الليلة: اجواء باردة وأمطار غزيرة بهذه المناطق..    عاجل/ قضية "انستالينغو": رفض جميع مطالب الافراج وتأخير جلسة الاستئناف الى هذا الموعد    تراجع مخزون السدود يُعمّق أزمة المياه في ولاية نابل    دورة اتحاد شمال افريقيا لمنتخبات السيدات(تحت 20 عاما): المنتخب التونسي يفوز على نظيره الجزائري 2-1 وينهي المسابقة في المركز الثالث    كأس العرب : فوز المغرب على جزر القمر 3 - 1    عاجل: البرلمان صادق على إعفاء التوانسة والمؤسسات اللي عليهم ديون بالبنك التونسي للتضامن    حدث فلكي أخّاذ في ليل الخميس المقبل..    وزيرة المالية تؤكد ان كل الاتفاقيات التجارية لتونس قابلة للمراجعة    وزيرة المالية تحذّر : تعديلات النواب تمسّ التوازنات المالية وتهدّد بنسف قابلية تنفيذ الميزانية    العرب قطر 2025: المنتخبان السوداني والجزائري يستهلان مشوارهما غدا الاربعاء    مجموعة تركية تعتزم الاستثمار في زيت الزيتون التونسي..#خبر_عاجل    الجيش الألماني يتعرّض للسّرقة!!..#خبر_عاجل    ديمومة الفساد... استمرار الفساد    شنوا يصير في بدنك كان تزيد القرنفل للتاي في الشّتاء؟    موش الشوكولا برك.. أكلات ترجّع نفسيتك لاباس    هدايا قد تقتل الهرمونات! تحذير عاجل للآباء حول لعب الأطفال    السجن مدى الحياة لملاكم مصري أنهى حياة ابنته    تفاصيل إجتماع مسؤولي النادي الإفريقي ويوسف أومارو    لكلّ تونسي: كيفاش تستغلّ ''تيك توك'' للتسويق وتحقيق الربح؟    النادي البنزرتي: غيام تام للترشحات.. ومساع لتكوين هيئة تسييرية جديدة    بودربالة: من يثبت مخالفته لإجراءات التصويت سيتحمّل مسؤوليته    عاجل/ إصابة إسرائيليين اثنين بعملية طعن قرب رام الله..    صفاقس: بدء استغلال المركز الصحي الجديد بالخوالة وانطلاق أول عيادة طبية    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    نحو ارساء منظومة إسترسال ملائمة لنشاط الزربية والنسيج اليدوي في تونس    عاجل - كأس العرب: شوف مباريات اليوم و القنوات الناقلة    البرلمان يواصل مناقشة الفصول الجديدة المقترحة لمشروع قانون المالية    اكتشاف الطفرة الجينية المسؤولة عن الإصابة بالأمراض العقلية..    عاجل: 3 سنوات سجن لرجل أعمال من أجل هذه القضية..    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    المنستير تستعد لاحتضان الدورة 29 لمهرجان خليفة السطنبولي للمسرح من 6 إلى 13 ديسمبر الجاري    منوبة: تركيز فضاء للمطالعة الرقمية بالمكتبة العمومية بطبربة    تراجع أسعار لحوم الدجاج في تونس...علاش؟    عاجل/ هذا ما كشفته التحقيقات في حريق شركة النقل بساحل..    هل يُعدّ بنك تونس العربي الدولي أفضل بنك في تونس؟    نسبة الفائدة تنخفض الى أدنى مستوى منذ 2023!    مدرب المنتخب القطري: أهدرنا فرص التسجيل أمام منتخب فل..سط..ين وعلينا استعادة التوازن سريعا    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    البريد التونسي يصدر سلسلة طوابع جديدة تحت عنوان "نباتات من تونس"    بطولة إسبانيا: رايو فاليكانو يتعادل مع فالنسيا 1-1    وزارة الصحة تبحث شراكة دوليّة لتحسين رعاية مرضى الهيموفيليا    "رويترز": ترامب أمهل مادورو حتى الجمعة ليغادر البلاد وفرض الحظر الجوي بعد رفض الأخير    فرنسا: منزل الرئيس الأسبق هولاند يتعرض للسرقة... التفاصيل    سيدي حسين: تفكيك شبكة خطيرة لترويج الأقراص المخدّرة ومواصلة الحرب على الجريمة المنظمة    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    نيجيريا: استقالة وزير الدفاع بعد موجة من عمليات الخطف    البرلمان يرفض مقترح "قرض المساعدة على الزواج".. وفاطمة المسدي توضح دوافع المبادرة وخلفيات إسقاطها    كارثة الفيضانات في إندونيسيا: مقتل 613 ونزوح مليون شخصا    "لا نريد أحدا منهم".. وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية تقترح حظر سفر كامل على بعض الدول    الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية تكشف عن قائمة المسابقات الرسمية لسنة 2025    بنزرت: مكتبة صوتية لفائدة ضعيفي وفاقدي البصر    المهدية ...في إطار البرنامج الوطني للتّرويج للمواقع التاريخيّة.. يوم سياحي بقصر الجم الأثري    الباحث والناقد المسرحي الكويتي يوسف الحمدان ...يجب أن يرتفع صوت المسرح دفاعا عن القضية الفلسطينية    طقس الليلة ...بارد و ممطر    عدد السيارات الكهربائية التي تم ترويجها في تونس منذ بداية العام..#خبر_عاجل    عاجل: منخفضات قطبية تضرب المغرب العربي    ابدأ الامتحانات بثقة: دعاء يحفظ المعلومات في عقلك وذاكرتك    الفروض التأليفية 2025-2026: التواريخ الرسمية لإنجاز وإصلاح الفروض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المحسن يكتب لكم: حين يتشكّل النظام الدولي الجديد طبقا للصيغة: «ما هو حلال على الغرب وإسرائيل.. حرام على باقي العالم."!!
