قالت اليوم الشقيقة "الصباح الاسبوعي" ان بعض الشركات الوطنية الرابحة مثلت احدى اليات تمويل الميزانية على غرار شركة "فسفاط قفصة" لكن تراجعت موارد ومرابيح هذه المؤسسات الاقتصادية بعد الثورة بشكل كبير بل انها اصيبت بحالة عجز مالي فادح نتيجة الإضرابات و الاعتصامات و هفوات التصرف... وبذلك تحولت الى عبء على الميزانيات المتعاقبة لتغطية العجز الحاصل فيها سنويا وهو ما تؤكده ارقام الميزانيات وقوانين المالية. خسائر بالمليارات تكبّدها الاقتصاد وخزينة الدولة التي كانت في امس الحاجة الى تعبئة موارد اضافية لتغطية نفقاتها، وعوض ان تكون المؤسسات الاقتصادية الوطنية دافعا ومنقذا لتونس أضحت في حاجة الى ضخ أموال في ميزانياتها لتغطية ما تعانيه من عجز متواصل من سنة الى أخرى ويعود هذا العجز الى تراجع انتاج هذه المؤسسات مقابل تزايد نفقاتها التي ارتفعت بعد الثورة بشكل كبير نتيجة إدماج عمال المناولة والمتعاقدين وانتدابهم بشكل رسمي ناهيك عن توظيف المتمتعين بالعفو التشريعي و السرقة والتخريب الذي لحق منشات الشركة. وتقدر خسائرأبرز الشركات الوطنية وهي" فسفاط قفصة"،"المجمع الكيميائي"،اتصالات تونس"،"الشركة التونسية للكهرباء والغاز"، "شركة الخطوط الجوية التونسية" خلال السنة الجارية 1195 مليون دينار وهي قيمة هامة في ظرف تحتاج فيه ميزانيّتا الدولة (الميزانية التكميلية لسنة 2013 وميزانية 2014 ) الى تعبئة للموارد في ظلّ عزوف بنوك دولية على الإيفاء بتعهداتها لعدم وضوح الرؤية السياسية في بلادنا وغياب الإصلاحات المطلوبة. وماذا بعد؟ المبلغ قيّم وتحتاجه تونس هذه الأيام لكن عوض ان يُضخّ ويدخل ضمن موارد الدولة فإن الحكومة مطالبة بتغطية العجزالحاصل في هذه الشركات وغيرها من المؤسّسات الاقتصادية الوطنية ممّا يزيد من الوضع الاقتصادي تأزما. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فقد كانت "شركة فسفاط ثقصة" و"المجمع الكيميائي" يوفران يوميا 3 مليون دينارلخزينة الدولة؛ لكن وبعد توقف الانتاج وتعطله لأشهر ورغم استئناف النشاط في الأحواض المنجميّة بالجنوب بوتيرة ضعيفة فإن هذا المبلغ قد تراجع بل ان المؤسستيْن قد تكبدتا خسائر كبيرة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ليتواصل تراجع إنتاج الفسفاط خلال الرّبع الاول لسنة 2013 بنسبة 20% ( مقارنة بسنة 2012 )؛ مما يؤكد أن الصادرات ومداخيل العملة الصعبة أخذت منحى خطيرا يهدّد بجدية متناهية التوازنات الاقتصادية الكبرى بالبلاد مع تواصل إنخفاض أسعار الفسفاط في الأسواق العالمية لقلة الطلب، إثر أزمة اقتصاديات الدول الاوروبية فرنسا وإسبانيا بالخصوص وهو ما اكده وزيرالصناعة الذي قال ان خسائر تونس من مادة الفسفاط بلغت حوالي 1763 مليون دولار خلال سنوات 2011 و 2012 وهو مبلغ يقارب حجم الدين الخارجي الذي تحصلت عليه من صندوق النقد الدولي. وفي تراجع انتاج الفسفاط وتقلص انتاج المجمع الكيميائيتم العجز عن التصدير فكانت النتيجة خسارة في العملة الصعبة تلحق ببلادنا وهو ما يسبّب عجزا في الميزان التجاري. وتجدر الإشارة الى انه ووفقا لما تناقلته وسائل الاعلام عن مصادر رسمية فإن ''فسفاط قفصة'' و''المجمع الكيميائي'' بصفاقس و''"المجمع الكيميائي المغاربي" وفرت للدولة موارد مهمة للغاية تقدر ب 1.2 مليار دينار سنة 2010 و 1.0 مليار دينار سنة 2011 و 0.6 مليار دينار سنة 2012 ؛ لكنها خلال 2013 ووفقا للتوقعات فإن هذه المؤسسات ستكون امام ضرورة الحصول على منح لتغطية خسارتها الفادحة وهو ما يخشاه