سعيّد يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    الرّابطة الأولى : برنامج مباريات الجّولة التاسعة من مرحلة تفادي النزول    سوسة: بتر أصابع سائق تاكسي في ''براكاج''    تونس: الأدوية المفقودة ستعود الى السوق بفضل الزيادة في الأسعار    الاعلان عن موعد انطلاق الاستخراج الحيني لوثائق السفر    نشرة متابعة: أمطار غزيرة غدا الثلاثاء    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    العاصمة: وقفة احتجاجية أمام سفارة فرنسا دعما للقضية الفلسطينية    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    وفاة 17 شخصا في ال24 ساعة الأخيرة    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الدوري المصري: "معتز زدام" يرفع عداده .. ويقود فريقه إلى الوصافة    خطير/ منحرفون يثيرون الرعب ويهشمون سيارات المواطنين.. ما القصة..؟!    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    كأس الكاف: حمزة المثلوثي يقود الزمالك المصري للدور النهائي    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    عاجل/ ستشمل هذه المناطق: تقلبات جوية منتظرة..وهذا موعدها..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    تونس توقع على اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملفات «الصباح»: البناء على ضفاف الأودية.. «القنبلة» الموقوتة (2-2)
نشر في الصباح يوم 13 - 12 - 2017

في الجزء الاول من هذا الملف رصدت «الصباح» جملة من الأخطار التي تترصد بالساكنين على تخوم الأودية في كل من القصرين وبنزرت وجندوبة مشيرة في نفس الوقت الى اسباب انتشار هذه الظاهرة الخطيرة والعوامل المساهمة في تفاقمها وذلك في علاقة بتصاريح البناء وايضا بالتسيب الذي شهدته البلاد بعد الثورة.
الملف في جزئه الثاني يأخذنا الى كل من منوبة وقفصة وباجة ونابل...
في منوبة.. 600 كلم من الأودية ترعب الأهالي وتهدد المحاصيل..
تعتبر ولاية منوبة أكثر الولايات عرضة لتهديدات الأودية لمحاذاة وادي مجردة لعدد من معتمدياتها (البطان وطبربة) وشقه لأخرى (الجديدة) بشكل خاص ولامتداد المجاري على مسافة 600كلم بمختلف معتمدياتها بشكل عام وهو ما جعلها تعيش تحت وطأة أخطار الفيضانات التي خلفت في أكثر من مناسبة خسائر مادية هائلة طالت الأحياء السكنية والأراضي الفلاحية التي تتميز بانخفاضها فكانت مساحات سهلة الاقتحام والغرق بالمياه المتدفقة من مجاري الأودية عند ارتفاع منسوبها الناتج في أغلب الأحيان عن عمليات «التنفيس» التي تخضع لها السدود في المناطق الشمالية للبلاد التونسية.. وتعتبر مناطق الجديدة وطبربة والبطان ودوار هيشر أهم المعتمديات المعنية بأخطار فيضانات الأودية وعلى رأسها وادي مجردة وشافرو وبدرجة أقل حدة في المناطق السكنية بمنوبة والدندان المحاذية لوادي قريانة وهو ما جعلها مناطق ذات أولوية خلال التدخلات الوقائية إضافة إلى التهديدات الناتجة عن فيضان عدة أودية أقل نشاطا كوادي الدجاج ووادي الطين، وقد اكتوت المعتمديات المحاذية لوادي مجردة ووادي شافرو بمخلفات الفيضانات بشكل جعل حياة المتساكنين في خطر وتهديد دائمين..
فيضانات وخسائر في البال
تبقى فيضانات 2003 و2004 و2012 و2013 من أسوأ الذكريات التي تحملها الذاكرة الجماعية في مناطق حنة والحبيبية وشواط والأحياء السكنية الفردوس والإذاعة والنجاة بالجديدة والسويح والملاسين والمنطقة الصناعية القديمة بطبربة والزويتينة والحي العسكري بالبطان وحي الرياض بدوار هيشر حيث كانت المخلفات كارثية أجبرت العديد من السكان على مغادرة محلات سكناهم والتفريط فيها بأبخس الأثمان ليبقى الباقون في حالة استنفار دائم ومستمر عند اقتراب كل موسم أمطار والذي يمتد عادة بداية من الخريف بأمطار موسمية قوية ومفاجئة وسيلان غزير للمياه وعلى رأسها دائما وادي مجردة المرعب عند فيضانه ..
