QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    اكتشاف آثار لأنفلونزا الطيور في حليب كامل الدسم بأمريكا    توقّف نشاط بطاحات جزيرة جربة والاقتصار على رحلة واحدة لتأمين عودة التلاميذ    رئيس الحكومة يدعو الى متابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع لسنة 2024    هذه الولاية الأمريكيّة تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة!    فاطمة المسدي: ''هناك مخطط ..وتجار يتمعشوا من الإتجار في أفارقة جنوب الصحراء''    جبل الجلود: الإطاحة بمروج مخدرات بمحيط المؤسسات التربوية    تسليم عقود تمويل المشاريع لفائدة 17 من الباعثين الشبان بالقيروان والمهدية    الكاف: ظهور الجليد الربيعي اضرّ بالأشجار المثمرة في بعض المناطق    عاجل/ جيش الاحتلال يتأهّب لمهاجمة رفح قريبا    الاغتصاب وتحويل وجهة فتاة من بين القضايا.. إيقاف شخص صادرة ضده أحكام بالسجن تفوق 21 سنة    مركز النهوض بالصادرات ينظم بعثة أعمال إلى روسيا يومي 13 و14 جوان 2024    تراوحت بين 31 و26 ميلمتر : كميات هامة من الامطار خلال 24 ساعة الماضية    قرار قضائي بتجميد أموال شركة بيكيه لهذا السبب    حرفاء يصعدون الميترو عبر فتحة البلّور: شركة نقل تونس توضّح    خلال 24 ساعة فقط.. وفاة 21 شخصًا    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواصل التحضيرات بجنوب إفريقيا    كانت متّجهة من العاصمة الى هذه الجهة: حجز مبلغ مالي على متن سيارة اجنبية    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال على مناطق متفرقة بقطاع غزة..    تحول جذري في حياة أثقل رجل في العالم    الاتحاد الأوروبي يمنح هؤلاء ''فيزا شنغن'' عند أول طلب    جنوب إفريقيا تدعو لتحقيق عاجل بالمقابر الجماعية في غزة    نابل: الكشف عن المتورطين في سرقة مؤسسة سياحية    بنزرت: تفكيك شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة    باجة: وفاة كهل في حادث مرور    اختناق عائلة متكونة من 6 أفراد بغاز المنزلي..    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    ممثل تركي ينتقم : يشتري مدرسته و يهدمها لأنه تعرض للضرب داخل فصولها    توقيع اتفاقية تعاون بين وزارة التشغيل وبرامج ابتكار الأعمال النرويجي    التمديد في مدة ايقاف وديع الجريء    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    الحماية المدنية: 21 حالة وفاة و513 إصابة خلال 24 ساعة.    لطفي الرياحي: "الحل الغاء شراء أضاحي العيد.."    أمام وزارة التربية: معلمون نواب يحتجون حاليا ويطالبون بالتسوية العاجلة لوضعيتهم.    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    بطولة كرة السلة: برنامج مواجهات اليوم من الجولة الأخيرة لمرحلة البلاي أوف    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل إلى النهائي رغم خسارته امام لاتسيو    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الطقس اليوم: أمطار رعديّة اليوم الأربعاء..    تحذير صارم من واشنطن إلى 'تيك توك': طلاق مع بكين أو الحظر!    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    وزارة المرأة تنظم ندوة علميّة حول دور الكتاب في فك العزلة عن المسن    الاتحاد الجزائري يصدر بيانا رسميا بشأن مباراة نهضة بركان    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    الألعاب الأولمبية في باريس: برنامج ترويجي للسياحة بمناسبة المشاركة التونسية    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    فيروسات ، جوع وتصحّر .. كيف سنواجه بيئتنا «المريضة»؟    توزر.. يوم مفتوح احتفاء باليوم العالمي للكتاب    جندوبة: السيطرة على إصابات بمرض الجرب في صفوف تلاميذ    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    وزارة الخارجية تنظم رحلة ترويجية لمنطقة الشمال الغربي لفائدة رؤساء بعثات دبلوماسية بتونس..    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطبوبي: نحن أمام مراكز نافذة تسعى جاهدة لضرب كلّ مكتسبات الدّولة الوطنيّة
نشر في الصباح نيوز يوم 24 - 08 - 2020

-تونس ابتليت بجزء من الطبقة السياسية تعوزها الكفاءة وتغيب عنها روح المسؤوليّة الوطنيّة
-ارتفع منسوب التحريض إلى درجة التهديد بالقتل والسحل والشنق وسفك الدماء
قال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي ان كلّ المؤشّرات تشير بوضوح أنّنا أمام مراكز نافذة تقودها قوى معادية للتقدّم والإصلاح ولوبيّات الفساد وبارونات التّهريب والجماعات الإرهابيّة وقوى خارجية تحرّك وكلاءها خدمة لمصالحها.
