وزيرة التربية: تم صرف مستحقات كل المتعاقدين    المراقبة الاقتصادية بولاية تونس تضبط برنامج عمل خصوصي خلال فصل الصيف    سيدي بوزيد: تراجع عدد الأضاحي إلى 110 آلاف رأس    الترجي يُحيل أصيل النملي على لجنة التأديب    أنس جابر في ربع نهائي رولان غاروس للتنس    طقس الليلة.. سحب كثيفة مصحوبة بأمطار    القلعة الصغرى: الاحتفاظ ب3 عناصر إجرامية مفتش عنها    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    رياح قوية الليلة وغدا بهذه المناطق..    وزارة الأسرة: معاينة ممارسات مخالفة للقانون في بعض التظاهرات الاحتفالية ببعض مؤسسات الطفولة    وفاة المخرج محمد أمين الزيادي..#خبر_عاجل    المخرج التونسي الشاب محمد أمين الزيادي في ذمة الله    انجاز مآوي ذات طوابق بتونس العاصمة: مشروع مكبل منذ عشر سنوات    للحد من ظاهرة الغش في الامتحانات: وزارة التربية تمنع ارتداء الكوفية الفلسطينية    وزيرة التربية: لايمكن الحديث عن لوحات رقمية والمدارس تفتقر لمياه الشرب    في منتدى السي 0س 0س الغد …النادي وضع القدم الأولى على خارطة الطريق.    شركة اللحوم تشرع في بيع أضاحي العيد بداية من 8 جوان الجاري    ولاية تونس في المرتبة الأولى من حيث عدد حوادث المرور    كوريا الشمالية تُهدي جارتها الجنوبية 600 بالون نفايات    حسان غنّاي رئيسا للمجلس الجهوي بصفاقس    قربة: وفاة تلميذ ال13 سنة غرقا    بنزرت: وفاة اب غرقا في شاطئ سيدي سالم وإنقاذ طفليه الصغيرين    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    هذه الدولة تعتمد أول لقاح للسرطان في العالم    بعد زيارة الصين: رئيس الدولة يعود الى تونس..    خلال زيارته المكتبة الكبرى لشركة "هواوي": رئيس الجمهورية يهدي المكتبة مؤلفات تونسية (صور)    أفضل الخطوط الجوية لسنة 2024    أخبار الأولمبي الباجي: مباراة بلا رهان وبن يونس يلعب ورقة الشبان    في الصّميم :خوفا على ناجي الجويني    هزّة أرضية في المغرب    أحمدي نجاد يعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران    النادي الصفاقسي يطلق منتدى للتشاور مع احبائه ومسؤوليه السابقين    ايقاف 22 محتجا خلال تظاهرة داعمة للفلسطينيين في متحف بنيويورك    مدير عام منظمة الصحة العالمية.. الجائحة التالية ليست سوى مسألة وقت    انقسامات داخلية حادة تهز الاحتلال حول خطة بايدن لإنهاء الحرب    برنامج الغذاء من أجل التقدم 110 مليون دينار لدعم إنتاج التمور في تونس    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    العجز المسجل في الاموال الذاتية لشركة الفولاذ بلغ قرابة 339 مليون دينار خلال 2022..    أمطار الليلة بهذه المناطق..    تحذير طبي: الوشم يعزز فرص الإصابة ب''سرطان خطير''    وزارة الداخلية :بلاغ مروري بمناسبة دربي العاصمة بين النادي الافريقي والترجي الرياضي    إستقرار نسبة الفائدة عند 7.97% للشهر الثاني على التوالي    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    بداية من اليوم: اعتماد تسعيرة موحّدة لبيع لحوم الضأن المحلية    عاجل/ الهلال الأحمر يكشف حجم المساعدات المالية لغزة وتفاصيل صرفها    تجربة أول لقاح للسرطان في العالم    حريق ضخم جنوب الجزائر    أنس جابر معربة عن حزنها: الحرب في غزة غير عادلة.. والعالم صامت    وزير الصحة : ضرورة دعم العمل المشترك لمكافحة آفة التدخين    قتلى في موجة حر شديدة تضرب الهند    اتحاد الفلاحة: هذه اسعار الأضاحي.. وما يتم تداوله مبالغ فيه    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    غمزة فنية ..الفنان التونسي مغلوب على أمره !    البرلمان : جلسة إستماع حول مقترح قانون الفنان و المهن الفنية    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الديبلوماسي أحمد بن مصطفى يكتب لل"الصباح نيوز" عن دور الديبلوماسية التونسية في خدمة الامن القومي
نشر في الصباح نيوز يوم 17 - 12 - 2013

خصّ أحمد بن مصطفى دبلوماسي وسفير سابق "الصباح نيوز" بمقال تحليلي حول دور الدبلوماسية في خدمة الأمن القومي التونسي
وقدم بن مصطفى في الجزء الأول من المقال تحليلا لأهميّة الدور الموكول للدبلوماسيّة في الدفاع على الأمن القومي التونسي المهدد بسبب تدهور الأوضاع السياسيّة والأمنيّة بليبيا وبدول عربية وافريقية أخرى وكذلك بسبب توظيف هذه الأوضاع من قبل بعض الأطراف الداخلية والخارجية لمحاولة تفويض أمن واستقرار تونس وتغيير النمط المجتمعي التونسي في أساسياته وخياراته الاستراتيجية الجوهرية منذ الاستقلال .
