خطوة الى الوراء.. اتخذتها جل الاحزاب البرلمانية بعد التصعيد السياسي في وجه الحكومة المنتظرة لحركة النهضة. فقد تراجعت حدة التصريحات وسعت الاحزاب البرلمانية الى العمل على انفراج محتمل في الزوايا الضيقة بتأكيدها على التصويت للحكومة دون مشاركة فيها، موقف تعديلي كشف تخوفات حقيقية من امكانية اعادة الانتخابات التشريعية وهو ما يعني ضمنيا امكانية تراجع مقاعد الاحزاب الحالية لفائدة المستقلين او الى المجموعات القريبة من الرئيس قيس سعيد. وحاولت الاحزاب البرلمانية تغليف خياراتها الجديدة بالحديث عن المسالة الوطنية التي تتطلب الإسراع في تشكيل الحكومة حتى يتجنب الجميع اهدار الوقت والفرصة الراهنة. واكدالقيادي بحزب التيار الديمقراطي محمد عبو على قبول حزبه بالتصويت للحكومة رغم خيبة آمال حزبه في الحصول على وزارتي العدل والداخلية. وقال في هذا السياق وفق ما صرح به في اذاعة «جوهرة اف ام» إن حركة النهضة سترفض، «بنسبة 99.99%» التنازل عن وزارتي العدل والداخلية، باعتبارهما تشكلان وسائلها للسيطرة على المجتمع، وبسبب تخوف النهضة من تطبيق القانون على الجميع. وأبرز، أن التيار سيصوت لفائدة الحكومة التي ستشكلها حركة النهضة، رغم صعوبة المشاركة فيها، تجنبا لتعطيل مسار العملية السياسية وإمكانية إعادة الانتخابات التشريعية، متوقعا أن تتحالف حركة النهضة، مع حزب قلب تونس الذي تحصل على ثاني أكبر كتلة نيابية. حركة الشعب و"طوق النجاة" استدراك التيار لموقفه السابق تشابه مع موقف حركة الشعب، حيث اعلنت الحركة على تبنيها خيار المعارضة لتتراجع لاحقا باعلانها امكانية الدخول للحكومة وفق شروط معينة قدّمها الأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي للتحاور حول تشكيل الحكومة القادمة. وقال زهير المغزاوي، في تصريح لقناة الحوار التونسي، إن حركة الشعب تضع 3 مسائل كبرى أمام من يريد التفاوض معها لتشكيل الحكومة القادمة، موضحّا أن المسألة الأولى تتعلق بضرورة الإجابة على أسئلة ملف الإرهاب الداخلي والخارجي وقضية الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى بؤر التور. أما المسألة الثانية، فتتعلق بمبدإ السيادة الوطنية والقرار الوطني الذي لا يخضع لإملاءات خارجية والارتباط بالسفارات الأجنبية وسيادة الشعب على ثرواته. وتتعلق المسألة الثاثلة حسب زهير المغزاوي، بالموقف من متطلبات الشعب التونسي الاجتماعية من تعليم وصحة وتشغيل الشباب و رفع "التفقير" وتقديم تصورات واضحة حول وضعية المؤسسات العمومية. موقف عدلته حركة الشعب لاحقا لتتراجع عن شروطها وتفوض الرئيس المنتخب قيس سعيد للاشراف على تشكيل الحكومة القادمة. لترمي بذلك حركة الشعب الكرة في ملعب غير ملعبها، لادراكها المسبق ان الرئيس المنتخب لن يخرج عن اطار دعم الاستقرار الحكومي كمنطلق لاستقرار الحكم في شكله العام وهو ما يقدم للحركة هامشا للمناورة السياسية امام انصارها ومناضليها للقبول بحكومة النهضة في قادم الأسابيع بذريعة انها فوضت سعيد للاشراف على تشكيل الحكومة وان التزامها بذلك يندرج في اطار الانضباط لخيارات قيس سعيد وهو ما دفعها للقبول وللتصويت عليها لاحقا. فقيس سعيد بمثابة «طوق النجاة» لحركة الشعب لضمان استمرارها في البرلمان في ظل الدعوات المتتالية بالتجند والاستعداد لدورة تشريعية جديدة في حال فشل البرلمان الراهن في ضمان تمرير الحكومة. الباب الموارب على عكس تصريحات قيادتها في مختلف وسائل الاعلام فقد خير المجلس الوطني لتحيا تونس المجتمع مؤخرا عدم المجازفة بغلق الأبواب المؤدية الى الحكم وهو ما أظهرته النقطة الرابعة في بيان المجلس الوطني للحزب مؤخرا . حيث اعلنت تحيا تونس»أنّ الحركة غير معنية بالمشاركة في الحكومة طبقا لما أفضت اليه نتائج الإنتخابات التشريعية الأخيرة»، لتؤكد في ذات الوقت على تفويض المجلس الوطني لرئيس الحركة وقيادتها «متابعة تطورات المشهد السياسي» وهو احالة ضمنية على رغبة الحزب في فتح معابر النقاش مع الطرف الفائز. فعبارة «متابعة تطورات المشهد السياسي» لا تعني الالتحاق بالمعارضة بقدر ما تعني امكانية النقاشات المتعلقة بالحكومةولكن وفق شروط سيعرفها الرأي العام الوطني لاحقا. الرباعي الراعي للاستقرار ولكن الأهم يبقى ذلك الموقف الذي أعلنه الرباعي الراعي للحوار والقاضي بضرورة الإسراع بتكوين الحكومة وهي الشيفرة التي ستلتقطها الاحزاب المترددة في الالتقاء مع حركة النهضة. ورغم اهمية الدعوة الصادرةعن الرباعي فانها تركت الحرية للاحزاب فرصة لاختيار شكل الحكومة القادمة حاثة اياهم على اهمية الإسراع وعدم اهدار الوقت في المناكفات السياسوية نظرا للظرف الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. خليل الحناشي