قابس: عودة الحياة الى نسقها العادي بمدينة قابس    الهيئة الجهوية لعمادة المهندسين بقابس تدعو السلط المعنية الى ارساء هيكل جهوي للمراقبة البيئية تضم مهندسين من اختصاصات مختلفة    مشاركة محافظ البنك المركزي التونسي في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي بواشنطن    وزارة التشغيل: تفعيل برامج التعاون والاتفاقيات المبرمة بين تونس وسلطنة عمان في مجال العمل    مشروع قانون المالية الجديد: 1.5 و2 ددينار أداءات على الفواتير من المساحات التجارية    إجراء جديد لدعم صغار الفلاحين ضمن مشروع قانون المالية 2026    يوم غضب في قابس    الملف | الزراعة الذكية في تونس: ابتكار وطني يزدهر في توغو    الملف | الموسم الحبوبي 2025 : إنتاج وفير وآمال متجددة في تحقيق الاكتفاء الذاتي    هل تسير فرنسا نحو مديونية "على الطريقة اليونانية"؟    لأول مرة منذ 20 عاما.. جواز السفر الأمريكي يفقد بريقه    عاجل/ في خرق جديد لاتفاق وقف اطلاق النار: هذا ما فعلته اسرائيل..    إيطاليا تؤكد التزامها بالمساهمة في إعادة إعمار غزة..    زلزال بقوة 6.6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    تصفيات مونديال 2026: مباريات الملحق الافريقي من 13 الى 16 نوفمبر المقبل    السباحة الأسترالية تيتموس تعتزل بشكل مفاجئ    سابقة في أمريكا اللاتينية.. أوروغواي تقر قانون القتل الرحيم    بطولة كرة السلة: شبيبة القيروان تفوز على اتحاد الانصار    تونس تشارك في كأس التحدي العربي لمنتخبات الأكابر للكرة الطائرة    مونديال تحت 20 عاما (الدور نصف النهائي) : المغرب يزيح فرنسا بركلات الترجيح ويلاقي الارجنتين في النهائي    طقس اليوم: أمطار عزيزة ببعض الجهات مع تساقط محلي للبرد    الطقس اليوم..أمطار رعدية بهذه المناطق..    مدينة تستور تحتضن الدورة التاسعة لمهرجان الرمان من 29 اكتوبر الى 2 نوفمبر 2025    قابس: يوم غضب جهوي احتجاجا على تردي الوضع البيئي    ترامب: إسرائيل قد تستأنف القتال في غزة بكلمة مني إذا لم تلتزم حماس بالاتفاق    ترامب يفكر بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    عاجل: الضرائب ترتفع والقروض تزيد... شنوّة الجديد في مشروع قانون المالية 2026؟    مصر.. الحرب في غ.زة انتهت وترامب هو الضمانة الأولى لتنفيذ الاتفاق    بلغت 58 مليمترا.. امطار غزيرة بولايتي القيروان وسوسة    تراوحت بين 12 و31 سنة.. صدور أحكام سجنية ضد عناصر شبكة دولية لتهريب الكوكايين    ليالي المدينة الهائمة    قراءة في كتاب د. ضياء خضير عن د. علاء بشير «جرّاح التشكيل العربي» وثيقة جمالية وفكرية عن مسار التّشكيل العراقي والعربي    التمديد في غلق موسم صيد الأخطبوط بشهر آخر    صفاقس: انطلاق موسم جني الزيتون يوم 29 أكتوبر الجا ري وسط توقعات بصابة قياسيّة تناهز 515 ألف طن    المنستير : عروض فنية مختلفة وثرية في "أكتوبر الموسيقي" بالمنستير من 18 إلى 31 أكتوبر    محمد بوحوش يكتب:صورة الأرامل في الأدب والمجتمع    هطول كميات متفاوتة من الامطار خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    انتبه: رياح قوية تصل سرعتها إلى 60 كم/س مع السحب الرعدية    الليلة ستشهد انخفاضا في درجات الحرارة    المهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع" يفتتح دورته الثالثة من ولاية توزر    القصرين تستقبل 27,500 دعسوقة    مستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس: إنقاذ طفل ال 12 سنة بعد تعرّضه لتوقف قلبي مفاجئ    باحث تونسي يتصدر قراءات العالم الأكاديمية ويحصد جائزة «Cairn / الفكر 2025»    في بالك : 15 أكتوبر هو اليوم العالمي لغسل اليدين ...