دعوة طاقم تحكيم نهائي السوبر للمثول امام لجنة المتابعة    من مسبح المرسى الى سماء العالمية ..أحمد الجوادي قاهر المستحيل    تاريخ الخيانات السياسية (36) ..المعتزّ يقتل المستعين بعد الأمان    صابة الحبوب: تجميع 11.78 مليون قنطار إلى غاية نهاية جويلية    المدير الجهوي للتجارة بنابل ل«الشرق» استقرار في التزويد.. وجهود لضبط الأسعار    سفنه تنطلق من تونس يوم 4 سبتمبر .. 6 آلاف مشارك في أسطول الصمود إلى غزّة    عاجل/ واشنطن تعتزم فرض شرط جديد للحصول على تأشيرة عمل أو سياحة..    أخبار الحكومة    بعد إلغاء الحكومة لجلسات تفاوض حول النقل .. اتحاد الشغل يهدّد    أخبار النادي الصفاقسي .. حصيلة ايجابية في الوديات.. وتحذير من الغرور    بنزرت الجنوبية: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    شبهات التلاعب بالتوجيه الجامعي ..فرقة الجرائم المعلوماتية تلاحق الجناة    أخطبوط تهريب الدواء يتوسّع .. صيادلة، أعوان وأصحاب شركات متورّطون    مع الشروق : كيان مختل ومنبوذ    النجم الساحلي يتعاقد مع الظهير الايسر ناجح الفرجاني    النادي الصفاقسي يعلن رسميا تعاقده مع علي معلول الى غاية 2028    الدكاترة المعطلون عن العمل: ضرورة توفير خطط انتداب ب5 آلاف خطة    ليلة الاثنين: بحر مضطرب بالسواحل الشرقية والشمالية    القصرين: العثور على جثة كهل تحمل آثار عنف    المنستير: تظاهرة "فنون العرائس على شاطئ روسبينا" في دورتها الثانية بداية من 15 أوت 2025    مهرجان العروسة: جمهور غاضب وهشام سلام يوضح    وزير السياحة: سنة 2026 ستكون سنة قرقنة    التعاون بين تونس وإيطاليا : طاقة التفاوض وفوائض الطاقة    بطولة افريقيا للشبان لكرة الطاولة بنيجيريا: المنتخب التونسي يختتم مشاركته بحصد 8 ميداليات منها واحدة ذهبية    القصرين: سواق التاكسي الفردي يتوجهون نحو العاصمة سيرًا على الأقدام تعبيرا عن رفضهم للقائمة الأولية للمتحصلين على رخصة "تاكسي فردي"    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    رونالدو يتحوّل إلى صانع القرار في النصر... ويُطالب بصفقة مفاجئة    التوجيه تحوّل لكابوس: شكون تلاعب بملفات التلامذة؟    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    488 تدخل للحماية المدنية في 24 ساعة.. والحرائق ما وقفتش!    عاجل - يهم التونسيين : ارتفاع في تكلفة العمرة خلال موسم 2025-2026    أمطار وبَرَدْ دمّرت الموسم: الزيتون والفزدق والتفاح شنيا صار؟!    عاجل: ''تيك توك'' تحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو ودول عربية في الصدارة    الدلاع راهو مظلوم: شنوة الحقيقة اللي ما تعرفهاش على علاقة الدلاع بالصغار؟    في بالك ...الكمون دواء لبرشا أمرض ؟    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    نواب ديمقراطيون يحثون ترامب على الاعتراف بدولة فلسطين..#خبر_عاجل    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 طفل من فاقدي السند ومكفولي الوزارة عرض La Sur la route enchantée ضمن الدورة 59 لمهرجان قرطاج الدولي    القبض على "ليلى الشبح" في مصر: سيدة الذهب والدولارات في قلب العاصفة    صيف 2025 السياحي: موسم دون التوقعات رغم الآمال الكبيرة    استشهاد 56 فلسطينيا برصاص الاحتلال خلال بحثهم عن الغذاء    بنزرت: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    عاجل/ خلال 24 ساعة: استشهاد 5 فلسطينين جراء الجوع وسوء التغذية..    محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية    البحر ما يرحمش: أغلب الغرقى الصيف هذا ماتوا في شواطئ خطيرة وغير محروسة    جريمة مروعة: امرأة تنهي حياة زوجها طعنا بالسكين..!!    تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر والباحث والكاتب في "نيويورك تايمز" د. مصطفى التليلي ل"الصباح نيوز": إذا لم "تنقلب" النهضة على فكرها فلن تصمد.. والبورقيبية تعود للبحث عن نصفها "الديمقراطي"
نشر في الصباح نيوز يوم 09 - 01 - 2015

"أنا فقط ابن تونس..وابن فريانة..تلك المدينة الفقيرة والمنسية وابن جيل نحت في الصخر ليحقق أحلامه وطموحاته " بهذه الكلمات البسيطة قدّم الدكتور مصطفى التليلي نفسه ..هذا الرجل الذي قضّى سنوات طويلة في الولايات المتحدة ككاتب ومفكّر وشغل عدة مناصب أممية هامة لم ينس خلالها مطلقا جذوره ووطنه عندما قال "نحن نحمل معنا الوطن أينما ذهبنا".
