وزارة التجهيز تعلن عن فتح الممر تحت الجسر على الطريق المحلية رقم 541 الرابطة بين جبل الجلود ولاكانيا    عاجل/ هذه الأدوية ستكون متوفّرة في الصيدليات خلال الأسبوع المقبل    عاجل/ تحديد سعر شراء الكهرباء المنتجة من الغاز الحيوي    حادثة الطعن في مرسيليا: المنفّذ تونسي مقيم بصفة قانونية    تونس تبدأ إجراءات نيل التصنيف الدولي للفرق الطبية الطارئة    عاجل/ العثور على جثة صحفي مفقود بقنال مجردة: النيابة تتدخّل..    يوم عطلة بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة الثالثة    وزارة التجهيز ترصد نحو 36 مليون دينار لجهر وصيانة منشآت حماية المدن من الفيضانات بكافة الجهات    لجنة الطاقة الذرية تصادق على البرنامج الإطاري 2025-2029 للاستخدام الامن للتقنيات النووية    رجة أرضية بمنطقة المعقولة التابعة لولاية باجة بقوة 2.4 درجة على سلم ريشتر شعر بها مواطنو الجهة    كوجينتك فيها حشرات؟ هاو 5 طرق طبيعية تخليك تنساهم بلاش مُبيدات    تنبيه: إمكانية حصول إضطراب على مواعيد سفرات "لود قرقنة"..    عاجل/ زلزال ثان يضرب أفغانستان خلال اقل من 24 ساعة    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 63633 شهيدا..#خبر_عاجل    إمكانية تأخير موعد انطلاق أسطول الصمود المغاربي في اتجاه غزة    نقابة الصحفيين تنعى الصحفي مروان الهدواجي..    هام/ كميّات الأمطار المسجّلة بعدد من مناطق البلاد خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية..    تصفيات المونديال: حكم موريسي يدير مواجهة غينيا الاستوائية والمنتخب الوطني    مباراة ودية: الملعب التونسي يواجه لوبوبو الأنغولي    الكاف: "الزقوقو" المادة التي ينهشها الاحتكار    عاجل/ استئناف رحلات هذا القطار بعد توقفه 5 سنوات    تأجيل رحلات اللود بين صفاقس وقرقنة بسبب التقلبات الجوية    العالم يشهد خسوف كلي للقمر..وهذا موعده..#خبر_عاجل    قبلي: رفع 160 مخالفة اقتصادية إثر 2000 زيارة تفقد خلال شهر أوت المنقضي    سليانة: تقييم الموسم الفلاحي المنقضي والاستعداد للموسم القادم خلال جلسة عمل    هام/ تعرف على عدد ساعات النوم التي تحتاج إليها وفقاً لعمرك..    خزندار: إيقاف منحرف خطير محل 14 منشور تفتيش    الدورة الخامسة للملتقى الدولي للفنون من 05 الى 08 سبتمبر الجاري بقصر النجمة الزهراء    بطولة اسطنبول للتحدي - معز الشرقي يخرج من الدور الاول    الإفتاء المصرية تحسم الجدل: صيام يوم المولد يجوز شرعًا    شركة أسواق الجملة تدعو وكلاء البيع إلى الالتزام بمساحة العرض الموضوعة على ذمتهم    غلق 7 محلات وحجز 15 طنا من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    المنتخب الوطني: تواصل التحضيرات .. وثنائي يواصل الغياب    محرز الغنوشي: ''امطار متفرقة ورعدية متوقعة اليوم بالشمال ومحليا الوسط''    مؤسسة "فداء"تعلن صرف منح لأبناء شهداء وجرحى الاعتداءات الإرهابية    الروز.. تاكلو في النهار ولا الليل؟ الخبراء يوضحوا!    النخيلي يفسّر أسباب انتشار الأوراق النقدية المهترئة والممزقة    مانشستر سيتي يتعاقد مع مع حارس المرمى الإيطالي جيانلويجي دوناروما    انطلاق عملية بيع تذاكر "عرض السيرك الخيري"    "رومانسيّة مسرطنة"؟ د. ذاكر لهيذب ينتقد ظهور السيجارة في كليب لفضل شاكر... وتعليقات المتابعين بين التأييد والدعابة    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي..    إعلام إسرائيلي: انفجار صاروخين في سماء السعودية أطلقا من اليمن باتجاه إسرائيل    سوريا تصدر أول شحنة نفط خام منذ 14 عاما    عاجل: هذه الدولة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين وتفرض عقوبات ضدّ الإحتلال..    