مركز الاعمال بصفاقس ينظم الاربعاء 08 أكتوبر المقبل يوما مفتوحا لتمويل المشاريع عبر مؤسسات التمويل الصغير    ترامب يصنّف حركة 'أنتيفا' منظمة إرهابية    الرابطة الأولى: كريم دلهوم مدربا جديدا لإتحاد بن قردان    وزير الشباب والرياضة يكرّم الرياضيين المتالقين في بطولة العالم لألعاب القوى    بطولة العالم للفروسية: تونس تحرز المرتبة السادسة في مسابقة الفرق    الكرة الذهبية : لاعب باريس سان جيرمان عثمان ديمبلي يتوج بجائزة افضل لاعب في العالم    البطولة الفرنسية : فوز مرسيليا على باريس سان جيرمان بهدف دون رد    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة    السيول تداهم الأودية.. وخبير طقس يحذّر من مخاطر الطرقات    وزير الاقتصاد يتباحث مع المدير الإقليمي للمنطقة المغاربية بمؤسسة التمويل الدولية، سبل تعزيز التعاون.    محرز الغنوشي يُحذّر من تواصل الأمطار هذه الليلة    مناظرة هامة بوزارة التجهيز.. #خبر_عاجل    قضايا الفساد المالي: رفض الإفراج عن مسؤولين سابقين بوزارة التربية وتأجيل المحاكمة    وزارة الصحة تطلق أول عيادة رقمية في طب الأعصاب بالمستشفى المحلي بالشبيكة بولاية القيروان    فاجعة في منوبة: حادث مرور يودي بحياة مسؤولة في البريد    عاجل/ النّائب محمد علي يكشف آخر مستجدات "أسطول الصمود"..    ماذا حدث في مطار مدينة نيس الفرنسية بين طائرة 'نوفلار' و'ايزي جات'؟    أمطار قياسية في مناطق من تونس.. الأرقام كبيرة    أنجلينا جولي: لا أعترف بأميركا حالياً    عاجل: إعصار رهيب يقترب من هذه الدولة    صادم : العازبات التونسيات أكثر ضحايا العنف النفسي والجسدي والجنسي!    عاجل/ يهم المخدرات والاحتكار: رئيس الجمهورية يسدي هذه التعليمات لوزير الداخلية وكاتب الدولة للأمن وآمر الحرس..    مسيّرات مجهولة تغلق مطارين في الدانمارك والنرويج    رئاسة مؤتمر حل الدولتين: إنهاء الحرب في غزة أولوية قصوى    رئيس الجمهورية يدعو إلى تأمين محيط المعاهد ومقاومة تجّار المخدرات    قيس سعيد: كلّ المؤسّسات المُنتخبة منبعها الشّعب التونسي صاحب السيادة    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    أهم كميات الأمطار ال 24 ساعة الفارطة    العودة المدرسية والجامعية، ومكافحة الفساد، ابرز محاور لقاء رئيس الجمهورية برئيسة الحكومة    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الدفاع الوطني    نجاة من كارثة محققة في مطار نيس: طائرتان تفلتان من اصطدام مروع    عاجل/ احباط عملية تهريب جديدة للمخدرات بميناء رادس..وهذه التفاصيل..    حجز حوالي 4523 كغ من المواد الغذائية الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك    وزارة الفلاحة تطلق مشروع التنمية الشاملة للزراعات الجبلية الصغرى بالشمال الغربي - دينامو-    عاجل: عثمان ديمبلي يتوج بالكرة الذهبية لعام 2025    زاده الشيب جمالاً... تيم حسن يلفت الأنظار بوسامته    الإعلامي محمد الكيلاني في أمسية أدبيّة بسوسة...غادرت التلفزة واتجهت إلى الكتابة لغياب التحفيز والإنتاج    منزل تميم .. لحماية صابة الفلفل الأحمر فلاّحو منزل حر يطالبون بتوفير المبيدات    المدرسة الابتدائية الشابية بتوزر .. «نقص فادح في العملة»    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    يا توانسة ردّوا بالكم: مواد غذائية فاسدة محجوزة في برشا ولايات!    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    الحلبة: فوائد كبيرة.. لكن هذه الأضرار لا تتوقعها!    عاجل: أمطار رعدية مع برد تتقدم للشمال والوسط التونسي    منظمة إرشاد المستهلك : ''غلاء اللّحوم والإنترنت يوجّع في جيوب التوانسة''    صيام ربيع الثاني: برشا أجر في 3 أيّام برك...أعرفهم    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    عاجل : مباريات قوية مؤجلة من الجولة السابعة في الرابطة الأولى هذا الأربعاء!    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    أحكام بين 10 و20 سنة سجنا في قضية تهريب مخدرات أطيح بأفرادها عبر "درون"    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : هل تخلي الباجي قائد السبسي عن الفكر البورقيبي والمرجعية الاصلاحية للحركة الدستورية؟