ورغم تقدّمه في السن –من مواليد 1937-إلا أن له إسهامات قيمة في شكل مقالات منشورة بأحد أشهر الصحف الأمريكية "نيويورك تايمز"، كما وأنه من مؤسسي مركز جامعة "نيويورك" للحوار وهو باحث أكاديمي في نفس الجامعة.
مصطفى التليلي الموظف السامي السابق لمنظمة الأمم المتحدة هو كذلك عضو في اللجنة الاستشارية لمنظمة "هيومن رايتس واتش" في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وله عدة كتب منشورة منها la Rage aux tripes وكتاب la Montagne du lion الذي يعتبر من أشهر كتبه صدر سنة 1988 ومنع في تونس..
لكن أهم المهام التي أنيطت بعهدته هو مشاركته إلى جانب 22 شخصية سياسية وأكاديمية في "منتدى حوار أمريكا مع العالم الإسلامي" بمعية وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت ومهندس عملية السلام في الشرق الأوسط دينيس روس.
في الحوار التالي تحدّث مصطفى التليلي عن التجربة الديمقراطية في تونس، وعن نهاية الإسلام السياسي وذهابه إلى التاريخ كتجربة سياسية، كما تحدّث عن حركة النهضة وعن علاقتها بالأمريكان وعن مستقبل تونس وعن رئيس الحكومة الجديدة وعن الباجي قائد السبسي وتوليه لمنصب رئيس الجمهورية.
* انتهت مرحلة الانتقال الديمقراطي ودخلت تونس مرحلة سياسية جديدة ..كيف تقرأ المشهد الحالي؟
- أعتقد أن تونس دخلت مرحلة البورقيبية-الديمقراطية، والتنوّع والتعدّد الإيديولوجي والسياسي الذي كان ينقص هذه التجربة في مرحلة بناء الدولة نعيشه اليوم.. نحن نعيش تراكما جديدا في التجربة البورقيبية وهي المحافظة على الهوية الوطنية مع احترام مبادئ وقيم الحرية والديمقراطية.
فبداية التجربة البورقيبية بعد الاستقلال كان فيها نوع من الاستبداد السياسي وتفرّد الزعيم بورقيبة برأيه ولعل ذلك كان من الضروري في البداية خدمة للوحدة الوطنية كما كان بورقيبة يعتقد على الأقل.. لكن التجربة أثبتت أن التونسيين لم يتقبلوا طويلا فكرة الاستبداد المستنير مع بورقيبة او فكرة الدكتاتورية مع بن علي أو طرح النظام الثيوقراطي الذي كانت تسعى له حركة النهضة.
-الإسلام السياسي انتهى
اليوم وبعد الثورة الشعب التونسي طالب بإلحاح بالديمقراطية وكان حاضرا فكريا وحضاريا وحمل آمال جيلي الذي حلم بالديمقراطية زمن بورقيبة.
