- التخطيط لتوثيق العمليات الإرهابية ونشرها على مواقع «داعش» - شاب ضرير استقطب محمد أمين الكحلاوي يكاد يمرّ شهر، على العمليتين الانتحاريتين بشارع شارل ديغول والقرجاني وبعدها تفجير الارهابي أيمن السميري نفسه بعد محاصرته بحي الانطلاقة ولازالت هذه العمليات الفاشلة تبوح بأسرارها وبالمخططات الدموية التي كانت تستعد مجموعة من الانتحاريين الى تنفيذها لولا النجاح الامني الذي نجح في التصدي لها وإنقاذ البلاد من «شر» هؤلاء. ومن خلال هذا التحقيق الاستقصائي الذي أجرته «الصباح» حول الإرهابيين محمد امين الكحلاوي وايمن السميري، عادت بمعطيات حصرية حول مخططاتهما الدموية لضرب منشآت حيوية وحساسة جدا في البلاد فضلا عن التخطيط للقيام بعمليات احتطاب دموية. من بين المعطيات التي حصلت عليها «الصباح» أن محمد أمين الكحلاوي الذي كان فجر نفسه قبالة الباب الخلفي لفرقة الشرطة العدلية بالقرجاني كان طالبا جامعيا درس بالمعهد الاعلى للتربية البدنية وتخرج منه ولكن بعد التخرج وجد صعوبات كبيرة في الحصول على وظيفة فالتحق للعمل ب»المرمة» وظل يعمل لوقت طويل الى أن تعرف على شخص ساعده في العمل مع بحار كان يخرج معه بشكل دائم يصطاد السمك وكان يعيش بشكل عادي مثل بقية أقرانه الى أن تعرف على شاب «ضرير» وتوطدت العلاقة بينهما وأصبح يحدثه عن مسائل دينية وعن «الدولة الإسلامية» ويحثه على ضرورة قلب النظام، بدأ سلوك محمد أمين يتغير وبات يميل الى العزلة وكان والده المتقاعد من سلك الجيش سريع البديهة وسرعان ما لاحظ أن ابنه لم يعد نفسه ذلك الشاب الحالم ببناء حياة هادئة فقرر التحري في الامر ليكتشف أن صديق ابنه الجديد «الضرير» كان متطرفا جدا وكان السبب وراء التحول المفاجئ في سلوك محمد أمين الكحلاوي الذي بات يميل الى العزلة وبات يرفض التواصل حتى مع أفراد عائلته خاصة شقيقه الذي يعمل بسلك الحماية المدنية وتحول من شاب لا يبالي بالفرائض الدينية الى شخص آخر مواظبا على التردد على المساجد حتى بعد انتقال عائلته من حي التضامن الى حي الزهور ويوما بعد يوم أصبحت علاقته بوالده متوترة كثيرا الى درجة أنه توجه خلال سنة 2016 الى منطقة الحرس الوطني بحي التضامن وأبلغ عن ابنه وقال إن محمد أمين بدت عليه علامات التطرف وانه يخشى عليه من أن يتحول الى إرهابي ولكن بعد التحقيق معه أطلق سراحه ليعود «حرا» ويعود الى متشدد أكثر من قبل الى حد أنه كان ينعت شقيقه ب»الطاغوت». الليلة الحاسمة.. خلال الليلة الفاصلة بين 26 و27 جوان الفارط لم يبت محمد أمين بالمنزل والتحق بصديقه أيمن السميري والتقيا مع مجموعة اخرى لدى ارهابي وهب غرفة بمنزله لخلية تضم مجموعة من الموالين لتنظيم «داعش» والذين خصصوها لصنع المتفجرات لاستغلالها في تنفيذ عمليات انتحارية بواسطة الأحزمة الناسفة. مخطط لضرب أمن واقتصاد البلاد.. توصلت «الصباح» وفي إطار عملها الاستقصائي الى أن المجموعة الارهابية التي كانت تضم محمد أمين الكحلاوي وأيمن السميري وضعت مخططا لضرب امن واقتصاد البلاد وكانت تعتزم تنفيذ عملية انتحارية بمطار تونسقرطاج الدولي وعمليات انتحارية بالموانئ فضلا عن عدد من الفنادق والمقرات والدوريات الأمنية ووزعوا المهام فيما بينهم واتفقوا على أن يحمل كل انتحاري حزاما ناسفا ويفجر نفسه في مكان الهدف لإسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا وكان المخطط أن تكون العمليات متزامنة لتشتيت القوات الامنية. وكان أحد العناصر الانتحارية عبر عن رغبته في القيام بعملية انتحارية في احد الشواطئ مشابهة لعملية نزل الامبريال بسوسة في حين عبر ارهابي آخر عن رغبته واستعداده للقيام بعملية تفجيرية بمطار تونسقرطاج. الاحتطاب.. خططت