السودان: أكثر من ألف قتيل في انزلاق أرضي بإقليم دارفور    أولا وأخيرا: «أ في الله شك يزي فك»    رغم تعدّد المهرجانات الجهوية والمحليّة ..وجوه فنيّة من سوسة غائبة أم مغيبة ؟    مُربّ في البال: زهير بنجدو (أستاذ أول مميز درجة استثنائية ومدير متقاعد) نجاح مسيرتي ... تاج على رؤوس تلاميذي وزملائي    طقس الليلة.. سحب كثيفة مع امطار بعدد من المناطق    مفتي الجمهورية: الأمة الإسلامية مُستهدفة.. #خبر_عاجل    نابل: حالتا وفاة غرقا بشواطئ سليمان    القيروان: وزير الشّؤون الدّينية ومفتي الجمهورية يفتتحان الندوة المولدية الدولية    محمد فضل شاكر يكسر الصمت: 13 عاماً من الانتظار.. ونصيحة والدي غيرت حياتي    Ooredoo Music Fest by OPPO 3.0 يحقق نجاحاً باهراً في صفاقس    الأسعار والبيع: كل ما يلزمك تعرفو على تذاكر ماتش تونس وليبيريا    صيف المبدعين ..الشّاعرة لطيفة الشامخي .. الكُتّاب ،سيدي المؤدّب وأوّل حِبْر عرفته    النور الأخضر في صنعاء... زلزال عقائدي وعسكري يهزم المجرم نتنياهو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : أي دور للهيئات المستقلة في ضمان نزاهة الحياة العامة وشفافية العملية الانتخابية؟
نشر في الصريح يوم 13 - 06 - 2019

بالشراكة مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومحكمة المحاسبات نظمت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مسامرة رمضانية ليلة الأحد 2 جوان الجاري احتضنها نزل المشتل بالعاصمة تناولت فيها موضوعا راهنيا في علاقة بنجاح العملية الانتخابية المقبلة وطرحت سؤالا : أي دور للأحزاب السياسية في ضمان العملية انتخابية على قدر كبير من النزاهة والشفافية وبقدر كبير من السلوك الاخلاقي البعيد عن الغش والتلاعب ومن دون توظيف للمال الفاسد المتدفق من جهات عديدة الذي لا يلقى ما يستحق من المتابعة أو يخضع للرقابة المطلوبة.
ولتأثيث هذا اللقاء دعت الجهة المشرفة على هذه المسامرة السيد لطفي حشيشة الكاتب العام للبنك المركزي وللجنة التحاليل المالية والسيدة فضيلة القرقوري القاضية بمحكمة المحاسبات والسيدة ليلى الشرايبي رئيسة جمعية عتيد والسيدة ليلى المنصري عن رابطة الناخبات التونسيات والسيد نزار بركوتي المدير العام لحقوق الانسان بمصالح العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان برئاسة الحكومة .
في هذه الندوة تم التذكير بأن هذا اللقاء يأتي في ظرف دقيق تمر به البلاد وهي تستعد لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة وفي وقت تستعد فيه الاحزاب السياسية إلى خوض انتخابات مهمة لتدعيم المسار الديمقراطي الذي سارت عليه تونس منذ 8 سنوات هي بمثابة الامتحان الجديد لشرعيتها وحضورها الشعبي ومعرفة مدى ثقة الناس في وعودها وفي قدرتها على تغيير وجه البلاد. وهذه الندوة كما هو ملاحظ تنعقد في ظل تصاعد موجة التشكيك في نزاهة الانتخابات في علاقة بتوظيف الأحزاب للمال الفاسد واستعمال المال السياسي وتوظيف الاعلام للتأثير على الناخبين وشراء الأصوات والذمم وفي ظل اهتزاز كبير لثقة التونسيين في عموم الأحزاب السياسية ونواب الشعب حيث كشف آخر استطلاع للرأي أن 80 % من المستجوبين لا يثقون في الأحزاب السياسية وأن 75% منهم ليست لهم ثقة في نواب الشعب كما تم معاينة أن نسبة كبيرة من المسجلين في الانتخابات لا يعرفون لمن سيمنحون أصواتهم وعدم قدرتهم على اختيار مرشح لهم إلى جانب معاينة ارتفاع منسوب الشك في وجود ملفات فساد لها علاقة بالسياسيين في الحكم وفي البرلمان وفي الإعلام وفي المجتمع المدني وفي المحصلة فإن الانتخابات المقبلة تأتي في مناخ وأجواء يطغى عليها التشكيك والحيرة وعدم الثقة وفقدان الأمل .
