مخزون السدود في تونس يزيد.. المياه أكثر من العام اللي فات... التفاصيل !    وفاة جدة وردة العمري    الاتحاد الرياضي ببنقردان يعلن عن فسخ عقد لاعبه الشاذلي قاسم بالتراضي    تونس تشارك من 21 الى 28 سبتتمبر في بطولة العالم للدراجات برواندا بثلاثة عناصر (المدير الفني للجامعة التونسية للدراجات)    وزارة التجهيز والاسكان تنتدب...    عرض "باردو بين البارح واليوم" لهشام درويش في افتتاح تظاهرة الحنايا    ما تفطرش الصباح وتاكل بالليل؟ عظامك في خطر!    النجم الساحلي ينهزم وديا أمام الكوكب المراكشي 1-2    دولة الاحتلال تحدد شروط إنهاء حرب غزة.. والسلام مع الفلسطينيين    الداخلية: عمليات مراقبة وتحسيس متزامنة على أسواق الجملة في كافة أنحاء الجمهورية    هل أذكار الصباح فرض ولا سنة؟ واكتشف لماذا لا يجب تفويتها!    الحزب الجمهوري يعبر عن رفضه لمشروع قانون أمريكي حول "استعادة الديمقراطية في تونس"    القهوة على معدة فارغة: فايدة ولا ضرر؟ شوف شنوّة يصير للجسم    بطولة أمريكا للتنس: غرانويرس وزيبالوس يتوجان بلقب زوجي الرجال    بطولة أمريكا المفتوحة للتنس: سابالينكا تتوج باللقب على حساب انيسيموفا    إيران تبدأ بمحاكمة شبكة تجسس مرتبطة بمعارضين وإسرائيل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    المنستير: يوم صحي مفتوح بالمسنشفى المحلي بزرمدين حول تقصي أمراض الفم والأسنان    توقعات الأبراج لليوم: بين الأمل والحذر.. اكتشف ماذا يخبئ لك الأحد    الكاف: الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي يخصص 5600 مساعدة اجتماعية لفائدة التلاميذ والطلبة    رئيس وزراء هذه الدولة يتنحى عن منصبه..#خبر_عاجل    "مايكروسوفت".. كابلاتنا تضررت في البحر الأحمر    صابر الرباعي لفضل شاكر...شكرا لأنكم أعدتم التوازن للأغنية العربية    يسلّط الضوء على الجذور الأولى للصراع الفلسطيني الاسرائيلي: ظافر العابدين يحضر عرض «فلسطين 36» في «تورنتو»    بعثة اقتصادية في الجزائر    أمطار منتظرة الليلة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    88 شركة بريد تُعلّق خدماتها مع الولايات المتحدة    «المهاجران» تمثّل تونس في مهرجان «بهولنج» الدولي للمسرح بالهند    معرض مشترك    وزارة الداخلية.. الدّولة لن تتخلى عن مسؤوليّاتها في الدّفاع عن حقوق المُستهلك والحفاظ على قدرته الشرائيّة    وزير الشؤون الإسلامية يدعو الأئمة لإقامة صلاة الخسوف والدعاء للمصلّين    نابل: الدورة الخامسة من الصالون الجهوي لنوادي الفنون التشكيلية والبصرية بدور الثقافة    وليد التونسي: دعاء التونسيين كان سندي وعجّل بشفائي    خسوف كلي للقمر في معظم الدول العربية بداية من ليلة الأحد    الزهروني: إيقاف منحرف نفّذ 3 براكاجات في وضح النهار استهدفت نساء    فيلم ''صوت هند رجب'' للمخرجة التونسية كوثر بن هنية يحصد 6 جوائز مرموقة في مهرجان البندقية    الخبير الاقتصادي العربي بن بوهالي: التضخم في تونس يهدّد الادخار الوطني ويعمّق الفوارق الاجتماعية    الخطوط التونسيّة تسجّل نتيجة صافية سلبية ب335 مليون دينار في 2021    تونس في مواجهة مصر: تفاصيل اللاعبين والموعد الرسمي للمباراتين    عاجل/ هيئة السوق المالية: "احذروا أي عرض استثماري مُغر"    عاجل/ تم ضبطهم بميناء حلق الوادي: هذا ما تقرّر ضد أفراد شبكة دولية لتهريب المخدرات    عاجل/ تخرّج أوّل دفعة للحرس البلدي..    