ننشر اليوم الجزء الثاني من لقائنا بالفنان لطفي بوشناق... وفيه تكتشفون مواقفه من الأحزاب السياسية التونسية والأغاني المناسبتية التي تمجد الثورة ويرد على اتهامه بأنه مقرب من النظام السابق ومستفيد منه... التفاصيل في الورقة التالية... _ يراك المشهد العام قريبا من السلطة، مدللا عندها، تسجل حضورك في التظاهرات الكبرى، ولكن المقربين منك يعرفون توتر علاقتك بالسلطة الثقافية على الأقل، والدليل أنك غزير الإنتاج ولا تنال الدعم لإصداره، نريد أن نعرف ما هي تحفظاتهم عليك؟ _ كان حضوري العام الماضي بحفلتين فقط الأولى في مهرجان قرطاج الدولي، والثانية في مهرجان المدينة، في المقابل قدمت 26 حفلة في الخارج أربعة منها في أمريكا، واثنتان في معهد العالم العربي ببارس، وحفلة أخرى في السربون، والبقية في سوريا والمغرب، ولبنان، والصين، وغيرها من الدول... فهل أنا قريب إلى هذا الحد من كل الأنظمة في العالم وفي الوطن العربي؟؟ العام الماضي مثلا، قضيت شهرين من التمرين لأقترح حفلين فقط في تونس، ولم يحدث أن غنيت في قرطاج ببرنامج يشبه الذي سبقه، كما كان الجمهور في كل مرة يحضر حفلاتي بكثافة... ما هي الامتيازات التي استثنيت بها عن غيري من الفنانين؟؟ هل للسلطة دخل في إشعاعي في الخارج؟؟ _ ما هي احترازات السلطة عليك؟ _ لا مشاكل لي مع السلطة الثقافية أو وزارة الثقافة، أنا فقط لا أتقدم بملفات للغناء في المهرجانات، ولكنني استجيب إلى الاقتراحات وأستعد جيدا لكل حفل في أي تظاهرة أو مهرجان... بالنسبة إلى الدعم، تحصلت عليه مرة واحدة لإصدار شريط، و"ما عنديش رخصة لواج، ولا رخصة تاكسيفون، ولا خذيت أرض فلاحية بالسعر الرمزي، ولا عندي بطاقة حزب ولا عمري انتخبت..." شنوة تحبوني نعمل؟ مشكلتي إني نعرف نغني ونخدم على روحي وعندي جمهوري وإشعاعي خارج الوطن؟؟ هل كنتم تشاهدونني يوميا في التلفزيون؟ منذ تأسيسهما، لم أظهر سوى مرة واحدة على قناتي حنبعل ونسمة، ومنذ أكثر من ثلاث سنوات لم أظهر في التلفزة الوطنية... _ أنت متحفظ على الظهور الإعلامي؟ _ الحال التي وصل إليها المشهد الإعلامي في السنوات الأخيرة هو الذي كان ينبىء أكثر من غيره بسقوط النظام... المشهد الإعلامي كان مزريا، والتونسي قاطع التلفزيون الرسمي ولا يشاهد سوى مباريات كرة القدم... إذن لواش باش نتعدى؟ ومع شكون باش نتعدى؟ أتحدى أي منشط يقول إنني سلمته شريطا لي وطلبت منه أن يبث أغاني ويستضيفني في الإذاعة أو في التلفزيون... _ نحن الأن في مفترق الطرق بين تيار سياسي تقدمي، وعودة التيار الإسلامي، مع بقايا حزب حكم تونس أكثر من خمسين سنة ... هل ستحافظ على حيادك بعيدا عن لعبة السياسة، أم ستكون اليوم أكثر وضوحا وتعلن تأييدك لتيار ما؟ _ أنا ماليش في السياسة لكن أفكر، وماليش في الكلام لكن أحاول أعبر... أنا مرآة هذا العصر والحقبة الزمنية التي أعيشها، أريد أن أكون الناطق باسم شعبي، في غضبه، في حزنه، في آماله، في أحلامه، في ثورته، في تحدياته... لم أكن منتميا للأحزاب ولن أنتمي إليها، أنا فقط مشاهد أنقل الصورة، أغني، وأريد أن أكون شاهدا على عصري بما يمليه علي ضميري وحرفيتي وإيماني بهذا الوطن، وأنا مع كل قوة تخدم بلدي وتصل به إلى شاطىء الأمان... هذا ما يهمني، ولا دخل في لعبة السياسة، أنا حر طليق كطيف النسيم... _ تقول في إحدى أغانيك الجديدة "أنا تونسي فرحان ويشرفني"، تونس التي يفرحك ويشرفك الانتماء لها كيف تراها؟ _ لست هنا لأملي على الناس معنى الديمقراطية ومفهومها ، ولكن علينا ألا نصل إلى التخمة بعد سنوات من الجوع، علينا أن نفهم معنى الديمقراطية ومعنى الحرية ونهضمها جيدا ثم نعلمهما لأبنائنا من البيت إلى المدرسة حتى الجامعة... بعد هذه المرحلة التأسيسية وهي ضرورية جدا، علينا أن نستغل الديمقراطية الرصينة لصيانة هذه الثورة وصياغة مستقبل هذا الوطن... _ ما هو دورك كفنان في صيانة الثورة وصياغة مستقبل الوطن؟ _ دوري هو آداء رسالتي ونقل الصورة بكل صدق، لا أتردد في كشف الأخطاء والتغني بالإنجازات الجيدة في الوقت نفسه، سأسلط الضوء على السلبي والإيجابي كما كنت أفعل دائما... مانعملش السياسة، وما نحبش نحكي في الاجتماع والأمن والاقتصاد، هاني قاعد نخدم على روحي من موقعي كفنان... _ هل ستشارك في الانتخابات الرئاسية؟ _ أنا لم ولن أنتخب أحدا... أنا فنان وسأظل حرا طليقا، نحرس البلاد وكان "ثمة وسخ نحيه ونزرع الورد ونسقيه ونرعاه باش يزين البلاد" هذا هو دوري... _ استمعنا إلى عدد كبير من الأغاني التي أنجزتها بمناسبة الثورة... هل هي من باب الالتزام بدورك كفنان أم إستثمار للحدث ؟ _ هذه الأغاني هي امتداد ومواصلة لرسالتي الفنية التي انطلقت منذ أكثر من 35 سنة... هي تخليد للحظة ومحاولة لتوضيح الرؤى...ولست أنا من يركب الحدث _ كيف ترى موجة الأغاني الوطنية التي تنجز وتصدر هذه الأيام ؟ _ مش خدمتي نكون صحافي وناقد، هاذي خدمتكم انتوما، وحاسبوني على نفسي فقط... _ غيرك أعلن عن اعتزامه الغناء في سيدي بوزيدوالقصرين،أين أنت من هذه المبادرات؟ _ أعلنت عن غنائي المجاني في ثلاثة حفلات في قفصة والرديف منذ ثلاثة أشهر في برنامج في الإذاعة التونسية، أي قبل اندلاع الثورة، وهذا واجبي لا أتباهى ولا أتفاخر به... والجمهور في تونس يضعني في المكانة التي أستحقها وأعمل دائما على أن أكون في حجمها بعيدا عمن يعكر الماء ويصطاد فيه، والتاريخ "ما يرحمش" ووحده كفيل بإزالة كل الشوائب... _ هل تفكر في الغناء في سيدي بوزيد مثلا بعد الرديف وقفصة؟ _ مش معقول توة نمشي نغني في سيدي والدم مازال يسيل للركبة، والأمور مش واضحة، وهوما ناس عندهم مطالبهم وأنا نغنيلهم ويدخلولي بفلوسهم ومن باعد نرجعهالهم؟؟ توة هذا معقول؟؟ على شكون يضحكوا؟؟ افكر في تقديم حفلات في الخارج وإصدار ألبوم تخصص عائداتها إلى عائلات الضحايا أو للتنمية في سيدي بوزيد وفي القصرين وفي كل المدن التونسية التي تحتاج إلى المساعدة الفعلية... _ لماذا لم تحض أغانيك الجديدة بالاهتمام التلفزي، واقتصر بثها على بعض الإذاعات وفي الشبكة الاجتماعية "فايس بوك"؟ أخشى أن يقال إنني أنتمي إلى الحكومة المؤقتة إذا عرضت التلفزات التونسية هذه الأغاني... أقول هذا من باب الدعابة ولكن كل التأويلات متاحة وممكنة في هذه المرحلة وأسعى إلى آداء رسالتي وهذا ما يهمني أساسا... _ تربطك علاقة جيدة بكل الدول العربية ولكن صلتك بمصر وطيدة جدا، ما هو موقفك مما يحدث اليوم في هذا البلد الذي أقمت فيه فترة طويلة نسبيا، وتزوره باستمرار ولك فيه صداقات كثيرة؟ _ الزلزال ضرب في تونس، وكان طبيعيا إنو يعمل رجات في بلايص أخرى... _ (نقاطعه) ما يحدث في مصر رجة لا أكثر إذن؟ _ مصر بتاريخها وشعبها ومثقفيها وسياسيها وفنانيها وعلمائها ليست في حاجة لتتلقى النصيحة، وأهل مكة أدرى بشعابها... تونس ليست مصدرة للثورة، نحن فقط ربما ألهمناهم، والأيام ستثبت إن كانت "الرجة" قوية أو عارضة... _ كمتابع للأحداث هل تتوقع أن تذهب الثورة المصرية بعيدا في مطالبها؟ _ أخشى دائما من الفتنة و"الفتنة أشد من القتل" وأخشى من الأيادي الخفية، والمقايضة والمصالح، والتنازلات، ولكن ثقتي كبيرة في الشعب المصري وفي وعيه، ومصر _ أحب من أحب وكره من كره _ هي جذع في الوطن العربي، ويهمني استقرار كل الدول العربية باختياراتها السياسية... أحترم إرادة الشعوب، ولكنني كإنسان وكفنان وكمواطن تونسي عربي مسلم أتمنى الاستقرار للوطن العربي كله في مناخ من الحرية والديمقراطية والعدالة... _ هل أنت مع الأصوات التي تنادي بإلغاء مهرجان قرطاج هذا العام؟ _ أنا مهرجاني دائم، أعيش لأغني ولا أغني لأعيش، الغناء عندي هو الإكسير ولا تمر اللحظة في حياتي دون أن أنتج أو أغني وإن فعلت ذلك أحاسب نفسي من دون رحمة والمقربون مني يمكنهم أن يؤكدوا لكم ذلك... _ ما هي رسالتك لشباب تونس ونحن في مفترق الطرق؟ _ الحب، والمواطنة، وعدم إقصاء الآخر، والعمل... تونس اليوم في حاجة إلى وقفتنا جميعا كل من موقعه... على الجميع أن يؤدي رسالته بما يرضي الله والضمير، وأن نشرع في البناء من اليوم، وإيماني أنا لطفي بوشناق هو D = D DROIT = DEVOIR و DEVOIR = DROIT حق يساوي واجب، وواجب يساوي حق... قم بواجبك وطالب بحقك، تناله... النظام السابق خلف الخوف والحقد الاجتماعي، لذلك أدعو إلى الحب، والحب، والحب... علينا بعد هذه الثورة أن نسقي شجرة الحب ونبني تونس... وأقول أيضا للمسؤولين السياسيين الذين نراهم يوميا في تلفزاتنا إننا في حاجة اليوم إلى قراراتكم وعملكم لإعادة بناء الوطن أكثر من الظهور في التلفزات...