كما أفاد الطبوبي في كلمة ألقاها في أشغال المجلس الوطني: "قد بات وضعنا الاجتماعي العام على وشك الانفجار بسبب تفاقم البطالة وتزايد نسب الفقر والتهاب الأسعار وغلاء المعيشة وتنامي ظواهر العنف والإجرام والجريمة المنظّمة والهجرة غير النّظاميّة والاتّجار"
وفي ما يلي فحوى كلمة الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي:
عملا بأحكام القانون الأساسي والنظام الداخلي للاتحاد نفتتح على بركة الله أشغال مجلسنا الوطني العادي والذي ينعقد بعد مرور ثلاث سنوات ونصف عن انعقاد المؤتمر الثالث والعشرين للاتحاد. (الفاتحة للترحّم على النقابيين الذين فقدناهم وعلى شهداء الوطن).
ونذكر الأخوات والإخوة:
- أم الخير حشاد
- فاطمة عاشور
- سليمة البوغديري
- شفيقة جوادي تليلي
- الصادق بسباس
- مصطفى الفيلالي
- محمد بن يحيى
- المنصف اليعقوبي
- الطاهر ذاكر
- الحبيب بن رجب
- عبد الحميد الجلالي
- الناصر السالمي
- عزالدين كريشان
- صالح الزغيدي
- الناصر العجيلي
- حسين المبروكي
- عبد الرزاق الهمامي
- علي بن علي
- محمد الزريبي
- فرج الحدفي
- علي بوجمعة
- حسن الحاج حميدة
- عبد الحميد بالحاج علي
كما نتمنّى الشفاء العاجل للإخوة: عبد الستار منصور ونجيب السلامي وعبد الرحمان عزيز.
وككلّ سلطة قرار وطنية، يهمّنا التأكيد على أنّها محطّة مهمّة تستدعي منّا التوقّف عندها لمتابعة أدائنا طيلة الفترة السابقة ونرسم مع بعضنا خلالها ملامح المستقبل فيما تبقّى من المدّة النيابية، يحدونا في ذلك العمل على استكمال ما بدأناه من تثبيت لمكانة المنظمة وإعلاء شأنها وتحصينها لتلعب دورها كاملا في الدفاع على منظوريها، تقودها دوما بوصلة قوامها عزّة تونس ومناعتها وازدهار شعبها والحفاظ على سيادتها.
كثيرة هي الانجازات وعديدة هي المكاسب التّي حصدناها معا والتي تمّ تعدادها في التقرير العام الذي بين أيديكم إلاّ أنّ الطريق ما تزال صعبة خاصّة في هذه المرحلة الانتقالية الصعبة والتي زادتها جائحة كورونا تأزّما وتعقيدا.
الأخوات والإخوة،
إنّ المضيّ في أيّ برنامج إصلاحي لإنقاذ البلاد أصبح اليوم تحديّا على غاية من الصّعوبة والتّعقيد في إطار الوضع الحالي الخطير والمتّسم باستمرار الفوضى وتفشّي الفساد وحالة الانفلات تجاه القانون ومؤسّسات الدّولة وخاصّة في ظلّ الإصرار على ارتهان المصلحة العليا للوطن بمناكفات يحرّكها الجشع والرّغبة الجامحة في التّسلّط والتّغوّل وتركيع الآخر وضرب مقوّمات الدولة المدنية.