أما الجزء الثاني من هذا المقال فخصصه لاستعراض الجهود المبذولة من قبل المجموعة الدولية وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لمعالجة الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة بليبيا بما يخدم مصالحها والخطوات العمليّة التي يمكن للدبلوماسيّة التونسيّة اتخاذها بالتعاون مع الدول العربية والإسلامية وشركائها الاستراتيجيين لإعادة الأمن والاستقرار الى ليبيا والى المنطقة وفقا لما يخدم مصالحها الذاتية وحاجيات تونس ودول المنطقة في الحفاظ على أمنها ومصالح شعوبها .
وفي ما يلي النص الكامل للمقال :
في الوقت الذي تتفاقم فيه مخاطر الإرهاب ، الذي تحوّل الى المصدر الأساسي لتهديد أمن تونس واستقرارها وتجربتها الناشئة للانتقال الديمقراطي ، لابد من التفكير الجماعي في سبل تفعيل دور الدبلوماسيّة التونسيّة في خدمة الأمن القومي التونسي بمفهومه الشامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي مواجهة التهديدات التي تتربص ببلادنا ، وتستهدف تقويض كيان الدولة التونسيّة والنمط المجتمعي والحضاري التونسي في خياراته وتوجهاته الأساسيّة بعد الاستقلال .
أهميّة العمل الدبلوماسي في مكافحة الإرهاب بحكم ارتباطه بالخارج
لا شك ان التحدي الارهابي المفروض على تونس هو امتداد لظاهرة عالمية قديمة تعددت خلفياتها السياسية و العقائدية ، و قد تزامن انتشارها في الخليج وشمال افريقيا بداية التسعينات مع اندلاع حرب الخليج الأولى ضد العراق وبروز تنظيم القاعدة ثم الحرب الأهلية في الجزائر ، التي ظلت معزولة نسبيا رغم انعكاساتها السلبية على الأوضاع الأمنية الإقليمية خاصة في منطقة الساحل الإفريقي . لكنّ اندلاع الحرب الأمريكية الغربية على الإرهاب سنة 2001 المتبوعة بالغزو الأمريكي لأفغانستان ثم العراق ساهم في اتساع العنف المضاد المستبغ بالتطرف الديني الذي رفع بقيادة تنظيم القاعدة راية الجهاد ضد الاحتلال الأمريكي الغربي لدول عربية وإسلامية بحجة مقاومة الإرهاب وضد النظم العربية المتهمة بدعم ما سمّي بالحملة الصليبية ضد الإسلام . ورغم الطابع الدموي لهذه المواجهة ، فقد ظلت تونس ومنطقة الشمال الإفريقي عموما في منأى نسبيا عن العنف الدموي المرتبط بالحركات الدينية المتطرفة خاصة بعد انتهاء الحرب الأهلية في الجزائر وانحصار العنف في حدوده الدنيا بعد انجاز المصالحة واستعادة السلطة المركزية سيطرتها على البلاد .
إلاّ أن التحولات الحاصلة بعد اندلاع الثورات العربية وسقوط الأنظمة المستبدة بتونس ومصر وليبيا هيّأ الظروف الملائمة لعودة الحركات الإسلامية لتصدر المشهد السياسي العربي ، كما أدى الى اضعاف أجهزة الدولة الأمنية أو حتى انهيارها خاصة في ليبيا مما هيّأ الأجواء الملائمة للحركات والتيّارات الدينية السلفية غير المؤمنة بالانتقال الديمقراطي للتموقع والتوسع وإعادة تنظيم صفوفها والتنسيق في ما بين فروعها المحليّة تمهيدا للاستيلاء على السلطة في المنطقة وفرض أسلوبها في الحكم المستند الى "الشريعة الإسلامية" وذلك كبديل للدول "العلمانية" المستندة الى القوانين الوضعيّة والمدنيّة .
ولهذه الأسباب فإنّ التطرّف والإرهاب الذي تواجهه تونس اليوم غير مسبوق من حيث خطورته بحكم تحوّله الى ظاهرة إقليميّة عابرة للحدود واستغلاله لحالة الانهيار المؤسّساتي والأمني وانتشار فوضى السلاح بعد سقوط العقيد القدافي وكذلك صعود الحركات الإسلاميّة الى السلطة مما أتاح له الفرصة لأوّل مرة للتغلغل بقوة بتونس وليبيا ومصر والانتقال الى مرحلة المواجهة المسلّحة المباشرة ضد ما يعتقد أنّها نظم كافرة ومعارضة للإسلام.
