نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن سعي أحمد قايد صالح لحماية نفسه في ظل الضغط المتواصل الذي يفرضه الشارع عليه، وذلك من خلال "قطع رؤوس" عشيرة بوتفليقة. وقالت الصحيفة، في تقريرها ان رئيس أركان الجيش اعتقل شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة، والرئيسين السابقين لجهاز المخابرات الجزائري محمد مدين المعروف باسم الجنرال "توفيق"، وعثمان طرطاق "بشير" يوم السبت. وقد تم الاستماع إليهم من طرف أجهزة المخابرات العسكرية، الذي يعتمد على أركان الجيش منذ حل دائرة الاستعلام والأمن في سنة 2016، التي قادها الجنرال توفيق طيلة 25 سنة. وقد أمر قاضي التحقيق بوضعهم تحت الحبس الاحتياطي بتهمة "المساس بسلطة الجيش والتآمر على سلطة الدولة". وليلة الأحد، نام أولئك الذين كانوا يعتبرون قبل أقل من ثلاثة أشهر من بين أكثر الشخصيات الجزائرية نفوذا، في السجن. وعبّر شخص مقرب من شبكات دائرة الاستعلام والأمن السابقة عن غضبه قائلا: "حتى بوتفليقة نفسه لم يكن ليرسل الجنرال توفيق إلى الزنزانة. ومن المؤكد أن هذا الفعل الوحشي، عشية شهر رمضان، لا يحمل توقيع عبد القادر بن صالح (الرئيس بالنيابة)، وإنما أحمد قايد صالح". وذكرت الصحيفة أن رئيس أركان الجيش وصانع القرار الحقيقي الوحيد، أحمد قايد صالح، ندد في خطاباته ب "الاجتماعات المشبوهة" التي تهدف حسب قوله إلى تقويض خارطة طريق انتقال قانوني سيؤدي إلى الانتخابات الرئاسية . ومن جانبه، أكد الرئيس السابق اليمين زروال أنه التقى بمدين في 30 مارس في الجزائر العاصمة، بعد أيام قليلة من استقالة بوتفليقة، حاملا معه اقتراحا من سعيد بوتفليقة. وقد اقترح مدين على زروال أن يرأس هيئة انتقالية، وهو العرض الذي رفضه الرئيس السابق. وأوردت الصحيفة أن رئيس أركان الجيش بدأ بتنفيذ وعوده يوم السبت، حيث هاجم الشقيق الأصغر لبوتفليقة والجنرال السابق طرطاق، ومستشار الرئيس السابق الذي ترأس هيئة أمنية مرتبطة بالرئاسة قبل أن تسيطر عليها الأركان العسكرية. وفي خطاباته، يستهدف أحمد قايد صالح "عصابة" متهمة بثلاث جرائم رئيسية وهي التسلل إلى المسيرات والمناورة بهدوء للإطاحة بمرحلة الانتقال القانوني، والاستيلاء على الوظيفة الرئاسية، والسماح لأقلية في أعلى هرم السلطة بتحقيق نجاحات خارج إطار القانون، (من خلال التواطؤ معهم). وتستجيب تجربة الاعتقالات الثلاثة لهذه المعايير التي عادة ما يستعملها رئيس الأركان في تدخلاته. ومنذ عدة أسابيع، تم تتبع العديد من رجال الأعمال واثنين من كبار القادة العسكريين السابقين قضائيا. وأشارت الصحيفة إلى أن قايد صالح يحاول من خلال قطع هذه الرؤوس تقديم ضمانات للشارع الجزائري المتشبث بشكل متزايد بمنطق "المطالبة برحيل النظام". وفي الثالث من ماي عرفت المظاهرات رفع شعارات تستهدف رئيس أركان الجيش مباشرة. وتُقدر بعض الأطراف أن صالح في موقف دقيق، ذلك أنه يرغب في تجنب الغضب الشعبي ومحاولة الحفاظ على خارطة طريق المرحلة الانتقالية، التي رفضها المتظاهرون في الآن ذاته، في حين أنه هو نفسه يُعتبر من رموز نظام بوتفليقة. وبينت الصحيفة أن لعبة التوازن التي تدفع أحمد قايد صالح في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرارات حاسمة، تعتبر صعبة. وتزيد هذه اللعبة بشكل متناقض من ضغط الشارع عليه. وحيال هذا الشأن، قال رئيس الحكومة السابق مولود حمروش إنه "من السذاجة الاعتقاد أن تغيير الرجال هو الرد المطلوب وأن استبدالهم بشخصيات أخرى صادقة وملتزمة سيُلبي توقعات الحراك".