إنّنا نعيش مرحلة دقيقة وحرجة لم نعرف لها مثيلا في تاريخ تونس ما بعد الاستقلال. وهي مرحلة تحيلنا إلى مساءلة ما يجري في مستوى كلّ منظوماتنا وخاصّة منها السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة، وما من شكّ أنّ للجميع مسؤوليّة بدرجات متفاوتة في تردّي هذه المنظومات وتعطّلها وما نلاحظه اليوم من تنافر داخل مجتمعنا ونخبنا السّياسيّة وفي مستوى نسيجنا الاقتصادي وحراكنا المجتمعي والمؤسّساتي والاجتماعي.
كلّ المؤشّرات تشير بوضوح أنّنا أمام مراكز نافذة تقودها قوى معادية للتقدّم والإصلاح ولوبيّات الفساد وبارونات التّهريب والجماعات الإرهابيّة وقوى خارجية تحرّك وكلاءها خدمة لمصالحها. والأدهى أنّ هذه القوى تسعى جاهدة لضرب كلّ مكتسبات الدّولة الوطنيّة التّي انبثقت عن الاستقلال وعلى رأسها مدنيّة الدّولة ووحدتها ووحدة ترابها الوطني وسيادتها ومكتسباتها المجتمعية ومجلّة الأحوال الشّخصيّة والتّعليم والتكوين العموميين ومضامينه التّنويريّة والمنظومة العموميّة للصّحّة والمؤسّسات والمنشآت العمومية لتصبح جميعها مهدّدة من قوى الجذب إلى الوراء.
الأخوات والإخوة،
إنّ خطاب الكراهية والدّعوة إلى العنف الذي يستهدف المنظّمة منذ مدّة، وتواتر حملات التشويه والتحريض ضدّ قياداتها ومناضلاتها ومناضليها وتوظيف القضاء وتلفيق التّهم الكيديّة للنّقابييّن _"وبالمناسبة نحيّي صمود إخوتنا مبروك شطورو وسامي القريوي وأشرف بلخير من صفاقس القابعين في الّسجن حاليّا زورا وبهتانا"، وقد ارتفع منسوب التحريض إلى درجة التهديد بالقتل والسحل والشنق وسفك الدماء، مسّت النقابيين والسياسيين وطالت الأمين العام ورئيس الجمهورية وعدد من القيادات السياسية. وإنّنا لمتأكّدون أنّ التحريض كثيرا ما سبق التنفيذ والاعتداءات المادية مثلما حدث من تحريض قبل اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ويحدث اليوم في حامّة قابس بعد أن حرّض رئيس بلديتها ضدّ النقابيين وأعوان الصحة. إنّ هذه الحملة تحتّم على كافّة مناضلي الاتّحاد العام التّونسي للشّغل دون استثناء رصّ الصّفوف والالتفاف حول منظّمتنا وتحصينها والدّفاع عن وحدتها الدّاخليّة وتعزيز التّضامن النّقابي والذود عن مكانتها وإشعاعها.
