إحباط، إهدار كبير لإمكانيات المؤسسة، عجز مالي ب36 مليارا منذ 2007 إلى اليوم تفاقمت أكثر في السنوات الماضية، ولذلك طلبت فتح تحقيق فيه.." هكذا تحدث الرئيس المدير العام بالنيابة "مختار الرصاع" عن حال مؤسسة التلفزة التونسية عند تعيينه على رأسها في ندوة صحافية انتظمت صباح يوم أمس في مقر المؤسسة... لم يتخلص "مختار الرصاع" عن أسلوبه الاستفزازي ومشاكساته وصراحته ولم ينس أيضا أنه صحافي فظل يؤكد "أنا صحافي كيفكم عيطولي سي مختار" مؤكدا أنه وجد المؤسسة في حال "مزرية" وسيعمل مع كل "زملائه" في المؤسسة على الوصول بها إلى بر الأمان وتحقيق المصالحة بينها وبين المشاهد وإن لم ينجحوا فسيتركون المكان إلى غيرهم... التفاصيل في الورقة التالية: تحقيق حول الفساد المالي... ملف الفساد المالي وإهدار إمكانيات المؤسسة هو العنوان الكبير في الندوة الصحفية التي شكلت سابقة في هذه المؤسسة الإعلامية العمومية... وقد أكد "مختار الرصاع" أنه تعجب كثيرا لما اطلع على الملفات وعلى التقرير المالي... وقد بلغ العجز المالي لمؤسسة التلفزة منذ 2007 إلى اليوم 36 مليارا، تفاقم أكثر في السنوات الاخيرة عندما استفحل الفساد داخل هذا الجهاز الإعلامي... وقال "الرصاع" إنه بادر بفتح تحقيق في الموضوع حتى يعرف الرأي العام الحقيقة، وللنظر أيضا في إمكانية استرجاع بعض ما أهدر من مال... وقد وزعت وثيقة لا يعرف مصدرها على بعض الصحافيين وهي مراسلة لرئيس لجنة التحقيق في الفساد – التي تعيش هذه الأيام ارتباكا أمام حكم قضائي بحلها- لفتح ملف الفساد المالي والإداري في التلفزة التونسية وتدعو إلى فتح الكثير من الملفات من بينها سوء التصرف المالي وكلفة الإنتاج غير المعقولة التي ميزت نشاط الوكالة الوطنية للإنتاج السمعي البصري منذ إحداثها وحتى إدماجها في التلفزة التونسية، ملف الاتفاقية السرية المحتملة بين التلفزة التونسية ووكالة الاتصال الخارجي والتي تنص على تمويل سنوي من طرف التلفزة لفائدة الوكالة بمبلغ سنوي قيمته مليونين و250 ألف دينار، ملفات شركة كاكتيس و شركة إبن رئيسة جمعية أمهات تونس وتهيئة المقر الجديد للتلفزة الخاص بالبناية والتكييف والطاقة وما تميزت به من تجاوزات وإخلالات تتعلق بالتعهدات بالنتائج من كافة المتدخلين في هذا المشروع من مقاولين ووزارة التجهيز وسلطة الإشراف وغيرها من النقاط والملفات الساخنة...وكنا كتبنا عن الفساد المالي في التلفزة فانبرت إحدى المستفيدات من عهد الظلمة والتفاهمات تحت الطاولة تتعقب ما كتبناه بحثا عن زلة أو هفوة تضربنا بها ولو تتبعت خطاها الثقيلة لاكتشفت ضآلة ما قدمته وصغرها أمام عظمة التونسيين بعيدا عن الانتهازية وركوب الموجة .... شبعنا بالحيوانات وأعماق البحار... أعدت التلفزة التونسية بقناتيها "تونس 1" (قناة 7 سابقا) و"تونس 2" (قناة 21 سابقا) برمجة انتقالية قبل الدخول في البرمجة الصيفية والبرمجة الرمضانية... وقال "مختار الرصاع" في هذا الإطار "شبعنا بالحوت والأرانب والدجاج ومن كل الحيوانات وأعماق البحار (في إشارة إلى الوثائقيات التي تبثها التلفزة التونسية لملء فراغاتها) وستعود التلفزة إلى برامجها العادية..." والبرمجة الانتقالية _كما أكد الرصاع_ تستجيب إلى متطلبات المرحلة، وبعضها جاهز، والبعض الآخر في طور التصور والإنجاز... وأشار الرئيس المدير العام بالنيابة إلى أن تونس