عاجل/ الكشف عن تفاصيل سبقت استقالة الطّبوبي..    كاس امم افريقيا (المغرب 2025-المجموعو3-الجولة1): المنتخب التونسي يفوز على اوغندا 3-1    مشروع "قانون الفنان"، يطبخ على نار هادئة    عاجل: تركيا تعلن العثور على الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    عاجل: حادث خطير يؤجّل زفاف شقيقة ميسي في اللحظات الأخيرة    عاجل: استقرار في أحوال الطقس..لكن التقلّبات جاية التاريخ هذا    عاجل/ الإحتلال يقصف غزة مجددا..    عاجل: بعد فوز ماتش البارح...هذا ما قاله سامي الطرابلسي    اليوم: الدكاترة الباحثون المعطلون عن العمل يحتجون    كأس أمم افريقيا (المغرب 2025: تونس-اوغندا 3-1): تصريحات ما بعد المباراة..    صور: لقطة رائعة من لاعبي المنتخب وسط الأمطار الغزيرة في مباراتهم ضد أوغندا    لجنة ليبية للتحقيق في ملابسات تحطم طائرة رئيس الأركان بتركيا    كيف سيكون طقس اليوم 24 ديسمبر؟    منية العرفاوي: استقالة الطبوبي تمثّل أجبن استقالة في تاريخ الاتحاد    الذهب فوق 4500 دولار للمرة الأولى.. والفضة تصعد إلى مستويات قياسية    انفجار في دار لرعاية المسنين في ولاية بنسلفانيا الأمريكية والنار تحاصر المقيمين    اشتباكات بين الجيش الأردني ومجموعات مسلحة على الحدود مع سوريا    عبد الستار بن موسى: المنتخب الوطني قادر على التطور.. والمجبري كان رجل مباراة اليوم    عاجل/ تحديد سعر مرجعي لزيت الزيتون على مستوى المعاصر..    عاجل: تحطم طائرة تقل رئيس أركان المجلس الرئاسي الليبي في أنقرة    اللجنة العليا للإنتاج الخاص للكهرباء توافق على إنجاز مشاريع لإنتاج الطاقة باعتماد الطاقات المتجددة بعدد من جهات البلاد    سيدي علي بن عون.. انطلاق فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الحكاية    صفاقس تصنع الحدث الثقافي... رحلة في عالم الكتب    قبلي : التسلم الوقتي لمشروع إعادة تهيئة دار الثقافة محمد المرزوقي بدوز    الشركة التونسية للملاحة تدخل تعديلا على برمجة السفينتين "قرطاج" و"تانيت"..وهذه التفاصيل..    قابس: حادث مرور يخلف حالتي وفاة واصابات    انطلاق عدد من التظاهرات على هامش المهرجان الدولي للصحراء بدوز في دورته ال 57    توزر: صناعات تقليدية متنوعة تعكس خصوصية وثراء الجهات وتنوعها في الدورة 17 لأيام الصناعات التقليدية بتوزر    القصرين: تحديد موعد رحلة ذهاب حجيج الجهة إلى البقاع المقدّسة    عاجل/ بعد ما راج عن تعرض المنشأة بالمدخل الجنوبي للعاصمة لضرر..وزراة التجهيز تكشف وتوضح..    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    القيلولة مفيدة أو مضرة : العلم يحسم الأمر    في تطاوين: اشكاليات الكتابة المسرحية في تونس    قرار قضائي في حق يوسف الشاهد ومهدي بن غربية    سفيان لسود " الطبوبي قدم استقالته لمكتب الضبط"    تونس تحل في المرتبة الرابعة افريقيا ضمن مؤشر ريادة الأعمال الرقمية 2025    كأس أمم إفريقيا "المغرب 2025": برنامج مباريات اليوم    العودة لتونس: القلب يحب يرجع ... لكن الواقع يقول لا..علاش؟    عاجل: فيلم تونسي ''مخدوم بالذكاء الاصناعي'' يصل نهائي مسابقة عالمية في دبي    أرقام: قطاع النسيج في تونس يوفر 155 ألف موطن شغل للتوانسة    وزير النّقل يؤدّي زيارة ميدانيّة إلى ميناء رادس التّجاري    فيروسات الشتاء: هذه الفئات معنيّة أكثر    كيفاش يعاونك ضوء النهار الطبيعي على ''ضبط مستوى سكر الدم''؟    