اليوم هناك عودة قوية إلى أفكار بورقيبة والى رجالات بورقيبة وعودة لزخم التجربة البورقيبية في حد ذاتها..هل يعني ذلك أن النخبة التونسية فشلت في خلق أفكار جديدة أم أن البورقيبية تجربة لم تكتمل بالديمقراطية وهي تعود اليوم للبحث عن "نصفها" الديمقراطي؟
- أظن أن الإجابة تحمل وجهتي نظر،في آخر أيام بورقيبة فشلت البورقيبية فشلا ذريعا وانهارت تماما وكادت تنهار معها الدولة في خضّم صراع المصالح المحتدم بين الحاشية أمام تخلي النخبة عن دورها في حماية التجربة من الانحرافات السياسية حيث لم تكن تملك الجرأة والشجاعة للتصدّي لمحاولات تشويه التجربة كما أن جزءا من هذه النخبة هاجر إلى خارج الوطن ولم يهتم بما كان يحصل في الداخل .
لكن أعتقد أن التجربة التاريخية لتكتمل كانت يجب أن تمر بمرحلة الاستبداد وبتلك الانتكاسة السياسية وبكل تلك العذابات التي عانى منها المناضلين حتى يشعر الشعب بقيم الديمقراطية والحرية..فالحرية والديمقراطية والعدالة قيم تفتكها الشعوب بتضحياتها ونضالاتها وبتجربتها وليس بالعنف لأن هذه القيم تكون تتويجا لمسيرة شعب مرّ بمرحلة وهن في السلطة ومرّ بالدكتاتورية وذاق ويلات الاستبداد لينعم في النهاية بالديمقراطية كما حدث في تونس.
* هل يعني ذلك أن التجربة البورقيبية تكتمل اليوم بالديمقراطية؟
-أجل البورقيبية تجربة ثرية تاريخيا لكنها غير مكتملة ديمقراطيا واليوم تكتمل..الديمقراطية اليوم وقع افتكاكها بإرادة الشعب ولم تكن هبة من الحاكم ولم تنزل من فوق..واذا قارنا بين ديمقراطيات العالم سنجد أن أرسخ الديمقراطيات هي تلك التي تأتي بعد العذابات والاستبداد والتضحيات لأن الشعب يدرك جيّدا قيمة ما وصل إليه وتتحوّل الديمقراطية إلى شرف وتتويج.
الشعب التونسي بعد تجربة الاستبداد المريرة وبعد تضحياته لن يعود إلى الدكتاتورية وسيدافع بشراسة على حريته وديمقراطيته.
وذلك كان خطأ الإسلاميين عندما ظنوا لوهلة أنهم يستطيعون السطو على مكتسبات الشعب من الحرية والديمقراطية.
أتعني بذلك أن حركة النهضة عندما وصلت الحكم فشلت في القيام بقراءة صحيحة ومنسجمة للمجتمع مع السياق التاريخي الذي بلغه الشعب عندما أنجز ثورته؟
- الحقيقة أن هناك عدة أسباب لفشل النهضة في الحكم، فاغلب قياداتها التي تولت الحكم كانت بعيدة عن الحياة العامة اما بسبب السجون أو العمل في سرية أو التهجير، لكن السبب المهم في تقديري هي فكرتهم على الحكم حيث لم يكن هدفهم من الحكم تهيئة مناخات الديمقراطية والحرية والنظر في حاجيات الناس الاقتصادية والاجتماعية بل كانوا يعتقدون أن لهم "عقد مع الله" يخوّل لهم تطبيق الدين الالاهي أي أنهم لا يمثلون شعبا بل يمثلون الإله.
بمعنى أنهم جلبوا الآخرة ليحكموا في الدنيا..ولذا كانوا في قطيعة مع الشعب الذين أرادوا أن يجعلوه رعية تحكم بسياسة القطيع الذي لا بد أن ينضبط لتحقيق أهداف ربانية..شعب يدار بترهيبه من عذاب القبر وليس بمنحه حقوقه الدنيوية..
وأنا أتذكّر أوّل رئيس حكومة من النهضة السيد حمادي الجبالي عندما تحدّث عن "الإشارات الربانية" وعن "الخلافة السادسة"..وهو ما يعكس حقيقة تفكيرهم وتاريخهم..تلك ليست الديمقراطية التي يجب أن تكون نابعة من الشعب ليحكم من خلالها نفسه بنفسه وليست الديمقراطية "إشارات" ربانية.