مخاوف ولّدت الانتقادات والمطالب
«الصباح» في هذا الإطار ومع ارتفاع كميات التساقطات خلال الفترة الأخيرة وما انجر عنها من ارتفاع في منسوب المياه بمختلف الأودية الموجودة في الولاية تحولت إلى أبرز النقاط المهددة بخطر الفيضانات لرصد أبرز اهتمامات المتساكنين حيث كان اللقاء بسكان حي الإذاعة والملاسين بمعتمدية الجديدة الذين عبروا عن تخوفاتهم الحقيقية والقديمة المتجددة من حدوث فيضان لوادي مجردة جارهم الصامت المرعب وأن تتكرر الكوارث التي لحقت بهم سابقا فأضرت بمساكنهم وأسوارها ولم يخفوا استيائهم من الوضع السيء جدا لقنوات التصريف القديمة والمهترئة وغياب تعهدها بالتسريح والتنظيف ما جعل حيّهم يتحول عند كل فيضان إلى بحيرة ماء تغرق فيها كل المساكن دون استثناء مستشهدين بارتفاع نسبة الرطوبة في مبانيهم التي أثرت بشكل مباشر على حالاتهم الصحية وأصبحت تمس من سلامتهم وأمنهم، إحدى السيدات انتقدت تفاعل الدولة مع خسائرهم بسبب الفيضانات واتهمت المسؤولين في وقت من الأوقات بمحاباة البعض على حساب البعض الآخر ذاكرة قيمة التعويضات التي رصدت لجبر الأضرار اثر فيضانات 2003 حيث اقتحمت مياه مجردة مسكنها إلى مستوى2م من العلو وأتلفت ما فيه لتتحصل على إعانة ب300د في حين تمتع آخرون بآلاف الدنانير وتمكنوا من الحصول على منازل جديدة دون غيرهم لتذكّر في الآن نفسه بالحالة الاجتماعية لأغلب العائلات وحاجاتهم المتأكدة للحماية والطمأنة وذلك عبر عمليات التفقد والتدخلات الإستباقية حتى لا تتكرر المآسي من جديد..
أما الأهالي بمنطقة حنة فقد اعتبروا أنفسهم أكثر متساكني المناطق المحاذية لمجردة عرضة للأخطار والخسائر باعتبارها شملت المساكن والأراضي الفلاحي التي يسترزقون منها لتكون خسائرهم قاسية ومضاعفة قسمت ظهر فئة هشة من الريفيين في معتمدية الجديدة ويحصل ذلك رغم كل التدخلات التي حصلت لفائدة الجهة من تحسين للمسالك وترميم بعض الجسور وانجاز عمليات جهر طالبوا بتدعيمها وتعميمها على طول مجرى مجردة.. وتبقى أهم مؤاخذات سكان المناطق المحاذية لمجاري الأودية الأخرى متمثلة في غياب تعهدها بالتنظيف والجهر ومنع ربطها بقنوات الصرف الصحي العنصر الذي زاد من خطورة فيضانها إلى ظهور مخاطر صحية أخرى موازية تهدد بشكل مباشر حياتهم وعائلاتهم كما هو الشأن في محيط وادي شافرو وقنال الشنوة ووادي قريانة، تخوفات يمكن حصر أسبابها في النقص الحاصل في عمليات التدخل لجهر المجاري وإيجاد منافذ مدروسة لتوجيه مياه الفيضانات وإستيعابها في مساحات وأحواض تجميع تخلص الأحياء السكنية بشكل خاص من تهديدات اقتحامها وإغراقها إضافة إلى ضرورة احداث شبكات تصريف خاصة بمياه الامطار والذي تلقينا في شأنه انتقادات لاذعة للإدارة العامة للمياه حيث تمت الإشارة مثلا في التقرير الفني لبلدية طبربة الأخير إلى 0% كنسبة إنجاز لشبكة تصريف مياه الأمطار في طبربة المدينة وهي نفس النسبة تقريبا في كل من البطان والجديدة..
