رفضت فاطمة حمروش، رئيسة اللجنة التحضيرية لمبادرة الحوار الوطني الليبي والوزيرة السابقة، لقاء راشد الغنوشي، رئيس "حركة النهضة" الإسلاميّة التونسية، في إطار حوار ليبي ليبي برعاية تونسية. ونبّهت إلى خطورة ما وصفته ب"الأجندات الوافدة" على المشهد الليبي الذي دخل في مفترق طرق يُنذر بتطوّرات سياسية وأمنية بالغة التعقيد. وعكس هذا الرفض المُرشح لأن يتفاعل أكثر فأكثر، عُمق المخاوف التي تنتاب غالبية الأوساط السياسيّة الليبيّة من توظيف هذا الحوار لفائدة طرف سياسي دون غيره، خاصة أنّ الغنوشي لا يُخفي انحيازه ل"إخوان ليبيا" وبقية التيّارات الإسلامية المحيطة بهم، وذلك بوصفه رئيس حزب محسوب على جماعة الإخوان. وعلمت "العرب" من مصدر مُقرّب من فاطمة حمروش التي تولّت وزارة الصحة في حكومة عبدالرحيم الكيب، أنّ راشد الغنوشي سعى إلى اجتماع مع حمروش في إطار وساطة بين الفرقاء الليبيين في الداخل والخارج، غير أنّها رفضت دعوته ولم تجتمع معه، في حين اجتمعت مع الرئيس التونسي المؤقّت محمد المنصف المرزوقي. ولم تكتف فاطمة حمروش التي تزور تونس حاليا بهذا الموقف، وإنّما ذهبت إلى حدّ التأكيد على أنّها ليست معنيّة بالحوار الليبي الليبي الذي يرعاه الغنوشي، وذلك رغم ترحيبها بكلّ الجهود الرامية إلى تقريب وجهات النظر بين الليبيين في هذه المرحلة التي وصفتها ب"الحرجة". وكان الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، قد دعا في وقت سابق إلى حوار ليبي ليبي لاحتواء الأزمة بين الفرقاء الليبيين، فيما تعدّدت المبادرات التونسية التي تسعى إلى توحيد الصف الليبي، وذلك في تحرّك شدّ انتباه المراقبين بالنظر إلى توقيتها، وانعدام التنسيق بينها. وترافقت تحرّكات الغنوشي على مستوى الأزمة الليبية مع إعلان الرئاسة التونسية عن مبادرة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، وذلك في أعقاب اجتماع الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي مع مبعوث الأممالمتحدة لدى ليبيا طارق متري. وبالتوازي مع ذلك أعلنت الخارجية التونسية، في وقت سابق، أنّها بدأت جهودا لإطلاق حوار وطني بين الفرقاء السياسيين في ليبيا، في مسعى إلى إنهاء الأزمة التي تهزّ البلاد مع تزايد تهديد الميليشيات المسلّحة. وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية التونسية، مختار الشواشي، إنّ الدبلوماسية التونسية، شرعت في القيام بمساع من أجل إطلاق "حوار وطني ليبي". وأضاف أنّ هذه المبادرة تحظى بتأييد الحكومة الليبية وعدد من السفراء العرب والأجانب في تونس، من بينهم سفراء مصر والسعودية وأميركا والجزائر الذين اجتمع معهم وزير الخارجية منجي الحامدي خلال الأيّام القليلة الماضية. ولم تُعلن الخارجية التونسية عن موعد مُحدد لإطلاق هذا الحوار المُفترض، الذي اقترحت أن يكون تحت إشراف الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي، ليلقي بذلك تعدّد المبادرات بظلال سلبية كثيفة على الجهود الجدية الرامية إلى مساعدة الليبيين على تجاوز أزمتهم في هذه المرحلة الخطيرة. ويرى مراقبون أنّ تلك الظلال ساعدت الغنوشي على الاستمرار في جهوده، مستفيدا من حالة التمزّق التي تشهدها القوى الوطنية في ليبيا، وهو ما دفع محمود جبريل رئيس تحالف القوى الوطنية إلى رفض المشاركة في الحوار الذي دعا إليه الغنوشي، ووصفه ب"حوار الأمر الواقع والمفروض بالقوّة". (العرب اللندنية)