لعل من ابرز واشهر الاقوال التي خلدها الفم واللسان هي قول الحكماء(لا ينفع العقار في ما افسده الدهر) ولقد طافت بعقلي وجاءت على لساني هذه الحكمة الصادقة الخالدة عندما قرات عن ندم وعن حزن وعن اسف الفنانة السورية (مها المصري) التي شوهت عمليات ومحاولات التجميل المتكررة خلقتها الطبيعية التي كانت ستظهر بها بين الناس بصفة عادية لو تجنبت الخضوع لمثل هذه العمليات التجميلية الأصطناعية...والحقيقة التي يجب ان نذكرها في هذا الموضوع هي ان كثيرا من النساء يعتقدن ويتصورن انهن بخضوعهن لمثل هذه العمليات المتكررة التجميلية سيظهرن في غاية وقمة الجمال والحسن وريعان الشباب بينما اغلبهن ان لم نقل كلهن يصبحن محل سخرية واستهزاء لدى اهل العقول والنهى والالباب ولا نظن ان هؤلاء النسوة وخاصة نجوم الفن المتسابقات والمتهافتات على عمليات التجميل قد جهلن او نسين كيف اصبحت خلقة و(فتشاتة )الفنانة الشحرورة صباح رحمها وغفر لها الله يوم تبعث من مرقدها لتراه وتلقاه بعد خضوعها لعدد مهول من عمليات التجميل والتغيير والتبديل لقد اصبحت عبارة عن شبه صورة امراة عجوزبل صورة مخلوق غريب مشوهة ممسوخة والعياذ بالله يفر ويرعب ويفجع منها كل من يراها ويلقاها عن بعد قبل ان تراه وقبل ان تلقاه... ولكم تاسف الذين يعرفون مقدار الجمال الطبيعي الرباني الذي كانت تتمتع به الفنانة صباح والتي لقبها زميلها وصديقها الممثل والفنان الكبير عبد السلام النابلسي رحمه الله بقمر الأقمار وبشمس الشموس وببدر البدور وتغزل بجمالها في كتابه المشهور الذي كتب فيه عن ابرز واعظم رجال الفن الذين عرفهم في ذلك الوقت بما عرف به من عمق الثقافة ومن جمال ترصيف وترتيب وتزويق الجمل والسطور عندما راوها في تلك الصورة الجديدة البشعة الاصطناعية وتمنوا لو ان الموت ادركها قبل يؤول حالها وجمالها الى هذا المنظر الشهع المرعب وهذه الوضعية الماساوية...ولا اريد ان اطيل اكثر في التطرق الى هذه الماساة الحقيقية الجديدة العصرية التي اصبح عدد كبير من نسائنا يقعن فيها بدافع التسرع والرغبة في مقاومة الشيخوخة ناسيات انها مرحلة طبيعية حتمية لا بد ان يمر بها الانسان ولا بد ان تترك اثرها في جسمه كائنا من كان اذا ادركه واحاط به الكبر بصفة بطيئة تدريجية فجئية او لم يسمعن بتلك القولة الحكيمة التي قالتها قبلهن الجازية الهلالية التي استسلمت لاحكام الشيخوخة وضرباتها الموجعة القوية اولتي لا تستطيع ان تقاومها جميع العقاقير وجميع الأدوية وجميع الأعشاب الطبيعية والأصطناعية لقد قالت الجازية رحمها الله قولا حكيما معقولا منقولا ومحفوظا عن حكماء العصور الماضية الخوالي (تمنيت شي صعيب ما لقيتاشي الموت ثمة والكبر ما ثماشي) ولا شك ان نساءنا العاقلات اللاتي يرفضن الخضوع لمثل هذه العمليات التجميلية بل التشويهية وهن مع الأسف الشديد قد اصبحن اليوم قليلات في خضم غيرهن من المتجملات ومن المتصنعات الغافلات قد اشفقن وقد تاسفن لحال الفنانة مها صبري ومثيلاتها الكثيرات اللاتي نسين او جهلن ان احكام الشيخوخة واثارها لا تردها ولا تمحوها حرابش ولاعقاقير دور صناعة وترويج اغلى الأدوية والمستحضرات التجميلية التي تستغل بخبث ومكر ودهاء رغبة النساء والرجال المفرطة كل صباح وكل مساء في مقاومة احكام واثار تقدم السنين في حياة الآدميين فيبيعونهم عقاقير ومستحضرات الأوهام ويجلبون لهم الماسي والمصائب والندم وغيرها من المحن والويلات ولقد صدق والله ذلك الحكيم الذي قال ناصحا العقلاء ومحذرا من كل عمل متسرع غير محسوب لا ينفع ولا يجدي ولا يليق( احذروا ايها العقلاء من شراء الهم والغم والندم بالمال وبالقمح وبالشعير وبالدقيق)