تحول ليبيا إلى المصدر الأساسي لتهديد أمن واستقرار تونس و دول المنطقة
واعتبارا لارتباط هذا التحدّي المصيري بعوامل ومؤثرات خارجيّة تتعلق بالمحيط الجغرافي المباشر لتونس وتحديدا الأوضاع غير المستقرة بليبيا اضافة الى الحرب الأهليّة في سوريا والأوضاع في الدول العربية الأخرى التي شهدت ثورات على الأنظمة المستبدة ، وعلاقاتنا بالقوى العظمى وتركيا وبدول المشرق والخليج المؤثرة في المشهد الليبي والتونسي فضلا عن الحروب الدائرة في افريقيا واليمن ضد المنظمات الارهابيّة المستبغة بالتطرف الديني وعلى رأسها تنظيم القاعدة وتفرعاته المحلية ، فإن الدبلوماسيّة التونسيّة مدعوة في هذه المرحلة المفصليّة من تاريخ تونس للاضطلاع بدور حيوي متعدد الأبعاد يشمل الدبلوماسيّة الوقائيّة والعمل الاستقصائي التشخيصي والاستشرافي لمصادر التهديد الخارجيّة وكذلك مصادر التهديد الداخليّة ذات المنشأ الخارجي ، وسبل التعاطي معها وتحييدها والقضاء عليها في إطار التعاون المتعدد الأطراف على كافة الأصعدة الثنائيّة والدوليّة والإقليميّة .
والملاحظ في هذا الصدد ان الحرب على الإرهاب لا يمكن أن تقتصر على المواجهات العسكريّة والأمنيّة الدائرة حاليا في عدة مناطق من البلاد ضد مجموعات متطرفة ومدربة على فنون القتال في بؤر ارهابية مثل العراق ومالي وأفغانستان والساحل الإفريقي والمستندة الى شبكات تمويل وإسناد خارجيّة وداخليّة ، بل يجب أن تتدعم بعمل دبلوماسي وعمل استخباراتي داخلي وخارجي يستهدف بالأساس الى محاصرة الارهاب في الداخل والخارج وقطع خطوط اتصاله وإمداده الخارجيّة وإبعاده عن المناطق الحدوديّة حتى يتسنى القضاء نهائيا على المجموعات الإرهابية العاملة بتونس ومنع إعادة تشكيلها . ويتطلب ذلك التعاون على الصعيد الاقليمي مع الدول العربية و الافريقية المحيطة بليبيا وعلى الصعيد الدولي مع الدول الشقيقة والصديقة وتفعيل اتفاقيات التعاون المشترك الثنائية والمعاهدات الدولية المتعلقة بمقاومة الإرهاب والعمل الجماعي على تشخيص هذا الخطر الداهم بكافة ابعاده ، والقضاء عليه خارج حدود الوطن ، والسعي الى قطع مصادر تمويله وتجهيزه بالعتاد العسكري وتحصين الشباب التونسي من الانخراط في مخططاته والحيلولة دون انتشاره الفكري والعقائدي.
كما يتعين أن تعمل الدبلوماسية التونسية على الصعيد الخارجي لمعاضدة الجهود الأمنية والاستخباراتيّة الرامية الى تفكيك مراكز التدريب وقنوات الانتداب والتجنيد المسؤولة على تغذيّة الإرهاب في تونس وإقحام الشباب التونسي من منطلقات عقائديّة في الحروب الدائرة في سوريا والعراق ومالي وغيرها من بؤر التوتر في العالم .هذا ويتعين على الدبلوماسية التونسية انسجاما مع السياسة الحكومية بالقضاء على الارهاب التحرك لمحاصرة مصادر التمويل الخارجية للأطراف التونسية التي ثبت تواطئها مع المجموعات الإرهابيّة العاملة بتونس والتعامل مع الجهات الخارجية الداعمة للإرهاب كأطراف معادية لبلادنا باعتبار أنها تسعى الى تقويض الأمن القومي التونسي وفرض تطبيق مفهومها الخاص للشريعة بتونس بقوة السلاح على انقاض الدولة الوطنية التونسيّة وعلى حساب الشعب التونسي المستهدف في بلده ككيان حداثي مستقل وفي انموذجه الحضاري ومكاسبه وتجربته الديمقراطية الرائدة والفريدة في العالم العربي .
