الانصراف للعمل والتخلي عن المطلبية الشخصية وعن الدعوات الى «ديقاج» وفكّ الاعتصامات،عنوان المرحلة الحالية، مرحلة الحكومة الجديدة المؤقتة برئاسة الوزير الأول الباجي قايد السبسي الذي نادى الى القطع مع الماضي... ولكن، هذه المجموعة من الأساتذة المواصلة لاعتصامها أمام وزارة التربية، ماذا تقول لرئيس الحكومة المؤقت، وماهي الرسالة التي يوجهها اليه هؤلاء الأساتذة العاطلون عن العمل، وكذلك الى الطيب البكوش وزير التربية...؟ هم جاؤوا من عدة جهات من الجمهورية، لينفذوا اعتصاما أمام وزارة التربية منذ الرابع من شهر فيفري، فماهي مطالبهم التي لم تتحقق، وبسببها لم ينسحبوا علىمنوال معتصمي القصبة، وقرروا الدخول في اعتصام مفتوح...؟ ذلك ماحاولنا معرفته وتقصي حقيقته، من خلال الاقتراب من خيمة الأساتذة المعتصمين، والحديث اليهم والإصغاء الى مشاغلهم التي جمعتهم ووحدت مطالبهم عند نقطة التقاء اسمها التشغيل... «الزغاريد أكثر من الكسكسي» في ملف تشغيل الشباب «لقد جمعنا الفقر والظلم... ظلم الرئيس المخلوع الذي شرّدنا... والطرابلسية الذين اغتصبوا أحلامنا... بهذه الكلمات تحدثت وسيلة العويني حاصلة على أستاذية في التاريخ سنة 2005 وعاطلة عن العمل) لتقول أيضا بأنه بالدستور القديم للبلاد أو بالدستور الجديد، أو بكل دساتير العالم، من حقها وحق زملائها الأساتذة خرّيجي الاختصاصات المختلفة، والذين لم يقع انتدابهم وتشغيلهم، في الحق في العمل، فمن دون عمل، لا كرامة للإنسان، وكانت ثورة 14 جانفي ثورة كرامة. لم تعد هناك فرصة للانتظار، والمطلوب الآن من حكومة الباجي قايد السبسي المؤقتة، ان تمضي الى القرارات العملية لفائدة العاطلين عن العمل من حاملي الشهائد العليا، من خلال البحث عن آليات التشغيل الفوري لمن طالت بطالتهم.... أيمن الحكيمي (حاصل على الأستاذية في العلوم القانونية منذ 4 سنوات) تكلّم نيابة عن زملائه المعتصمين، ليضيف على ما أكدت عليه وسيلة العويني، أن في ماتمّ الإعلان عنه من بعض الاجراءات لتشغيل الشباب في الجهات، تبدو «الزغاريد أكثرمن الكسكسي»، والى جانب ذلك، لم يعد من المعقول والمقبول ان تظل بطاقة العلاج المجاني، المقياس المعتمد لمنح فرص التشغيل لمستحقيه. ويذكر أنه في النظام السابق، كانت هذه البطاقات تعطى من قبل السلط الجهوية، بعد دفع الرشوة، ولكن مع الثورة، ومع تأكيد رئيس الحكومة المؤقتة الباجي قايد السبسي على القطع مع الماضي بشكل نهائي، يجب مراجعة مثل هذه الأمور المعطّلة لدفع تشغيل الشباب، من خرّيجي الجامعات وحاملي الشهائد العليا. ايمن وكذلك بقيّة المعتصمين من الأساتذة العاطلين عن العمل، ومنهم دليلة بلحاج سالم (أستاذية في اللغة والآداب العربية، و2003 سنة التخرّج)، ونسرين سويد (حاصلة على الأستاذية في التاريخ والجغرافيا مع أستاذية في الترجمة والدبلجة)، أجمعوا على القول، بأن السن والحالة الاجتماعية وفترة البطالة الممتدة، هي المقاييس والشروط التي يفترض أن تعتمد في تشغيل العاطلين من حاملي الشهائد الجامعية، والأساتذة مثلهم من هذه الفئة التي تحتاج الى فرص التشغيل، والحق في الشغل لتحقيق الكرامة والأحلام المعلّقة... الكاباس عادت في ثوبها الجديد.... «حلم الأمومة صار مشكوكا فيه، بعد ان سرقت أحلامنا وأعمارنا في عهد نظام بن علي ورموز الفساد وعصابة الطرابلسية، وبسبب كابوس الكاباس والمناظرات»، انه لم يعد ممكنا الانتظار وتأجيل الأحلام كما تضيف دليلة بلحاج سالم، وهي تفتح المجال لزميلتها نسرين كي تتدخل وتؤكد بأن الكاباس التي قيل ألغيت، هي في الحقيقة عادت ولكن بثوب جديد، ثوب مناظرة «أمل». فهل لايكون الأستاذ أستاذا، والأستاذة أستاذة الا بالكاباس، والمناظرة، وقد بلغ محطة العقد الرابع من العمر...؟ نسرين سويد التي قالت انهم أجهضوا في النظام السابق، مشروعها الثقافي لتكوين المواهب سنة 2006، لأنها نفس السنة التي بدأت فيها التحضيرات لمشروع برامج «كاكتوس»، لم تعد تملك الطاقة والصبر على تحمّل خسارة أحلام وأعوام أخرى من عمرها، فيكفي من نظام المناظرات، ومن بقاء الخرّيجين على قائمة الانتظار، الى أن تطول بطالتهم. لكن سيف الدين مسعودي تخرّج من شعبة الإنقليزية سنة 2010، وسؤالنا اليه، كان: هل طالت بطالتك حتى تنضم الى المعتصمين هنا، أمام وزارة التربية...؟ بالنفي أجابنا سيف الدين، أصغر الأساتذة المعتصمين ، موضحا أنه جاء ليساند زملاءه، كما أنه متخوّف على مصيره ومستقبله ويخشى أن يطول به انتظار الحصول على شغل، في وقت مازال فيه متحمّسا بانجاز الثورة ببلادنا، ومنشغلا مؤقتا، عن البطالة. ويلاحظ هذا الشاب المتخرّج حديثا من الجامعة، ان البطالة ليست مكتوبا على الجبين لنرضى به، كما أنها ليست قدرا محتوما، أو مرضا يستعصي علاجه وايجاد العقّار الناجع له. اضافة الى ذلك، مازالت الرشوة غير مقدور على قطع دابرها طالما أنها علقت بالكاباس هذه التي تعود في ثوبها الجديد، ويذهب لمجد العصمي (معتصم) الى حد المطالبة، بأن يتم فتح تحقيق في نتائج كاباس 2010، للتثبت والتأكد من الشفافية في اجراء المناظرة ، وكذلك التثبت من مقاييس انتدابات شملت قائمة من 365 أستاذا.