تواصل أزمة كورونا في كشف المزيد من الممارسات التعسفية إزاء المواطنين الذين تحملوا وحملوا العبء الأكبر يدفعوا ثمنا باهضا جراء المحنة الصحية التي تمر بها البلاد منذ أكثر من شهر, المواطن ضحية الحكومة وأصحاب رؤوس الأموال والمحتكرين والمستكرشين, مسلسل دفع الشعب لفاتورة الأزمة تجلى مرة أخرى في الاسواق وتحديدا في أسعار الغلال التي تكاد تكون محرمة على التونسيين بسبب الارتفاع الجنوني لاسعارها, لدرجة لا يمكن تصديقها. يكفي تقصد اي سوق لبيع الخضر والغلال في العاصمة لتصطدم بصخرة أسعار نارية للغلال تجعلك تفكر وتفكر ثم تفكر قبل أن تفكر في شراء قليل من الفاكهة, فمثلا " الفراولة يتراوح سعرها بين 2300مليم و3000 مليم, الموز 5000 و 5800 , المشمش 4500, و 5000, انا عن التمور فحدث ولا حرج فقد صارت صعبة المنال وأمنية لفئات واسعة, بعد وصل سعره 15دينار للكغ, واقل سعر 9 دنانير, التفاح بدوره أصبح من بورجوازية الفاكهة, والرجوع إلى ما قبل شهر رمضان وما قبل كورونا سنجد أن أسعار الغلال في الاسواق زادت بنسبة 20 بالمائة, في المقابل وزارة التجارة ومن ورائها الحكومة لا تفوت فرصة لتؤكد أنها تتحكم في الأسعار وأنها بالمرصاد لكل التجاوزات والمخالفات, وأن كل الأمور تحت السيطرة, لكن الواقع عكس ما تدعيه السلطات, فما كان بالأمس القريب ضرورة غذائية, أصبح اليوم كماليات من الغلال والفواكه الأكثر استهلاكا لدى الشريحة الواسعة من المجتمع التونسي, والغريب أن أكثر هذه المنتوجات محلية, و باستثناء الموز, فإن التمور والتفاح المشمش والفراولة, تجود بها أرض البلاد, والمؤلم أن الشعب لا ينعم بخيرات البلاد, في الاسواق يكتفي كثيرون سواء بالنظر إلى الفاكهة والتذمر بسبب عدم قدرتهم على شرائها, والبعض الآخر يكتفي بنصف رطل من الفراولة وحبتين تفاح و عشر حبات تمر, ولا داعي للموز ولا المشمش, وغيرها من الغلال التي باتت قاب قوسين من أن تصير محرمة على التونسيين بسبب أسعارها المجنونة, بسبب التقصير الحكومي في متابعة ومراقبة ومعاقبة المستكرشين وسماسرة وتجار الأزمات ممن يقتاتون من معاناة المواطن المثقل والمتعب بطبيعته. الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل وفي كلمته بمناسبة عيد الشغل أشار إلى هذه الفئة من المجرمين في حق الوطن والمواطن وقال في هذا السياق :" الأزمة، في نفس الوقت، كشفت الدور التخريبي لشرائح من المحتكرين والمهرّبين والمتهرّبين والسماسرة والفاسدين الذين ظلّوا حياتهم يقتاتون على المآسي ويستثمرون في الأزمات..وقد وجب فطام بعضهم وردع البعض الآخر"...فمتى يردع هؤلاء ? ومتى سيكون بإمكان التونسيين التمتع بخيرات أرضهم المعطاء, بعيدا عن جشع مجرمي حرب الغذاء.