تعيين القاضية التونسية والخبيرة الدولية في القانون الدولي والإنساني منية عمّار عضوة في لجنة التحقيق الدولية الأممية بشأن سوريا    المستشفى الجامعي شارل نيكول يُنجز أول عملية استئصال كُلية بالجراحة الروبوتية في تونس    بينهم أطفال.. 17 وفاة نتيجة البرد القارس في غزة    باريس سان جيرمان يواجه فلامنغو من أجل لقب كأس القارات للأندية    فيفا تعلن عن مكافآت كأس العالم المالية    عاجل: من الجزائر الى تونس...البنك المركزي يُصدّر قرار في حق ''الصرف''    ماتشوات اليوم: شوف شكون يلعب ضدّ شكون ووقتاش    4 أفلام عربية مرشحة لجائزة الأوسكار    يهم وضعية أعوان البلديات...وزارة الداخلية تصدّر هذا البلاغ    جندوبة: معاناة متواصلة لسكان التوايمية في الحصول على الماء    ببادرة من معهد الصحافة وعلوم الاخبار بعث الشبكة العربية للدراسات العليا في علوم الاعلام والاتصال    يوم علمي حول ظاهرة العنف بالمحيط المدرسي يوم 22 ديسمبر 2025 بمدرسة علوم التمريض ابن سينا بتونس العاصمة    فيفا يعلن الطاقم التحكيمي لنهائي كأس العرب قطر 2025 بين المغرب والأردن    مباراة ودية: الإتحاد المنستيري يواجه مستقبل المرسى    هجوم إلكتروني يسرق بيانات 16.4 مليون فرنسي من وزارة الداخلية    الدورة الاولى لتظاهرة "أيام براتس الثقافية" برادس الغابة يومي 20 و21 ديسمبر الجاري    عاجل/ "الستاغ" توجه بلاغ هام للمواطنين..    المطر صبت في هذه المناطق: شوف وين كانت أعلى الكميات ووين    تعرّف على توقيت ماتش النهائي بين الأردن والمغرب    عاجل: تحذيرات من أمطار وسيول قوية تجتاح هذه البلدان العربية    من بينهم يحيى الغزالي: تأجيل محاكمة عدد من العناصر الإرهابية الخطيرة    تعرّضت لعملية تحيل في التجارة الالكترونية ؟...هكا تعمل باش تسترجع حقك    المركز الوطني لفن العرائس يشارك في فعاليات مهرجان نيابوليس الدولي لمسرح الطفل    صندوق النقد العربي: بورصة تونس تتصدّر البورصات العربيّة في ارتفاع القيمة السوقية    طعام يومي يحمي العظام ويقويها أكثر من الحليب..تعرف عليه..    وزير التجهيز يتباحث مع رئيس هيئة الأشغال العامة القطرية تطوير التعاون الفني    سيدي بوزيد: احياء الذكرى 15 لاندلاع الشرارة الأولى للثورة    أيام قرطاج السينمائية 2025: "سماء بلا أرض" فيلم تونسي يسلط الضوء على الهجرة الإفريقية داخل القارة    وفاة الفنانة نيفين مندور إثر حريق في منزلها    عاجل: الحجز لموسم 2026 انطلق على خطوط مرسيليا وجنوة..على هذا الرابط!    شيرين تردّ على ''الكلام الكاذب'' عن صحتها وحياتها    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الألعاب الإفريقية للشباب: ذهبيتان لتونس في الجيدو وبرونزية في السباحة    تونس تحيي الذكرى ال15 لاندلاع الثورة    هزة أرضية تضرب المملكة العربية السعودية    إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله.. وتحدد الموعد    ترامب يصنف فنزويلا منظمة إرهابية ويعلن حصارها بالكامل    وزارة الصحة تعيد برمجة اختيار تربصات المقيمين: التفاصيل    اليوم: ضباب محلي مع طقس مغيم والحرارة في انخفاض    رئيس الجمهورية يظهر فجرا بشارع الحبيب بورقيبة ويتفاعل مع مواطنين قبيل وقفة إحياء ذكرى اندلاع الشرارة الأولى للثورة    المهدية .. لفائدة 371 حاجّا .. شبّاك موحّد لتيسير إجراءات السفر إلى البقاع المقدّسة    ندوة علمية    بتكلفة 250 مليون دينار: انطلاق المحطة الفولطاضوئية بالقيروان..    