كما أن الانتخابات المقبلة كسابقتها تأتي في وقت يلاحظ فيه مدى توسع رقعة الاصطفاف وراء الأجنبي ومدى تدخله في الحياة السياسية ودوره الواضح في مساندة أحزاب دون أخرى بما يقدمه لها من أموال لها تأثيرها القوي في تغييب مبدأ المساواة بين المتنافسين ويفقد الشفافية والنزاهة في التمويلات المالية وما يحصلون عليه من أموال تتدفق بصفة وكيفية يصعب معها مراقبتها. فاليوم لدينا قرابة 218 حزب 28 رئيس حزب منها فقط من تقدم إلى هيئة مكافحة الفساد وصرح بمكاسبه وهذا يفرض على الهيئة الاضطلاع بدورها في مطالبة رؤساء الأحزاب المتخلفة بضرورة تقديم تصريح بمكاسبهم في محاولة لمحاصرة كل مظاهر تدفق المال الفاسد ومراقبة مصادر تمويل الأحزاب وفي هذا المجال فقد صرح شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد بأن الهيئة سوف تتخذ كل الاجراءات حتى يتم تحييد الادارة ومنع توظيفها في الحملات الانتخابية وكذلك تحييد الاعلام الذي وجب عليه أن يبقى على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية وأن لا يصطف وراء أحزاب دون أخرى لضمان أكبير قدر من المساواة بين المتنافسين في هذه المحطة الانتخابية. فهل أن المسؤولية في انجاح هذه المحطة الانتحابية الهامة تقع على عاتق الأحزاب السياسية في ضرورة الالتزام بالقانون والتقيد بمبدأ الشفافية والنزاهة ؟ أم أن للهيئات المستقلة دور أساسي في مراقبة العملية الانتخابية ومنع المال الفاسد والمال السياسي المتدفق من جهات عديدة من أن يلعب دورا حاسما في العملية الانتخابية ؟.
ما يمكن الخروج به بعد الاستماع إلى المتدخلين من الممثلين عن الهيئات الدستورية والممثلين عن المجتمع المدني أن هناك مشكلا كبيرا في مراقبة تمويل الأحزاب السياسية ومأزقا خطيرا في عدم قدرة الهيئات الدستورية والجهات الفاعلة في عملية الرقابة المطلوبة لتقصي حقيقة كل الأموال المتأتية من الخارج والمتدفقة بكثرة قبل وأثناء الحملات الانتخابية. ما يمكن الوقوف عليه في هذه الندوة هو أن هناك خللا واضحا في عمل هذه الهيئات يحول دون أن تضطلع بمهامها على أحسن وجه فبعد أن استمعنا إلى ممثل البنك المركزي ولجنة التحاليل المالية الموجودة صلبه والذي ما فتيء يؤكد ويلح على أن البنك المركزي ليس جهة رقابة على تمويل الأحزاب والجمعيات وحسابات الاشخاص فهو لا يثير الرقابة من تلقاء نفسه وإنما الأصل أن كل التحويلات المالية المتأتية من جهات خارجية لا تمر عبر البنك المركزي وإنما تصل مباشرة من بنك مصرفي في الخارج إلى بنك مصرفي تونس ومن شخص إلى آخر ومن شركة إلى شركة أخرى عبر المصارف البنكية لا غير وهو لا يتحرك لإجراء تدقيق إلا بعد أن يأتيه اشعار تصريح بوجود شبهة تحال عليه من أحد البنوك التي تلقت التحويل المالي عندها فقط يتدخل البنك المركزي ويجري رقابة وتدقيقا بخصوص هذه الأموال المسترابة في إطار التثبت من وجود عملية غسل للأموال وتبييض لها وعملية تمويل للإرهاب من عدمها. فهذه البنوك هي التي تحيل الملفات المشبوهة بصفتها الجهة المصرحة والمخول لها قانونا على أنظار البنك المركزي ولجنة التحاليل المالية التي تتعهد بالملف وتقرر بعد الدرس والتمحيص والتثبت من التدفقات المالية الاجنبية في إطار تمويل أحزاب أو جمعيات أو تمويل مشاريع استثمارية مشبوهة إما بإحالة الملف على انظار القضاء وإما حفظه وهذا يعني أن البنوك هي التي يقع على عاتقها القيام بالتحريات اللازمة للأموال المحالة عليها من مختلف فروع البنوك في الخارج وهي التي تقرر إحالة الملف من عدمه على انظار البنك المركزي وبهذا الفهم وهذا المعنى تكون هذه المصارف المالية هي خط الدفاع الأول ضد كل الشبهات التي من الممكن أن تثار بخصوص ما يسمى بالمال الفاسد أو المال السياسي وبهذا يرفع الالتباس بخصوص أهلية البنك المركزي في أن يجري رقابة وتدقيقا من تلقاء نفسه بخصوص كل التحويلات المالية المتأتية من الخارج في حسابات بنكية بمختلف البنوك التونسية لغايات مختلفة قد تكون تمويلا لجمعيات وأحزاب .