وتتزامن الهجمة على المنظّمة ورموزها مع استهداف الدّولة والعبث بمؤسّساتها والعمل الممنهج على إضعافها وتخريب الاقتصاد الوطني ومحاصرة كلّ نفس مدني تقدّمي وتعدّد المحاولات البائسة للالتفاف حول مسار الانتقال الدّيمقراطي ، وعدم تطبيق القانون وغضّ الطرف الواضح والفاضح عن ملفّات الإرهاب والفساد والتهريب وخاصّة استباحة السّيادة الوطنيّة ووحدة التّراب التّونسي وتأجيج الأزمات والاستثمار فيها خدمة لأجندات معادية للوطن والتّنامي المخيف للشّعبويّة والدّعوة للعنف والكراهيّة وارتفاع منسوب الاحتقان الاجتماعي الذّي بات على حافّة الانفجار واقتراب تونس من دخول دائرة الانهيار يحتّم على الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل أن يكون وفيّا لتاريخه ولمبادئه ولثوابته الوطنيّة وأن يتحمّل المسؤوليّة التّاريخيّة في إنقاذ تونس وهو ما يدعونا بديهيّا أن لا نكون على نفس المسافة من جميع الفاعلين في المشهد الحالي ببلادنا وأن نقدّر الأصدقاء حقّ قدرهم ونتصدّى للأعداء بكلّ ما أوتينا من قوّة.
إنّ القيم والمبادئ والثّوابت الوطنيّة التّي تأسّس وثابر عليها الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل في كلّ الأزمات والمحطّات التّاريخيّة الكبرى التّي مرّت بها البلاد تمنعنا حتما من ملازمة الحياد عندما يتعلّق الأمر بإنقاذ تونس والذّود عن سيادتها وكرامة مواطناتها ومواطنيها وعندما يتّصل بحماية الاتحاد وصونه.
الأخوات والإخوة،
نعلنها على رؤوس الملأ ونتحمّل مسؤوليّتنا...
نحن مع من يرى فينا وفي منظّمتنا شريكا أساسيّا في عملية الانتقال الديمقراطي والنّهوض الاقتصادي ورافدا أساسيا من روافد التوازن الاجتماعي والاستقرار السياسي.
نحن مع من يقاسمنا قيمنا النقابية النّبيلة والمبادئ الإنسانية الكونيّة في الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية وحريّة الرّأي.
نحن مع من يؤمن بالمساواة الفعليّة بين المرأة والرّجل، وأنّ العائلة هي أساس المجتمع، ومع حماية الطّفولة والتّصدّي لكافّة أشكال العنف المسلّط على المرأة وضدّ الميز والاستغلال والاتّجار بالبشر.
نحن مع مَنْ يرى في التعليم أداة للتنوير ولتنمية العقل والفكر الحرّ وللتقدّم والتجديد والخلق والإبداع ومصعدا اجتماعيّا بالأساس.
نحن مع مَنْ يرى في الدّولة حاضنة مدنيّة واجتماعية لكلّ التّونسيات والتّونسيين بقطع النظر عن السنّ والنوع والمعتقد الدّيني والأصل والعرق والوضع العائلي والاحتياجات الخصوصيّة والحالة الصّحيّة وضدّ الغرائز البدائيّة والتّعصّب الأعمى كالتّعصّب الجهوي والقبلي والعشائري والديني والايديولوجي والحزبي.
نحن مع من يرى في سيادة الوطن المرجع الأوّل والأخير، وفي وحدته ووحدة ترابه الوطني صمّام الأمان ضدّ الإرهاب والتّطرّف والتّكفير والتّدخّل الأجنبي والارتهان للأجندات غير الوطنيّة وكافّة أشكال الوصاية وأساليبها وكلّ أشكال التطبيع.
لن نهادن ولن نساوم بمستقبل تونس ... فتونس اليوم في خطر محدق وما علينا إلّا تحمّل مسؤوليّتنا التّاريخيّة كاملة.
أيّتها الأخوات، أيّها الإخوة،
لقد ابتليت تونس بجزء من الطبقة السياسية تعوزها الكفاءة والوعي التّامّ بدقّة وخطورة الوضع وتغيب عنها روح المسؤوليّة الوطنيّة علاوة على عدم امتلاك جزء منها لأيّة برامج حقيقيّة لإنقاذ البلاد وتحوّل جزء لا يستهان به إلى أداة للهدم والتخريب والعبث والإحباط وتغذية الاستياء والدّفع نحو المزيد من الاحتقان.
