قفصة: تسجيل رجّة أرضية بقوّة 3،2 درجة شرق القطار    مرصد سلامة المرور يدعو مستعملي الطريق إلى اتخاذ الاحتياطات بسبب التقلبات الجوية المنتظرة    وسام بن عمر يقترح إصلاحات جبائية عاجلة لإنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة    الحماية المدنية: 408 تدخلات بينها 102 لإطفاء الحرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    عاجل: دروس متوقفة في هذه المناطق... والتلاميذ في الشارع! إليك التفاصيل    القصرين: تراجع إصابات داء الكلب وتواصل الحملة الوطنية للتلقيح    كيفاش تعرف السمك ''ميّت'' قبل ما تشريه؟    عاجل/ هذه الدول تستعد للاعتراف رسميا بدولة فلسطين..تعرف عليها..    عاجل: العثور على قارب المهاجرين التونسيين المفقود في ليبيا بعد أسبوع من الرعب    الليلة في باريس: توزيع جائزة الكرة الذهبية 2025... المرشحون والقنوات الناقلة    حفل كبير اليوم في باريس... شوفو شكون من العرب في القائمة    عاجل : مباريات قوية مؤجلة من الجولة السابعة في الرابطة الأولى هذا الأربعاء!    كميّات الأمطار المسجلة بعدد من مناطق البلاد    عاجل: الأمطار الغزيرة اليوم... تبدا العشية وتبقى لليل وغدوة!    شيخ يحاول اغتصاب طفل ال5 سنوات في حديقة "الباساج"..!    تنشط بين احدى الدول الاوروبية وتونس/ القضاء يصدر أحكامه في حق المتهمين في الشبكة الدولية لتهريب المخدرات.. #خبر_عاجل    عاجل للتوانسة: عامر بحبّة يحذّر من تقلبات جوية قوية ويكشف هذه تفاصيل    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    محاولة تهريب أكثر من 500 كغ من المخدرات: الاحتفاظ بموظفة في شركة خاصة وموظف في الديوانة    بطولة العالم لالعاب القوى: الأمريكي هوكر يستعيد مكانته بتحقيق ذهبية سباق 5000 متر    "أمن المقاومة" يعدم 3 "عملاء" أمام حشد كبير في غزة    السعودية تصدر ضوابط جديدة للمحتوى عبر الإعلام والتواصل الاجتماعي    كيم جونغ أون يعلن حصول كوريا الشمالية على أسلحة سرية    عاجل/ آخر مستجدات أخبار أسطول الصمود بعد رصد طائرات مسيرة..    6 سنوات سجنا لكهل استدرج طفل قاصر وطلب منه تصوير فيدوهات...    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    نقابة المكتبيين وموردي وموزعي الكتاب تنظم دورة تدريبية حول "أدوات ادارة المكتبات"    قراءة سوسيولوجية في تطوّر العلوم لدى المسلمين    عاجل/ معطيات جديدة تكشف لأول مرة اغتيال نصر الله.. الموساد تسلل ونتنياهو أوقف العملية مرارا..    تواصل ارتفاع أسعار السيارات الشعبية في تونس.. وهذه أحدث الأسعار حسب الماركات..    الدورة الاولى لصالون الابتكارات الفلاحية والتكنولوجيات المائية من 22 الى 25 اكتوبر المقبل بمعرض قابس الدولي    نقابة الصحفيين : 9 اعتداءات على صحفيين ومصورين صحفيين خلال أوت الماضي    القبض على مروّج مخدرات بحوزته كوكايين وزطلة ..    البطولة الفرنسية : موناكو يتفوق على ميتز 5-2    أول لقاء علني بعد الخلاف.. تأبين الناشط اليميني كيرك يجمع ترامب وماسك    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    عاجل: التيارات الباردة تدخل من طبرقة وعين دراهم.. بداية الاضطرابات الجوية    آفاقها واعدة .. السياحة البديلة سند للوجهة التونسية    قابس...انطلاق الاستعدادات للموسم السياحي الصحراوي والواحي    حافلةُ الصينِ العظيمةُ    لأول مرة في تاريخها ...التلفزة التونسية تسعى إلى إنتاج 3 مسلسلات رمضانية    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    في اليوم عالمي للزهايمر: هذه توصيات وزارة الصحة    رابطة ابطال افريقيا : الاتحاد المنستيري يروض اسود الشرق السيراليوني برباعية نظيفة    الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    طقس الأحد: استقرار درجات الحرارة وأمطار منتظرة    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلال سلمان يكتب لكم : اهل الغاز والنفط يخرجون من عروبتهم
نشر في الصريح يوم 05 - 07 - 2018

الوطن العربي يتشظى. لا المشرق مشرق واحد بل هو ممالك وإمارات وسلطنات وجمهوريات وحروب تدمر الدول ووحدة الحاضر واحتمالات المستقبل الواحد: الصغير بات أعظم بثروته من الكبير وأقدر على التعامل مع الدول الكبرى (مثال قطر، ومصر).. أما المغرب فأشتات مبعثرة: ليبيا التي تفردت بأن تكون “الجماهيرية الأولى” في التاريخ اندثرت دولتها الغنية مع سقوط القذافي ونظامه.. أما تونس التي كانت مثال الاستقرار فلم تستطع دخول المستقبل لان ماضيها أفضل من حاضرها.