والجدير بالذكر أن المخاطر التي تتهدد الأمن القومي التونسي لا تقتصر على التهديدات الوجوديّة التي تتربص ببلادنا وبالنمط المجتمعي والخيارات الحضاريّة التي ارتضاها الشعب التونسي لنفسه بعد الاستقلال بل تشمل أيضا الأمن القومي الاقتصادي المرتبط بعلاقات تونس الخارجيّة في المجالات التنموية والتجارية والاستثمارية والمالية بحكم اعتماد تونس على نمط تنموي يقوم على جلب الاستثمارات الخارجيّة وتشجيع الصادرات والنهوض بالقطاعات الخدميّة كالسياحة المرتبطة بالأسواق الخارجيّة فضلا عن الاعتماد على القروض والتمويلات الخارجيّة لتمويل الاقتصاد التونسي والحفاظ على التوازنات المالية للبلاد . ومن هنا تبرز أهميّة ومحوريّة الدور الموكول للدبلوماسيّة التونسيّة للإسهام في بلورة السياسات وسن الخيارات الكفيلة بمعالجة هذه الملفات بما يخدم أمن تونس ومصالحها العليا حاضرا ومستقبلا .
أهميّة تركيز الدبلوماسيّة التونسيّة على معالجة تدهور الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة في ليبيا
وبطبيعة الحال لا يتسع المجال لتناول كل هذه الجوانب المتداخلة في اطار هذا المقال الذي سنركز فيه على الأمن القومي السياسي المتصل بمحيطنا الجغرافي القريب وبدول الجوار ذات التأثير المباشر على مقومات الأمن والاستقرار بتونس لاسيما في ظل التطورات التي يمر بها الوضع الداخلي في ليبيا بعد سقوط نظام العقيد القدافي والانعكاسات السلبية الملموسة والخطيرة لهذا الانهيار على الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة والاقتصاديّة بتونس .
وتجدر الإشارة الى أن ليبيا أصبحت المصدر الأساسي لتهريب الأسلحة للمجموعات الارهابيّة بتونس التي تتخذ من التراب الليبي ملاذا لها ولقياداتها ، كما تشكل ليبيا بحكم ضعف سيطرة السلطة المركزيّة مرتعا للشبكات التي تعمل على تجنيد وتدريب الارهابيين وإدخالهم الى تونس لتنفيذ مخططاتهم الاجرامية واستقطاب الشباب التونسي للقتال في سوريا لحساب تنظيم النصرة القريب من القاعدة وكل ذلك في أطر منظمة وحلقات مترابطة تحظى بدعم من أطراف خارجيّة لها امتدادات داخل تونس وبعدة دول محيطة بسوريا وخاصة منها تركيا.
ومن هذا المنطلق تبرز أهميّة دخول الدبلوماسيّة التونسيّة على الخط لمعالجة العلاقات والأوضاع في ليبيا كأولويّة قصوى والعمل على استعادة الأمن والاستقرار وسيطرة الدولة الليبية على كافة أرجاء البلاد و على المناطق الحدوديّة مع تونس والجزائر حتى يتسنى محاصرة المجموعات الارهابيّة وقطع خطوط امتدادها وبالسلاح وشل حركة المجموعات الارهابيّة وتجفيف منابعها للحيلولة دون تحوّل المواجهة معها الى حرب استنزاف لقواتنا المسلحة ولأجهزة الأمن التونسيّة لاسيما وان الاستراتيجيّة الأمنيّة والدفاعيّة لتونس كانت على الدوام ذات طبيعة وقائية واستباقية تقوم على درء المخاطر ومحاصرتها خارج الحدود وعدم السماح لها باختراق الوطن من الداخل والمساس بالنسيج المجتمعي التونسي وبالوحدة الوطنية لبلادنا . لكن هذه الاستراتيجية أضحت اليوم بحاجة الى المراجعة وفقا للواقع الجديد الذي تعيشه تونس والمنطقة ونجاح الإرهاب في التغلغل الى التراب التونسي ودخوله في مواجهة مفتوحة مع الدولة والشعب بغرض تغيير النمط المجتمعي والسياسي بتونس بقوة السلاح .
ونظرا للأوضاع الهشة التي تمر بها ليبيا وبروز مخاطر تفكيك الكيان الليبي و تقسيمه فإن الدبلوماسيّة التونسيّة مدعوة للتحرك على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي وبالتعاون مع السلطة الليبية الحاكمة ومع الدول العربيّة والإفريقيّة الأخرى المجاورة لليبيا حتى يتسنى معالجة الأوضاع في ليبيا بما يخدم الحفاظ على الوحدة الوطنية والترابية الليبية ويؤدي الى اعادة بناء الدولة الليبية لجعلها قادرة على تحمل مسؤولياتها في السيطرة على كافة ارجاء البلاد وعلى حدودها والقضاء على المجموعات والشبكات الارهابية التي تتخذ من التراب الليبي منطلقا لتهديد أمن واستقرار بلدان الجوار وخاصة تونس .
