"الجهات رافد للتنمية وليست عائقا لها" و"دعت اليه كل الاطراف .. هل يعيد الباجي نداء 2012؟" و"أوقفوا معاول الهدم" و"بنى تحتية مهترئة .. قنوات تصريف مياه من زمن الاستعمار وغش في المقاولات .. كارثة نابل تخفي مزيدا من الكوارث ولا أحد يريد تحمل المسؤولية"، مثلت أبرز عناوين الصحف التونسية الصادرة اليوم الثلاثاء. اعتبرت جريدة (الصحافة) في افتتاحيتها اليوم، أن ما كشفته أمطار نابل مؤخرا وما تسببت فيه من خسائر ونتائج وخيمة على البنية التحتية وعلى الفلاحة والسياحة ومختلف النشاطات التي كانت تعتبر مفخرة للجهة ومورد رزق لملايين من التونسيين ومقصدا للجميع من كل أنحاء العالم، يعطي البرهان مرة أخرى على أنه لا أفضلية لحهة على أخرى مهما حاول البعض أن يصور لنا فوارق وهمية لا تعدو أن تكون الا حبرا على ورق مشيرة الى أن الجهات التونسية متكاملة والفوارق بينها لا تعدو أن تكون صنيعة بعض السياسات السابقة سواء مقصودة أو وليدة ضرورات جغرافية وظهرت عيوبها الان أكثر من ذي قبل وكشفت الكم الهائل من التناقض بين الخطاب السائد الذي كان يروج لازدهار وهمي وبين الواقع المعيش الذي لا يعدو أن يكون مجرد طلاء فاقع يخفي أوهاما لم تستطع الصمود أمام ساعتين من الامطار الطوفانية. وأضافت أن هذه الحقيقة التي انكشفت بفعل عامل طبيعي تجعل من الجهات التونسية مرة أخرى في قمة أولويات كل الحكومات القادمة وتجعل من مسألة النهوض بها ضرورة حياتية عاجلة لا تحتمل التأخير بل على رأس كل الاولويات وفي صدارة كل البرامج والمشاريع حتى تتحول هذه الجهات الى رافد للتنمية لا معطل للتقدم وحتى تعود الى سالف عهدها كمشجع على البقاء وكمناطق يطيب فيها العيش وليست مجرد "حزام هامش" يحيط بالمركز ويعطل نمو البلاد". أما جريدة (الصباح) فقد اعتبرت في مقالها الافتتاحي، أنه من شأن صور التضامن الشعبي التونسي الذي اشتركت فيه قوى المجتمع المدني ووعي المواطن التونسي في أعقاب الكارثة التي هزت الوطن القبلي وتسابق التونسيين في جمع التبرعات أن يدفع النخب السياسية المتناحرة الى الوقوف لحظة صدق أمام المرأة وتأمل حجم الخطايا المشتركة وما كبدته للتونسيين من ضياع للوقت واهدار للفرص والامكانيات ولكن أيضا من دفع للاحباط واليأس بسبب افلاس الخيارات السياسية وغياب رؤية مستقبلية مشتركة مشيرة الى أن المهم ليس ما بلغه حجم الاموال والتبرعات ولكن المهم أن تعود روح المواطنة الى المشهد وأن تعيد معها للتونسيين الوجه الاخر الذي افتقدوه لتونس ولمختلف فئاتها الشعبية وهي تتنافس في تقديم المساعدات كل حسب امكانياته لبلسمة جراح المنكوبين وتخفيف معاناة الاطفال والتلاميذ والمتضررين من الفيضانات الاخيرة والمساعدة في تجاوز المحنة التي شكلت اختبارا لاصحاب السلطة والذين لم يرتقوا في تعاملهم مع الحدث الى مستوى الخطر والى تطلعات المواطن الذي بات يعتقد أن الحكومات المتعاقبة بعد الثورة خذلته وتخلت عن شعارات ثورة العدالة والحرية والكرامة التي تتلاشى مع بدء العد التنازلي لدخول الثورة عامها الثامن على التوالي، حسب ما جاء بالصحيفة. وفتحت، ذات الصحيفة، من جهة أخرى ملف البنية التحتية المهترئة في ولاية نابل مشيرة الى أن عشرات المنازل متداعية للسقوط ومئات المنازل علتها الشقوق والتصدعات وأكشاك جرفتها السيول من على ضفاف الاودية وأحياء تغرق في أوحالها دون أن تجد من ينجدها في الوقت المناسب وحتى معدات شفط المياه الراكدة عجرت عن بلوغ تلك الاحياء السكنية في أطراف المدن وأحياء عشوائية وبناءات فوضوية أغلبها بني دون احترام للمواصفات الفنية. وأضافت أن عددا من المتدخلين ساهموا بشكل ما في تعميق نكبة نابل وساعدوا "الطبيعة" على تكبيد الولاية والاهالي تلك الخسائر الفادحة التي يتجاوز وقعها وضررها التعويضات المادية مهما كان حجمها مضيفة أن عددا من المتدخلين تقاعسوا عن أداء المهام المنوطة بعهدتهم فغرقت نابل وقبلها بنزرت وقبلها منطقة الروماني بمعتمدية بوسالم من ولاية جندوبة وقبلها انهار جزء من سقف مطار النفيضة وانهارت عمارة سوسة. وأضافت أن الدولة تحولت من خلال أمثلة التهيئة للمناطق العمرانية الموروثة في أغلبها من الاستعمار الفرنسي أو من السنوات الاولى للاستقلال، من متضرر في أملاكها التي تم الاستيلاء عليها من طرف المواطنين الى متمعش في تسوية الوضعيات وتحصيل عائدات المخالفات مبينة أن هذه الامثلة للتهيئة العمرانية لم تراع اتساع المدن أو التطور الديمغرافي للسكان والنتيجة فوضى عمرانية وغياب تام لمعايير السلامة مع سياسة افلات من العقاب وتعويم للمسؤولية من خلال كل المتدخلين، وفق ما ورد بالصحيفة.