" يوم جاؤوا لاعتقالي " عنوان كتاب تونسي جديد صدر هذه الايام عن " دارنقوش عربية " من تاليف الكاتب الصحفي المجتهد هادي يحمد ومنذ اللحظة التي بدات فيها قراءته لم ارفع راسي الا بعد ان التهمته دفعة واحدة فلقد اوقعني في حبه رغم انه عذبني بقصصه المنقولة نقلا عن الواقع ومن افواه اصحابها الضحايا ...ضحايا القهر ...والكراهية ...والرفض الاجتماعي ...وحتى السياسي في بعض الاحيان ...وتكاد قسوة المجتمع على الذين يختلفون معه ...ويتمردون على نظام القطيع ...ويريدون ممارسة حريتهم الفردية. ..وتكاد تلك القسوة تخرج من بين سطور الكتاب لتفرض نفسها عليك فرضا بشعا ...وموجعا ...وتقنعك اقناعا لا مزيد عليه بانك لا تستطيع ان تعيش في هذه البلاد الا اذا خضعت لقانون " ناكلو في القوت ونستناو في الموت "...وبالتالي تلغي عقلك وحواسك وفرديتك وفلسفتك في الحياة ...انك لا تستطيع ان تحيا في هذه البلاد ولكن بوسعك ان تعيش بمنطق ان تكون نسخة نمطية رديئة ومتخلفة فصلوها لك...واعدوها لك ...وحددوا لك الطريق والتوجه واسلوب تفكيرك و "اشرب والا طير قرنك " ...ولن يقبلوك اذا كنت متحررا ...ويدمروك اذا تمردت على ذكورتك...ويطاردوك اذا انت اخترت الاستقامة والتقوى...ويتهمونك في دينك اذا انت فكرت ...وبحثت ...وشككت...وتلاحقك اللعنات ايتها الفتاة اذا اردت الانجاب خارج الزواج ...ان الحرية الفردية جريمة ...وكارثة ...ومصيبة ..فاياك ان تختار الاختلاف في تونس ...ذلك ما حاول هذا الكتاب التعبير عنه من خلال تقديم شهادات مفعمة بالانسانية ...والواقعية على لسان مثلي ...واخوانجي...وبهائي ...وشيعي ...وفتاة متحررة ...لقد اتعبتني قراءة هذا الكتاب ولكنها امتعتني وافادتني واطلعتني على الواقع الرهيب والمخيف والمرعب الذي نعيشه في زمن الديموقراطية والحرية والكرامة ...عن اي ديموقرطية تتحدثون ...وعن اي حرية تتكلمون ...والتونسي لا يستطيع حتى حماية مؤخرته .