فأما الجزائر فقد غادرت موقعها الثوري الناصع وصارت مثل رئيسها قعيدة كرسي العجز، لا هي تعرف غيره ولا هو يتركها تعرف طريقها إلى غدها.
الأخطر: أن الهوية الجامعة تكاد تسقط.. فلا تكفي الكوفية مع العقال لتحديد الهوية طالما النفط او الغاز هو مصدر الثروة والمكانة وليس الهوية التي تغدو فاصلاً ولا تعود جامعاً، اذ يبتعد أهل الكوفية والعقال بثرواتهم عن اخوتهم الفقراء، بل ويستغنون عنهم مفضلين العمال والخبراء والمهندسين الذين لا ينطقون بلغة الضاد.
لقد باتت الكوفية مع العقال فاصلاً بين عرب الثروة وعرب الفقر، بمعزل عن اللباس الهوية، فمال النفط والغاز يذهب إلى الحكام ومن معهم، والى دول النفوذ الخارجي بالعنوان الاميركي البريطاني الفرنسي.. ونادرة هي الحالات التي مدت فيها حكومة الذهب الأسود أو الابيض يدها لمساعدة اخوانها الفقراء.
صار النفط ومعه الغاز هوية، تفرق بين العرب الذين كانوا امة واحدة فانقسموا أغنياء ينفقون اموالهم بلا حساب، ومعظمها يذهب إلى الغرب الاميركي، او شرهات ورشوات لبعض حكام البلاد العربية الفقيرة مقابل النفوذ والاستتباع (الاردن مثالاً، ولبنان، ولو بنسبة اقل).
في ظل هذ التشرذم سقطت الهوية الجامعة، فالمصالح هي المصالح، وهي اقوى من الهوية.. والعرب الاغنياء استغنوا عن هويتهم بالذهب، أسود وأبيض.. وفلسطين، قضية الامة المقدسة، وحقوقا وطنية للشعب في ارضه، ورمز تحرر الامة وتقدمها على طريق غدها، كل ذلك مكلف جداً ليس فقط في الإطار المادي بل اساساً في السياسة… والسياسة علاقات والعلاقات تتطلب المرونة، والمرونة قد تفرض التنازلات، والاسهل هو تقديم التنازلات من حساب “القضية” خصوصاً وان هذه القضية “اكبر” من اهلها، وأقدس من أن يستطيعوا الحفاظ عليها، ثم انها مكلفة جداً.. والسعي إلى “حلها” بالتنازل قاتل!
مع سقوط الهوية الجامعة “تحررت” الدول من “احجامها”. صارت الثروة هي التي تحدد الحجم والدور.. من هنا، مثلاً، أن قطر، الجزيرة المن غاز استطاعت، فترة، أن تتحكم بقرار جامعة الدول العربية، فترغمها او “تقنع” دولها، لا فرق، “بطرد” سوريا من هذه الجامعة، وهي التي كانت بين الدول الخمس التي قررت انشاءها (وقيل أن ذلك قد تم بطلب من بريطانيا..) ثم أن هذه الدولة الصغيرة بمساحتها وعديد سكانها تلعب دوراً خطيراً على المستوى العربي بل وحتى على المستوى الدولي، ويمكنها أن تتمرد بعد الجامعة العربية ومعها على مجلس التعاون الخليجي، ويحظى اميرها بالحفاوة في البيت الابيض الاميركي كما في قصور القياصرة الروس بشخص فلاديمير بوتين..
بل أن قطر هذه امكنها أن تقدم منطقة العيديد فيها، المحاذية للسعودية للولايات المتحدة الاميركية لتقيم فيها اكبر قاعدة عسكرية في منطقة الخليج العربي.. ثم “تجرأت” فسمحت لتركيا بإقامة قاعدة عسكرية فيها.
وقبل هذا كله ومعه، أقدمت قطر على الاعتراف “بدولة اسرائيل” وأقامت علاقات دبلوماسية معها، متجاوزة ارادة الامة، ولأسباب غير مبررة، فلا حدود مشتركة لها، مثلاً، مع دولة الكيان الاسرائيلي، ولا مصالح مشتركة الخ..