بالفيديو: أضرار فلاحية كبيرة بسبب التبروري في القصرين.. شاهد    غدا.. خسوف كامل والقمر "دموي"    محرز الغنوشي: مطر و''تبروري'' في المرتفعات.. واللي يحب يبحر يقصد ربي    عاجل: صدور نتائج حركة النقل الدورية للابتدائي.. التفاصيل على الرابط التالي    وزير التجهيز يتعهد: مهلة أخيرة أمام المقاولين لتسريع لاستكمال ''إكس 20'' قبل نهاية 2025    عاجل: مرض ''الإيبولا'' يعود من جديد    مركز الارشاد الجبائي عن بعد يتلقى اكثر من 15700 مكالمة الى أواخر شهر أوت المنقضي    عاجل/ أسطول الصمود العالمي يقترب من المياه الاقليمية التونسية    في الذكرى 69 لانبعاثه: الحرس الوطني يجدّد العهد لحماية الوطن.. #خبر_عاجل    عاجل/ فيروس "إيبولا" يعود من جديد    كأس الكاف.. الكشف عن حكام مباريات الفرق التونسية    هيئة الصيادلة تدعم اجراءات المجلس الوزاري المضيق حول المنظومة الدوائية    تراجع طفيف في نسبة التضخّم خلال شهر أوت.. #خبر_عاجل    مأساة فلسطينية صادمة: القصة الحقيقية وراء فيلم ''صوت هند رجب''    قائمة المنتخبات المتأهلة تكبر... 48 منتخب جاهزين للانطلاق في كأس العالم 2026...تعرف عليهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رأي / من أجل إنقاذ عدد من الأراضي والضيعات الفلاحية الدولية وتطوير إنتاجيتها
نشر في الصباح نيوز يوم 10 - 11 - 2020


بقلم خالد نجاح : إعلامي
منذ 14 جانفي 2011 والطبقة السياسية والحاكمة تتحدث عن منوال تنمية جديد يحقق للتونسيين الكرامة..كلهم قالوا إن منوال التنمية منذ الإستقلال كان فاسدا وخدم جهات دون أخرى وانه يجب إرساء التمييز الإيجابي حتى تعم التنمية المناطق المهمشة والفقيرة ويجد "المعطلون عن العمل" شغلا ومورد رزق .
المسؤولية تكليف وليست تشريفا لتوفير الشغل للشباب العاطل
تعاقبت الحكومات وتعدد الوزراء والمستشارون مجاملة أو محاصصة أو كفاءة أو ترضية ..المهم أنهم تعددوا لتنفيذ الوعود.واقتنعت الحكومة الحالية برئاسة المشيشي أن إفراد التشغيل بوزارة يجب أن ينتهي لأن ذلك كان لفترة سنوات في العهد السابق وعهد "الثورة" ضحكا على الذقون فالتشغيل هو شأن جميع الوزارات وليس وزارة واحدة تنفرد بالموضوع وأن القرارات لتأمين مرحلة البحث عن الشغل تصدرها الحكومة وليس وزارة تمسك ملف التشغيل حصريا .
ولكن المشكل لا يكمن في التعيينات وهيكلة الحكومة وإنما في قدرة المسؤول وزيرا كان أو في أي موقع من التسلسل الإداري على تحقيق الأهداف التنموية التي وضعتها الدولة. فالمسؤولية لا تنحصر في المكتب الوثير وفيلق المستشارين والإداريين والملحقين وديوان وزيري يضم حشدا من الإطارات، وإنما تقتضي من صاحبها ان يكون متابعا دقيقا للشؤون التي هي تحت إشرافه ويوزع وقته بين العمل الميداني والعمل في المكتب.فالمسؤول الذي يجهل الواقع لن ينجح وستكون قراراته خارج الإطار وخارج السياق. وعلى وزارة الشباب والرياضة ان تكون اليوم في مستوى الإنتظارات والتطلعات بعد أن أحيل إليها ملف الإدماج المهني بالبحث عن الحلول الممكنة ومنها الموضوع الذي سأتحدث عنه لاحقا .