◗ عادل عونلي
معتمدة الجديدة توضح.. في بعض الأحياء.. يبنون منازل عشوائية ثم يطالبون ب«الحقوق»
باتصالنا برماح العزديني معتمدة الجديدة للحديث عن الوضع في منطقتها كان ردها بأن الاستعدادات كانت متواصلة قبل موسم الأمطار لمجابهة الأخطار المحتملة جراء الفيضانات شفعت بمعاينات ميدانية وتفقدات لكل المناطق دون استثناء كالملاسين، حي الإذاعة، حي حشاد، حي الفردوس وتم تعهد النقاط الزرقاء تحت مراقبة لجنة تم تكليفها بالمهمة مشيرة إلى أنه تم في بعض الأحيان استغلال الأودية لتنفيس عدد من الأحياء كحل ذكي لتخليصها من المياه المتراكمة بها ودعت المواطنين في هذا الإطار باحترام القانون العمراني وعدم الاقبال على البناء في الاماكن المحرمة لان في ذلك مجازفة بأمنهم وحياتهم ومن يعيشون معهم إضافة إلى ما تفرزه من ارتفاع في مطلبيات غير وجيهة تطورت لتصبح بمثابة الحقوق كما هو الحال في حي حشاد الذي يطالب سكانه على الدوام بالطرقات المعبدة والكهرباء والماء الصالح للشرب وقنوات التطهير رغم عدم تقيدهم بالقانون عند إحداث مساكنهم.
في نابل: زحف على شفا الأودية.. تراخيص ماء وكهرباء وحلول مفقودة
ساهم كثرة الطلب على السكن وارتفاع أسعار الأراضي في تعمد العديد من المواطنين لتشييد منازل على ضفاف الأودية في غياب أجهزة الرقابة وتعمد المالكين للأراضي للبيع بطرق غير قانونية ودون تقاسيم وتأخر المصالح المعنية في إعداد أمثلة التهيئة العمرانية، فهناك بلديات بولاية نابل ليس لها أمثلة تهيئة عمرانية إلى الآن وهو ما عطل أجهزتها على القيام بتطبيق القانون.
يشيدون المباني ويطلبون المساعدة
تمثل معتمدية الحمامات مثالا للتجاوزات بانتشار عدد المنازل التي تم تشييدها على ضفاف مجاري الأودية على غرار وادي رمان، وادي الزمش بالمرازقة، وادي الحجر، وحي الإنطلاقة 3 ببئر بورقبة، حيث قام أحد المواطنين بمراسلة السلط الجهوية منذ السنة الفارطة طلبا للمساعدة لحماية مسكنه من مخاطر الوادي. لكن هذه الحالات على كثرتها والتي تعد بالعشرات إذا لم نقل بالمئات بكامل مناطق ولاية نابل لم تحظ بالعناية واكتفت السلط المعنية بإصدار قرارات هدم دون تنفيذها لأسباب اجتماعية.
تجهيز بالماء والكهرباء
الملاحظ أن هذه المساكن وعلى خطورة موقعها فإنها حظيت بنفس امتياز المساكن التي تم تشييدها بطرق قانونية، حيث تمتعت بتراخيص الربط بالماء الصالح للشراب والتنوير المنزلي. وهو ما يطرح عدة تساؤلات حول مدى وعي السلط المعنية بإسناد هذه التراخيص وكيفية دراسة الملفات واللجان التي تقوم بذلك على مستوى البلديات والمعتمديات، وأي دور لمصالح الولاية وكيف تقوم مصالح الشركة التونسية للكهرباء والغاز إقليم نابل بأشغال الربط بالشبكة وهي على علم بأن الحالات غير قانونية.
الحلول المفقودة
في ظل غياب المراقبة الفعلية للتصدي لهذه الظاهرة وتعمد المواطنين الإلقاء بأنفسهم في المخاطر وجشع أصحاب الأراضي بتعمد البيع بطرق غير قانونية. فإنه لا بد من الحلول التي تبقى مفقودة إلى حد الآن، فالمطلوب التحرك الفوري ضمن خطة للقيام بجرد لهذه المساكن المتاخمة لمجاري الأودية والعمل على حمايتها. مع أخذ الإجراءات الردعية اللازمة والعاجلة ضد المخالفين في ما بعد تاريخ القيام بعملية الجرد للوضعيات الحالية.