شوف الحكاية كاملة    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي لبقية اليوم..أمطار رعدية بهذه المناطق..    بإشراف وزير الفلاحة ووالي جندوبة: خبراء يبحثون آفاق زراعة اللفت السكري    مستشفى الرابطة: يوم مفتوح لتقصي هشاشة العظام في هذا الموعد    رياض دغفوس: تسجيل حالات كوفيد-19 محدودة ولا تهدد النظام الصحي    بين الأسطورة والذكاء الاصطناعي: قصة جواز سفر من دولة لا وجود لها تهزّ الإنترنت    الزهروني : الاطاحة بعصابة السطو على المنازل    بداية من اليوم..انطلاق حملة التلقيح ضد "القريب"..    عاجل : 7 منتخبات عربية تتأهل إلى مونديال 2026 وتونس في الموعد    الاحتلال يعيد فتح معبر رفح بعد تسليم "حماس" جثث أربعة رهائن    غدا الاربعاء: الدخول مجّاني الى هذه المواقع.. #خبر_عاجل    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم : القضايا المنتصرة تحتاج إلى السياسة الصائبة..أكثر من حاجتها إلى قبور الشهداء
نشر في الصريح يوم 05 - 09 - 2018

في الرابع عشر من شهر جانفي 2011 عزفت تونس لحنها الثوري العذب وتمايل الشعب طربا تناغما مع ألحان لطالما اشتاق لسماعها سنوات طوال..
قبل هذا التاريخ الجليل كانت قوافل الشهداء تسير خببا في مشهد قيامي مروّع بإتجاه المدافن بعد أن حصد الرصاص المنفلت من العقال رقاب شباب تبرعم ربيعهم وأزهر في بساتين العمر الجميل..شباب تقدموا بجسارة من لا يهاب الموت ليفتدوا تونس بدمائهم الزكية ويقدموا أنفسهم مهرا سخيا لعرس الثورة البهيج..
كان-البوعزيزي-أوّلهم حين خرّ صريعا ملتحفا نارا بحجم الجحيم،ثم سقط من بعده شهداء كثر مضرّجين بالدّم، بعد أن أفرغ-حفاة الضمير-غدرهم في أجسادهم الغضّة..أجسادهم التي سالت منها دماء غزيرة..و في الأثناء كانت الفضائيات-بارعة-وهي تمطرنا بمشاهد بربرية دموية لا يمكن لعاقل أن يصدّق وقوعها في بلد كان يزعم-حاكمه- أنّه من مناصري حقوق الإنسان..!!
ترى كم احتاجت تونس إلى مثابرة وزخم ودم ليضطرّ -الطاغية- إلى الرحيل،ويضطر العالم إلى سماع صوتنا الذي ما كان أن يصل لو لم يكن له هذا الثمن الفادح؟
الإرادة وحدها قادرة على تحقيق نصر ينبثق من دفقات الدّم ووضوح الموت..
هي ذي تونس-اليوم-وقد غدت استثناء..تونس التي أشعلت بثورتها المنطقة العربية بدرجات متباينة،لكن ردود الفعل على هذه الثورات هي ما صاغ اختلافاتها،علاوة على التمايزات في المكون الاجتماعي للدول العربية..
أقول تونس،استثناء،.فمصر ما زالت مضطربة. وسورية تطحنها حرب أهلية،في مقابل أن ليبيا تعاني اضطرابات أمنية وسياسية،وشبح صراع أهلي مسلّح يخاض ويخشى من تطوره لحرب أهلية شاملة.واليمن تحيط به انقسامات قبلية عميقة،ودعوات انفصالية في ظل فشل وشلل كامل للدولة،وتدخلات أطراف دولية وإقليمية..
عوامل عديدة مرتبطة بطبيعة تونس وحدها،جعلتها استثناء عن بقية دول ما يسمى -بالربيع العربي-أهمها طبيعة الجيش،وطبيعة الإنتقال السلس للسلطة..لتجعل من الإنتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا في كنف النزاهة والشفافية النموذج الفريد في المنطقة العربية الذي يترجم وعي المجتمع التونسي وقدرته الفائقة على الحفاظ على مكتسبات الثورة..
