لا مجال للنقاش أو التشكيك كون معارضة نظام سياسي أثبت فشله هو واجب قبل أن يكون حقا دستوريا وديمقراطيا وهذا ينطبق على الحالة التونسية فالأزمة الاقتصادية والأزمات الاجتماعية تخنق البلاد و المواطن إلى أقصى حد بينما الحكومة الحالية كما سابقاتها تعتمد نفس المنوال التنموي والاقتصادي ولا شيء تغير . إلى اليوم فإن الاحتجاجات التي تحصل في بعض المناطق والإضرابات في قطاعات عديدة ما هي إلا نتاج لهذا الفشل لكن هل يعني هذا الانسياق وراء أي دعوات للتحركات الشعبية من دون معرفة هل هي تلقائية وغير مسيسة أم علينا التدبر حتى لا نكون كمواطنين وقودا لمعارك سياسية بل وحتى خارجية على حساب استقرار البلاد . بمنتهى الوضوح ودون استعارات فلم يعد الزمن زمنها نحن نتحدث عن دعوات للتحرك فيما صار يعرف بالسترات الحمراء على غرار السترات الصفراء في فرنسا وأكثر ما نخشاه أن تكون دعوات حق أريد بها باطل. الأمر لا يقف عند المخاوف المجردة بل هناك مؤشرات منها ما يروج في صحف عالمية كون تونس مهددة بسيناريو يحصل لوأد ثورتها بل ما نشر يتحدث عن مخطط خليجي يربطه بزيارة ولي العهد السعودي . الأمر تحدث عنه محللون محليون أيضا وحذروا من أن هناك رغبة خارجية من أطراف ما لعدم إجراء الانتخابات القادمة التي يرجح أن تفوز فيها النهضة. كل هذه مخاوف وسيناريوهات تروج ليس هناك ما يثبتها بالأدلة لكن علينا أن ندرك هنا ان ديمقراطيتنا هشة وفي بدايتها وهي مهددة لأنها تمثل كابوسا للكثير من الأنظمة العربية التي تخشى الديمقراطية أكثر من أي شيء آخر. هل تحركات السترات الحمراء محل اطمئنان؟ يصعب هذا .فوجود تنسيقيات وعشرات الآلاف من السترات الجاهزة ودفاع وسائل اعلام ما عنها بكل بسالة وأيضا مضمون المطالب يجعلها على الأقل محل استفهام . فما معنى أن تطالب التحركات بنظام رئاسي هل يندرج هذا ضمن مطالب متوسطي ومحدودي الدخل وهي الشرائح التي تعيش المعاناة. لم يعد يفصلنا عن انتخابات 2019 إلا أشهر قليلة والتغيير ممكن بالصندوق وهو ما يقوم به الشعب فهل الحكمة أن تغير بالانتخابات ويعاقب من فشل أي من حكم لخمس سنوات أم نترك مصير البلاد للمجهول وندخل في فتنة ويتحول الشعب إلى وقود لنيران المعارك السياسية وتصفية الحسابات؟