إحباط توريد 9 كلغ من المخدرات بمطار تونس قرطاج    بتعريفة استثنائية "9 دنانير فقط": لا تفوتوا الفرجة في الفيلم الحدث "صاحبك راجل2"..التفاصيل..    حولوه لوكر لصنع المخدرات: إيقاف 13 شخصا من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء داخل منزل..    القصبة : وفاة أب أثناء مراسم زواج ابنه    صفاقس: اضطراب وانقطاع في توزيع المياه بهذه المعتمديات    اليوم: طقس بارد وأمطار    مادورو: "ترامب سيكون أفضل حالا" لو اهتم ببلاده بدلا من تهديد كاراكاس    رقم مفرح: هذا عدد السياح الذين زارو تونس منذ بداية 2025..    عاجل/ تحذيرات عالمية من متحور جديد للانفلونزا..    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    عاجل/ بسبب "القريب": وزارة الصحة توجه نداء هام للمواطنين..    اليوم: أقصر نهار في العام    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : أي دور للهيئات المستقلة في ضمان نزاهة الحياة العامة وشفافية العملية الانتخابية؟
نشر في الصريح يوم 13 - 06 - 2019

بالشراكة مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومحكمة المحاسبات نظمت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مسامرة رمضانية ليلة الأحد 2 جوان الجاري احتضنها نزل المشتل بالعاصمة تناولت فيها موضوعا راهنيا في علاقة بنجاح العملية الانتخابية المقبلة وطرحت سؤالا : أي دور للأحزاب السياسية في ضمان العملية انتخابية على قدر كبير من النزاهة والشفافية وبقدر كبير من السلوك الاخلاقي البعيد عن الغش والتلاعب ومن دون توظيف للمال الفاسد المتدفق من جهات عديدة الذي لا يلقى ما يستحق من المتابعة أو يخضع للرقابة المطلوبة.
ولتأثيث هذا اللقاء دعت الجهة المشرفة على هذه المسامرة السيد لطفي حشيشة الكاتب العام للبنك المركزي وللجنة التحاليل المالية والسيدة فضيلة القرقوري القاضية بمحكمة المحاسبات والسيدة ليلى الشرايبي رئيسة جمعية عتيد والسيدة ليلى المنصري عن رابطة الناخبات التونسيات والسيد نزار بركوتي المدير العام لحقوق الانسان بمصالح العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان برئاسة الحكومة .
في هذه الندوة تم التذكير بأن هذا اللقاء يأتي في ظرف دقيق تمر به البلاد وهي تستعد لتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية جديدة وفي وقت تستعد فيه الاحزاب السياسية إلى خوض انتخابات مهمة لتدعيم المسار الديمقراطي الذي سارت عليه تونس منذ 8 سنوات هي بمثابة الامتحان الجديد لشرعيتها وحضورها الشعبي ومعرفة مدى ثقة الناس في وعودها وفي قدرتها على تغيير وجه البلاد. وهذه الندوة كما هو ملاحظ تنعقد في ظل تصاعد موجة التشكيك في نزاهة الانتخابات في علاقة بتوظيف الأحزاب للمال الفاسد واستعمال المال السياسي وتوظيف الاعلام للتأثير على الناخبين وشراء الأصوات والذمم وفي ظل اهتزاز كبير لثقة التونسيين في عموم الأحزاب السياسية ونواب الشعب حيث كشف آخر استطلاع للرأي أن 80 % من المستجوبين لا يثقون في الأحزاب السياسية وأن 75% منهم ليست لهم ثقة في نواب الشعب كما تم معاينة أن نسبة كبيرة من المسجلين في الانتخابات لا يعرفون لمن سيمنحون أصواتهم وعدم قدرتهم على اختيار مرشح لهم إلى جانب معاينة ارتفاع منسوب الشك في وجود ملفات فساد لها علاقة بالسياسيين في الحكم وفي البرلمان وفي الإعلام وفي المجتمع المدني وفي المحصلة فإن الانتخابات المقبلة تأتي في مناخ وأجواء يطغى عليها التشكيك والحيرة وعدم الثقة وفقدان الأمل .