وإنّ تونس تعاني من أزمة وانتكاسة اقتصادية غير مسبوقة زادتها جائحة كورونا تعميقا وتشعّبا، فاقتصادنا الوطني يتّسم أصلا بهشاشة هيكليّة، مع تراجع الاستثمار العمومي والخاصّ وانحدار نسبة النّموّ إلى مستوى قياسي وارتفاع التّضخّم وتفاقم المديونيّة واختلال التّوازنات الاقتصادية الكليّة وتغوّل الاقتصاد غير المنظّم.
وإنّ اقتصادنا أضحى مستباحا من طرف اللّوبيّات المتنفّذة والمهرّبين ومرتهنا لأجندات خارجية ترمي إلى تفكيك نسيجنا الصناعي وإغراق أسواقنا بالبضائع المنافسة لمنتوجنا الوطني.
وإنّ جائحة كورونا قد زادت في تعميق الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة وفي هذا الإطار فإنّنا إذ نعبّر عن عميق انشغالنا من التّدهور الخطير لوضع عمّال القطاع الخاصّ في علاقة بفقدان مواطن الشّغل أساسا ولعدم تحصّل جزء هامّ منهم على أجورهم والمسّ من حقوقهم الماليّة طيلة فترة الحجر الصّحّي علاوة على تدنّي أجورهم، فإنّنا نطالب الحكومة بتنفيذ تعهّداتها تجاه عمّال القطاع الخاصّ وتطوير الإجراءات الاجتماعيّة لدعمهم ومزيد الإحاطة بالقطاعات الأكثر تضرّرا ومنها قطاعات السّياحة والشّركات المصدّرة
ومعامل الأسلاك الكهربائيّة (كوابل السّيّارات والطائرات) والنسيج والمؤسّسات الصغرى والمتوسّطة على سبيل الذّكر لا الحصر، كما نرفض استسهال بعض أرباب العمل عمليّات الطّرد الجماعي غير القانونيّة وغير المبرّرة وندعوهم إلى احترام القانون في هذا الظّرف الدّقيق والاستثنائي حفاظا على الاستقرار الاجتماعي وعلى ديمومة المؤسّسة.
ونتيجة لكلّ ذلك فقد بات وضعنا الاجتماعي العام على وشك الانفجار بسبب تفاقم البطالة وتزايد نسب الفقر والتهاب الأسعار وغلاء المعيشة وتنامي ظواهر العنف والإجرام والجريمة المنظّمة والهجرة غير النّظاميّة والاتّجار بالبشر إضافة إلى تردّي الخدمات الاجتماعيّة وتدنّي المؤشّرات الحياتيّة ممّا فاقم الأعباء الاجتماعيّة ورفع منسوب الاحتقان في عديد الجهات ولدى العديد من الفئات زادها التنكّر للوعود والتعهّدات والاتفاقات في مجال الاستثمار وتهيئة البُنى التحتية واستحداث مواطن الشغل حدّة.
الأخوات والإخوة،
ينعقد مجلسنا الوطني هذه الأيام وما نزال ننتظر تشكيل الحكومة الجديدة التّي تنتظرها الكثير من الملفّات الحارقة.
ونحن وإن أبدينا رأينا حول ما يمكن أن تكون عليه هذه الحكومة واعتبرنا أنّه آن الأوان للقطع مع الارتجال ومنطق الغنيمة والنّأي بها عن المحاصصة الحزبية وحسابات التّموقع فإنّنا نعتقد أنّ تشكيلها أصبح أكثر من متأكّد وأنّ كلّ تأخير سوف يزيد الوضع سوء وإرباكا.
وبنفس التّأكّد أصبحت الحاجة إلى استكمال الهيئات الدستورية وخاصّة المحكمة الدّستورية أمرا ملحّا للكفّ عن ارتهان دستور البلاد في قراءات وتأويلات أحادية تحكمها المصالح الحزبية الضيقة، كما أنّ الحاجة ملحّة أيضا إلى مراجعة هادئة وشاملة لفصول من دستورنا خاصّة بما يتعلّق بالنّظام السّياسي وشكل الحكم وإلى تعديل للقانون الانتخابي ولقوانين الأحزاب السّياسيّة والجمعيّات في إطار حوار مجتمعي جدّي ومسؤول.
