زل لسان شاب متحمس ومندفع يتحدث باسم الثورة في التلفزة الوطنية متطاولا على رئيس الحكومة المؤقتة السابق محمد الغنوشي بلهجة عنيفة تشوه سمعة الحرية وبرزت في كلامه الحاد كلمة اعدام كالساطور بين السطور وورطه حماسه الصاخب فى المطالبة باعدام الغنوشي ولم تخفف كلمة "سياسيا" من الوقع الحاد لكلمة "اعدام" التي كانت طعنة حادة في قلب الحوار وفي صميم الموضوع ولم تمر الزلة الفظيعة على خير بل خلفت شرخا في كرامة الغنوشي وجرحا في اعماقه وخدشا في هيبة منصبه لم يقدر على كتمانه *********** ولان زمن القمع والجبروت والاستبداد قد ولى ولان الثورة جعلت الصدور التي كانت تضيق بالنقد تصير رحبة ومتسامحة فان ذلك الشاب التلقائي فوق اللزوم المتحمس الى حد التهور ارتكب كلمته ومضى بدون محاسبة بينما تحامل رئيس الوزراء على كل الجراح التي تلقاها في اعماقه جراء مسؤوليته الوطنية التاريخية وقرر الاستقالة الفورية بعد ان هدت الضغوطات صبره واضعفت المؤامرات عزمه ونالت الاهانات من هيبة موقعه وجعلت عائلته اول من يتمنى استقالته حفاظا على صحته وكرامته ووقاية لاعصابه ************ لقد شاهدت ذلك الحوار المتشنج في القناة الوطنية فصدمني التعبير المتوتر العنيف عن الراي من طرف شبان غير متدربين على حرية التعبير حولوا الميكروفون الى الة حادة لا تخلف سوى الجروح ولا ترتكب سوى التجريح وكان اغلب من تدخلوا متشنجين الى حد التطاول والثلب والحقد وخاصة ذلك الشاب الذي حرض على القتل دون ان يشعر وورطته لهجته المتوترة في استخدام كلمة وقحة اسقطت ذلك المنبر المباشر في الحضيض ونزلت بالحوار الى مستوى التهور وضيع هؤلاء اول فرصة اعلامية تاريخية للتعبير عن الراي بحرية رصينة ومسؤولة ضحى كثيرون من اجلها بارواحهم او ارزاقهم او اطمئنانهم وانتجتها ثورة راقية لم تتورط في العنف لطالما تذمر الناس من اللغة الخشبية لتلك القناة ومن خطابها الواحد وصوتها الوحيد وحين تحررت واستقلت اصبحت مثل " الجيعان وطاح في قصعة " ومرت من التعتيم الكامل الى التجلطيم الشامل ********** بعد الثورة المباغتة ارتبك المشهد التلفزي وسقطت عديد المنابر التلفزية في التشنج والتهور وانتاج ثقافة الحقد والانتقام وتصفية الحسابات ولكن التلفظ بكلمة الاعدام ضد انسان في حوار حر كان جرس الانذار الذي نبه الجميع الى ضرورة عدم التنازل عن قيمة اسمها الاحترام تصبح الحرية بدونها تهورا ووقاحة وتسيبا ويتدهور في غيابها وتغييبها مستوى الخطاب خاصة حين تكون هيبة الدولة مستهدفة لان نقد الوزير او رئيس الوزراء يتجاوز شخصه ليبلغ منصبه في الدولة والدولة هيبة ومن الضروري تفادي المساس بهيبتها دون التفريط في حرية التعبير كحق لا نقاش فيه ولا تنازل عنه ************ بعد كل سنوات الكبت والاختناق والخوف والقمع تحرر الجميع دفعة واحدة من كل ما كتمته الصدور وحرمت منه القلوب وحرمته الديكتاتورية ويبدو ان ذلك الافراج الكلي عن المسكوت عنه والممنوع قوله ولد حالة ارتباك في النقاش واندفاع في التعبير عبرت عن الغضب المبنج والمخدر منذ سنوات طويلة والذي تحول الى كلام كالالغام تنفجر على طرف اللسان كتلك الكلمة الطعنة التي عجلت باستقالة الغنوشي وهزمت طاقة تحمله الحرية بلا اخلاق او بلا ضمير او بلا قانون تصبح فوضى وتهور ووقاحة وفوضى وقانون في غابة وكم من الجرائم ترتكب باسمك ايتها الحرية الصراحة راحة الحكومة تفقد اثنين من اقوى الكفاءات الاقتصادية ولولاهما لانهار نظام بن علي اقتصاديا منذ زمان قبل ان ينهار سياسيا واجتماعيا وهما الغنوشي والجويني فرغم الفساد المهول الذي كنا جميعا شاهدين ساكتين عليه خوفا وعجزا فان الاقتصاد صمد وظل يقاوم ونرجو ان يتم تعويض خبرتهما وكفائتهما بدقة وحرص فتونس تعج بالكفاءات ولكن الاختيار الذكي هو المطلوب لان القتصاد نصف المصير ********** كنت اتصور ان قناة تونس سبعة هي اتعس قناة في العالم الى ان شاهدت قناة الجماهيرية العظمى فاعتذرت لتونس سبعة ************ بعض الدول الخليجية خائفة من وصول انفلونزا الثورة الى شعوبها لذلك بدات في توفير الوقاية وتلقيح شعوبها بالزيادات والمشاريع والهبات والتشغيل الشامل حتى لا تفكر في تغيير النظام هناك شعوب مترفهة ماديا لم ترفع منذ زمن سوى شعار واحد هو "الشعب يريد تغيير المادام".