عدد من الأراضي والضيعات الفلاحية خارج الدورة الإنتاجية
هذه مقدمة طويلة أردتها تمهيدا لموضوع على غاية من الأهمية في تقديري وقد أثار انتباهي بصفة خاصة لما زرت مؤخرا جهة فلاحية كانت جل أراضيها في عهد الإستعمار على ملك المعمرين . الموضوع يتعلق بأراضي الدولة الفلاحية المهملة في هذه الجهة وغيرها من جهات البلاد أكيد . أراضي بيضاء لا نبات فيها ولا زرع، وضيعات في وضعيات رديئة يتطلب ترميمها آلاف الدنانير. والغريب أن الدولة عن طريق هياكلها الجهوية تنظر إلى الوضع المتردي منذ عقود ولا تحرك ساكنا .فلو تحرت لما بلغت الاراضي والضيعات الفلاحية خصوصا هذه الدرجة من الخراب، ولما كانت مهملة بهذا الشكل .وتنتظر هذه الأراضي والضيعات الفلاحية اليوم من يخدمها ويحييها لاستخراج خيراتها الوفيرة قمحا وعنبا وزيتونا، وتزيد في تربية الأبقار وإنتاج الحليب، و تنتظر أن تفرج عليها الدولة بعد أن أصبحت خرابا ومرتعا للفساد والجلسات الخمرية وتمنحها للشباب الراغب في تعاطي النشاط الزراعي . والحقيقة أن ما رأيته صادم ويطرح سؤالا حول مدى منهجية الحكومة في البحث عن حلول للتشغيل والحال أنها تهدر الحلول .
في عهد بورقيبة رحمه الله تحقق الجلاء الزراعي وأصبحت مزارع المعمرين وضيعاتهم على ملك الدولة التونسية . ومكنت الدولة عددا من المقاومين من مقاسم فلاحية على وجه الكراء وتمليكا. وكان للمقربين من الحزب الإشتراكي الدستوري النصيب الأوفر منها. وقد اشتغل عدد منهم بجدية في القطاع الفلاحي حيث لم يكن له مصدر رزق آخر وحقق نتائج مهمة . في حين اندثر النشاط الفلاحي لعدد من المقاسم الأخرى أو لم يكن بالدرجة المأمولة.
أما في عهد بن علي رحمه الله فحظي عدد من كبار المسؤولين في الدولة والمقربين من الرئيس وعائلته بكراء ضيعات فلاحية كبيرة ويبدو أن من تمتع بذلك قد عمل جديا في المجال الفلاحي وحقق نتائج مهمة.
ضيعات فلاحية تم تخريبها بحثا عن كنوز المعمرين.
ولكن لا يعني هذا أن الدولة لم تراع حاجيات الشرائح الأخرى من المجتمع بل استمرت في كراء المقاسم عن طريق البتّات العمومية لكبار الفلاحين وصغارهم ومنهم من يشتغل حتى اليوم في القطاع الفلاحي ومنهم من هو منقطع ولا يستغل الأرض التي اكتراها من الدولة. بل إن عددا منهم لا يدفع معين الكراء منذ فترة وأهمل الأرض. وتصدر من حين إلى آخر قرارات بالإخلاء يتم تنفيذها حسب الممكن.