وقد أصبحت الحاجة إلى قضاء عادل ومنصف ومستقل وأمن جمهوري ملتزم بالقانون وبمبادئ حقوق الإنسان من الأولويات المتأكدة والعاجلة.
كما أصبحت الحاجة ملحّة إلى إعلام وطني مستقلّ يضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للإعلاميين ويحرّر الإعلام العمومي من التعليمات والإعلام الخاص من لوبيات الفساد وابتزاز الأطراف السياسية.
الأخوات والإخوة،
إنّ الظّرف الدّقيق الذّي ينعقد فيه مجلسنا الوطني يدفعنا إلى التّشديد على الدّور الوطني والاجتماعي الذّي يجب أن يلعبه الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل وهو ما يتطلّب توضيح الرّؤية والخيارات السّياسيّة الكبرى التّي يجب أن ينتهجها الاتّحاد في المرحلة القادمة سواء ما تعلّق بالعلاقة مع الحكومة ومع المؤسّسات الدّستوريّة أو مع الأحزاب والمنظّمات ومواصلة لعب دوره في إنقاذ البلاد.
كما يستدعي هذا الظّرف الدّقيق الانكباب على معالجة الملفّات الاجتماعيّة ومنها ضمان عموميّة المؤسّسات العموميّة وديمومتها وإصلاحها وتأمين العمل اللّائق والقضاء على أشكال التّشغيل الهشّ ومتابعة الأوامر التّطبيقيّة المتعلّقة بقانون الاقتصاد الاجتماعي والتّضامني وتطبيق الاتّفاقيات المبرمة مع بقيّة الأطراف الاجتماعيّة وبالخصوص صرف القسط الثّالث من الزّيادة في أجور الوظيفة العموميّة وضرورة التّرفيع في الأجر الأدنى المضمون واستكمال التّفاوض في قانوني الوظيفة العموميّة والمنشآت والدّواوين العموميّة إضافة إلى فتح حوار مع منظّمة الأعراف لمراجعة مجلّة الشّغل لملائمة القوانين الشّغليّة المذكورة مع الاتّفاقيّات الدّوليّة المصادق عليها من طرف الدّولة التّونسيّة ومع دستور الجمهوريّة الثّانية، إضافة إلى إصلاح منظومات التّربية والتّكوين والتّشغيل والتّعليم العالي والبحث العلمي والصّحة والجباية والنّقل والحماية الاجتماعيّة وضرورة ضمان كلّ من الأمن الغذائي والطّاقي وإعداد رؤية واضحة حول مستقبل العمل وتصوّر استراتيجي واستباقي حول التّغيير المناخي وتفعيل المجلس الوطني للحوار الاجتماعي وأحد مخرجاته وهو إحداث صندوق للتّأمين على فقدان مواطن الشّغل.
ولن يتسنّى للاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل القيام بدوره الوطني والاجتماعي إلّا إذا أولى العناية القصوى وضمن أطره القانونيّة للملفّات الدّاخليّة للمنظّمة في اتّجاه التّطوير والتّحديث والنّجاعة ودعم الانتساب وتعزيز الانتماء وحماية الممارسة الدّيمقراطيّة وتقوية الاستقلاليّة في الموقف والقرار والتّمويل وتمتين الوحدة والتّضامن النّقابيين واحترام القانون الأساسي والنّظام الدّاخلي للمنظّمة وإنفاذه على الجميع دون استثناء وإيجاد المعادلة لضمان الاستمراريّة وفي نفس الوقت تحقيق التّداول.