نشر في الصريح يوم 09 - 01 - 2019

" لن أرحم الضعفاء حتى يصبحوا أقوياء،وإن أصبحوا أقوياء فلا تجوز عليهم الرحمة (هتلر)
كان للتحولات الكبرى التي شهدها العالم في مطلع التسعينات والتي تمثّلت في انهيار وتفكّك الإتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي اقتصاديا وعسكريا (حلف وارسو) وايديولوجيا (الخيار الليبرالي بدل العقيدة الشيوعية) وتوحّد ألمانيا، عميق الأثر في ولادة تقسيم جيو – سياسي جديد تجلّت ملامحه في انفراط عقد الثنائية القطبية وسيطرة العالم الأحادي في شكله الرأسمالي الساعي إلى اخضاع بقية العالم وفق مخطّط مدروس للسيطرة الشاملة عليه.
هذا النظام الكوني الجديد ومنذ ولادته ما فتئ يرفع شعارات خلاّبة يسعى من خلاله، حسب ما يدعيه، لتحقيق السلم العالمي وإقرار سيادة القانون في العلاقات الدولية ومبدأ المساواة بين الدول، إضافة إلى تقوية دور المؤسسات العالمية للأمم المتحدة ومجلس الأمن. إلا ان هذه الشعارات البرّاقة سرعان ما هوت حين اصطدمت بوقائع شهدها، ومازال يشهدها، العالم وتعرّت تبعا لذلك الحقائق لتحيل في مضمونها إلى ممارسات وسلوكات تتعارض بشدّة مع الخطاب- الجميل- لمؤسسي النظام الدولي الجديد، ذلك ان هذا النظام انبثق من خلف دخان الجنون وجلبة القوّة.
وشكّل العراق الحلقة الأولى لعملية التنظيف التي قامت بها أمريكا لتسوية الأرض في الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها الإستراتيجية السياسية عبر تركيز أنظمة موالية لها سياسيا وايديولوجيا، كما يرى محمد سبيلا، ودحض كل ما يهدّد التوازن العسكري في المنطقة لصالح إسرائيل، وبما يحقّق الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في التحكّم المباشر في منابع النفط.
وبعد تسوية الأرض في القطاع الشرقي من الوطن العربي اتجهت الانظار الأمريكية نحو آسيا الوسطى لاستكمال التسوية السياسية بهدف القضاء نهائيا على حركة طالبان وتنظيم القاعدة ثم قطف الرأس المشتهى أسامة بن لادن. وهذا ما تمّ عمليا عبر حرب عدوانية على الشعب الأفغاني صارت أهدافها ومراميها معروفة تتستّر فيها أمريكا تحت ذريعة القضاء على أوكار الإرهاب.
هذا السلوك العدواني لا يختلف من حيث الجوهر عن ذلك الذي مارسته الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية عندما تدخلت في كولومبيا باسم محاربة المخدرات،أو حين دمّرت العراق باسم احترام الشرعية الدولية!
هنا يثار تساؤل: لماذا لم يتم تفعيل دور الجامعة العربية من أجل حماية مجلس الأمن القومي العربي الذي يعتبر المس به أحد الأهداف المضمرة التي انبثق من أجلها النظام الدولي الجديد؟ ولمَ لم يلجأ إلى تطبيق معاهدة الدفاع العربي المشترك لمواجهة الاعتداءات المتكرّرة على أمن عدّة أقطار عربية؟ ثم أين هو دور حركة عدم الانحياز ومجموعة الدول الأفروآسيوية وتكتلات دول الجنوب حيال هذه الاعتداءات وإزاء نظام دولي لا حظّ لها فيه؟
ان النظام الدولي الجديد هو امتداد لسلفه القديم من حيث كونه إطارا لحماية المصالح، بما يجعله «يعتمد على القوّة من أجل فرض المشروعية والقانون، كما يتذرّع بالمشروعية والقانون بهدف ممارسة القوّةّ» مثلما يؤكد مختار مطيع، ذلك بعد ان مالت كفّة التوازن لصالح أمريكا التي ترى في القوّة والهيمنة والمصلحة إحدى الركائز الأساسية لسياستها الخارجية وتحرّكاتها الدولية.