◗ كمال الطرابلسي
في باجة.. قصة لا توقفها القرارات ولا تنهيها الفيضانات
وادي مجردة هو الوادي الأكبر بالبلاد التونسية والأطول. يمتد على طول 350 كم من الحدود الجزائرية غربا إلى خليج تونس قرب قلعة الأندلس شرقا ويشغل مساحة 19000 كم2 وهو دائم الجريان يقوم على نظام مطري ترفده عدة أودية كوادي كساب ووادي باجة ووادي الزرقاء ووادي ملاق ووادي تاسة ووادي سليانة لتتدفق عبره أكثر من800 مليون م3 من الماء في السنة.
وتعتبر سهول مجردة من أخصب السهول بالبلاد التونسية لذلك استقر على ضفافه عدد من المتساكنين من جنوب الولاية إلى شرقها. وبقدر ما كان وادي مجردة الأنيس والرفيق وباعث الحياة وسببا من أسباب الرزق في كل المناطق التي يعبرها بقدر ما كانت تقلباته وهيجانه وغضبه يخيف الناس ويملأ بالخوف والقلق قلوبهم وكأنه يعيد للأذهان بعض الأساطير التي تروي قصص أودية تطلب من الناس قربانا من البشر كل عام وإن لم يكن كذلك فدابة مما يملكون أو بعض حاجة مما يأكلون..
طيّب لكن متمرّد
أهالي سيدي إسماعيل والسهيلي وتستور ومجاز الباب... يعلمون ما فعل بهم هذا الطيب العظيم المتمرد الآمر الناهي بسلطانه على هذه الربوع هم لا يحبونه ولا يكرهونه ولا يصبرون على فراقه لأنه يعطي كثيرا ويأخذ كثيرا لذلك يظل محل جدل بين النّاس حتى أن أحد متساكني منطقة الدواهشية من معتمدية مجاز الباب يقول:»نحن نعرف مجردة وهو يعرفنا لقد تولدت بيننا روابط عشرة طويلة الكر والفر هو كلمة السر بيننا نأخذ ما نأخذ منه ويأخذ ما يأخذ منا ونغضب منه ويغضب منا ونلتقي معه في لقمة العيش رغم شطط السنين».
ورغم كل ما في جواره من خطر فإن العديد من المتساكنين ما زالوا يراهنون على جواره. الباهي العمري الكوكي واحد من متساكني سيدي إسماعيل بباجة الجنوبية وعمدتها يقول:»منطقة سيدي إسماعيل تعيش على وقع فيضانات مزمنة جراء جوارها لوادي مجردة وحوالي 2000 ساكن من الجهة الشمالية بجوار سيدي السهيلي مهددون باستمرار بفيضانات مزمنة بل إشكاليات الجوار لم تعد تقتصر على الفيضانات وإنما تعدتها إلى ظواهر جانبية أكثر حدة وإضرارا بمصالح الناس كتكاثر حيوان الخنزير واتخاذه من شجر الطرفاء ملاذا ليفسد كل المحاصيل الفلاحية دون استثناء وفي مقابل كل ذلك ساهم الوادي في تغيير بعض التضاريس في الجهة فغيب بعض المواقع على ضفافه كان المتساكنون يتخذون منها فسحة للالتقاء وتبادل بعض المنافع كالشرشارة وعين الشعيبات كما صار الوادي يشكل خطرا بيئيا على المنطقة لما طاله من تلوث صادم نتيجة غياب محطات التطهير وكثرة المعاصر على جنباته..
ويبقى المشروع التونسي الياباني الذي خصصت له حوالي 1500 مليون دينار هو الأمل الذي قد يغير المشهد في مفتتح سنة 2018 لأن التعويضات التي قدمتها الدولة هي مجرد تعويضات مالية لا تجدي نفعا مقابل خسارة المساحات الزراعية للمتساكنين...»