تنبيه لمستعملي الطريق: ضباب كثيف يحجب الرؤية الليلة وصباح الغد..#خبر_عاجل    طرق مدهشة لتخزين الرمان لأسابيع وشهور..تعرف عليها..    عندك فكرة على اضطراب الشخصية الحديّة؟    المرصد الوطني للطاقة والمناجم: شبه استقرار في الميزان التجاري الطاقي لتونس مع موفى أكتوبر 2025    اخفته داخل علب مأكولات: السجن 20 سنة لفتاة تورطت في تهريب الهيروين..#خبر_عاجل    طبيب بيطري للتوانسة: هاو كيفاش تربّي العصفور    أيام قرطاج السينمائية 2025 "كولونيا" فيلم عن الرفق بالآباء حين يأتي متأخرا    حي هلال: السجن المؤبد لقاتل عطّار    طقس اليوم: أمطار متفرقة ومؤقتا رعدية بهذه المناطق    رئيس الجمهورية يوصي بضرورة تذليل كافة الصعوبات امام صغار الفلاحين    الدكتور محسن حمزة/طبيب ... شباب القرن الحادي والعشرين يريد خطابًا يُحاوره لا يُلقّنه    ندوة «الشروق الفكرية» .. الشّباب والدّين    د. الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية/جامعة الزيتونة.. السّؤال خارج الخطاب التقليدي خطوة لفهم الدّين لا ابتعادا عنه    8 أبراج تحصل على فرصة العمر في عام 2026    شنوّا حكاية ''البلّوطة'' للرجال؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : قضية محيرة في نسخ القرآن
نشر في الصريح يوم 15 - 05 - 2019

آية في كتاب الله العزيز أشكلت علي وجعلتني أتوقف عندها وفرضت علي التأمل و إعادة التفكير فيها كلما اعترضتني عند تلاوتها وهي قوله تعالى " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم بأن الله على كل شيء قدير " البقرة / 106. ووجه الحيرة هنا هو في السؤال الذي يحاول أن يفهم الفائدة التي تجعل الله ينزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم آية ثم ينزل عليه أية أخرى تنسخ الأولى أو تجب ما قبلها وهذه الآية اللاحقة تكون خيرا من الأولى أو مثلها ؟ وما الجدوى من النسخ إذا كانت الآية الناسخة مثل الآية المنسوخة من حيث الحكم ؟ أليس من البديهي أن ينزل القرآن آيات متناسقة واضحة تعالج قضايا في عصر التنزيل وأخرى تتناول حادثات قد تأتي في أزمان مختلفة من دون حاجة إلى اللجوء إلى إلغاء آيات أو نسخها ؟ وما الجدوى من رفع حكم آية بفعل النسخ وإيقاف العمل بها في الواقع مع الابقاء عليها للتلاوة والتعبد لا غير ؟ وهل من معنى لأية تم نسيها بعد نسخها بآية أخرى مع إلغاء العمل بها ؟ أليس من الأجدى أن لا يكون الوحي الذي أراده الله منهجا للحياة واضحا وصالحا لكل زمان ومكان أن لا يحتوي على آيات منسوخة بأخرى أو آيات ممحوة من القلوب كما يقول المفسرون لمعنى النسيان ؟
نطرح كل هذه الأسئلة وليس غايتنا من وراء ذلك أن نعترض على إرادة الله وحكمه في أن ينزل من القرآن ما يشاء وقد شاءت إرادته أن يحتوي القرآن على آيات مثبتة وأخرى منسوخة وثالثة منسية ولكن ما دفعنا إلى كل هذه الاستفسارات هو أن مسألة النسخ في القرآن قد تحولت مع علماء الأصول إلى آلية مركزية ومحورية في فهم القرآن ومن دونها لا يمكن الوصول إلى مراد الله من كلامه المنزل على رسوله الكريم حتى قال السيوطي في كتابه الاتقان من لا يعرف النسخ لا يمكن له أن يفهم القرآن.