وعلى الرغم من التمظهرات المخاتلة لهذا النظام والتي تتسم زيفا باحتواء الصراعات والنزاعات الإقليمية القائمة، عن طريق التفاوض، والتسويات السلمية، وبما يتلاءم مع الأهداف المطلوبة لدعم النظام الدولي الجديد، وبالأساس المصالح الاستراتيجية السياسية والاقتصادية العسكرية للولايات المتحدة، فإن استخدام القوّة العسكرية غير مستبعد في مسار البراغماتية الأمريكية حيث تبقى أمريكا «القوّة الوحيدة التي لها الإرادة والقدرة على ممارسة العنف على مستوى كوني» بتعبير عصام نعمان أثناء حديثه عن تشومسكي. هذا ما انعكس بوضوح في بنما على مستوى ضيق، وعلى نطاق واسع في حرب الخليج، وبشكل مرعب في أفغانستان. وذلك باعتماد أسلوب التماهي والتطابق بين «الشرعية الدولية» ممثلة في الهيئات والمؤسسات الدولية في إطار الأمم المتحدة، وبين الإرادة السياسية الأمريكية التي تهيمن هيمنة كاملة على هذه الهيئات والمؤسسات. وقد تجلى ذلك بشكل واضح في القرارات التي صدرت عن الهيئات باسم الشرعية الدولية خلال وبعد حرب الخليج، وخاصة فيما يتعلّق باستمرار فرض الحصار على العراق وتدمير أسلحته الاستراتيجية والتدخّل السافر في شؤونه الداخلية، وبإلغاء القرار 3379 الذي يعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية.
وهكذا فان النظام الدولي الجديد ومن خلال ما يشهده العالم من تداعيات مؤلمة، يظهر واضحا بأنه غير قائم على «توازن المصالح» ولا على «أولوية القضايا الأساسية» أو «الوفاق والسلام والعدل الدوليين» بقدر ما هو نظام قائم على الإخضاع والسيطرة، إخضاع الشعوب والقوى المخالفة، أو الرافضة للسيطرة الأمريكية على النطاق العالمي. وهو بالتالي، وعلى حد تعبير المفكر العربي الراحل محمد حسنين هيكل،«شكل جديد للنظام الاستعماري القديم».
هذه طبيعة النظام الدولي الذي تشكّل طبقا للصيغة التالية: «ما هو حلال على الغرب وإسرائيل يعد حراما على باقي دول العالم.
خلف دخان الدمار الذي تركته حرب الخليج تجلّت المسافة الأيديولوجية والنفسية والسياسية بين الغرب، بمختلف آلياته، والعرب بما لا يدع مجالا للشك ان الغرب لا يهدر فرص الانقضاض على المبادرات العربية في اتجاه التقدّم والوحدة. ففي كل مرّة يحاول بعض العرب ردم الهوّة بينهم وبين الغرب من خلال إيجاد صيغة للحوار تستنهض العناصر العدائية، هنا وهناك، آلاتها الهجومية العسكرية والإعلامية لتكريس التباعد والتنابذ. وما حرب الخليج إلا تتويج درامي للصراع الحضاري المبطن والسافر بين العرب والغرب.
ومع اختلال التوازن الدولي واجتياح العراق للكويت استغلت الولايات المتحدة الأمريكية الفرصة لتطويع القانون الدولي حسب استراتيجيتها في المنطقة العربية عبر تدمير القدرة العسكرية والعلمية. وأخيرا تكريس إسرائيل كقوة إقليمية. من هنا ندرك ان الوطن العربي برمته يشكّل في جوهره منطقة حساسة بالنسبة لأمريكا وإسرائيل وحلفائهما الذين ما فتئوا يهددون أمن هذه المنطقة ويخرقون مجالها الحيوي ويتدخلون في شؤونها الداخلية.
أردت القول ان صانعي القرار السياسي في الإدارة الأمريكية،وخلافا لكل الشعارات الخلاّبة للنظام العالمي الجديد، الذي ينتصر للقانون والعدالة ولجت الولايات المتحدة مرحلتها الجديدة عن طريق الحرب بغية إظهار:
ان النظام الجديد فرض وسيفرض على شعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية بالعنف، وبالعنف وحده، مع التهديد بالإبادة الجماعية في نهاية المطاف بما يعني ان أي بلد من البلدان السائرة في طريق النمو فكّر في تصنيع نفسه وتقويتها اقتصاديا وتكنولوجيا أو حاول مقاطعة الاستعمار الجديد وفك الارتباط بالدول المصنعة والخروج عن طاعة سلطة الشركات الاحتكارية الكبرى وسلطة حكّام الدول الرأسمالية عليه ان يأخذ بعين الاعتبار انه سيلقى المصير الذي لقيه العراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.