هل هي فصاحة أم وقاحة؟! هل هي جرأة أو استسهال للمعاني الرخيصة والعبارات الرّكيكة..؟! هل بهذا الأسلوب تدخلون بيوت الناس وتخاطبون المشاهد وتقتحمون الحرمات..؟! أي مستوى هذا الذي وصل إليه بعض المنشطين التونسيين باسم الجرأة والاعلام الحرّ؟! عن أي حرية تتحدّثون وبأي جرأة تتستّرون؟ وأنتم نزلتم الى أسفل السّافلين وحوّلتم المشهد الى سوق تعطّلت فيه لغة الحوار لرداءة الألفاظ وركاكة المعاني.. قناة تلفزية حديثة الولادة أرادت أن تشقّ طريقها نحو النجاح بأسرع وأسهل الطرق فراهنت على مجموعة من «أشباه» المنشطين الذين لا علاقة لهم ولا دراية بالتنشيط. فتسلّحوا بالجرأة على حدّ تعبيرهم.. جرأة تحوّلت الى وقاحة بل الى السقوط في التصريح ببعض الكلمات وبعض الحركات المخجلة التي تخدش الحياء.. الى حدّ أن العائلة الواحدة لا تستطيع التجمّع أمام تلفزة تونسية ومشاهدة تلك المنوعات الجافة الباهتة التي أصبحت تعوّل على هذا وذاك، بلا شرط أو قيد.. وإلا فما علاقة سوسن معالج بالتنشيط أو حتى المشاركة في مثل ذاك البرنامج «ناس نسمة» الذي يشاهده ملايين الناس في المغرب العربي. عرفنا هذه السيدة ممثلة ثم منشطة إذاعية ثم تلفزية ولا أدري ماذا تخفي لنا الأيام القادمة فربما تتحول الى منشطة رسمية في برنامج خاص بها.. لمَ لا وإدارة «نسمة» سمحت لها أن تنطق الشعر في «فوّاز» هذا المنشط على حدّ علمنا لبرنامج «ناس نسمة». فوّاز ربما يستحق أن تتغزّل به السيدة معالج لكن ما ذنب المشاهد الكريم عندما تفاجئه هذه الأخيرة بأبيات من شعرها فاقت إباحية «أبو نواس» وهو يتغزّل بخمرته.. ما هذا يا سوسن قلمي عجز عن كتابة ما تجرّأت على قوله.. هل بهذا الأسلوب نشدّ المشاهد؟! هل بالحديث عن الملابس الداخلية وغيرها.. وما دخل هذا بذاك إنها منوعة تثقيفية ترفيهية وليست عيادة طبية.. هل الوقاحة أصبحت شعار هذا البرنامج؟! عشرات الاستفهامات تجول بخاطري وما من مجيب.. لماذا وصل التنشيط التلفزي وحتى الاذاعي التونسي الى هذا المستوى؟! فهذا تحوّل الى مايكل جاكسون وهو يغنّي أحد أغنياته الشهيرة ويرقص رقصته المألوفة والجميع يعرف رقصة «ملك البوب» والأخرى حوّلت التفسّخ الأخلاقي في الشارع الى سكاتش هزلي على حدّ علمها بالضغط على شفاهها وإخراج لسانها وبعض الحركات الشنيعة الأخرى وهي بصدد معاكسة ضيف البرنامج.. ويضحك الجمهور ويصفّق وتخرج «الممثلة» و«المنشطة»! من البلاتو فرحة مسرورة بنجاحها!.. ونبكي نحن على الاعلام التونسي الذي شوّهه هؤلاء الدخلاء الذين لا يمتّون الى هذا العالم بصلة.. فما أحوجنا الى زمن نجيب الخطاب وصالح جغام في هذا الزمن الذي سادت فيه المعاني البليغة والمقاصد الراقية.. متى تستفيقون وتضعون حدّا لهؤلاء الذين أعمت قلوبهم المقاصد المادية المجحفة؟! ضاربين عرض الحائط بصورة الاعلام التونسي التي أصبحت رهن ميزانهم وقيد مزاجهم.. ويا أسفي وحُزني على هؤلاء الذين وقفوا يهلّلون ويطبّلون لإعلام حرّ وجريء! ويا للبشاعة حين تفهم المعاني على غير مقاصدها.. فيحلّ محلّ الحرية التسيّب، وتتحول الفصاحة والجرأة الى وقاحة..؟!