المتابعون. والباقي.. اما باقي الشركات التي ذكرناها آنفا فانها ستكون امام حتميّة الحصول على منح ومساعدات لتغطية عجزها على غرار"الخطوط التونسية" التي من المنتظر ان يبلغ حجم خسائرها المالية مع موفى السنة الجارية حوالي 400 مليون دينار بعد أن بلغت بين سنتي 2011 و2012 حوالي 261 مليون دينار؛ وهوما دفع بها الى عقد ندوة دعا فيها مديرها العام ''رابح جراد''وزارة المالية إلى رصد مبلغ 40 مليون دينار بصفة فورية كتسبقة من خزينة الدولة لتغطية جزء من عجز سيولة الشركة تستهلكه حسب أولوياتها ويُسدّد عند بيع الطائرتين الرئاسيتين. وقد تم تنفيذ هذا الطلب والقرارالمنبثق في جلسة وزارية، مع الدعوة الى تبويب ما قيمته 189 مليون دينار ضمن قانون المالية التكميلي لسنة 2013 بعنوان تكفل الدولة بمستحقات ديوان الطيران المدني والمطارات. كما سيتم تبويب ما قيمته 150 مليون دينار ضمن قانون المالية لسنة 2014 لدعم السيولة إلى حين إتمام عملية بيع الطائرات الرئاسية؛ وتبويب 52 مليون دينار ضمن قانون المالية لسنة 2014 بعنوان مساهمة الدولة في تغطية كلفة تسريح 1700 عون مع ضرورة انطلاق هذه العملية في بداية 2014. مديونية... من جانبه بلغ حجم مديونية ''الشركة التونسية للكهرباء والغاز'' حتى شهر اكتوبر 530 ملون دينار من بينها 55 % من الحرفاء العاديّين الذين لم يدفعوا ما عليهم من فواتيراستهلاك ناهيك عن إدماج عمّال المناولة بصغة رسميّة لرتفع بذلك نفقات الأجور بشكل ملحوظ. أما اتصالات تونس فقد أكد وزير تكنولوجيا الاتصال منجي مرزوق في أحدى تصريحاته أن خسائر شبكة الهاتف الثابت في بلاده التابعة لشركة ''اتصالات تونس'' تقدّر بنحو 100 مليون دينار (64.516 مليون دولار أميركي) سنوياً. وتبقى هذه الشركات الوطنية في حاجة الى وضعها على المدار الصحيح لتكون المزوّد الرسمي لموارد الدولة عبر توفير كل الظروف المطلوبة وتذليل ما تعانيه من صعوبات حتى لا تكون تونس في حاجة الى الاقتراض بشكل كبير وإن وجد فإنه يخصّص للتنمية لا للنّفقات مثلما هو الحال منذ سنتيْن. ◗جمال الفرشيشي معطيات لها دلالات قامت "الصباح الأسبوعي" بجمع عدة معطيات عن الشركات الوطنية التي تناولتها في الموضوع لإبراز سبب ما تمرّ به من صعوبات والتحول الحاصل فيها خلال السنوات الثلاث الأخيرة. فسفاط قفصة: خسارة تقدر ب 15 مليون دينار، بها 27 ألف(عمال وموظفين)حاليا بعد ان كان عدد المشتغلين مستقرا في حدود 4892 سنة 2010 . المجمع الكيميائي: خسارة تقدر ب150 مليون دينار، يشغل حوالي 8 ألاف عامل؛ وقد ارتفع سقف الانتدابات بالمجمع إلى الضعفين خلال العامين الأخيرين وإلى حدود الثلاثية الأولى من سنة 2013. الخطوط التونسية: خسارة تقدر ب400 مليون دينار، تشغل حوالي 8.400 عون من المنتظرأن يتمّ تسريح 1700 خلال 2014 و2015 بالإضافة الى خروج 300 آخرين لبلوغهم السن القانونية للتقاعد. الشركة التونسية للكهرباء والغاز: بلغت مديُونيتها حتى اكتوبر من السنة الجارية 530 مليون دينار، بها قرابة 12.500 عامل وموظف بعد ان كانوا في حدود 9.700 في سنة 2010 . اتصالات تونس: تقدر خسائر شبكة الهاتف الثابت في تونس بنحو 100 مليون دينار (64.516 مليون دولار أميركي) سنوياً، تشغل الشركة أكثر من 8.000 عامل وتتموقع في كافة الولايات بتركيز 24 إدارة جهويّة و أكثر من 80 وكالة تجاريّة ونقطة بيع. كما أبرمت اتفاقيات لإحداث أكثر من 13 ألف نقطة بيع خاصة. وللتذكير فقد بلغ عدد مشتركي الهاتف لاتّصالات تونس أكثر من 6 ملايين منخرط في الهاتف القار والجوال.