفتاحهم على الثقافات والموسيقات الأخرى في أعمال فنية رائدة". واعترفت شيراز الجزيري في جانب آخر من حديثها ل"الصباح" أن تخصصها في تدريس اللغة والحضارة الاسبانية منذ سنوات كان له تأثير على اختياراتها ومشروعها الفني. خاصة إنها لا تكتفي بكتابة كلمات أغانيها فحسب بل تولت ترجمة عديد الأغاني التونسية إلى اللغة الاسبانية وعدد هام منها من اغاني الراحل الهادي الجويني وقدمتها في العروض التي قدمتها في بلدان أوروبية وعربية وعللت ذلك برغبتها في التعريف بالتراث والأغنية التونسية على نطاق دولي واسع. وأفادت شيراز الجزيري أن "كليب ليالي الشعر" الذي تعاملت فيه مع سامي دربز يعود له الفضل في نشر صورتها تقريب لونها الفني من قاعدة واسعة من الجماهير في تونس وفي خارجها. وبينت أن عرض "جسور" شاركت به في عديد المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية منذ العام العامي خاصة منها مهرجان المدين بكل من منوبةوتونس الكبرى والقيروان وغيرها من المناطق والجهات داخل الجمهورية، بمرافقة مجموعة "سينوج" الموسيقية وبقيادة رفيق دربها العربي ساسي. الانتقاء والتميز وشددت محدثتنا على أنها حريصة على انتقاء أعمالها ومواضيع أغانيها وتأثيث عروضها بأغاني نوعية من حيث المضمون والإيقاع وشكل الحضور. وعللت ذلك بقولها: "صحيح أني أكاديمية وباحثة في الجامعة التونسية وهذا لم يمنعني من ممارسة هوايتي وميدان أحبه وعملت على تطوير إمكانياتي ومعارفي وقدراتي فيه خاصة أني تعلمت أيضا فن الرقص الاسباني خاصة منه "الفلامينغو" و"الباسودبلي" وفي عروضي أغني وأرقص. ولكني حريصة كل الحرص على يكون حضور وإطلالة الفنان التونسي يساهم في الرفع بالذوق ومكانة الفنان والفن التونسيين على حد السواء". وأكدت أن هذا الهدف هو هاجسها الذي تعتمده مقياسا في اختيار ووضع أعمالها باعتبار أن جل أغانيها الأخيرة من كلماتها وألحانها. وفي سياق متصل أفادت شيراز الجزيري أنها على بينة من ميولات واختيارات نسبة هامة من الجمهور التونسي الأمر الذي يدفعها لتقديم مادة فنية نوعية ومتميزة بطريقة بسيطة لكن دون النزول إلى الإسفاف. وهو العامل الذي جعلها تنجح في فرض نسقها واسمها في الساحة الفنية في تونس وعلى مستوى دولي في ظرف وجيز. خاصة أنه تم ترشيحها لتمثيل تونس في عدة تظاهرات ومناسبات دولية كفنانة باعتبار أنها تتقن ستة لغات وتغني بعدة لغات وتتكلم اللغة العربية الفصحى بإتقان فضلا عن كونها عملت لسنوات عارضة أزياء، من بين هذه المناسبات الاحتفالات بستينية العلاقات الدبلوماسية التونسية الاسبانية ومناسبة مماثلة مع بلدان أوروبية أخرى ومغاربية. والهام في تجربة هذه الفنانة أنها تستعد لتسجيل مجموعة من الغاني الجديدة من كلماتها وألحانها أيضا لكنها مختلفة نمطا ومضمونا عن الأعمال التي قدمتها سابقا من بينها أناشيد وأغاني وطنية وطربية. لذلك تعتبر شيراز الجزيري أن مشاركتها في المهرجانات الصيفية هدفها الأساسي في هذه المرحلة من مسيرتها خاصة في ظل الرصيد المحترم من إنتاجها الخاص. نزيهة الغضباني