نشر في الصريح يوم 23 - 08 - 2018

ما زال حديث رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي توجه به إلى الرأي العام بمناسبة عيد المرأة الأخير يلقي بظلاله الكثيفة على المشهد الإعلامي والسياسي بتواتر التصريحات والتعليقات والمواقف لمختلف الأحزاب السياسية ورموزها ولشريحة كبيرة من أفراد الشعب التونسي الذي تهمه مسألة المواريث تفاعلا مع المقترح الذي قدمه رئيس الدولة بخصوص تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة الذي أغضب الرافضين للتقرير ولم يرض المساندين له وهو مقترح يبدو أنه لم يحل مشكلة قواعد الميراث بل زادها تعقيدا وحيرة وفتح أبوابا كانت مغلقة ووضع ألغاما كنا في غنى عنها . فقوله بأن الحل الذي إنتهى إليه حول مقترحات لجنة الحريات في موضوع المساواة في الميراث هو الأخذ بمبدأ التخيير في توزيع الميراث حيث قال حرفيا : من أراد أن يطبق قواعد المواريث الشرعية وله خلفية دينية فله ذلك ومن أراد تطبيق المساواة والاحتكام إلى الدستور فله ذلك وفق صيغة انتهينا إليها وهذا يعني أن رئيس الدولة قد منح الشعب حرية الاختيار في اتباع إحدى المنظومتين القانونيتين في توزيع تركة الميت وبالتالي فقد أقر بتلازم التشريعات المختلفة وتعايشها في الدولة الواحدة وكأنه بمقترحه هذا يعود بنا إلى الوضع الذي كان عليه الشعب التونسي في زمن الاستعمار الفرنسي الذي عرف المحاكم والقوانين الفرنسية جنبا إلى جنب مع المحاكم والقوانين الإسلامية التونسية فضلا عن تواجد المحاكم الأجنبية للجاليات الأخرى وخاصة اليهودية منها.
والغريب في هذا المقترح الذي ذهب إليه رئيس الجمهورية والذي وصف بالتوافقي وبأنه قد راعى فيه مواقف كل الأطراف وحاول من خلاله أن يرضي الجميع بجنوحه إلى اتباع سياسة مسك العصا من الوسط حتى لا يعاب عليه أو يلام بأنه منحاز لشق على حساب شق آخر قد تراجع واختفى حينما تحدث عن هوية الدولة التونسية وعن مرجعيتها القانونية التي أقصى منها الشريعة الإسلامية كإحدى مصادر القانون مع مصادر أخرى يدركها أهل الاختصاص من الحقوقيين ذلك أن الدين الإسلامي والفقه الإسلامي والشريعة الاسلامية هي في التشريعات العربية والإسلامية إما مصدر أولي في سن القوانين أو هي مصدر من بين مصادر أخرى مع العرف والعادة والقوانين الوضعية وقل وندر أن تجد دولة عربية مسلمة تتنكر أو تتنصل من الشريعة الاسلامية مصدرا من مصادر القانون الوضعي غير أن كلام رئيس الدولة في خطابه في عيد المرأة كان صادما حينما تنكر كليا وأقصى كل صلة للدولة التونسية وتشريعاتها بالإسلام وشريعته حينما قال صراحة " نحن ليست لنا علاقة بالقرآن ونحن دولة مدنية والقول بأن تونس لها مرجعية دينية هو قول فاحش " فبهذا التصريح الخطير قطع رئيس الدولة الصلة نهائيا بين الدولة باعتبارها دولة مدنية كما يقول في تأويل مشوه ومبتور للدستور ودين الشعب الذي يؤكد على أنه مسلم وعلينا أن نراعي شعوره ولا نصدمه أو أن نتصادم معه وهو موقف يعطي الانطباع بأن الدولة التونسية لها وصف مختلف عن وصف الشعب الذي يتبعها ويجعل للدولة قوانينها الخاصة بها و للشعب الذي يعيش في ظلها ويسكن رقعتها الجغرافية قوانينه الخاصة به وهي وضعية غريبة قل وندر أن توجد صورة مثيلة لها في كل أمم الدنيا والسؤال المحير هنا هل هذا الكلام الذي توجه به رئيس الجمهورية إلى عموم الشعب هو كلام متزن ومعقول في دوله يقول فصلها الأول من الدستور " بأن دينها الاسلام " وهل هذا الخطاب الذي قدمه يرتقي لأن يكون رؤية إصلاحية اجتماعية تمثل تواصلا للنهج الإصلاحي للحركة الاصلاحية التونسية بدءا من الطاهر الحداد ومن جاء قبله من المصلحين ومرورا بالرئيس بورقيبة ورؤيته لتحديث المجتمع ؟ وهل يعد حديث الباجي قائد السبسي تنكرا للفكر البورقيبي والمرجعية الدستورية والرؤية الاصلاحية للرئيس بورقيبة التي يزعم الكثير من الدستوريين احياءها والانتماء إليها ونخال الباجي قائد السبسي واحدا منهم ؟
