عاجل/ استقالة الطبوبي من اتحاد الشغل..تفاصيل جديدة..    سقوط حجارة من صومعة هذا الجامع..#خبر_عاجل    قرار قضائي في حق يوسف الشاهد ومهدي بن غربية    جامعة المنار: تحتل المرتبة التاسعة عربيا في تصنيف اتحاد الجامعات العربية لسنة 2025    حسام حسن مدرب مصر: قلة التركيز سبب إهدار الفرص أمام زيمبابوي    بعد خسارة سوبر كرة السلة: إدارة الإتحاد المنستيري تتظلم لدى الجامعة    نادي حمام الأنف: مواجهتين وديتين من العيار الثقيل في البرنامج    كيفاش يتمّ تهريب المخدّرات عن طريق البلع؟...شكون يمارسها وشنوّا الريسك؟    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مباريات اليوم    تونس تحل في المرتبة الرابعة افريقيا ضمن مؤشر ريادة الأعمال الرقمية 2025    خطر صامت داخل المنازل: الحماية المدنية تحذّر من الاختناق بالغاز في الشتاء    عفو جديد عن مخالفات الصرف: البنك المركزي والديوانة يكشفان التفاصيل    العودة لتونس: القلب يحب يرجع ... لكن الواقع يقول لا..علاش؟    شرط وحيد باش تتمتّع بجدولة ديونك عند الستاغ    أرقام: قطاع النسيج في تونس يوفر 155 ألف موطن شغل للتوانسة    وزير النّقل يؤدّي زيارة ميدانيّة إلى ميناء رادس التّجاري    آخر أجل لدفع معاليم الحج: 1100 حاج مهددين بالإقصاء    عاجل: فيلم تونسي ''مخدوم بالذكاء الاصناعي'' يصل نهائي مسابقة عالمية في دبي    أيام قرطاج : المخرجون يطالبون بحماية الاستقلالية الفنية فوراً    فيروسات الشتاء: هذه الفئات معنيّة أكثر    كيفاش يعاونك ضوء النهار الطبيعي على ''ضبط مستوى سكر الدم''؟    بعد الماكلة: 3 عادات بسيطة تخلي السكر متاعك مستقر وتزيد الطاقة    في قضية ذات صبغة إرهابية: انطلاق محاكمة الشاهد وبن غربية    حولوه لوكر لصنع المخدرات: إيقاف 13 شخصا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء داخل منزل..    بتعريفة استثنائية "9 دنانير فقط": لا تفوتوا الفرجة في الفيلم الحدث "صاحبك راجل2"..التفاصيل..    اضطراب وانقطاع في توزيع مياه الشرب بعدة مناطق من ولاية صفاقس بداية من مساء اليوم الثلاثاء    القصبة : وفاة أب أثناء مراسم زواج ابنه    كأس إفريقيا: تونس ضد أوغندا... الموعد والقنوات الناقلة للبث المباشر    ماتش تونس ضدّ أوغندا: التوقيت والتشكيلة المُحتملة    عاجل : كان 2025...لاعبو منتخب أوغندا يقاطعون التدريبات و هذا علاش    بطولة ايطاليا: إلغاء قرار إقامة مباراة ميلان وكومو في أستراليا    زلزال يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    طرح مبادرة شاملة لإنهاء الحرب في السودان أمام مجلس الأمن    تذاكر طيران ومكافأة مالية: تفاصيل البرنامج الأمريكي الجديد للمهاجرين غير الشرعيين    نيجيريا: مسلحون يخطفون 28 شخصا بينهم نساء وأطفال    الأكبر في العالم.. ترامب يعلن بناء سفينة حربية تحمل اسمه    اليوم: طقس بارد وأمطار    الولايات المتحدة تحظر المسيّرات المصنعة في الخارج    رقم مفرح: هذا عدد السياح الذين زارو تونس منذ بداية 2025..    عاجل/ تحذيرات عالمية من متحور جديد للانفلونزا..    