وقد يتطلب الأمر السعي في إطار الأمم المتحدة والجامعة العربية ومنظمة الوحدة الافريقية الى بلورة الصيغ الممكنة لتحقيق هذه الأهداف بالاعتماد أساسا على مساهمة الدول العربية والإفريقية الأخرى المحيطة بليبيا المهددة في أمنها ومع السلطة المركزية الليبية المدركة لمحدودية امكانياتها للسيطرة على الوضع داخل ليبيا مما قد يدفعها الى طلب السند الخارجي لاسيما في ظل تفاقم مظاهر الفوضى الأمنية وفقدان السلطة المركزية لقدرتها على التحكم في موارد البلاد النفطيّة فضلا عن بروز نزعات انفصالية قد تؤدي الى تقويض الوحدة الوطنية والترابية بليبيا .
وتجدر الإشارة في هذا الصدد الى التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الليبي علي زيدان التي حذر فيها من تدخل القوى الأجنبية في حالة استمرار الفوضى المسلحة في البلاد مما يؤكد أن السلطة المركزية بليبيا مدركة بأنها قد تضطر الى الاستنجاد بالمساعدات الأمنية والعسكرية الخارجية لتحقيق الحد الأدنى من الاستقرار الداخلي ومن مقومات السيادة وخاصة بسط سيطرتها على الحدود والتحكم في المجموعات التي تتحدى الدولة الليبية وتهدد أمن الدول المجاورة لها.
وبطبيعة الحال لا بد أن يشمل هذا التحرك التعاون والتشاور الدبلوماسي مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة لمعالجة الأوضاع في ليبيا لاسيما في ظل الدور المركزي الذي لعبته هذه الأطراف في اسقاط النظام الليبي بقوة السلاح وما ترتب عن ذلك من انعكاسات سلبية على الأمن والاستقرار داخل ليبيا وبدول الجوار وكذلك على الصعيد المتوسطي والإقليمي والدولي .
كما أن الحرب الأهلية في ليبيا تسببت في نزوح عدد كبير من الليبيين الى تونس ومن الصعب التنبؤ بتبعات هذا الوجود الليبي المكثف بتونس الذي يتجاوز النصف مليون نسمة خاصة وإنه مكون في جانب منه من أتباع نظام العقيد القذافي الذين يبدو أنهم لم يفقدوا الأمل في امكانية التموقع من جديد على الساحة السياسية بليبيا .
تدهور الأوضاع السياسيّة بليبيا ودور الدبلوماسيّة التونسيّة
ولاشك ان استمرار تدهور الأوضاع السياسيّة بليبيا، رغم الجهود المبذولة من قبل الحكومة الليبيّة بدعم من المجموعة الدوليّة وخاصة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكيّة لمعالجة المشاكل الأمنية ، وبسط سلطتها على كافة أرجاء البلاد وتأمين حدودها ، يفرض على الدبلوماسيّة التونسيّة الانخراط في هذا الحراك الدولي الذي لم ينطلق من فراغ بل جاء تفاعلا مع تقارير ودراسات أمنيّة غربيّة أعطت صورة قاتمة عن الوضع الحالي بليبيا وآفاق تطوره الذي أصبح في صلب اهتمامات وانشغالات المجموعة الدوليّة .
إلاّ أن الدبلوماسيّة التونسيّة مدعوة للتحرك والتنسيق مع هذه الأطراف الدوليّة الفاعلة على الساحة الليبيّة والقيام بمبادرات وخطوات محددة و مدروسة بالتعاون مع الدول العربية والإفريقية المعنية وذلك وفقا لمقاربة جديدة تعطي الأولويّة للدفاع عن مصالح تونس الذاتيّة الأمنية منها والسياسية والاقتصادية لاسيما وأنها من أكثر البلدان تضررا من انهيار الأوضاع بليبيا التي لا يبدو أنها مرشحة لاستعادة مقومات الأمن والاستقرار في الأمد المنظور .
الأوضاع غير المستقرة بليبيا في صدارة انشغالات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
لا بد من الإشارة الى أن تردي الأوضاع الأمنيّة والسياسيّة في ليبيا بعد انهيار النظام الليبي تحت الضربات العسكريّة للحلف الأطلسي لم يكن مفاجئا بل كان متوقعا ، خاصة اذا أخذنا بعين الاعتبار أن العقيد القذافي عمل منذ صعوده الى الحكم على ازالة مؤسسات الدولة الليبيّة السياسيّة والأمنيّة والدفاعيّة وأحل محلها منظومة حكم فرديّة وعشائريّة تدين له بالولاء المطلق . وهكذا أصبح مصير ليبيا مرتبطا بمصير قائدها الأوحد وهو ما يفسر انهيار البلاد بمجرد سقوط قيادتها مما أدى الى الفراغ المؤسساتي والى الفوضى المسلحة فضلا عن بروز مخاطر الانقسام وتفكك البلاد على أسس قبلية وعرقية في ظل صراع المصالح الخفي بين القوى العظمى حول ثروات ليبيا النفطية .
