كان عبد الحكيم بلحاج من اهم القيادات الجهادية الليبية و من اشرس المعارضين لنظام القذافي، اليوم هو رئيس لحزب الوطن الليبي، يرفض بقوة اي تدخل عسكري اجنبي في ليبيا ويدعو الى عودة اللاجئين الليبيين الى وطنهم الذي "يسع الجميع" ..في بادرة تصالحية واضحة. ففي مقابلة خاصة مع "الاناضول" جرت في باريس تطرق بلحاج للعديد من القضايا المتعلقة بالشأن الليبي وأيضا بالشأن الاقليمي. وعن سوريا، انتقد عبد الحكيم بلحاج ما يعرف بالحركات الجهادية قائلا "ان الحركات الجهادية اليوم تعطل انتصار الثورة السورية". في أي إطار تأتي زيارتكم الى باريس؟ تأتي هذه الزيارة في إطار تلبية دعوة كانت قد وجهت لي من طرف جامعة العلوم السياسية بباريس و معهد البحوث والدراسات في الشرق الاوسط والبحر الابيض المتوسط للحديث عن اهم التحديات التي تعيشها ليبيا والمنطقة. كنتم من أهم الجهاديين المعارضين للقذافي على الساحة الليبية، وانتم اليوم على رأس حزب سياسي "حزب الوطن"، كيف يمكن ان نفسر هذا؟ نظام القذافي كان مصدر العنف في ليبيا، مارس العنف مع كل التيارات السياسية والفكرية، الاسلاميون، الوطنيون، وكل من خالفه، عنف نظام القذافي تجاوز حدود ليبيا، والكل يتذكر تفجير المقهى في برلين، حادثة لوكربي، في هذا السياق قررنا تخليص ليبيا من هذا النظام وبالتالي اختيارنا للعنف كوسيلة تغيير كان الهدف الوحيد منه هو اسقاط نظام القذافي كان هذا خيارنا في أواخر الثمانينات، ثم وبعد أكثر من 20 سنة، المجتمع الدولي وصل الى ما وصلنا اليه بعد انتصار الثورة. واليوم، نعتقد انه لم يبق مكان للعنف وللسلاح وانه علينا العمل لبناء دولة المؤسسات وفي هذا الإطار نظمنا اول انتخابات حرة وديموقراطية ادت الى انتخاب المؤتمر الوطني العام والى انتقال سلمي للسلطة بين المجلس الوطني الانتقالي وبين الحكومة الجديدة عشنا كذلك انتخابات ثانية "لجنة الستين" اللجنة المكلفة بصياغة الدستور عشنا كذلك في ليبيا عدة انتخابات لمجالس بلدية، خيارنا اليوم لبناء ليبيا الجديدة هو الديموقراطية نظام القذافي كان مصدر العنف وبانتهائه سينتهي العنف في ليبيا إن شاء الله. بشكل عام اخبار ليبيا ليست مطمئنه، تفجيرات، اغتيالات، اختطاف لدبلوماسيين، كيف تفسرون هذا الوضع؟ التحدي الاول اليوم في ليبيا هو أمني، هناك كميات كبيرة من السلاح داخل البلد والسبب الرئيسي هو ضعف الدولة زد على ذلك ان اي بلد يعيش ثورة يمر بفترة من عدم الاستقرار التام خاصة وان الثورة الليبية كانت ثورة مسلحة وبالتالي المطلوب اليوم هو العمل على بناء الدولة والعمل على الا تدوم فترة عدم الاستقرار. كثر في الفترة الاخيرة الحديث عن تدخل عسكري أجنبي لإعادة الاستقرار الى ليبيا؟ انا ضد اي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا، ما نعيشه اليوم في ليبيا لا يستدعي ولا يبرر أي تدخل عسكري أجنبي، وكل الليبيين سيكونون ضد اي تدخل عسكري وهذا سيزيد الامو تدهورا وتعقيدا. هناك اليوم حديث عن وساطات في ليبيا لحوار وطني يؤدي الى مصالحة وطنية. اين وصلت هذه الجهود؟ نعم هناك جهود ومبادرات بهذا الاتجاه، لعل من أبرزها المبادرة التي يقودها الشيخ راشد الغنوشي، ككل المعنيين بهذه المصالحة تم التواصل معنا وابدينا بعض الملاحظات من اهمها، انه يجب ان يكون هناك توافق داخلي داخل الساحة الليبية يتم بعد ذلك توسعته والتوجه الى من هم خارج ليبيا. من اهم التحديات التي تواجه المصالحة اليوم في ليبيا هي عودة اللاجئين الذين يقدر عددهم بأكثر من مليون ونصف مليون خارج ليبيا ما هو تصوركم لحل هذا المشكل؟ طبعا وجود عدد من الليبيين خارج ارض الوطن امر مؤسف، نحن عشنا التهجير ونعرف هذا جيدا. هناك بعض الاطراف تريد ان تستغل وتوظف مسألة اللاجئين كورقة ضغط لمصالح ضيقة، نحن سبق وان وجهنا الدعوة تلو الاخرى للعودة لأننا نعتقد ان ليبيا تتسع للجميع. ماذا عن الذين في حقهم قضايا؟ الذين وراءهم تبعات قضائية عليهم احترام هذا والعودة من باب القضاء. ما هو موقفكم مما يجري في سوريا؟ ما يقع في سوريا هو مأساة بأتم معنى الكلمة، نحن وبشكل مبدئي ندعم الثورة السورية، ولكن للأسف دخول الحركات الجهادية المتطرفة على الخط يؤخر انتصار الثورة في سوريا. كيف ترون المستقبل في ليبيا؟ رغم كل ما يقع اليوم في ليبيا، انا متفائل، نحن عشنا الآن أكثر من تجربة انتخابية حرة وديموقراطية، هناك مبادرات تتقدم للمصالحة الوطنية ونعتقد انها ستجمع الليبيين على طاولة واحدة للحوار والتوافق على بناء دولة المؤسسات الديموقراطية'. (القدس العربي)