ترامب.. سنبدأ قريبا عمليات برية في فنزويلا وسنوجه ضربات في أمريكا اللاتينية    مسرحية «العين اللي ما تشوفكشي»: عندما يتحوّل المسرح إلى ضمير حيّ    سليمان...تمثّل تجربة ثقافية ناجحة.. أيام قرطاج السينمائية تعزّز حضور السينما بالجهات    في دار الشباب مساكن...ملتقى شباب المواطنة 2025 تحت شعار: «أصوات مختلفة وحوار واحد»    بنزرت.. هيئة السّلامة الصحية للمنتجات الغذائية على خطّ المراقبة    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    وزارة الشؤون الدينية تحدد 30 ديسمبر كاخر أجل لاتمام اجراءات الحج    وزير الخارجية يدعو ممثلي البعثات الدبلوماسية إلى دعم تونس في الترويج لزيت الزيتون    الديوانة تنتدب 250 عريفا    لجان التحكيم تعترض على غياب دورها خلال حفل اختتام أيام قرطاج السينمائية    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    وفاة الممثل الأمريكي جيمس رانسون انتحارا عن 46 عاما    تحب تخلّص فاتورة الستاغ على أقساط؟ هاذم الشروط    عاجل/ بسبب "القريب": وزارة الصحة توجه نداء هام للمواطنين..    طقس اليوم: سحب كثيفة وأمطار رعدية منتظرة    اليوم: أقصر نهار في العام    اليوم: التوانسة يعيشوا الإنقلاب الشتوي    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : قضية محيرة في نسخ القرآن
نشر في الصريح يوم 15 - 05 - 2019

آية في كتاب الله العزيز أشكلت علي وجعلتني أتوقف عندها وفرضت علي التأمل و إعادة التفكير فيها كلما اعترضتني عند تلاوتها وهي قوله تعالى " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم بأن الله على كل شيء قدير " البقرة / 106. ووجه الحيرة هنا هو في السؤال الذي يحاول أن يفهم الفائدة التي تجعل الله ينزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم آية ثم ينزل عليه أية أخرى تنسخ الأولى أو تجب ما قبلها وهذه الآية اللاحقة تكون خيرا من الأولى أو مثلها ؟ وما الجدوى من النسخ إذا كانت الآية الناسخة مثل الآية المنسوخة من حيث الحكم ؟ أليس من البديهي أن ينزل القرآن آيات متناسقة واضحة تعالج قضايا في عصر التنزيل وأخرى تتناول حادثات قد تأتي في أزمان مختلفة من دون حاجة إلى اللجوء إلى إلغاء آيات أو نسخها ؟ وما الجدوى من رفع حكم آية بفعل النسخ وإيقاف العمل بها في الواقع مع الابقاء عليها للتلاوة والتعبد لا غير ؟ وهل من معنى لأية تم نسيها بعد نسخها بآية أخرى مع إلغاء العمل بها ؟ أليس من الأجدى أن لا يكون الوحي الذي أراده الله منهجا للحياة واضحا وصالحا لكل زمان ومكان أن لا يحتوي على آيات منسوخة بأخرى أو آيات ممحوة من القلوب كما يقول المفسرون لمعنى النسيان ؟
نطرح كل هذه الأسئلة وليس غايتنا من وراء ذلك أن نعترض على إرادة الله وحكمه في أن ينزل من القرآن ما يشاء وقد شاءت إرادته أن يحتوي القرآن على آيات مثبتة وأخرى منسوخة وثالثة منسية ولكن ما دفعنا إلى كل هذه الاستفسارات هو أن مسألة النسخ في القرآن قد تحولت مع علماء الأصول إلى آلية مركزية ومحورية في فهم القرآن ومن دونها لا يمكن الوصول إلى مراد الله من كلامه المنزل على رسوله الكريم حتى قال السيوطي في كتابه الاتقان من لا يعرف النسخ لا يمكن له أن يفهم القرآن.
