أكّد كمال العبيدي رئيس الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال أنّ الاستشارة الوطنية حول الإطار القانوني لقطاع الإعلام المنعقدة يومي 27 و28 أفريل المنقضي "أقصت أبرز الأطراف المعنية بالقطاع وهي "استشارة تفتقر للحياد والموضوعية وتحمل بذور الفشل"، وفق تعبيره. وقال العبيدي في المائدة المستديرة التي نظمها مجلس الهيئة الوطنية للمحامين اليوم الاربعاء بمكتبة المحامين بقصر العدالة بالعاصمة حول موضوع "أي حدود لحرية الصحافة في تونس ما بعد الثورة"، أن الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال طلبت من الحكومة إرجاء موعد هذه الاستشارة للاطلاع على التقرير النهائي الذي أعدته هيئة إصلاح الإعلام حول القطاع إلا أن الحكومة تغاضت عن هذا الطلب وأطلقت الاستشارة. وعبّر العبيدي عن استيائه لعدم جنوح الحكومة إلى التشاور والاطلاع على التجارب الديمقراطية في دول العالم في ما يخص قطاع الإعلام مشيرا إلى أن التأسيس لإعلام حر ومستقل يتطلّب المزيد من التفكير والتشاور مع كل الأطراف والابتعاد عن "أساليب التضليل ومغالطة الرأي العام". وبيّن رئيس الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال أنّ الإعلاميين اليوم تسكنهم، على حد قوله "تخوفات" بسبب "وجود مؤشرات تبعث على القلق وعدم الارتياح" على غرار "الاعتداءات المتكررة على الصحفيين والتعيينات على رأس المؤسسات الإعلامية دون الرجوع إلى أي آلية من آليات التعيين" مثل النظر في ملفات الترشح إلى هذه المناصب وتكوين لجان مستقلة لفحص هذه الملفات وإخضاع المترشح إلى اختبار أسئلة. ومن جهته تطرق أستاذ القانون رضا جنيح في محاضرته إلى علاقة الإعلام بالسلطتين التنفيذية والقضائية وشدد على ضرورة استقلالية الإعلام عن السلطة التنفيذية ليقوم بدور الرقيب ويضطلع بالنقد البناء إزاء عمل الحكومة قصد تنوير الرأي العام ونقل الصورة الحقيقية والواقعية للمواطن. وقال في هذا الصدد أنّ "الحكومة ارتكبت تجاوزا في إطلاقها لاستشارة بادر بها رئيس الحكومة المؤقتة" مضيفا "أنّ هذه المبادرة تعكس، حسب تعبيره "نية الحكومة تطويع الإعلام لمصلحتها، لان مراجعة قوانين القطاع الإعلامي يجب أن تكون عن طريق لجنة مستقلة ومختصة في مجال الحريات العامة والقانون الدستوري". وفي خصوص علاقة الإعلام بالقضاء بيّن جنيح، أن المرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر قد نزع الاختصاص من السلطة التنفيذية وأصبح الجهاز القضائي الجهاز الوحيد المؤهل للنظر في العقوبات المتعلقة بمهنة الصحافة. وأفاد أن هذا المرسوم يضمن حق الإعلامي في حرية التعبير من جهة وكذلك يؤمن حق الناس في حماية أعراضهم وحياتهم الخاصة وكذلك الحفاظ على النظام العام. وحول نفس الموضوع قال مختار الطريفي المحامي والحقوقي أن هذا المرسوم حظي بنقاش واسع ولا يزال إلى اليوم محل جدل كبير خلافا لبقية المراسيم الصادرة قبل 23 أكتوبر الماضي مشيرا إلى "أن الحكومة ترفض تطبيق هذا المرسوم النافذ المفعول منذ إدراجه في الرائد الرسمي بتاريخ 2 نوفمبر الفارط". وتمحور النقاش حول الدعوة إلى مراجعة المرسوم 115 نظرا لتضمنه لعدة ثغرات قانونية وافتقاره لمنهجية واضحة في الصياغة القانونية حسب رأي العديد من المتدخلين. (وات)