ويجدر بالتذكير أن تونس لعبت بطلب من المعارضة الليبية والتحالف الغربي المساند للانتفاضة الشعب الليبي دورا هاما في المساعدة على اسقاط نظام العقيد القذافي بوقوفها الى جانب الشعب الليبي وسماحها بمرور المساعدات العسكريّة الى المعارضة المسلحة دون التحسب الى امكانيّة أن يرتد الوضع الليبي سلبا بسبب الفوضى المسلحة التي أعقبت الثورة واستغلال الحركات المتطرفة والأطراف الخارجيّة الداعمة لها لهذا الوضع لخدمة مخططاتها الاجراميّة ضد تونس وليبيا وضرب الأمن والاستقرار بالمنطقة .
ومع ذلك فقد سارعت دول التحالف الغربي المساهمة في اسقاط النظام الليبي الى عقد مؤتمر وزاري دولي في سبتمبر 2011 لمعالجة الأوضاع الأمنية المتردية التي أعقبت الحرب مركزة على مخاطر تهريب الأسلحة وتحول ليبيا الى مصدر تهديد للأمن والاستقرار خاصة على الصعيد الإقليمي والمتوسطي . إلاّ أن هذه الجهود لم تحقق النتائج المرجوة بل أن الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا ازدادت تدهورا خلال العامين الماضيين مما دفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الى التحرك من جديد في مطلع السنة الجارية لاتخاذ تدابير إضافية بهدف مساعدة الحكومة الليبية في المجالات الأمنية والدفاعية .
المساعدات الأمنية الأمريكية لتونس وليبيا
وقد أكدت الولايات المتحدة ، خلال الزيارة التي أداها مؤخرا الى تونس قائد قوات "الأفريكم" الجنرال رودريقاز أهميّة تفعيل التعاون الاقليمي والدولي لمعالجة المخاطر الأمنية المرتبطة بالأوضاع في ليبيا مشددا على التزام الولايات المتحدة " بمساعدة تونس على مقاومة الارهاب بمدها بالتجهيزات اللازمة وتكوين الاطارات ، والمساعدة على مراقبة الحدود ومقاومة التهريب خاصة في مجال الأسلحة ".
وتشير هذه التصريحات الى الدور الأساسي الذي تضطلع به الولايات المتحدة في المجال العسكري بليبيا المندرج في إطار مخططاتها لمقاومة الإرهاب في افريقيا الموكولة للقوة الخاصة المشكلة لهذا الغرض سنة 2007 وهي"الأفريكم"مع الإشارة الى التصريحات الصادرة عن بعض الرسميين الليبيين المؤكدة على الطابع الاستراتيجي لهذا التعاون المستند الى اتفاقيات مبرمة بين البلدين تشمل حماية الحدود الليبيّة فضلا عن مساعدة ليبيا بالتجهيزات والتكوين والسيطرة على الحدود وعلى المجموعات المسلحة الخارجة عن سلطة الدولة .
التعاون الأمني بين ليبيا والاتحاد الأوروبي
والملاحظ أن نفس هذه الأهداف تلتقي مع القرارات الصادرة عن "الندوة الوزاريّة الدوليّة لدعم ليبيا في المجالات الأمنيّة والقضائيّة وبناء دولة القانون" المنعقدة بباريس بتاريخ 12 فيفري 2013 التي جددت التأكيد على توصيات دورتها الأولى المنعقدة بباريس في سبتمبر 2011 التي كانت قد أعطت الأولويّة أيضا لانجاز سلسلة من الخطوات الداعمة لجهود ليبيا في » ادارة مندمجة لحدودها « بمساعدة من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك العالمي وصندوق النقد الدولي على أساس توزيع الأدوار ( الحدود ، الأمن ، الاقتصاد ، المالية العموميّة والمجتمع المدني ) .
و رغم تضافر الجهود الأمريكيّة الأوروبيّة فإن الأوضاع الأمنية بليبيا لم تشهد التحسين المأمول بل ازدادت تعقيدا وفقا لتقرير سري صادر مؤخرا عن الدبلوماسية الأوروبية وتم الكشف عنه من قبل الموقع الالكتروني Mediapart، وبسبب هذا التدهور الأمني قرر الاتحاد الأوروبي استحداث فريق عمل جديد باشر مهامه بطرابلس خلال شهر جوان 2013 وهو مكلف ضمن وظائفه الرئيسيّة بتقديم الدعم الميداني للسلطة الليبية في مجال التكوين للفرق الأمنية المكلفة بحراسة الحدود البريّة والبحريّة علما أن الغاية القصوى للأطراف الغربية المذكورة تبقى منحصرة بالدرجة الأولى في خدمة مصالحها الاستراتجية والأمنية والاقتصادية بليبيا والتوقي بصفة خاصة من الهجرة غير منظمة باتجاه اوروبا ومن مخاطر انتشار السلاح ومكونات أسلحة الدمار الشامل الموجودة بليبيا التي يخشى من احتمال تهريبها واستعمالها من قبل المنظمات الارهابية في عماليات معادية للغرب .