ولكن رغم أن العلماء القدامى قد أفاضوا القول في موضوع النسخ في القرآن وألفوا فيه كتبا ومجلدات وفصلوا القول في الآيات المنسوخة واختلفوا واتفقوا في عددها وزادوا بأن اختلفوا واتفقوا حول قضية نسخ القرآن بالقرآن والقرآن بالسنة ونسخ السنة بالقرآن وحبروا في ذلك مجلدات وتوسعوا كثيرا ومع ذلك تواصلت الحيرة كلما حاولنا أن نفكر قليلا في المغزى من وراء ورود النسخ في القرآن خاصة وأن هذه الآلية في فهم الوحي الإلهي قد تسببت في الكثير من المشاكل على مستوى فهم النص القرآني وتدبره وتطبيقه وهي آلية قد أحدثت لبسا في التعامل مع آيات الله فمثلا في مسألة توزيع التركة وقسمة مال الميت نجد أنه لدينا في القرآن آية الوصية وهي قوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين " البقرة / 108 ولدينا آيات المواريث التي جاءت مفصلة في سورة النساء بدءا من قوله تعالى " وللرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا " النساء / 7 وهي آيات تطبيقها متعارض مع آية الوصية وقد وجد علماء التفسير المخرج لهذا التعارض والحل لهذا الإشكال في آلية النسخ إذ قالوا بأن آيات المواريث هي ناسخة لآيات الوصية وبالتالي فإن الوصية قد رفعت حكما وبقيت تتلى ويتعبد بها فقط لكن هذا المخرج لا يرضي كل المسلمين الذين رفضوا القول بالنسخ واعتبروا أن الأصل هو الوصية وأن أحكام المواريث زائلة بفعل الزمن وتطور الواقع الاجتماعي حيث جاءت تعالج وضعا اجتماعيا لم يعد موجودا اليوم . والسؤال ألم يكن من الأجدى أن تكون لدينا أحكام واحدة لقسمة مال المتوفى وبذلك نزول الخلاف ونحقق الوضوح في المعنى ونتجنب اتهامات غير المسلمين من الذين ينعتون القرآن بأنه يحتوي على اشكالات كبيرة في تعارض نصوصه؟
ومثال آخر وهو أخطر من المثال السابق يتعلق بآيات الجهاد التي استغلها الدواعش ووظفتها الجماعات الجهادية في تبرير أفعالها الاجرامية حيث أنه بفضل آلية النسخ تم محو وإلغاء و تعطيل ما يقارب عن 124 آية تناولت موضوع القتال و الحرب والجهاد في القرآن وتعرضت إلى تنظيم القتال باعتباره جهاد دفع للعدوان وقتالا اضطراريا للدفاع عن النفس وقتالا نظاميا تقوم به الدولة المسلمة حينما تكون مضطرة للدفاع عن كيانها ووجودها وجهادا يقوم على الجنوح إلى السلم بدل الحرب كل هذه الترسانة من الآيات القرآنية التي تمنع على المسامين أن يبدؤوا غيرهم بالحرب وتحرم عليهم أن يجبروا الناس بالإكراه على الدخول في الاسلام قد تم محوها وإيقاف العمل بها بآية واحدة أطلق عليها إسم آية السيف وهي قوله تعالى " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحضروهم واقعدوا لهم كل مرصد " التوبة / 5 حتى قال الامام ابن عربي في تفسيره أحكام القرآن إن كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف " فبحسب إبن عربي فإن النسخ الذي حصل بفضل الآية المذكورة قد أسس لمبدأ عام وهو مبادأة الناس بالقتال من أجل الدخول في الإسلام حيث قال " مع النسخ أصبح القتال يساق به الناس إلى الإيمان رغم أنوفهم " والنسخ قد جعل من آية " لا إكراه في الدين " منسوخة ومن آية " فاصفح الصفح الجميل " هي الأخرى منسوخة والكثير من الآيات التي تتحدث عن روح التسامح وعن الإحسان إلى المعاهد وعن عدم البدء بالعدوان ودرء القتال بالصلح والتفاهم يتم توقيف العمل بها بفضل هذه الآلية التي تقررت في كتب الفقه والتفسير.
إن المشكل في هذه القضية الخطيرة التي جنت على المسلمين الويلات وحكمت علينا أن لا نفهم القرآن إلا باستعمالها هو أن القرآن لما تحدث عن عملية رفع بعض أحكام القرآن وعن عملية المحو لآيات أخرى من القلوب بالنسيان بفعل النسخ قد ذكر النسخ من دون أن يحدد الآيات الناسخة والمنسوخة ولم يقرر القرآن ما هو الناسخ وما هو المنسوخ من الآيات وإنما الذي حصل هو أن الفقهاء والعلماء هم من اجتهد في بيان الآيات الناسخة والآيات المنسوخة بما يعني أن هذا المبحث في القرآن هو من صنع المسلمين ومن اجتهادهم بما يجعله عمل بشري قابل للمراجعة وإعادة النظر حتى نعيد القراءة والتدبر في الآيات القرآنية بفهم آخر وفق منهجية أخرى تبعدنا عن قضية الناسخ والمنسوخ وتتبني فكرة الفهم الموضوعي للقرآن والفهم التأويلي المقاصدي للآيات بما يزيل عنها اللبس والغموض ويجعل الآيات متناسقة ومكملة أو مفسرة بعضها البعض . فهل نحتاج إلى أن نعاود النظر في قضية النسخ في القرآن وأن نعيد قراءة القرآن من أجل الوصول إلى فهم ومعنى مختلف عن المعنى والفهم الذي توصل إليه علماؤنا القدامى وحصروا فهمنا فيه ؟ فما رأي شيخنا الحبيب السلامي فيما قلته ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.