الأخوات والإخوة،
ينعقد مجلسنا الوطني في ظرف إقليمي على غاية من الدّقّة وإنّنا بالمناسبة ندين التّدخّلات الأجنبيّة بالشّقيقة ليبيا ونعتبرها احتلالا بغيضا مهما كانت الرّايات المرفوعة فيها ونعتبر أنّ الحلّ لا يمكن إلّا أن يكون ليبيّا وبالطّرق السّلميّة بعيدا عن الجماعات الإرهابيّة والتدخّلات الأجنبية، مع العمل على أن تكون تونس منطلقا لهذا الحوار السّلمي لا قاعدة عسكريّة لأيّ جهة كانت تهدف إلى تغذية الاقتتال بين الأشقّاء اللّيبيين ونهب ثرواتهم ونجدّد التّعبير عن مخاوفنا من تفاقم الوضع في ليبيا خاصّة في ظلّ تواجد القوات الأجنبيّة وفلول الإرهاب الذّي يتجمّع قريبا من حدودنا.
ولا يسعنا إلاّ الترحيب بمبادرة طرفي النزاع في ليبيا بوقف إطلاق النار تمهيدا لاستئناف العملية السياسية والاعداد لانتخابات حرّة ونزيهة.
الأخوات والإخوة،
ينعقد مجلسنا الوطني ولم تمض على فاجعتين حلّتا بالوطن العربي إلّا أيّام معدودة، الأولى الانفجار المدمّر الذي هزّ الميناء التجاري ببيروت وأدّى إلى سقوط المئات من القتلى وأكثر من 5 آلاف من الجرحى وتداعي الآلاف من المنازل والمحلاّت التّجاريّة. والثّانية معاهدة التّطبيع سيّئة الذّكر بين الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني، إضافة إلى الاعتداءات المتكرّرة التي استهدفت كلّ من الأراضي المحتلّة في فلسطين وسوريا، وإنّنا نجدّد رفضنا في هذا الإطار لسعي الكيان الصّهيوني إلى ضمّ أجزاء واسعة من الأراضي الفلسطينيّة في الضّفّة الغربيّة والأغوار بغاية تنفيذ ما يسمّى بصفقة القرن وجعلها أمرا واقعا لتنضاف هذه الخطوة إلى سلسلة الجرائم الصهيونيّة ومجازرها وسلبها للحقّ الفلسطيني، ونؤكّد مرّة أخرى تجنّدنا التّام لتحشيد الدّعم النّقابي الدّولي لمنع هذه الجريمة الجديدة وللدّفاع عن حقّ الشّعب الفلسطيني.
وإزاء هذه النّكبات المتتالية، وفي إطار تضامننا المطلق مع الشّعب اللبناني الشقيق في مواجهة هذه المحنة، لم يتوانى الاتّحاد العامّ التّونسي للشّغل عن تقديم مساعدات طبيّة وغذائيّة بالتّنسيق مع الاتّحاد العمّالي العامّ في لبنان.
كما نجدّد تنديدنا الشّديد بكلّ أشكال التّطبيع وآخرها موقف الإمارات العربية المتّحدة بالتّطبيع مع الكيان الصّهيوني وما تعتزم القيام به دول أخرى وهو ما يمثّل طعنة لنضال الشّعب الفلسطيني الشّقيق من أجل التحرّر وبناء دولته المستقلّة وعاصمتها القدس الشريف.
كما ندين ونشجب كلّ الاعتداءات الهمجية على الأراضي الفلسطينية واللبنانية والسورية المحتلّة ونهيب بكلّ القوى التقدّمية والمحبّة للسلام في العالم للتصدّي إلى مثل هذه الأعمال المكرّسة للاستعمار والمناهضة لجميع الأعراف والقوانين الدولية والمعادية لحقّ الشعوب في الحرية وفي تقرير مصيرها.
الأخوات والإخوة،
إنّه لا خيار أمامنا في هذا المجلس الوطني غير وضوح الرؤية وغير صرامة الموقف وتعزيز الوحدة وانجاح هذه المحطّة التاريخية ليبقى الاتحاد قوّة وطنية فاعلة ومؤثّرة يلبّي نداء الواجب متى دعاه شعبنا واحتاجته بلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.