* هل تعني أن الإسلاميين استغلوا الثورة في تونس لخدمة مشروعهم التاريخي؟
-نعم..دون شك
الدستور الذي شارك الإسلاميون في كتابته ولم يعترضوا على التنصيص على حرية الضمير فيه.. كيف تقيمه؟
بالنسبة للدستور أعتقد أنه مقبول إلى حد ما..لأن الحريات الخاصّة والعامة مكفولة من خلاله كحرية الضمير وحرية المرأة وحرية التعبير وغيرها من الحريات ولكن هذا لا يحسب للإسلاميين بقدر ما يحسب للمجتمع المدني وللجمعيات والمنظمات التي ضغطت بقوة لتحقيق هذه المكاسب الدستورية.
- الشعب التونسي لن يعود أبدا إلى الاستبداد
* منذ الثورة إلى اليوم هناك نسخ عديدة لحركة النهضة نسخة تسلمها للحكم، ثم نسخة ما بعد اعتصام باردو وتخليها عن الحكم طواعية كما تقول وبضغط كما يقول خصومها، ثم نسخة النهضة الناعمة و ال"متتونسة" اليوم رغم خسارتها للحكم..فهل تعتقد أن النهضة تعلمت الدرس أم انها تهادن في انتظار مرور العاصفة ام أنها فعلا قامت بالمراجعات اللازمة لتصبح حزبا مدنيا ديمقراطيا حقيقيا؟
- سؤال في محلّه ومطروح بإلحاح..لكن نحن لا يمكننا قراءة نوايا الحركة أو نوايا زعيمها الغنوشي ..النهضة خسرت في الانتخابات التشريعية بينما فازت عدة أحزاب ديمقراطية، وهو ما ولّد مشهدا سياسيا جديدا قد ينجح فقط بمدى تشبّع هذه الأحزاب بالثقافة الدستورية وبقيم الديمقراطية والحرية التي تحترم العيش المشترك وتحترم الاختلاف..
فإذا كانت حركة النهضة تحترم كل هذه المبادئ فإنها يجب إن تتغيّر بالفعل إلى حزب ديمقراطي..أنا لو كنت في مكان راشد الغنوشي لسارعت إلى تنقية النهضة من الشوائب والتخلّي عن الصقور الذين يحملون فكرا راديكاليا،والى التحلّي بالشجاعة في ممارسة نقد ذاتي جريء..ويمكن هنا أن يمنح لحركته اسما جديدا كأن يسميها مثلا "الحزب الإسلامي الديمقراطي التونسي" يقوم على مبادئ الإسلام التي باتت قواعده كونية لا يمكن لأحد أن يدّعي احتكارها،ويقوم أيضا على مكتسبات التجربة التونسية التي هي متفرّدة،وهذا في الحقيقة يمنحه فرصة للمستقبل ويجعله يتخلّى نهائيا على فكرة "العقد مع الله" لأنه هذه الفترة انتهت بانتهاء الإسلام السياسي.
- نصحت أوباما بأن يتوجّه للعالم الإسلامي فتوجّه "للإخوان"
* هل تعني أن الإسلام السياسي كتجربة انتهت في العالم؟
نعم هو تجربة وانتهت وذهب اليوم إلى التاريخ..فكما يقول "هيغل" كل فكرة لديها وقت معين..لأن تلك الفكرة تتطابق بالضرورة مع زمن تاريخي محدّد..فالشيوعية هي فكرة ولدت مع الثورة البلشفية وهذه الثورة ولدت بعد أن خلق ما سمّاه "ماركس" بالعالم الجديد وهو عالم العمال والطبقات الكادحة و"البروليتاريا" هذا العالم الذي خلقته الثورة الصناعية في أوروبا قبل ذلك،كان لزاما أن تخلق أفكارا جديدة لحل مشاكل هذا "العالم" فاتت الشيوعية لتكون لسانه وتدافع عن حقوقه..وبالتالي كل تجربة تاريخية تستغرق وقتا محدّدا ثم تنتهي.