المشكل الآخر الذي وقفنا عليه بعد الاستماع إلى كلمة ممثلة محكمة المحاسبات هو أن المحكمة لا يمكن لها هي الأخرى أن تجري رقابة من تلقاء نفسها إلا بعد أن يحال على انظارها ملف في الفساد المالي من طرف البنك المركزي أو من أي جهة تتوفر لديها معلومات موثقة بما يعني أن محكمة المحاسبات لا تقوم بالرقابة من تلقاء نفسها وإنما هي تتعهد بالملفات بعد أن تحال عليها من البنك المركزي ولجنة التحاليل المالية وجمعيات المجتمع المدني وهذا يعني أن الرقابة التي تجريها المحكمة على التحويلات المالية وعلى التدفقات المالية التي تحوم حولها شبهات فساد او شبهات تبييض أموال أو شبهات تمويل أحزاب أثناء الحملات الانتخابية لا تقوم بها بدءا ومن تلقاء نفسها إلا بعد أن تتلقى تصريحا في الغرض.
المشكل الثالث الذي أثير في هذه الندوة في علاقة بقدرة هذه الهيئات على مراقبة تمويلات الأحزاب هو الامكانيات المتاحة لجمعيات المجتمع المدني في التصدي إلى كل محاولات إفساد الحياة السياسية بالمال الفاسد حيث صرحت كل من ممثلة جمعية عتيد وممثلة رابطة الناخبات التونسيات أن الكثير من الاخلالات قد تم رصدها في الانتخابات السابقة وأن الكثير من التصرفات المنافية والمخالفة للقانون الانتخابي قد ارتكبت لكن الضعف الذي تم تسجيله يكمن في الدور الموكول لهذه الجمعيات والذي لا يسمح بأكثر من مراقبة الاخلالات و التشهير بالتجاوزات التي ترتكب والسهر على منع تكرار الأخطاء والتنبيه إلى محاولات التحايل بغاية التقليص من حجم الفساد في الحياة السياسية والجمعياتية إلى جانب فضح الممارسات الجديدة التي ظهرت مستفيدة من فراغات القانون .
ما يمكن الخروج به من هذه المسامرة الرمضانية التي أرادها من كان وراءها أن تكون محطة للتنبيه إلى خطورة المال الفاسد على الحياة العامة وعلى سلوك الاحزاب وعلى نزاهة العملية الانتخابية هو أن هناك مشكلا كبيرا يمنع من خلق حياة سياسية نزيهة وبأكثر قدر من الشفافية والرقابة هو أن كل الهياكل التي تعنى بمراقبة الحملات الانتخابية ومراقبة التحويلات والتدفقات المالية والتدقيق في تمويل الاحزاب و الجمعيات قد اتضح اليوم أنها عاجزة وغير قادرة على إجراء مراقبة أصلية من دون تدخل من جهات أخرى فاليوم لا البنك المركزي ولا لجنة التحاليل المالية ولا محكمة المحاسبات ولا جمعيات المجتمع المدني ولا الهيئات الدستورية المعنية بمكافحة الفساد لها من الصلاحية لإجراء رقابة من تلقاء نفسها أو أن تدقق في حسابات أشخاص أو أحزاب أو جمعيات من دون أن يتوفر لها ملف في الغرض ومن دون أن تحال عليها شبهة فساد مالي . فعن أي دور للهيئات الدستورية في مراقبة المال الفاسد نتحدث ؟ و أي مسؤولية تتحملها هذه الجهات في تنقية الحياة العامة من تدفقات المال الفاسد ودورها يقتصر على الرقابة البعدية لا غير وعلى التدخل اللاحق والحال أن الأهم والمفيد في أن تكون لها صلاحيات الرقابة القبلية والأصلية لكل الانشطة التي تمارسها الاحزاب و الجمعيات والمؤسسات من حيث التمويل ومن حيث التحويلات والتبرعات المالية المتأتية خاصة من الخارج ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.