المجموعة الإنتحارية الى توثيق العمليات الارهابية في مقاطع فيديو ونشرها على صفحات تابعة للتنظيم الارهابي «داعش» والاعلان عن تبنيه لتلك العمليات. كما خططت للقيام بعمليات احتطاب تستهدف فروعا بنكية ومكاتب بريد بالاضافة الى رصد شخص ثري لسلبه امواله وذلك في اطار ما اسموه بالاحتطاب. الإرهابي أيمن السميري.. أيمن السميري الذي فجر نفسه يوم 2 جويلية الجاري بعد محاصرته من قبل قوات الأمن، كان يعيش مع والدته وشقيقه وكان في خلاف دائم معها لأنها لم تكن تؤدي فريضة الصلاة وكانت «مغرومة» بمتابعة المسلسلات ذلك ما عمق الخلاف بينها وبين ابنها الذي كان يثور ويغضب كلما عاد الى المنزل ووجدها تتابع أحد المسلسلات حتى انه ذات يوم عاد الى المنزل ووجدها منهمكة في مشاهدة احدها فالتقط جهاز التلفاز وقذفه على الحائط.. ومنذ تلك الحادثة التي تعود الى اربع سنوات بدأت والدته تشعر أن ابنها تغير كثيرا وأصبح كثير الانزواء وكان يقضي اوقاتا طويلة بين الابحار على «الانترنات» أو في المساجد وخاصة بحي الانطلاقة ثم غير لباسه من «الجينز» الى اللباس الطائفي ولكن الام لم تتوقع ان ابنها بلغ به الامر الى درجة انه ينغمس في الارهاب ومخططاته الدنيئة ويقرر تفجير نفسه. ويوم 2 جويلية الجاري بدت على ايمن علامات الخوف وكان يستفسر عن التواجد الامني بحي الانطلاقة ثم غادر منزل عائلته وتوجه الى منزل صديقه الذي خصصه لصنع المتفجرات وجهز نفسه تمهيدا لتنفيذ العملية حيث اغتسل ثم ظل معتكفا في انتظار «الساعة الصفر» وفي الأثناء كتب رسالة تركها الى والدته وشقيقه طلب فيها منهما السماح. ثم تحدث الى صديقه واعلمه انه جاهز لتنفيذ العملية وانه يأمل ان يدخل الى الجنة ثم غادرا معا المنزل وتوجها الى جامع «الغفران» (هذا الجامع الذي تم مؤخّرا ضبط كمية من المتفجّرات في باحته الأمامية كما كان يتردد عليه الكثير من المتشددين دينيا وكانوا يتبادلون الحديث حول «الجهاد» ومن بين هؤلاء الارهابي حسام العبدلي منفذ العملية الارهابية التي كانت استهدفت حافلة الامن الرئاسي) وبعد ذلك ودّع السّميري صديقه وتوجه الى منزل ارهابي آخر ليتسلم منه الحزام الناسف الذي كان أخفاه عنده قبل العملية ولكن محاصرة رجال امن له احبطوا مخططه واجبروه على تفجير نفسه قبل ان يبلغ هدفه.. مخطط إرهابي آخر.. في اطار تحقيقنا الاستقصائي علمنا أن الارهابيين المرابطين بالجبال كانوا يعتزمون تنفيذ مخطط خلال شهر رمضان الماضي ولكنه ألغي ثم تم تعويضه بمخطط آخر حيث شرع الارهابي أيمن السميري الذي اختص في صنع المتفجرات والاحزمة الناسفة في التحضير للقيام بعملية إرهابية رفقة كل من محمد أمين الكحلاوي المختص ايضا في صنع المتفجرات وإرهابي آخر وللغرض تم تحضير أحزمة ناسفة وكان المخطط أن يتم استهداف الاماكن التي يتردد عليها السياح واعوان الامن وقد خطط ايمن السميري للعمليتين الارهابيتين اللتين جدتا بكل من شارع شارل ديغول وقبالة الباب الخلفي لفرقة الشرطة العدلية بالقرجاني وكان أيمن السميري يتواصل مع العناصر الارهابية الموالية ل»أجناد الخلافة» المرابطين بالجبال والموالين لتنظيم «داعش» الارهابي ويخطّط للقيام بعمليات تستهدف الفروع البنكية او البريدية بالسكاكين والسواطير واستغلال الاموال التي يحتطبونها في مصاريفهم الشخصية ومساعدة نظرائهم من الارهابيين للتحضير للقيام بعمليات تستهدف السياح حتى بالشواطئ.. ولكن اليقظة الأمنية الحازمة والحاسمة والمتواصلة نجحت في احباط كل هذه المخطاطات «الجهنمية» التي كان من الممكن أن تزج بالبلاد في حالة من الفوضى غير أن فطنة الأمنيين والعسكريين والمواطنين لم تترك لهم من «منافذ» غير الانتحار.