ما يحصل هذه الأيام في مدرجات الملاعب الرياضية في المغرب الأقصى غير عادي ويذكرنا بما كان يحصل في تونس سنوات قليلة قبل الثورة وما نشاهده في مقاطع الفيديوهات التي تأتينا من هذا البلد تعكس ما يدور في مدرجات كرة القدم من قبل أحباء الفرق الرياضية الكبرى في المغرب يشبه ما كان يحصل في فيراج ملاعبنا من مظاهر الاحتقان والغضب والتعبير عن الرفض الشعبي للأوضاع الاجتماعية بعد أن تحولت الملاعب الرياضية إلى المتنفس الوحيد للتعبير عن الوجع الاجتماعي والفضاء للإعلان عن التهميش والألم الذي خيم على المجتمع جراء الفساد الذي كانت العائلة الحاكمة ترتكبه. اليوم الصور والمشاهد التي تأتينا من المغرب الأقصى لا تبشر بأي خير وتذكرنا بالحالة والوضع الذي كان عليهما المجتمع التونسي قبل الثورة وهو وضع محتقن وينذر بالانفجار في أي وقت .. اليوم مدرجات الملاعب الرياضية المغربية تحولت إلى فضاء للتعبير عن الٍرأي وترديد أناشيد ذات طابع سياسي واجتماعي .. لقد تحولت المباريات الرياضية إلى مناسبة للتنديد بالسياسة التي تنتهجها الحكومة المغربية تجاه الشعب المغربي الذي يحملها المسؤولية فيما آلت إليها الأوضاع من تدهور وانسداد. اليوم الأخبار والأنباء التي تأتينا من المغرب الأقصى توحي بأن البلاد على كف عفريت وعلى شفى حفرة وعلى شرارة ثورة قادمة سوف تعصف بالكل .. فما تصوره الصور القادمة من هذا البلد تبرز أن هناك احتقان كبير وغضب أكبر .. ما نراه هو شباب يردد شعارات تدل على أنه مخنوق اجتماعيا ويبحث عن حل لوجعه ومخرج لكل الغضب الذي يعتريه نتيجة شعوره بالعجز عن تغيير واقعه ما جعل الطريق الوحيد للتعبير عن غياب المعنى وفقدان الحضور هو التوجه أسبوعيا إلى الملاعب الرياضية التي تحولت إلى مناسبة لترديد أغان تصور حجم الظلم الذي يشعر به الشعب . ما يحصل اليوم في الملاعب المغربية يذكرنا بالمناخ الذي سبق الثورة التونسية وهو مناخ مهد لحصول التمرد الشعبي والخروج على النظام السياسي والمطالبة برحيله فالثورة في تونس بدأت ملامحها الأولى وإرهاصاتها من الملاعب وجميعنا يتذكر كيف كان المحللون الرياضيون يلفتون الأنظار إلى ظاهرة " الفيراج " وينبهون إلى أن أمورا غير عادية تحصل كل يوم أحد في ملاعبنا ولكن لا أحد من السياسيين قد انتبه إلى هذا الاحتقان الذي كانت عليه الجماهير الرياضية . واليوم يعاد نفس الشيء في المغرب الشقيق وعلى ما يبدو فإن السلطات المغربية غير واعية بخطورة ما يحصل في مدرجات ملاعبها ويبدو كذلك أنها لم تستوعب الدرس التونسي ولم تع التجربة التونسية التي أدت إلى نهاية نظام بن علي . المشكلة التي يريد النظام المغربي تجاهلها هي ما حصل مع مظاهرات حراك الريف والطريقة المتصلبة التي عومل بها المحتجون والمعالجة الأمنية التي عالجت بها الدولة المغربية المطالب الاجتماعية التي رفعها المحتجون في منطقة الريف والتي ولد من رحمها زعيما وثائرا يدعى " ناصر الزفزافي" الذي قاد هذا الحراك الشعبي وأعلن أنه يسير على خطى الأمير عبد الكريم الخطابي في نصرة سكان الريف والفقراء والكادحين فنال مع عدد من نشطاء الحراك جراء ذلك حكما بالسجن مدته 20 عاما وقد أثرت هذه الأحكام في الكثير من الشباب المغربي الذي كان يتوقع معاملة أفضل مع احتجاجات الريف المشروعة التي انطلقت مع مقتل بائع السمك " محسن فكري " في مدينة الحسيمة على أيدي الأمن المغربي والإلقاء به في عربة القمامة .. لقد انتظر الناس تفهما من قبل الحكومة للمطالب الاجتماعية المشروعة والمركزة بالأساس على تحسين الوضع المعيشي غير أن أجهزة الدولة قد قابلت المطالب بمزيد من الضبط الأمني و التضييق على الحريات وتسييج المجتمع وهذا ما يفسر حالة الغضب التي نراها اليوم في الشعارات التي ترفع في الملاعب. ما أردنا قوله هو أن ما يحصل في الآونة الأخيرة في الملاعب المغربية خطير جدا وما تقوم به الجماهير الرياضية أسبوعيا في المدرجات يبعث برسائل واضحة إلى أن الوضع الاجتماعي المغربي ملتهب وأن البلاد على صفيح ساخن قد يذهب بالمغرب في أي وقت إلى حالة من التمرد والإنفلات والثورة على الاوضاع القائمة .. فلنراقب ما يحصل في هذا البلد الذي على ما يبدو يسير إلى مصيره في غياب من ينتبه إلى خطورة هتافات الملاعب وعدم الاكتراث إلى ما يحصل في المدرجات وعدم الاصغاء الى أصوات الآلاف من الشباب اليائس الثائر على الأوضاع والمتألم من أوجاعه والرافض للمعاملة التي عاملت بها الحكومة المغربية منطقة الريف و النشطاء الذين قادوا الحراك الشعبي.