وعندما وقعت الثورات العربية التي قام بها الفقراء والمسحوقين والجهات المحرومة والمهمشة قام الإسلاميون بعملية سطو على هذه الثورة
* لكن الثورة التونسية انتهت أيضا وفي أول تجربة ديمقراطية لها إلى حكم الإسلاميين؟
أجل لأن الإسلاميين استغلوا فرصة انتخابات التأسيسي ليصلوا للحكم ب18 بالمائة من نسبة الناخبين.. لكنهم فشلوا في الحكم وفي بناء دولة قوية اقتصاديا واجتماعيا.
بالتالي ما أردت قوله فكرة "الإسلام هو الحلّ" فكرة أتى وقتها وانتهى الآن..
- على النهضة أن تبقى في المعارضة وأقترح عليها اسما جديدا
* هل ترى أن من الأفضل لحركة النهضة أن تشارك اليوم في الحكم ام ان تبقى في المعارضة لتفسح المجال لنفسها لتقوم بالمراجعات الذاتية اللازمة؟
- أرى من الأفضل أن تبقى في المعارضة وتقوم بعملية نقد ذاتي جدية..يجب أن يقوموا بما قام به "غرامشي" في مراجعة الفكر الشيوعي..على النهضة أن تقوم "بانقلاب فكري" في داخلها ..بهدم كل الأفكار السابقة وإعادة البناء على أسس جديدة..وان لم تفعل فاني أراهن على أن حركة النهضة لن تصمد لأكثر من 15 سنة قادمة.
* كيف ينظر الأمريكان في دوائر صنع القرار أو من خلال وسائل الإعلام أو حتى"لوبيات" الضغط إلى تجربة الإسلاميين في تونس خاصّة وان راشد الغنوشي تجمعه صداقات بأوساط أمريكية مختلفة؟
-قبل الثورة كان راشد الغنوشي يصنّف كإرهابي لأن الولايات المتحدة كانت في حرب مفتوحة على الإرهاب..
لكن هؤلاء الإسلاميين استطاعوا زمن المنافي أو التهجير القسري بعد قمعهم زمن الدكتاتوريات العربية تكوين شبكة علاقات متطورة جدا في المجتمعات الغربية خاصّة في الجامعات وفي الأوساط المثقفة هم كونوا ثروات واستفادوا كثيرا من الديمقراطية الغربية وهذا ما استغله كثيرا الإخوان المسلمون فيما بعد..
* كيف استغل أو استفاد الإخوان المسلمون من ذلك؟
بعد ورطة حرب العراق،انتقد الأمريكيون سياسة بوش العدائية تجاه المسلمين وطالبوا بالحوار مع العالم الإسلامي والذي شاركت فيه أواسط سنة 2004 من خلال لجنة عليا هي عبارة عن "منتدى الحوار بين أمريكا والعالم الإسلامي "يتكوّن من 22 شخصية سياسية وأكاديمية بارزة منهم "مادلين أولبرايت" و"دينس روس" للتفكير في مستقبل علاقات أمريكا مع العالم الإسلامي..وقد استغرق العمل سنتين وقدمنا على اثر ذلك تقريرا فيه عدة توصيات،طبعا هذا قبل انتخابات الرئاسية ماكين/أوباما وكان حينها من أهم التوصيات أن الرئيس الذي سينتخبه الشعب من بينهما يجب أن يلقي خطابا طمأنة للعالم الإسلامي ويمد يده إلى الأمة الإسلامية.
ماذا حصل بعد ذلك؟
حصل انحراف بهذه التوصيات عندما عمد الفريق المرافق لاوباما وفي إطار تفعيله لهذه التوصيات اذ لم يتوجّه الى العالم الإسلامي بل توجهوا إلى الحركات الإسلامية والى الإخوان المسلمين واعتبروهم يمثلون العالم الإسلامي وهنا مكمن الخطأ ومكمن الخلط..
- خطأ الإسلاميين أنهم جلبوا الآخرة ليحكموا بها الدنيا
* أتعني أن دعم أمريكا لهذه الحركات كانت "خطأ" تاريخيا غير مقصود؟
-هذا بالضبط ما أعنيه..ونهاية تجربة حكم الإسلام السياسي في مصر وفي تونس كانت بإرادة الشعب الذي رفضهم بالتظاهر ضدهم ورفضهم بصناديق الاقتراع..وبالتالي انتهى فعليا الإسلام السياسي كتجربة سياسية.