ولكن رغم أن العلماء القدامى قد أفاضوا القول في موضوع النسخ في القرآن وألفوا فيه كتبا ومجلدات وفصلوا القول في الآيات المنسوخة واختلفوا واتفقوا في عددها وزادوا بأن اختلفوا واتفقوا حول قضية نسخ القرآن بالقرآن والقرآن بالسنة ونسخ السنة بالقرآن وحبروا في ذلك مجلدات وتوسعوا كثيرا ومع ذلك تواصلت الحيرة كلما حاولنا أن نفكر قليلا في المغزى من وراء ورود النسخ في القرآن خاصة وأن هذه الآلية في فهم الوحي الإلهي قد تسببت في الكثير من المشاكل على مستوى فهم النص القرآني وتدبره وتطبيقه وهي آلية قد أحدثت لبسا في التعامل مع آيات الله فمثلا في مسألة توزيع التركة وقسمة مال الميت نجد أنه لدينا في القرآن آية الوصية وهي قوله تعالى " كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين " البقرة / 108 ولدينا آيات المواريث التي جاءت مفصلة في سورة النساء بدءا من قوله تعالى " وللرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا " النساء / 7 وهي آيات تطبيقها متعارض مع آية الوصية وقد وجد علماء التفسير المخرج لهذا التعارض والحل لهذا الإشكال في آلية النسخ إذ قالوا بأن آيات المواريث هي ناسخة لآيات الوصية وبالتالي فإن الوصية قد رفعت حكما وبقيت تتلى ويتعبد بها فقط لكن هذا المخرج لا يرضي كل المسلمين الذين رفضوا القول بالنسخ واعتبروا أن الأصل هو الوصية وأن أحكام المواريث زائلة بفعل الزمن وتطور الواقع الاجتماعي حيث جاءت تعالج وضعا اجتماعيا لم يعد موجودا اليوم . والسؤال ألم يكن من الأجدى أن تكون لدينا أحكام واحدة لقسمة مال المتوفى وبذلك نزول الخلاف ونحقق الوضوح في المعنى ونتجنب اتهامات غير المسلمين من الذين ينعتون القرآن بأنه يحتوي على اشكالات كبيرة في تعارض نصوصه؟
ومثال آخر وهو أخطر من المثال السابق يتعلق بآيات الجهاد التي استغلها الدواعش ووظفتها الجماعات الجهادية في تبرير أفعالها الاجرامية حيث أنه بفضل آلية النسخ تم محو وإلغاء و تعطيل ما يقارب عن 124 آية تناولت موضوع القتال و الحرب والجهاد في القرآن وتعرضت إلى تنظيم القتال باعتباره جهاد دفع للعدوان وقتالا اضطراريا للدفاع عن النفس وقتالا نظاميا تقوم به الدولة المسلمة حينما تكون مضطرة للدفاع عن كيانها ووجودها وجهادا يقوم على الجنوح إلى السلم بدل الحرب كل هذه الترسانة من الآيات القرآنية التي تمنع على المسامين أن يبدؤوا غيرهم بالحرب وتحرم عليهم أن يجبروا الناس بالإكراه على الدخول في الاسلام قد تم محوها وإيقاف العمل بها بآية واحدة أطلق عليها إسم آية السيف وهي قوله تعالى " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وأحضروهم واقعدوا لهم كل مرصد " التوبة / 5 حتى قال الامام ابن عربي في تفسيره أحكام القرآن إن كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف " فبحسب إبن عربي فإن النسخ الذي حصل بفضل الآية المذكورة قد أسس لمبدأ عام وهو مبادأة الناس بالقتال من أجل الدخول في الإسلام حيث قال " مع النسخ أصبح القتال يساق به الناس إلى الإيمان رغم أنوفهم " والنسخ قد جعل من آية " لا إكراه في الدين " منسوخة ومن آية " فاصفح الصفح الجميل " هي الأخرى منسوخة والكثير من الآيات التي تتحدث عن روح التسامح وعن الإحسان إلى المعاهد وعن عدم البدء بالعدوان ودرء القتال بالصلح والتفاهم يتم توقيف العمل بها بفضل هذه الآلية التي تقررت في كتب الفقه والتفسير.
إن المشكل في هذه القضية الخطيرة التي جنت على المسلمين الويلات وحكمت علينا أن لا نفهم القرآن إلا باستعمالها هو أن القرآن لما تحدث عن عملية رفع بعض أحكام القرآن وعن عملية المحو لآيات أخرى من القلوب بالنسيان بفعل النسخ قد ذكر النسخ من دون أن يحدد الآيات الناسخة والمنسوخة ولم يقرر القرآن ما هو الناسخ وما هو المنسوخ من الآيات وإنما الذي حصل هو أن الفقهاء والعلماء هم من اجتهد في بيان الآيات الناسخة والآيات المنسوخة بما يعني أن هذا المبحث في القرآن هو من صنع المسلمين ومن اجتهادهم بما يجعله عمل بشري قابل للمراجعة وإعادة النظر حتى نعيد القراءة والتدبر في الآيات القرآنية بفهم آخر وفق منهجية أخرى تبعدنا عن قضية الناسخ والمنسوخ وتتبني فكرة الفهم الموضوعي للقرآن والفهم التأويلي المقاصدي للآيات بما يزيل عنها اللبس والغموض ويجعل الآيات متناسقة ومكملة أو مفسرة بعضها البعض . فهل نحتاج إلى أن نعاود النظر في قضية النسخ في القرآن وأن نعيد قراءة القرآن من أجل الوصول إلى فهم ومعنى مختلف عن المعنى والفهم الذي توصل إليه علماؤنا القدامى وحصروا فهمنا فيه ؟ فما رأي شيخنا الحبيب السلامي فيما قلته ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.