كما أن الانتخابات المقبلة كسابقتها تأتي في وقت يلاحظ فيه مدى توسع رقعة الاصطفاف وراء الأجنبي ومدى تدخله في الحياة السياسية ودوره الواضح في مساندة أحزاب دون أخرى بما يقدمه لها من أموال لها تأثيرها القوي في تغييب مبدأ المساواة بين المتنافسين ويفقد الشفافية والنزاهة في التمويلات المالية وما يحصلون عليه من أموال تتدفق بصفة وكيفية يصعب معها مراقبتها. فاليوم لدينا قرابة 218 حزب 28 رئيس حزب منها فقط من تقدم إلى هيئة مكافحة الفساد وصرح بمكاسبه وهذا يفرض على الهيئة الاضطلاع بدورها في مطالبة رؤساء الأحزاب المتخلفة بضرورة تقديم تصريح بمكاسبهم في محاولة لمحاصرة كل مظاهر تدفق المال الفاسد ومراقبة مصادر تمويل الأحزاب وفي هذا المجال فقد صرح شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد بأن الهيئة سوف تتخذ كل الاجراءات حتى يتم تحييد الادارة ومنع توظيفها في الحملات الانتخابية وكذلك تحييد الاعلام الذي وجب عليه أن يبقى على نفس المسافة من كل الأحزاب السياسية وأن لا يصطف وراء أحزاب دون أخرى لضمان أكبير قدر من المساواة بين المتنافسين في هذه المحطة الانتخابية. فهل أن المسؤولية في انجاح هذه المحطة الانتحابية الهامة تقع على عاتق الأحزاب السياسية في ضرورة الالتزام بالقانون والتقيد بمبدأ الشفافية والنزاهة ؟ أم أن للهيئات المستقلة دور أساسي في مراقبة العملية الانتخابية ومنع المال الفاسد والمال السياسي المتدفق من جهات عديدة من أن يلعب دورا حاسما في العملية الانتخابية ؟.
ما يمكن الخروج به بعد الاستماع إلى المتدخلين من الممثلين عن الهيئات الدستورية والممثلين عن المجتمع المدني أن هناك مشكلا كبيرا في مراقبة تمويل الأحزاب السياسية ومأزقا خطيرا في عدم قدرة الهيئات الدستورية والجهات الفاعلة في عملية الرقابة المطلوبة لتقصي حقيقة كل الأموال المتأتية من الخارج والمتدفقة بكثرة قبل وأثناء الحملات الانتخابية. ما يمكن الوقوف عليه في هذه الندوة هو أن هناك خللا واضحا في عمل هذه الهيئات يحول دون أن تضطلع بمهامها على أحسن وجه فبعد أن استمعنا إلى ممثل البنك المركزي ولجنة التحاليل المالية الموجودة صلبه والذي ما فتيء يؤكد ويلح على أن البنك المركزي ليس جهة رقابة على تمويل الأحزاب والجمعيات وحسابات الاشخاص فهو لا يثير الرقابة من تلقاء نفسه وإنما الأصل أن كل التحويلات المالية المتأتية من جهات خارجية لا تمر عبر البنك المركزي وإنما تصل مباشرة من بنك مصرفي في الخارج إلى بنك مصرفي تونس ومن شخص إلى آخر ومن شركة إلى شركة أخرى عبر المصارف البنكية لا غير وهو لا يتحرك لإجراء تدقيق إلا بعد أن يأتيه اشعار تصريح بوجود شبهة تحال عليه من أحد البنوك التي تلقت التحويل المالي عندها فقط يتدخل البنك المركزي ويجري رقابة وتدقيقا بخصوص هذه الأموال المسترابة في إطار التثبت من وجود عملية غسل للأموال وتبييض لها وعملية تمويل للإرهاب من عدمها. فهذه البنوك هي التي تحيل الملفات المشبوهة بصفتها الجهة المصرحة والمخول لها قانونا على أنظار البنك المركزي ولجنة التحاليل المالية التي تتعهد بالملف وتقرر بعد الدرس والتمحيص والتثبت من التدفقات المالية الاجنبية في إطار تمويل أحزاب أو جمعيات أو تمويل مشاريع استثمارية مشبوهة إما بإحالة الملف على انظار القضاء وإما حفظه وهذا يعني أن البنوك هي التي يقع على عاتقها القيام بالتحريات اللازمة للأموال المحالة عليها من مختلف فروع البنوك في الخارج وهي التي تقرر إحالة الملف من عدمه على انظار البنك المركزي وبهذا الفهم وهذا المعنى تكون هذه المصارف المالية هي خط الدفاع الأول ضد كل الشبهات التي من الممكن أن تثار بخصوص ما يسمى بالمال الفاسد أو المال السياسي وبهذا يرفع الالتباس بخصوص أهلية البنك المركزي في أن يجري رقابة وتدقيقا من تلقاء نفسه بخصوص كل التحويلات المالية المتأتية من الخارج في حسابات بنكية بمختلف البنوك التونسية لغايات مختلفة قد تكون تمويلا لجمعيات وأحزاب .