يقول البعض منا أنّ استثنائية تونس يعود الفضل فيها إلى الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وحقبته التاريخية التي امتدت عبر ثلاثة عقود وفرض فيها قيماً حداثية وليبرالية تقطف تونس ثمارها اليوم..
ولكن..ما يحتاج إلى قراءة أكثر عمقاً هو مسألة الهوية في تونس.فتركيبة المجتمع لم تنتج انقسامات طائفية أو قبلية.وحكم التجاذبات في تونس الأفكار لا الهويات،وهو ما جعل الصراع على المجتمع أقل مما هو عليه في بقية دول الثورات.وهو ما سيجعل حتما من المحاولات البائسة لتقسيم تونس مناطقيا:جنوب-شمال ومن ثم إذكاء نار الفتنة بين الجهات،ضربا من الأوهام الزائفة..
ومن هنا،تتجلى تونس كأهم نماذج الثورات العربية..تتجلى-اليوم-بوجه مشرق،كدولة عربية تعيش فترة انتقالية مستقرة نحو الديموقراطية والتعددية..تونس التي لم يلوثها القمع،ولم يُدِرْ دفتها العسكر..لن –يشتاق-شعبها لمشانق الدكتاتور..ولا لقمع دولة البوليس..ولن ينخرط في حرب أهلية لا أرضية لها ولا جذور..
ولكن..
الصورة ليست ورديّة بأي حال،إذ لا تزال الملفات التي تحتاج إلى حلول،عديدة ومتعدّة،منها الملف الأمني،أو "الإرهاب،والاضطرابات الاجتماعية والإنماء غير المتوازن بين المناطق،والصعوبات الاقتصادية الكبيرة..إلخ
ما يتفق عليه العديد من المهتمين بالشأن السياسي التونسي هو أنّ تونس تتجه كي تصبح رائدة الديمقراطية في العالم العربي،ولكنها-كما أسلفت-لا تزال تواجه تحديات ضخمة وفعلية. فالبلاد في أشد الحاجة للإستقرار السياسي،الذي يُعدّ الاستقرار المؤسساتي من أهم مرتكزاته. .
ما أريد أن أقول؟
أردت القول،أنّ تونس تحتاج في المرحلة المقبلة،إلى استقرار كي تهضم مكاسبها الديمقراطية التي أنجزتها بقدرة مذهلة واستثنائية إذا ما قيست ببقية البلدان العربية التي شهدت ثورات سرعان ما تحوّلت إلى فوضى واحتقان..فالتونسيون يقومون بخطى ثابتة صوب الديموقراطية،وهم مدركون بأنّ بلدهم(تونس) يصنع التاريخ،ويؤسس لغد مشرق تصان فيه كرامة الإنسان..
ما المطلوب؟
المطلوب أن لا ينزل السياسيون إلى حضيض الصراعات والمزايدات التي لا طائل من ورائها سوى تأجيج الأوضاع وتغليب الفتق على الرتق،هذا في الوقت الذي نحتاج فيه جميعا إلى تهدئة الأوضاع وتخفيف حدة الإحتقان،سيما وأنّ -قوى إقليمية- تزعجها التجربة التونسية الرائدة،وتسعى بالتالي إلى إفشالها بمساندة طرف على حساب آخر ومحاولة تأجيج حالة الانقسام. ولكنها محاولات فشلت إلى حد الآن في كسر "حالة الوعي العام" الداخلي التي تعكس إصرار التونسيين،الذين عبّروا بشكل قاطع عن رغبتهم في طَي صفحة هذه الوضعية الانتقالية،التي طالت بالنسبة اليهم وحالت نسبيا دون عبور تونس من صيغة المؤقت..إلى الدائم والدستوري..
قول هذا،وأنا على يقين بأنّ تونس أكبر من الجميع..وأثمن من كرسي قرطاج،ويكفي أن ننظرَ بعين بصيرة إلى ما تحقّق فيها من إنجازات حتى ندركَ بما لا يدع مجالا للشك بأنّ مرحلة صناعة الدكتاتورية اندثرت ولن تعود إلى الأبد..
لست أحلم
ولكنّه الإيمان،الأكثر دقّة في لحظات الثورة التونسية العارمة،من أسلوب زراعة الخوف والتخويف..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.