أكّد حمادي الجبالي، رئيس الحكومة المؤقتة، أن الشعب التونسي الذي قام بثورة في 1938 وأخرى في 2011 لن ينسى بسهولة معاقل الفساد ولن يقبل بعودة أزلام النظام البائد من الشباك بعد أن غادروا الساحة السياسية من الباب". وأضاف الجبالي أنه "لا يمكن لنا أن نتهم أيا كان لكن في مقابل ذلك لا يمكن لأي كان أن يتلاعب بالثورة". وكان الجبالي يتحدث خلال الاجتماع العام الذي أقيم بمناسبة الاحتفال بعيد الشهداء يوم أمس الاثنين بساحة روضة الشهداء بالسيجومي بحضور عدد من أعضاء الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي والجنرال رشيد عمار قائد أركان الجيش الوطني ورؤساء وأمناء عامّون لأحزاب سياسية. وتحدث رئيس الحكومة المؤقتة عن فئة من أصحاب المال والأعمال وصفهم ب"أصحاب الدينارات" و"المحجرين من السفر" ويعني ال460 رجل أعمال المتورطين مع النظام السابق و"لكل من أخطأ في حق الوطن دون أن يغمسوا في دم الشعب التونسي". وتوجه لهم برسالة مفادها أن "باب المصالحة مفتوح لكن بعد المحاسبة". و أضاف رئيس الحكومة المؤقت في خطابه أن "الثورة لا تباع بالدينارات ولا بالمراوغات ولا أيضا بالتخلي عن مبادئها من أجل جمع مبالغ من المال على حساب الثورة ومبادئها". ونفى الجبالي أن تكون لحكومته المؤقتة "نية الثأر أو تصفية الحسابات مع خصوم الماضي".
"المعركة الحقيقية" حسب الجبالي ومن جهة أخرى، أكد حمادي الجبالي أن التحدي الكبير الذي تواجهه البلاد بعد الثورة هو المعركة الاقتصادية والاجتماعية معتبرا إياها "معركة طويلة الأمد تتطلب جهودا مضنية" محذرا من تبعات خسارتها على مسار الثورة "فالفساد قد عمّ كلّ شيء في البلاد". وقال في هذا السياق: "لن يتم كسب ثورة الشعب التونسي في وجه الظلم والاستبداد التي انطلقت سنة 1938 وأكملها سنة 2011 إلاّ بكسب المعركة الاقتصادية وتعزيزها بالقيم الحضارية للشعب". كما أكّد أنّ "الحكومة تنوي أن تحكم باسم الشعب فهي ليست شكلية وغيرها يحكم كما يظن البعض". وتحدث الجبالي عن "الوضعية الصعبة والمؤلمة التي تمر بها البلاد والتي تستوجب بناء جديدا للبلاد والاقتصاد والعدل الاجتماعي" مضيفا أنه "لا يمكن كسب الرهان الاجتماعي والاقتصادي للثورة إلا بتحقيق العدل الاجتماعي من خلال ربط سيدي بوزيد وقفصة والقصرين بالعاصمة والساحل بطرقات سيارة وسكك حديدية ومطارات ومشاريع وإرجاع انتماء الجهات المحرومة إلى هذا البلاد وكذلك حق الفئات المحرومة من عمال وفلاّحين مهمشين في الانتماء إلى هذا الشعب و إلى هذا الوطن". وشدد رئيس الحكومة المؤقتة، من ناحية أخرى، على أنه لا يمكن القبول بعد ثورة "الحرية الكرامة" ب"سقوط شهداء جدد من أبناء الشعب مهما كانت انتماءاتهم الفكرية أو أطيافهم الحزبية" موضحا أن الدرس الأول الذي يمكن استخلاصه من إحياء ذكرى شهداء 9 أفريل، هو ضرورة "تحرير الشعب من الاستبداد السياسي وذلك عبر صياغة دستور تونسي يشارك في وضعه جميع التونسيين وانتخابات حرة و نزيهة".