اعتبر 62 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة المستجوبة في إطار النسخة الثالثة من الدراسة الميدانية حول "مقياس صحة المؤسسات الصغرى والمتوسطة" في تونس لسنة 2018، والتي أنجزتها كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية " كوناكت" بين 29 أفريل إلى 14 ماي 2019 وشملت 500 مؤسسة من مختلف جهات الجمهورية أن الفساد قد استشرى في المؤسسات العمومية كما اعتبر حوالي 50 بالمائة منها أنه لا يمكنها العمل دون تقديم "رشاوى". من جهة أخرى أفاد 46.3 بالمائة من أصحاب المؤسسات أن السوق الموازية تمثل منافسا حقيقيا لهم فيما اعتبرها 10.8 بالمائة سوقا لمنتجاتهم، هذا وفي سياق متصل لم يتمكن ما بين 25 و30 بالمائة من المؤسسات من تحقيق أرباح خلال السنة المنقضية. أما عن علاقتها بمؤسسات الدولة فقد أكد المستجوبون أن المؤسسات العمومة تعد أكبر معرقل لعمل المؤسسات الصغرى والمتوسطة حيث اعتبر 23.6 بالمائة أن المصالح الجبائية تمثل تعطيلا حقيقيا لأعمالها كذلك الشأن بالنسبة للإدارة حيث أكد 23.6 بالمائة أن الإدارة معطلة لهم، فيما أفاد 19.5 بالمائة منهم أن المصالح الديوانية هي المعطلة يليها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ب12.6 بالمائة. أما عن نظرتهم للمستقبل فقد عرفت نسبة المتفائلين بالمستقبل تراجعا مقارنة بالسنوات الفارطة حيث بلغت خلال السنة الحالية 57.9 بالمائة بعد أن كانت في 2016 في حدود 67.4 بالمائة، لا سيما وأن حوالي 65 بالمائة من المؤسسات لم تقم بأية استثمارات تذكر خلال 2018. وفيما يخص علاقة المؤسسات الصغرى والمتوسطة بالقطاع البنكي فقد عرفت تحسنا خلال 2018 مقارنة بالسنوات الفارطة أي 2016 و2017 حيث ارتفعت نسبة حصولهم على القروض البنكية الموجهة للاستثمار من حوالي 50 في المائة في 2016 إلى 59.1 بالمائة في 2018 هذا وبلغت نسبة القروض المتحصل عليها للتصرف 71.4 بالمائة، وقد تجاوزت نسبة القروض المتحصل عليها في كل القطاعات سواء للاستثمار أو التصرف ال50 بالمائة وهو ما يؤكد عودة ثقة القطاع البنكي في هذه المؤسسات وقدرتها على تحقيق نمو رغم صعوبة الوضع الاقتصادي. أما عن الصعوبات التي تعترض هذه المؤسسات فقد أكد 30 بالمائة منهم خسارتهم لحريف مهم في 2018 وهو ما أثر على رقم معاملات الشركة، حيث أكد حوالي 47 بالمائة منهم أن ما يعانيه الحرفاء من مشاكل مالية هو السبب الرئيس في القطيعة بينهما كما أكد 27.3 بالمائة منهم من جهة أخرى أن النقص في آليات العمل والمواد الأولية هو من أهم الأسباب التي أدت إلى توقف العمل خلال السنة المنقضية. وعلى هامش تقديم الدراسة أكد رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية طارق الشريف أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه تونس لا يمكن تجاوزه إلا بوضع نموذج تنموي جديد يقوم على تحرير المبادرة وتجاوز الأنماط الإنتاجية القديمة، مبينا أن العقبات التي تعترض المؤسسات لا سيما المؤسسات الصغرى والمتوسطة والاقتصاد التونسي عموما مرتبطة بالوضعية الصعبة للمؤسسات العمومية. كما أكد أن على الدولة أن تنسحب من القطاعات التنافسية لفائدة القطاع الخاص الذي يعاني العديد من الإشكاليات التشريعية والهيكلية، مشددا في ذات الصدد على ان خيار تحرير الاقتصاد هو خيار استراتيجي بإمكانه دعم القطاع الصناعي والخدماتي على اعتبار أن نسب النمو تتحقق وفق نجاح المحركات الإنتاجية القادرة على خلق الثروة. وأشار أنه من أهم الإصلاحات التي لابد من الانطلاق فيها فورا هي رقمنة الإدارة وتخفيف عبء المعاملات الإدارية المعقدة والبيروقراطية القديمة، موضحا أن تونس لها من الإمكانيات التي يمكن أن تجعل من اقتصادها تقدميا شريطة أن تؤمن كل المجموعة الوطنية بضرورات الإصلاح. وحول تداعيات اتفاقية الأليكا على النسيج الصناعي الوطني أكد رئيس "كوناكت" انه من الضروري إعادة تهيئة المجال الإداري والتقني والتشريعي التونسي بالتزامن مع المفاوضات، مشيرا إلى أن المخاوف الكبرى من هذه الاتفاقية غير مبررة لان اتفاقية الشراكة التي أجرتها تونس مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995 كانت لها نتائج ايجابية على النسيج الصناعي. حنان قيراط