تعيش مرحلة سياسية بامتياز، لذلك ستكون السياسة من الأولويات في البرمجة الانتقالية من خلال برامج مثل "القاموس السياسي" وهو بمثابة بطاقة تعريف للأحزاب، وتبسيط المفاهيم السياسية في إطار الثقافة السياسية... وتتفاعل البرمجة الانتقالية مع الأحداث والمستجدات في الساحة السياسية، باستضافة مسؤولين يواجهون أربعة صحافيين للإجابة عن كل الأسئلة العالقة... وأكد الرصاع أن البرامج السياسية لن تمنع عودة التلفزة التونسية إلى برمجتها العادية بتقديم حصص ثقافية وكروية ومسلسلات استجابة إلى الانتظارات الكبيرة للمشاهدين... وستهتم قناة "تونس 2" بصدى الجهات التي كانت تحس بالتهميش في الفترة الماضية وبصوت الشباب وفاء لرسالتها الأولى، لكن دون أن يمنع الخطان من اقتراح "تونس 2" لبرامج أخرى متنوعة... سأغادر هذا المكان متى وجدت تعليمات صارمة نفي "الرصاع" وجود تعليمات من أية جهة كانت عليه وعلى الصحافيين، وقال متى "وجدت تعليمات صارمة سأغادر هذا المكان.." وأكد في هذا الإطار أن العمل في شريط الأخبار يجري بمنتهى الحرية والحرفية ولا توجد توصيات، ودعا الحاضرين إلى التثبت من الأمر مع قسم الأخبار... وقال أيضا أن الأخبار تفتح بابها لجميع الاحزاب وتتعامل معها بعدل، خدمة للجميع... فيما ستكون أخبار "تونس 2" مركزة في مادتها على أخبار الجهوية... ودعا الرصاع كل الصحافيين العاملين في التلفزة إلى العمل الجاد لاستعادة ثقة المشاهد وحتى تكون التلفزة في حجم اللحظة الراهنة وانتظارات الناس منها... واعترف بأن النظام البائد كان يعتبر مؤسسة التلفزة التونسية جهازا بيد الحاكم وهو ما أوصل المؤسسة إلى هذا الانحراف الخطير... وأضاف بأنه سيعمل على تكريس المصالحة بين التلفزة والناس مؤكدا أنه يتفهم الحقد الذي تقابل به التلفزة من الناس وسيعمل على ترميم العلاقة المشروحة فإن لم ينجح مع العاملين في التلفزة فسيرحلون ليتركوا المكان إلى غيرهم... وأعلن "الرصاع" عن فكرة تأسيس مجلس للبرامج تشارك فيه كل الحساسيات السياسية والمجتمع المدني والمشاهدين معلقا "مش باش نقعدو نخدمو في قفص وحدنا..." واعترف "مختار الرصاع" برداءة الإكساء وأضاف "سنعمل على تحسينه... وكل شيء في التلفزة باش يتحسن بداية من الاسبوع القادم"... برمجة رمضانية في طور الإعداد... قال "مختار الرصاع" إنه انطلق في الإعداد للبرمجة الرمضانية في التلفزة التونسية منذ اليوم الثاني الثاني من تعيينه... وأكد ما انفردنا بنشره سابقا من التفكير في تقديم أعمال من فئة السيتكوم بسبب ضيق الوقت الذي لم يعد كافيا لإنجاز مسلسلات كبرى... مع إمكانية أن ينجز مسلسل رمضاني... مع برامج أخرى ستلقى اهتمام المشاهد لن البرمجة الرمضانية على تقتصر على الأعمال الدرامية... وحول غلق الباب في وجه المنتجين ما خارج التلفزة قال "مختار الرصاع" إن العمل سيكون بطاقات التلفزة لكن مع فتح الباب للتجارب من خارجها مؤكدا أم ما من تلفزة في العالم "تسكر الباب على روحها" مع عدم تكرار أخطاء الماضي وإن أكد أن ما حدث سابقا _ملمحا لبرامج شركة كاكتيس_ كان مسلطا... لا بد أن نعترف أن كلام "مختار الرصاع" كان مطمئنا ولعلها المرة الأولى التي يعترف فيها مسؤول من التلفزيون العمومي بوجود فساد مالي وبالواقع المزري للتلفزة ستثبت الأيام مدى قدرة القائمين على المؤسسة في هضبة الهيلتون على ترميم العلاقة مع المشاهد...