وما هو الموقف الحالي للأمريكان من التغييرات الحاصلة في بلدان الثورات العربية ومن خروج الحركات الإسلامية من الحكم؟
- بصفة عامة الولايات المتحدة تتعامل اليوم مع ما هو موجود على الأرض وتحمي مصالحها من خلاله.. فمن كان موجودا وله القوة السياسية ليقنع بها شعبه تتعامل معه.
* هل أنت مقتنع بالتصنيفات في إطار التيارات الإسلامية بين تيارات معتدلة تؤمن بالديمقراطية وبين تيارات تكفيرية هاجسها تطبيق الشريعة؟
-لا.. لست مقتنعا بهذه التصنيفات.
* أليس هناك فرق في اعتقادك بين حركة النهضة وجماعة الإخوان وجبهة النصرة وداعش؟
-هم يشتركون في الهدف البعيد..تطبيق الشريعة في نهاية المطاف بمختلف تأويلاتها واجتهاداتها ..
أنت تحدّثت عن تجربة بورقيبة بصدد الاكتمال ديمقراطيا..واليوم نجد أحد رجالات بورقيبة على رأس الدولة فهل هو مؤهل ليكمل هذه التجربة ديمقراطيا وقيادة البلاد في مرحلة حرجة وبناء دولة وطنية قوية؟
- بصراحة تعتبر تونس اليوم محظوظة لوجود شخصية كالباجي قائد السبسي على رأس الدولة لأسباب عدة لأنه يملك الحكمة والمعرفة والتجربة،تجربة سياسية تنبع من التجربة البورقيبية في نقاوتها الأولى وبالتالي هو يعتبر همزة وصل بين ماض له انجازاته ويفتقر للنفس الديمقراطي وبين حاضر غابت عنه الانجازات لكنه يحفل بالديمقراطية
- الثورة رفعت عن راشد الغنوشي صفة "الإرهابي"
* ما المطلوب اليوم من القيادة السياسية الجديدة؟
-يجب التفكير بجدية في صعوبة الوضع.. والتيقن من أن حظ التجربة التونسية التي أبهرت العالم مجدّدا من خلال العملية الانتخابية وتسليم السلطة سلميا لن يدوم أكثر من 6 أشهر وان لم نستغل هذا الظرف وننجح فإننا سنعود إلى ما قبل الجاهلية.
بماذا توصي قائد السبسي اليوم وهو رئيس تونس؟
-بأن يعطي الفرصة للكفاءات التونسية في مختلف المجالات فلا تملك الاّ فسحة ب6 أشهر لتعيد تونس إلى إشعاعها..ولكن أنصح الحكومة الجديدة أن تصارح الشعب بحقيقة الوضع وأنا أثق في إمكانية نجاح الحبيب الصيد..
* ماذا عليه أن يفعل تحديدا؟
-يجب طمأنة الفقراء والمحتاجين والالتفات الى الولايات والمناطق المهمشة وبعث رسائل قوية للشباب حتى لا يزداد عزلة أو تمرّدا على الدولة..كما يمكن التوجه للاستثمار في التكنولوجيا واستدعاء شركات عملاقة إلى بلادنا ك"مايكروسوفت" لمساعدتنا على الاستثمار في هذه المجالات.. وأعتقد أنه وفّق في اختيار رئيس الحكومة.
* لكن هل ستقبل هذه الشركات الدولية العملاقة الاستثمار في تونس؟
أجل لم لا اليوم تونس تشع تجربتها على العالم يجب أن تستغل القيادة السياسية ذلك..
* من هم أصدقاء تونس اليوم؟
-نعم هناك أصدقاء لتونس كالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية رغم أنه لا تقدّم الكثير لتونس على مستوى المساعدات العينية حيث لم تتجاوز حجم المساعدات لتونس 69 مليون دولار في ميزانية الولايات المتحدة لسنة 2015 لكن هناك إعانة معنوية وبتشجيع القطاع الخاصّ الأمريكي على الانتصاب في تونس
أجرى الحوار: حافظ الغريبي منية العرفاوي وليد الخفيفي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.