واللافت أن عددا من الذين شاركوا سابقا في جميع العهود في البتات العمومية لكراء الضيعات الفلاحية خصوصا قاموا بذلك لغاية في نفس يعقوب وهزهم الطمع إلى كنوز المعمرين التي اعتقدوا انها مخفية تحت الأرض وذهب في ظنهم أن المعمرين لما حصلت تونس على استقلالها سنة 1956 خبأوا أملاكهم الثمينة من ذهب وفضة وقطع نادرة تحت الأرض ثم غادروا البلاد بعد تحقيق الجلاء الزراعي وتركوا "كنوزهم". وحسب عدد من الروايات عثر البعض على ما تيسّر من المعادن الثمينة بعد أن خربوا الضيعات التي كان يسكنها المعمرون . والنتيجة ان عددا من الضيعات الفلاحية أصابه الخراب وأهملته الدولة فلم يعد قابلا للإستغلال إلا بعد ترميم مكلف للغاية. والسؤال لماذا حصل كل هذا. ومن سيتكفل بالترميم والتهيئة؟ وهل تقدر الدولة على ذلك أصلا؟
ضررة مراجعة صيغ كراء الأراضي والضيعات الفلاحية تمهيدا لتمليكها
اليوم تريد الدولة القطع مع ما حصل في الماضي وانقاذ ما يمكن انقاذه بعد أن خرب عدد من الضيعات بحثا عن الكنوز ولم تحاسب الدولة من قام بهذا الدمار. وتم إهمال العديد من مساحات الأراضي الفلاحية .وقامت الحكومة السابقة باقتراح تعديل قانون تمليك الأراضي الفلاحية حتى تكون قابلة للتوريث .وهذا منطقي جدا. ولكن الأمر لا يزال في حدود الصياغات وترتقب مئات العائلات قرار التمليك بما يمكنها من الحصول على قروض لتطوير انشطتها الفلاحية. ومن واجب الحكومة أن تأخذ في الإعتبار في هذا التعديل حقوق عدد من المظلومين الذين أجبرتهم الدولة في العهد السابق على مغادرة الضيعات الفلاحية دون سبب . وهذه الضيعات أخليت من سكانها ومستغليها ليكون مصيرها الخراب وتتحمل الدولة مسؤواية ذلك وعليها ان تتفادى هفوتها وتعيد الملك لأصحابه لو ما زالوا موجودين.
ولكن الحكومة رغم جهدها وخاصة في الاشهر القليلة المنقضية لا تزال تعتمد عددا من القوانين والإجراءات القديمة التي تحكم التصرف في العقارات الفلاحية ولا تأخذ في الإعتبار مثلا طلبات توسيع النشاط الفلاحي للمشاريع الصغيرة الناجحة وتجعل من هذه العقارات رهين بتة عمومية يمكن أن تعود إلى كل من يملك ما يكفي من المال دون اشتراط خبرته في المجال الفلاحي أو دراسته لهذا المجال في الجامعة أو تلقيه تكوينا في أي من الإختصاصات الفلاحية . فالمشاركة في بتة عمومية لكراء ارض فلاحية تكاد تقتصر على طلب تسوية الوضعية الجبائية . وكم من واحد ربح البتة ولكنه فشل في المشروع . وكم من عقار فلاحي مهمل اليوم ولا حبة فيه ولا ثمرة. والأدهى من ذلك أن هناك أرض فلاحية جرداء لم يعد متسوغوها يدفعون للدولة معين الكراء.
صحيح ان الحكومة تقوم عن طريق هياكل وزارتي الفلاحة وأملاك الدولة بجهود كبيرة لتوفير المقاسم الفلاحية و مياه الري وتوزيعها على الاراضي . وتعمل قدر الممكن على إسناد الفلاح ولكن عليها أن تلتفت بجدية إلى العقارات الفلاحية المهملة والمخرّبة وتصدر القوانين الملائمة حتى تستعيد هذه العقارات قدرتها على الانتاج .
وعلى الحكومة أن تراجع نظرتها إلى هذه العقارات فليست البتة العمومية هي الوحيدة القادرة على حل المشكل بل عليها أن تنكب بجدية على ملفات توسيع نشاط المشاريع الناجحة وخصوصا الصغيرة منها وذلك بتمكين أصاحابها منت كراء العقارات الإضافية لمدة طويلة في مرحلة أولى ثم تمليكها لهم في صورة جديتهم وتحقيقهم للنتائج والأهداف. والحلول لن تغيب في اعتقادي عن الحكومة .فقط عليها فتح الملف بجدية تقنيا وليس سياسيا.
ويجب الإشارة في هذ المسألة إلى ضرورة الإنتباه إلى مرامي المبادرة التشريعية المعلنة لتمليك الأراضي الفلاحية الدولية أو توزيعها .فلو أنها كانت تقصد المصلحة العامة فعليها أن تراعي أساسا مصالح المستغلين الحاليين للأراضي الفلاحية وألا تهضم حقوقهم و تأخذ في الإعتبارمبدأ توزيع الأراضي على من يستحقها من المتخصصين في المجال الفلاحي وأصحاب التجربة في المجال دون غيرهم وفق خطة منهجية وأهداف واضحة ترمي في النهاية إلى تطوير الفلاحة في البلاد لا غير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.