مصالح التجهيز تفيد بأن المناطق الأكثر عرضة للفيضانات هي مناطق سيدي إسماعيل وقصر الشيخ وحي بلحسين والهري من مجاز الباب وقد تم تخصيص ميزانية لتعويض خسائر الفيضانات منذ سنة 2011 بمقدار 914.650 ألف دينارللتعويضات استفاد منها عدد من المتضررين بنسبة 95% بين تحسين وبناء المساكن كما اتجهت النية في وقت من الأوقات إلى إجلاء جزء من متساكني قصر الشيخ إلا أن إمكانيات الدولة لم تسمح بذلك.
وبين هذا وذاك نجد من يرفض مفارقة أرضه رغم الإغراءات والأخطار كما نجد من لا يستطيع الاستفادة من التعويضات التي تسلمها الدولة للاشتراك في الملكية المشاعة مع أطراف لم تعد متواجدة على تلك الأرض كما يوجد من هو مستعد للاستثمار في الأزمة على الدوام بملازمة أرضه والاستمرار في التظلم لغايات نفعية لا تنتهي. ليظل الوادي منبعا للحياة وموقعا للخطر ينفع من ينفع ويضر بمن يضر.
◗ المنصف العجرودي
في قفصة... أحياء «تعوم» فوق الماء
لا يختلف اثنان على مدى خطورة ما يمكن أن تحدثه الأمطار الغزيرة من أضرار مادية وبشرية لا سيما المنجرة عن سيلان الأودية وبدرجة أقل المجاري المائية الموجودة خصوصا وسط المناطق الحضرية. خطورة هذه الظاهرة الطبيعية تدفع الجهات المسؤولة على اتخاذ التدابير والاحتياطات الضرورية للحد من تداعياتها السلبية خصوصا من حيث تكريس النصوص القانونية المنظمة للعمران المدرجة بمجلة التعمير والتهيئة الترابية وذلك في ضوء تعنت بعض المواطنين في إقامة محلاتهم السكنية وبعض المرافق الأخرى على ضفاف الأودية والمجاري المائية والمناطق المنخفضة ضاربين بذلك عرض الحائط قانون الطبيعة التي تسترجع حقها حتى بعد مئات السنين وهي الصورة التي تنطبق على الأودية فكم من مرة تستعيد بعض الأودية والمجاري المائية سبيلها الذي سلكته في أزمان ماضية لتفاجئ كل من سولت له نفسه الإقامة في مفترقاتها لتحصل الكارثة لا قدر الله . هذه الظاهرة باتت ملفتة بشكل كبير بمدينة قفصة والمناطق القريبة إذ يكفي أن تقوم بجولة بين ثنايا هذه المدينة وأحوازها لتلاحظ دون عناء حجم البناءات التي تم تشييدها بالأودية حيث قامت أحياء متكاملة على غرار الحيين الموجودين بوادي الدخلة على مستوى المدخل الغربي لمدينة قفصة وتحديدا بالمحاذاة مع الطريق الحزامية.
تراخيص البناء.. السؤال الغامض
هذان الحيان يستفيد متساكنوهما بجميع المرافق حيث امتدت إلى منازلهم قنوات الماء الصالح للشرب وأعمدة الكهرباء وهو الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول كيفية حصولهم على تراخيص البناء وعن الطرق التي بلغوا بها مآربهم من حيث الإستفادة بالتنوير وماء الشرب وذلك في ظل القانون الذي يحجر صراحة بناء المرافق السكنية بالأودية والذي يتضمنه القانون عدد 78 لسنة 2003 من مجلة التعمير الباب الرابع حيث يحجر البناء في المناطق التي لا يشملها مثال تهيئة عمرانية مصادق عليه على مسافة تقل عن المائة متر ابتداء من حدود الملك العمومي ومن حدود بعض مكونات الملك العمومي للمياه المتمثلة في البحيرات والسباخ وغير المتصلة طبيعيا وسطحيا بالبحر وقنوات الملاحة ومجاري المياه والمياه المحصورة بالأودية وهو ما ينطبق على هذه العقارات التي عن لأصحابها تشييدها بالوادي المذكور ضاربين بذلك عرض الحائط ما جاء بالقانون وفق ما أكدته لنا راضية الظاهري رئيسة مصلحة التهيئة العمرانية بالإدارة الجهوية للتجهيز بقفصة مضيفة في هذا الصدد أن المصالح الجهوية بإدارة التجهيز أبدت اعتراضها في وقت سابق على تسليم رخص بناء بوادي الدخلة وببعض المنخفضات الجافة التي منشأها المرتفعات الجبلية المحيطة بمدينة قفصة على غرار حي القوافل وحي النهوض وحي بن يونس حيث تفتح هذه المناطق على وادي الدخلة موضحة أن عددا هاما من المتساكنين قاموا بتشييد مرافق سكنية دون احترام مسافات الارتفاقات.
