أكّد مراد العمدوني النائب بالمجلس التأسيسي والناطق الرسمي وأحد أبرز قياديّي التيار الشعبي، أن حزبه والجبهة الشعبية رفضوا أن يكونوا شهود زور عندما رفضوا مساندة ترشيح مهدي جمعة كرئيس قادم للحكومة. وفي حديث أجراه مع الشقيقة «الصباح الأسبوعي» لم ينف ما راج في كواليس الحوار الوطني حول وجود شبهات لعقد صفقات حزبية بعيدا عن روح الحوار الوطني والتي كان هدفها تأمين توافق سياسي واسع بين مختلف الفرقاء. العمدوني تحدّث عن رغبة بعض وزراء «الترويكا» في البقاء في الحكم، وعن مستجدات اغتيال الشهيد محمّد البراهمي، وعن الدستور وموعد 14 جانفي القادمين. وفي ما يلي نص الحوار الذي أجرته الشقيقة "الصباح الأسبوعي" مع مراد العمدوني: ٭ هل تعتقد أن مهدي جمعة هو رجل المرحلة القادمة والقادر على إكمال الاستحقاقات الملحّة لهذه المرحلة الانتقالية؟ - حقيقة. لا أعتقد ذلك على اعتبارأن مهدي جمعة لم يحُز على القدر المطلوب من التوافق الذي يستجيب الى رهانات المرحلة، وكذلك لأنه قادم من حكومة توصف من الجميع بأنها حكومة «فاشلة» وهذا لا جدال فيه. ونحن سواء في التيارالشعبي أو في الجبهة الشعبية رفضنا رفضا قطعيا تزكية مهدي جمعة، وعبّرنا ل «الرباعي» عن ذلك؛ لكن كانت هناك إرادة لفرض سياسة الأمر الواقع والالتفاف على خارطة الطريق. وأمام التحديّات الموجودة ، فإنه من الصعب جدّا أن يتمكّن «جمعة» من تنفيذ بنود خارطة الطريق ما لم تكن له ارادة فعلية لذلك، ورغبة في تغليب المصلحة الوطنية على بعض المصالح لقوى سياسية معينة. ٭ هل تنفي أو تؤكّد ما يروّج هنا وهناك أن ل»الترويكا» الحالية رغبة مبيّتة في الإبقاء على بعض وزرائها في مناصبهم بدعوى استقلاليتهم الحزبية؟ طبعا. «الترويكا» لها رغبة حقيقية في بقاء وزرائها في حكومة «جمعة»؛ كما أن بعض الوزراء، وانطلاقا من مواقعهم السياسية، متشبّثون بالبقاء وعبّروا عن ذلك صراحة كبعض وزراء «حزبي المؤتمر» و« النهضة». ٭ بالنسبة إلى «الجبهة الشعبية» هناك من يتحدّث عن احتكار للقرارالحزبي والسياسي داخلها من طرف حزبي «العمال» و»الوطنيون الديمقراطيون»...فهل هذا صحيح؟ - لا. هذا الأمرلا أساس له من الصحة، فكل الأحزاب فاعلة ومؤثرة في القرار داخل الجبهة الشعبية، ونحن كتيار شعبي صوتنا مسموع وليس لدينا أي إحساس بغلبة حزب على حزب، بل لقد ساهمنا من موقعنا في التغييرأو التراجع عن بعض القرارات الهامة. ٭ الظهور الإعلامي المكثّف لحمّة الهمامي ومواقفه الحديّة والراديكالية، هناك من اعتبرها على بالإساءة على الجبهة وليس بالنفع، فما هو موقفك أنت من ذلك؟ - لا أحد بإمكانه التشكيك في التجربة السياسية والنضالية للرفيق حمّة الهمامي وجدارته بأن يكون أحد أبرز قياديّي الجبهة ، لكن تبقى الجبهة أكبر من جميع رموزها لأنها مشروع ورؤية يستندان إلى زخم الماضي النضالي وإلى الطموح السياسي لشبابها... ويبقى الظهورالإعلامي المكثّف من بين النقاط التي تجب مراجعتُها داخل الجبهة لأن الإعلام سلاح ذو حدّين ولا بدّ من وجود استراتيجية واضحة للتواصل من أجل تقديم صورة إيجابية تكون ضامنة لخدمة مشروعنا السياسي، ونحن داخل الجبهة نقيّم هذا الأمر ونسعى لرسم خطة ناجعة وناجحة ستظهر نتائجها في مستقبل الأيام. ٭ ما هو وزن «التيارالشعبي» اليوم شعبيا في تقديرك؟ - أوّلا،لا بدّ من التأكيد أن «التيار الشعبي» هو امتداد سياسي ونضالي لعدد من التنظيمات الحزبية والتجارب السياسية؛ فهو ليس وليد المرحلة الاّ كشكل تنظيمي، ورغم مختلف عوائق التأسيس وأبرزها اغتيال الشهيد محمّد البراهمي، لكن رغم ذلك تمكّنا بفضل الروح النضالية والتضحيات الشخصية لمناضلي الحزب من أن يكون لنا موقع مميّز داخل المشهد السياسي، وقد حققنا في فترة وجيزة انتشارا واسعا في مختلف الجهات في انتظارعقد اللجنة المركزية للحزب خلال الشهر القادم. وقد عملنا خلال الفترة الماضية على تنمية قدرات مناضلينا من خلال سياسية تكوينية مضبوطة. ٭ ماذا عن آخر المستجدات في قضية الشهيد البراهمي ؟ هل اتضحت لكم الرؤية الآن حول من فكّر ومن خطّط ومن نفّذ الاغتيال؟ وهل تأملون في كشف الحقيقة الكاملة يوما؟ - للأسف، قضية الشهيد، وفي ظل تورّط الحكومة الحالية بالتستّر أو بشبهة المشاركة ورغم سيل المعلومات التي بلغتنا وتأكّدنا من بعضها، فان كشف الحقيقة يحتاج إلى إرادة سياسية قوية والى قوة شخصية للقضاء التونسي في ظل وضع سياسي غير ملائم. الصورة باتت واضحة بالنسبة إلينا الآن، ونحن نعرف جيّدا الجهة التي وراء التخطيط والتنفيذ، فقط نحتاج الى تأكيد من الجهات الرسميّة ونترقّب إرادة سياسية لكشف الحقيقة التي تتوفّر عند وجود حكومة قوية ومحايدة فعليا، تمكّن القضاء من استقلاليته و تخلق جوّا آمنا يشجّع على الإصداع بالحقيقة. ٭ هل لديكم معلومات جديدة حول ملابسات الاغتيال؟ - ما يمكن أن نشير اليه هو ظهور بعض المعلومات الجديدة والمؤكدة خلال اليومين السابقين وسنمكن قاضي التحقيق منها متى استكملنا تجميع هذه المعلومات. ٭ المعلومات الجديدة، هل تؤكّد تورّط «أنصار الشريعة» في عملية الاغتيال؟ نحن على يقين أن المسألة أوسع وأبعد وأعمق من مجرّد اقتصارها على «أنصارالشريعة». ثمة أطراف أخرى مورّط منها أطراف سياسية. ٭ حدّد يوم 14 جانفي القادم كموعد نهائي لاستكمال كل المسارات ..هل تعتقد أن ذلك منطقي؟ لا أثق في هذه المواعيد في ظل غياب إرادة واضحة لدى بعض الأحزاب ومنها الحاكمة اليوم، مع أننا سنسعى لإنجاح هذه المسارات وفق خارطة الطريق. ٭ هل سنحظى بعد هذا المخاض العسير بدستور يليق بالثورة؟ - سنحظى بدستور معقول، لكن ليس دستور ثورة بأتمّ معنى الكلمة، وليس دستورا يستجيب الى تطلّعاتنا كتيار شعبي أو كجبهة شعبية. منية العرفاوي (الصباح الأسبوعي)