المشكل الآخر الذي وقفنا عليه بعد الاستماع إلى كلمة ممثلة محكمة المحاسبات هو أن المحكمة لا يمكن لها هي الأخرى أن تجري رقابة من تلقاء نفسها إلا بعد أن يحال على انظارها ملف في الفساد المالي من طرف البنك المركزي أو من أي جهة تتوفر لديها معلومات موثقة بما يعني أن محكمة المحاسبات لا تقوم بالرقابة من تلقاء نفسها وإنما هي تتعهد بالملفات بعد أن تحال عليها من البنك المركزي ولجنة التحاليل المالية وجمعيات المجتمع المدني وهذا يعني أن الرقابة التي تجريها المحكمة على التحويلات المالية وعلى التدفقات المالية التي تحوم حولها شبهات فساد او شبهات تبييض أموال أو شبهات تمويل أحزاب أثناء الحملات الانتخابية لا تقوم بها بدءا ومن تلقاء نفسها إلا بعد أن تتلقى تصريحا في الغرض.
المشكل الثالث الذي أثير في هذه الندوة في علاقة بقدرة هذه الهيئات على مراقبة تمويلات الأحزاب هو الامكانيات المتاحة لجمعيات المجتمع المدني في التصدي إلى كل محاولات إفساد الحياة السياسية بالمال الفاسد حيث صرحت كل من ممثلة جمعية عتيد وممثلة رابطة الناخبات التونسيات أن الكثير من الاخلالات قد تم رصدها في الانتخابات السابقة وأن الكثير من التصرفات المنافية والمخالفة للقانون الانتخابي قد ارتكبت لكن الضعف الذي تم تسجيله يكمن في الدور الموكول لهذه الجمعيات والذي لا يسمح بأكثر من مراقبة الاخلالات و التشهير بالتجاوزات التي ترتكب والسهر على منع تكرار الأخطاء والتنبيه إلى محاولات التحايل بغاية التقليص من حجم الفساد في الحياة السياسية والجمعياتية إلى جانب فضح الممارسات الجديدة التي ظهرت مستفيدة من فراغات القانون .
ما يمكن الخروج به من هذه المسامرة الرمضانية التي أرادها من كان وراءها أن تكون محطة للتنبيه إلى خطورة المال الفاسد على الحياة العامة وعلى سلوك الاحزاب وعلى نزاهة العملية الانتخابية هو أن هناك مشكلا كبيرا يمنع من خلق حياة سياسية نزيهة وبأكثر قدر من الشفافية والرقابة هو أن كل الهياكل التي تعنى بمراقبة الحملات الانتخابية ومراقبة التحويلات والتدفقات المالية والتدقيق في تمويل الاحزاب و الجمعيات قد اتضح اليوم أنها عاجزة وغير قادرة على إجراء مراقبة أصلية من دون تدخل من جهات أخرى فاليوم لا البنك المركزي ولا لجنة التحاليل المالية ولا محكمة المحاسبات ولا جمعيات المجتمع المدني ولا الهيئات الدستورية المعنية بمكافحة الفساد لها من الصلاحية لإجراء رقابة من تلقاء نفسها أو أن تدقق في حسابات أشخاص أو أحزاب أو جمعيات من دون أن يتوفر لها ملف في الغرض ومن دون أن تحال عليها شبهة فساد مالي . فعن أي دور للهيئات الدستورية في مراقبة المال الفاسد نتحدث ؟ و أي مسؤولية تتحملها هذه الجهات في تنقية الحياة العامة من تدفقات المال الفاسد ودورها يقتصر على الرقابة البعدية لا غير وعلى التدخل اللاحق والحال أن الأهم والمفيد في أن تكون لها صلاحيات الرقابة القبلية والأصلية لكل الانشطة التي تمارسها الاحزاب و الجمعيات والمؤسسات من حيث التمويل ومن حيث التحويلات والتبرعات المالية المتأتية خاصة من الخارج ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.