محدثتنا شددت على ضرورة تفعيل دور الأطراف المعنية بهذه الظاهرة المتمثلة في البناء الفوضوي بالأودية والمنخفضات وذلك عند دراسة ملفات البناء وبالتالي الأخذ بعين الاعتبار المعطيات التي لا تتوانى في تقديمها مصالح التجهيز بحكم خبرتهم بالميدان على غرار التهيئة العمرانية والإسكان والجسور والطرقات.
فخ اسمه الأودية "النائمة"..
لدى جولتنا مع أفراد من الشرطة البيئية بقفصة لاح جليا قرب التجمعات السكنية من المجاري المذكورة على غرار وادي بياش إذ داهمت المنازل حوز الوادي بل هناك عدد من المواطنين ممن شيدوا منازلهم في مهد الوادي أيضا بتعلة أن سيلان هذا الوادي قد انقطع منذ أعوام كما أن بعض متساكني حي سيدي أحمد زروق قاموا بردم جانب هام من وادي الدخلة وذلك تمهيدا للقيام بأشغال بناء وفق ما أفادتنا به الشرطة البيئية وقد عاينا نماذج من هذه العملية التي لا يختلف عاقلان حول مدى خطورتها في صورة غمرت المياه الجارفة هذه المناطق خاصة وأن سيناريو الفيضانات التي غمرت سنة 2009 مدينة الرديف مازالت ماثلة في مخيلة الجميع بمفعول الخسائر البشرية والمادية الجسيمة التي تكبدتها هذه المدينة.
إذن تبدو مسألة البناء الفوضوي والعشوائي قرب أو وسط الأودية والمجاري المائية وكذلك المنخفضات تكتسي أهمية بالغة بالنسبة لمتساكني منطقة قفصة وهو ما ينبغي أن توليه الجهات المعنية ما تستحقه من يقظة وعناية تامة بحكم خطورة هذه الظاهرة التي غزت عموم المنطقة في السنوات الأخيرة لاسيما بعد الثورة بما يجنب الكوارث الناجمة عن السيول والفيضانات خصوصا وأن الأرضية تبدو ملائمة لذلك بحكم الطبيعة التوبوغرافية للمنطقة التي تمتد في جانبيها الشرقي والشمالي الغربي سلاسل من التلال والجبال التي يصل ارتفاعها إلى حدود 1156 مترا(جبلي بورملي وعرباطة) حيث تتخلل هذه السهول منخفضات مغلقة وأودية جافة منشأها هذه المرتفعات الجبلية .
◗ رؤوف العياري
رئيسة مصلحة التهيئة العمرانية ل"الصباح": مجاري المياه خطر يهدد أكثر من حيّ
رئيسة مصلحة التهيئة العمرانية بالإدارة الجهوية للتجهيز السيدة راضية الظاهري أفادت بوجود عديد المجاري التي من شأنها أن تشكل خطورة على متساكني بعض الأحياء مثل حي السرور والمولى وحي النهوض وسيدي أحمد زروق والمنطقة القريبة من جبل الميدة بما يدفع إلى أخذ الاحتياطات الضرورية قبل أن تداهم متساكنيها المياه عند سيلان المجاري القريبة منها خاصة وأنها لاحظت عدم احترام المسافة الضرورية التي ينبغي ألا تقل عن 100 متر من قبل المتساكنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.