مهما كانت مرجعياته او اختلافاته ,فان الاسلام السياسي و الذي يجمع الاخوان و التحرير و السلفيين ... لا يعترف في ادبياته بمفهوم الدولة القائمة على المواطنة بل يبني كل تصوراته و تصنيفاته على اساس الدين . فوطن الاسلاميين هو بلاد المسلمين ,و تصنيف افراد المجتمع يتم على اساس مسلمين و غير مسلمين ,اما الدولة فهي بالنسبة لهم اسلامية تحكم حصريا بما انزل الله او لا تكون ,و لا سبيل في ظل حكمهم لتواجد علمانيين او يساريين او شيوعيين ... هكذا هم و هكذا يفكرون و لا غرابة بالتالي فيما يتبنون من مواقف و خيارات ,تنسجم و ترجح كفة اسلاميين مثلهم و لو كانوا اجانب بمفهومنا نحن غير الاسلاميين , و انظروا كم يقدسون و يعشقون الدكتاتور اردوغان الواهم بالخلافة و السلطنة لتتاكدوا من خلفياتهم الفكرية و الايديولوجية . اما الديموقراطية فهي عندهم مجرد صناديق اقتراع ووسيلة و مطية من اجل الوصول للسلطة و من ثمة احكام القبضة و لا سبيل لحرية اعلام او استقلال قضاء او حرية لعمل نقابي و غير ذلك... مما يعتبرونها خزعبلات و تشويش على الحاكم الذي يجب ان يسمع و يطاع . و هم مخترعون و ممارسون مهرة وقت الضرورة لما يسمى بالتقية ,من اجل تجاوز الصعاب و العواصف القوية في انتظار التمكن و التمكين ,و في رائي البسيط فان شئت ان تعرفهم فانظر لبرنامج حزب التحرير الذي بالمناسبة احييه على وضوح طرحه و صراحته و توافقه مع ذاته , كما اني لا اعتبرهم مختلفين عن الدواعش الا في تبني الاخيرين للعنف كوسيلة وحيدة للتغيير اوالوصول للسلطة . الاسلام السياسي بما تطرحه حركاته المختلفة و المتعددة لا يمكنه ابدا ان يتوافق مع الدولة المدنية العصرية و لا مع مفهوم المواطنة و لا مع الديموقراطية , و هو بالضرورة مقسم للاوطان الحالية و لا يمكنه ان يلعب سوى ادوارمضرة و سلبية ,ليس لان انصاره اشرار او شياطين, بل لانهم مدمغجين باطروحات غبية تفتقر لادنى المام بالعلوم السياسية و الاقتصادية العصرية و تحتوي تاويلات خاطئة لبعض الايات القرانية , سبق ان كتبت فيها في مقالات سابقة عديدة . ان الاسلام و الذي كما ينص عليه الدستور هو دين الدولة التونسية ,المسؤولة بالتالي عن احترام ثوابته و تفعيل احكامه و تعاليمه, لبراء من الاسلام السياسي الذي اينما حل الا و حلت معه الفتنة و الخراب , وقد حان الوقت في تونس ,ان نضيف فصلا لقانون الاحزاب يمنع تاسيس الاحزاب على اساس ديني او عرقي او طائفي ,حتى نجنب وطننا ما حصل في السودان او فلسطين او مصر او غيرها من البلدان . قال تعالى : "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ(12)". صدق الله العظيم ناشط سياسي مستقل