كما أن نفس هذا التقرير كشف عن أن الوضع في المناطق الحدودية مع تونس يبعث عن الانشغال لأنها لا تخضع للسلطة المركزية بل الى أمنيين وعسكريين تابعين للكتائب الثورية أو لبعض المجموعات المسلحة المحلية . ويشير التقرير أيضا الى أن العدد الجملي للمسلحين غير النظاميين بليبيا يصل الى 240 ألف رجل ، ويتعذر على الحكومة الليبية ازالة أسلحتهم بالقوة أو ادماجهم كليا بالأجهزة النظامية . كما يؤكد التقرير تغلغل تنظيم القاعدة في منطقة المغرب العربي بالأراضي الليبية وخاصة بالجنوب الغربي .
وهكذا يتضح أنه لا يمكن لتونس أن تعول فقط على التعاون الأمني بين ليبيا والأطراف الغربية المشار إليها لتأمين حدودها ومصالحها والتوقي من المخاطر المرتبطة بتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية بليبيا وعدم قدرة السلطات الليبية على السيطرة في الأمد المنظور على حدودها والحيلولة دون مواصلة تهريب الأسلحة الى تونس فضلا عن عدم قدرتها على قطع الدعم المتدفق من الأراضي الليبية للخلايا الارهابية التي تعمل على تقويض الأمن والاستقرار بتونس .
و اذا كانت الأوضاع السياسية والأمنية المتدهورة بليبيا وفي المناطق الحدودية مرشحة للاستمرار لفترة طويلة كما هو مرجح للأسباب المذكورة ، فإنه يمكن للدبلوماسية التونسية المساهمة بفاعلية في مواجهة التهديد الارهابي المتربص ببلادنا والحد من مخاطره وعزله عن شبكات امداده من الخارج وذلك من خلال خطة تحرك على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي تشمل التنسيق مع الدول العربية والإفريقية المعنية بالخطر الليبي وأيضا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لاسيما وأن هذه الأطراف أصبحت مدركة لضرورة اشراك الدول المجاورة لليبيا في برامج العمل المتفق عليها مع الحكومة الليبية في المجال الأمني. إلاّ أن تونس مدعوة من خلال هذا التحرك للدفاع عن أولوياتها ومصالحها الذاتية التي لا يمكن أن تقتصر على معالجة المشاكل الحدودية بل يجب أن تهدف أساسا لاستعادة مقومات الأمن والاستقرار بالمنطقة عبر سلسلة من التحركات والمبادرات الملموسة الموجهة لتحقيق الأهداف التالية :
السعي لاستعادة تونس والدول العربية والجامعة العربية والاتحاد الإفريقي لدورهم في معالجة الملف الليبي بكافة أبعاده الأمنية والاقتصادية والإنسانية علما أن غياب هذا الدور لم يعد مبررا بعد الحرب لاسيما في ظل التدهور المتواصل للأوضاع بليبيا على حساب أمن واستقرار شعوب المنطقة . والملاحظ ان تونس و الدول العربية والإفريقية المحاذية لليبيا لم يقع تشريكها في ندوة باريس المنعقدة في فيفري 2013 لبحث القضايا المصيرية الامنية والسياسية المتصلة بليبيا و البلدان المجاورة التي يفترض ان تشارك بفاعلية في مثل هذه التظاهرات للدفاع عن مصالحها .
العمل على المساهمة الفاعلة في الندوات الدوليّة المقبلة المزمع عقدها بخصوص ليبيا وفقا لما ورد في البيان الختامي لندوة باريس مع السعي لتوسيع دائرة اهتمام هذه الندوات لتشمل ملفات التنميّة الاقتصاديّة والاجتماعيّة واستعادة ليبيا لثرواتها النفطيّة وأموالها المنهوبة المودعة بالخارج وكذلك مساعدة ليبيا على الحفاظ على سلامة أراضيها ووحدتها الترابيّة إزاء النزعات الانفصالية المشار إليها سابقا .
السعي لمساعدة السلطة المركزية الليبية على استعادة الأمن والاستقرار في البلاد حتى يتسنى لها السيطرة على كافة أرجاء البلاد والمناطق الحدودية ، وتحييد المجموعات العسكرية التي ترفض الاندماج أو الخضوع لسلطة الدولة وكذلك وضع حد لفوضى انتشار السلاح وتهريبه باتجاه الدول المجاورة . ولهذا الغرض يمكن النظر بالتعاون مع الحكومة الليبية والدول العربية والإفريقية المجاورة والمجموعة الدولية في تشكيل قوة لحفظ السلام بليبيا وتكليفها بمساعدة السلطات الشرعية على تجميع السلاح ونزعه من أيادي المجموعات المتمردة وتفكيك القواعد الخلفية وشبكات الاتصال والتمويل التي تغذي الارهاب على الصعيد الإقليمي وداخل الأراضي التونسية .