في حوار له يدور هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي كان قد أجري مع إحدى القنوات الفرنسية مسجل باللون الأبيض والأسود حصل في بداية الاستقلال وبعد سن مجلة الأحوال الشخصية قال الرئيس الحبيب بورقيبة بكل وضوح في جواب على أسئلة محاوره حول علاقة الإسلام بالدولة العلمانية وتحقيق التقدم وعن علاقته بالتخلف ومواكبة مستجدات العصر وهل يمثل الدين الإسلامي عائقا أمام الحداثة وبناء دولة عصرية ؟ قال " إن الدولة التونسية العصرية هي ليست دولة علمانية وإنما هي دولة إسلامية تقدمية وهو ما يمثل خصوصيتها التونسية .. من يعتقد أن الإسلام عنصر تأخر وجمود فهو مخطئ لأن المشكل في عقول بعض المسلمين وفي كيفية تقديمهم وتأويلهم للإسلام من الذين حصروا الدين في مجال ضيق ونطاق منته ومغلق .. من ناحيتي وحتى لا أصدم المشاعر الدينية للشعب التونسي المسلم وفي نفس الوقت حتى أخدم الدين وأفيده وحتى أكون إيجابيا عكس البعض من الذين لا يرون للدين من فائدة فقد أوّلت بعض نصوص الإسلام بشكل ليبرالي تحرري وبهذا العمل تمكنت من أن أدفع الشعب المسلم نحو طريق التقدم من خلال استعمال الطبيعة المنفتحة للقانون الإسلامي نفسه فعوضا أن نقطع مع الدين الإسلامي كما يريده أصحاب الفكر الذي لا يرى من فائدة للدين وأن الإسلام لم يعد يصلح للحياة ، عوضا عن ذلك فقد برهنت بأن الإسلام عنصر تقدم ولم يكن يوما عائقا أمام المدنية كما أنه ليس متعارضا مع الديمقراطية ذلك أن الاسلام في زمانه الأول كان نظاما ديمقراطيا بامتياز فهو لم يقر الحكم الشمولي الاستبدادي ولم يكن نظام حكم ملكي وراثي لقد كان نظاما ديمقراطيا يقر الحريات والعدالة والمساواة .. ما قمت به هو أني أخرجت نصوص الدين التقدمية التي تتطابق مع ما يحتاجه الواقع الذي نعيش فيه .. نحن حققنا إسلاما متجددا تقدميا مواكبا للعصر ومنسجما مع الواقع .. الدولة العصرية التي بنيناها أردنا أن يكون الانتماء فيها للوطن و العنصر الديني فيها هو عامل من بين عوامل أخرى ولكنه العامل الأكثر أهمية "
هذه هي البوقيبية كما ظهرت إبان تأسيس الدولة التونسية الحديثة وهذا هو الفكر البورقيبي وهذه هي المقاربة الاصلاحية للحركة الدستورية التي لم تكن يوما متنكرة للإسلام ولا هي في قطيعة مع الدين وهذه هي الرؤية الاصلاحية الاجتماعية للرئيس بورقيبة وهي رؤية متصالحة مع الإسلام ومعترفة بتشريعاته رغم كل ما يقال عنه من كونه رجلا علمانيا معاديا للدين. فهل حافظ الرئيس باجي قائد السبسي على هذا الإرث البورقيبي ورؤيته الإصلاحية ورؤيته للارتقاء بالمجتمع ؟ وهل حافظ على التمشي الاصلاحي للرئيس بورقيبة في علاقته بالإسلام وبالاجتهاد من داخل الدائرة الاسلامية أم أنه قد قدم مقترحا غريبا عن تربته وعن هويته وقدم حلا لمسألة المساواة في المواريث يقطع مع المنهجية البورقيبية في تقديم الحلول للمجتمع ؟
فهل يمكن القول أن مقترح رئيس الدولة بالمبادرة التي قدمها قد أنهى السند الإصلاحي للحركة الدستورية التي كانت دوما في تصالح مع هويتها ؟ وهل يمكن القول أن الرؤية الإصلاحية للمدرسة البورقيبية قد توقفت وانقطعت مع خطاب رئيس الدولة وهي مدرسة كانت دوما تعتبر الإسلام عنصر قوة و ثبات في هويتها ومعطى رئيسيا في كل عملية إصلاح اجتماعي في حين أن ما قدمه السيد الرئيس يلغي أية صلة أو ارتباط بهذه المدرسة البورقيبية التي عرفت الدولة التونسية بأنها دولة إسلامية تقدمية الإسلام فيها عنصر مهم في هويتها ومرجع تشريعي متقدم لا يمكن القفز عليه أو تجاهله في كل عملية تقنين وسن جديد للقوانين أو إصلاح وتحديث اجتماعي . فهل ما زال لكل من ساند موقف رئيس الدولة بخصوص حديثه عن قطع الصلة مع المرجعية الإسلامية للدولة التونسية من مبرر للقول بأنهم ينتمون إلى المرجعية البوقيبية والإرث البوقيبي وفكر الرئيس بورقيبة ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.