مع سقوط فلسطين كقضية مقدسة للعرب بمجموعهم انفض عقد الدول العربية، وتهاوت مكانة جامعة الدول العربية ومؤسساتها التي مثلت، ذات يوم، الطموح إلى الوحدة او الاتحاد او التجمع او التنسيق ولو بالحد الادنى..
تفرق العرب أيدي سبأ، واستقلت دول النفط والغاز بثرواتها، وصار الاميركي الاقوى “الضامن” لأمن الاغنياء، أقرب إلى عواصم هذه الدول من الاخوة الاشقاء، لا سيما الفقراء منهم الذين كانوا في ما مضى يتلقون شيئاً من المساعدة او الهبات او “الشرهات” من الاشقاء الاغنياء. صارت العلاقات بين “دول” تعززها او تضعفها وحدة المصير بعنوان القضية المقدسة، فلسطين، وضرورة تحريرها كشرط للتقدم خطوة باتجاه وحدة القرار.
تفرق العرب ايدي سبأ، و”استقلت” كل دولة بقرارها المستند، غالباً إلى ثروتها الطبيعية التي كانت وما زالت وستبقى، حتى اشعار آخر، في ايدي الدول العظمى بالعنوان الأميركي المفرد.
ولان الثروة هي المعيار، فقد تصاغر دور الدول العربية ذات التاريخ حتى الماضي القريب، لتتصدر الدول الأغنى المواقع القيادية، فتنشئ مجلس التعاون الخليجي “لتستقل” بقرارها عن اخوتها الفقراء، ويطوى علم فلسطين القضية المقدسة، في حين يسقط الحرم عن “دولة اسرائيل” كعدو للامة في ماضيها وحاضرها ومستقبلها..
واندثر التضامن العربي وانتقلت الدول العربية إلى التآمر على بعضها البعض. والكل يعرف أن أكثر من دولة عربية شاركت وتشارك في الحرب في سوريا وعليها.. كذلك فان دول النفط والغاز قد مارست في فترات معنية ضغوطاً على مصر مستغلة اوضاعها الاقتصادية الصعبة، وعلى العراق، لا سيما بعد الاحتلال الاميركي، وعلى لبنان لإخضاعه سياسياً(يمكن هنا الاستشهاد بواقعة احتجاز سعد الحريري، رئيس حكومة لبنان في فندق الريتز في الرياض..).
المتضرر الاكبر من هذه التحولات والانقسامات و”الحروب” العربية العربية هي القضية التي كانت مقدسة والمطروحة الآن في بورصة التنازلات: فلسطين… فاللقاءات العربية الاسرائيلية تتزايد، سراً وعلناً، والتضامن العربي يتلاشى. وكانت ملفتة للاهتمام الزيارة “المفاجئة” التي قام بها رئيس حكومة العدو الاسرائيلي، نتنياهو، إلى العاصمة الاردنية حيث التقى الملك عبدالله بن الحسين مباشرة، بعد استدعائه إلى الرياض، اثر التظاهرات الشعبية التي ملأت شوارع عمان، والتي دفعت دول مجلس التعاون إلى تقديم مساعدة عاجلة ومشروطة للملك الهاشمي، اتبعتها الكويت بمساعدة مستقلة.
ولقد تناقلت وسائل الاعلام الاسرائيلية اخباراً عن لقاء عربي موسع بالرعاية الاردنية، ضم عدداً من ممثلي دول عربية يفترض أن لا علاقات لها مع العدو الاسرائيلي. والملفت أن العواصم المعنية بنفي هذه الاخبار قد تجاهلتها تماماً، مما جعل الرأي العام العربي يعتبرها صحيحة.
ومفهوم أن فلسطين، كقضية مقدسة، وكحقوق شعب مطرود من ارضه، والتآمر جار ويكاد يبلغ ذروته، بينما لا يملك الفلسطينيون لاسيما في قطاع غزة غير دمائهم والحجارة في مواجهة مشروع “تمدد” الدولة الاسرائيلية، معززة بالقرار الاميركي إلى القدس لإعلانها عاصمة لدولة اسرائيل، على أن تعطى بلدة “ابو ديس” لتكون عاصمة فلسطين التي تستوطن الاحلام وتكاد تضيع في سلسلة المناقصات العربية المفتوحة.
والبعض ينتظر أن تتعاظم الخسارة، إذا ما غاب عن المسرح رئيس السلطة التي لا سلطة لها، في الارض المحتلة، وانفصلت غزة نهائياً عن الضفة التي سيكون مصيرها مجهولاً وسط هذا الضياع العربي البلا حدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.