السعي للقضاء على شبكات التمويل التي تعمل على تغذية الارهاب بتونس من خلال التحرك باتجاه الدول والأطراف العربية والدولية المعنية حتى يتسنى قطع المصادر الممولة للجمعيات المحلية التي ثبت تورطها في تجنيد الشباب التونسي وإرساله للقتال بسوريا وغيرها من بؤر الصراع ، كما ثبت تورطها في المساعدة على الانتشار الفكري والعقائدي للتطرف الديني بتونس . هذا الى جانب التحرك باتجاه المؤسسات والمنظمات الدولية العاملة في مجال مقاومة مصادر تمويل الارهاب على الصعيد العالمي .
العمل على التحاق تونس والدول العربية والإفريقية المجاورة والمحيطة بليبيا بمجموعة الشركاء الرئيسيين لليبيا في المجال الأمني المكونة بمناسبة انعقاد الندوة الوزارية بباريس في فيفري 2013 والمدعوة للانعقاد بصفة دورية بطرابلس للتنسيق في مجال الأمني مع المسؤولين الليبيين .
العمل على تفعيل التزام الشركاء الدوليين لليبيا خلال ندوة باريس المذكورة بمساعدة الحكومة الليبية والدول المجاورة لها لمعالجة "المشاكل الأمنية الخطيرة" القائمة في المناطق الحدودية كما ورد حرفيا في البيان الختامي للندوة الذي أشار الى وجود برنامج عمل للتنسيق العملياتي في مجال أمن الحدود تم اقراره خلال ندوة وزارية عقدت بطرابلس يومي 11 و 12 مارس 2012 .
العمل على تفعيل دور الدول العربية والإفريقية في مساعدة الحكومة الليبية على انجاز البرنامجين اللذين تم اقرارهما في ندوة باريس المنعقدة في فيفري 2013 وهما برنامج تنميّة الأمن الوطني الليبي وبرنامج تنميّة القضاء ودولة القانون المزمع انجازهما بمساعدة الشركاء الدوليين الممثلين للحكومات والمنظمات الاقليمية والدوليّة .
السعي بالتنسيق مع الدول العربية والإفريقية والأطراف الدولية على تفعيل ما ورد في ندوة باريس المذكورة من ضرورة مساعدة الحكومة الليبية على معالجة الأولويات وتجسيد خياراتها الأمنية مع تعزيز الانتقال الديمقراطي وتحقيق انجازات ملموسة لفائدة الشعب الليبي في مجال بناء الدولة الحديثة وذلك بالتشاور والتنسيق مع المجتمع المدني والهيئات التشريعيّة وكافة الهياكل الممثلة للشعب الليبي .
السعي بالتعاون مع الدول العربية والإفريقية وفرنسا للتسريع بتفعيل قرار انشاء قوّة افريقيّة للتدخل السريع الذي تم اقراره خلال القمة الفرنسية الإفريقية المنعقدة أخيرا بباريس والعمل على تطوير هذه الآلية بالتعاون مع الدول العربية للمساعدة على ملاحقة الحركات الارهابية وخاصة تنظيم القاعدة في منطقة الشمال الإفريقي ومنطقة الساحل الإفريقي الذي يسعى للتموقع والانتشار وتحقيق مخططاته مستغلا حالة الفراغ الأمني وفوضى السلاح السائدة خاصة بليبيا .
السعي لمساعدة الحكومة والشعب الليبي على تحقيق المصالحة الوطنية والسلم المدنية حتى يتسنى القضاء على فوضى السلاح وتمكين المغتربين الليبيين الموجودين بكثافة بتونس من العودة الى بلادهم والاندماج مجددا في المجتمع الليبي والمساهمة في إعادة بناء ليبيا على أسس ديمقراطيّة بما يخدم الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة .
إعادة النظر في الاستراتيجية الدفاعية والأمنية لتونس والعمل على تطوير التعاون مع شركاء تونس الرئيسيين ليتسنى تجهيز البلاد بالوسائل العسكرية والأمنية المتلائمة مع طبيعة التهديدات الجديدة التي تستهدف تونس ومصالحها الحيويّة .
اجراء حوار وطني حول القضايا الاستراتيجيّة الأمنية والدفاعيّة وتشجيع مبادرات المجتمع المدني في هذا المجال على غرار المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل .
وإجمالا لابد من التأكيد على أن فاعلية الحرب على الارهاب تبقى رهينة توفر جبهة داخليّة موحدة ومتضامنة كما أنها تحتاج الى ادراك جماعي من الطبقة السياسيّة بتونس لحجم وضخامة التهديدات الارهابية وضرورة التوصل الى رويّة موحدة حول السبل الكفيلة بالقضاء على هذه المخاطر لا فقط باللجوء الى الوسائل الأمنية والعسكرية بل أيضا بمعالجة أسبابها العميقة والتحرك تباعا على كافة المستويات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والتربويّة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.