أصدر مجلس إدارة البنك المركزي التونسي المجتمع أمس الإربعاء بيانا حول فحوى اجتماعه الذي تمّ خلاله النظر في مستجدات الوضع الاقتصادي والمالي. وفي ما يلي نص البيان الذي تلقت "الصباح نيوز" نسخة منه : استعرض مجلس الإدارة في بداية أشغاله أهم مستجدات الظرف الاقتصادي الدوليالذي تميز، حسب آخر المؤشرات المتقدمة لمنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (OCDE)، بتواصل الانتعاشة تدريجيا في البلدان المتقدمة مقابل تفاوت في نسق النمو بين اقتصاديات البلدان الصاعدة. وفي ظل هذه التطورات، حافظت أهم البنوك المركزية على سياساتها التيسيرية لمعاضدة انتعاشة الاقتصاد العالمي، في حين تأثرت الأسواق المالية العالمية في الفترة الأخيرة بالتوترات الجيوسياسية المسجلة في الآونة الأخيرة. وعلى المستوى الوطني،نظر المجلس في آخر تطورات الوضع الاقتصادي والمؤشرات النقدية والمالية، حيث سجل عودة النشاط الاقتصادي تدريجيا ولكن بنسق يبقى دون المأمول خلال الشهرين الأولين من السنة الحالية وهو ما أدى إلى مراجعة نسبة النمو الاقتصادي المنتظرة لسنة 2014 نحو التخفيض من 3,5٪ إلى 2,8٪، تبعا لمراجعة النمو المنتظر في القيمة المضافة خاصة لكل من قطاع الصناعات المعملية والخدمات المسوقة. ويعتقد المجلس أن الوضع الاقتصادي الذي تعكسه هذه الأرقام، وفي ظل النتائج المتواضعة المسجلة خلال السنة المنقضية، يبقى دون المستوى الذي يمكن من الاستجابة لتطلعات البلاد في مجال التنمية وخلق مواطن الشغل والتحكم في التوازنات المالية الكبرى، وهو ما يستدعي من الجميع الوعي بضرورة مضاعفة الجهد والعمل المشترك من أجل إرساء توجه جديد كفيل بتحرير المبادرة وتطوير الطاقات الانتاجية الكامنة للاقتصاد الوطني، لمواجهة هذه التحديات. ولدى تحليل مؤشرات القطاع الخارجي، لاحظ المجلس تواصل توسع العجز الجاري خلال الشهرين الأولين من العام الحالي ليبلغ 1,5٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 1,2٪ في نفس الفترة من سنة 2013، نتيجة ارتفاع العجز التجاري بسبب تباطؤ الصادرات مقابل تسارع نسق الواردات، علما وأن تفاقم العجز التجاري يعود بالخصوص إلى قطاعي الطاقة والمواد الغذائية. ومع ذلك تبقى الموجودات الصافية من العملة الأجنبية في مستوى مقبول بفضل تعبئة الموارد الخارجية، لتبلغ 11.475م.د أو ما يعادل 103 أيام توريد، بتاريخ 25مارس الجاري مقابل 11.219م.د و 105أيام في نفس التاريخ من سنة 2013. أما بالنسبة لتطور التضخم، فقد سجل مؤشّر أسعار الاستهلاك في شهر فيفري 2014 تباطؤا في نسق زيادته ليبلغ 5,5٪ بحساب الانزلاق السنوي مقابل 5,8٪ قبل شهر. ويعود هذا المسار خاصة إلى تباطؤ أسعار المواد الغذائية الطازجة وبدرجة بأقلالمواد المعملية. كما شهدت نسبة التضخم الأساسي (ما عدا المواد المؤطرة والطازجة) نفس المسار حيث تراجعت من 6,3٪ في جانفي إلى 6,2٪ في فيفري 2014. وفيما يتعلق بآخر التطورات النقدية، سجّل المجلس زيادة في حاجيات البنوك من السيولة في شهر مارس الحالي أدت إلى مزيد من تدخل البنك المركزي في السوق النقدية ليبلغ حوالي 4.703م.د بالمعدل اليوميبتاريخ 25مارس الجاري مقابل 4.616 م.د في نهاية الشهر الماضي وهو ما دفع بنسبة الفائدة الوسطية في هذه السوق إلى الارتفاع لتبلغ 4,72٪ خلال نفس الفترة مقابل 4,68٪ في شهر فيفري. وبخصوص تطور النشاط في القطاع المصرفي، أشار المجلس إلى ارتفاع نسق قائم الإيداعات خلال الشهرين الأولين من سنة 2014 (2,2٪ مقابل 0,4٪ قبل سنة)، ليشمل أساسا الحسابات لأجل، في حين تطورت مساعدات الجهاز الماليّ للاقتصاد، خلال نفس الفترة، بنسق ضعيف مقارنة بما سجل خلال الشهرين الأولين من سنة 2013 (0,8٪ مقابل 1٪) وهو ما يؤشر على تواصل محدودية مجهود الاستثمار. ولدى تحليل آخر التطورات في معاملات سوق الصرف، سجل المجلس تواصل النسق التصاعدي في قيمة الدينار، منذ بداية العام الجاري، مقابل أهم العملات الأجنبية، حيث بلغ سعر صرف الدينار يوم 25 مارس الحالي مستوى 1,5808 دينار للدولار الأمريكي أي بزيادة 4,2٪ ومستوى 2,1837 دينار مقابل الأورو (+3,8٪). وعلى ضوء مجمل هذه التطورات، أكد المجلس على أن آفاق الاقتصاد الوطني على المدى القريب تستدعي العمل على التخفيض من حدة الضغوط المسلطة على التوازنات المالية الداخلية والخارجية داعيا إلى تضافر كل الجهود لاتخاذ الإجراءات العاجلة الكفيلة بتحسين مناخ الأعمال وتوفير الشروط الملائمة لانطلاق نشاط الاستثمار والتسريع في نسق الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتركيز دعائم اقتصاد قوي ومتوازن، وقرر الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية للبنك المركزي دون تغيير.