جلسة عمل بولاية تونس لمتابعة تنفيذ 3 مشاريع معطلة    حفل غنائي يكشف عن خيانة زوجية على الهواء..    تدليس العملة في تونس: تحذيرات صارمة وعقوبات ثقيلة    واشنطن: اتفاق بين إسرائيل وسوريا على وقف إطلاق النار    طالب ب10 مليارات دولار..ترامب يقاضي وول ستريت جورنال ومردوخ    تحديث ضخم ل ChatGPT لأتمتة وتنفيذ المهام من البداية إلى النهاية تلقائيا    مسؤول إيراني يطالب العرب بأن يستيقظوا في ظل ما تشهده سوريا    حادث ألعاب نارية يصيب 19 شخصاً في مهرجان "راينكيرمس" الشعبي بدوسلدورف    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للسيدات - منتخب المغرب يبلغ المربع الذهبي بفوزه على نظيره المالي 3-1    البطولة الافريقية للجيدو: تونس تحرز اللقب القاري    البريمرليغ: جناح تشلسي ينتقل لأرسنال    الليغا: برشلونة الإسباني يؤجل عودته إلى ملعب "كامب نو"    النادي الافريقي ينفي انهاء التعاقد مع المدرب محمد الساحلي    الإتّحاد المنستيري يٌلغي مقابلته الودية أمام الشبيبة القيروانية    طقس اليوم: ارتفاع في درجات الحرارة مع ظهور الشهيلي    طقس اليوم: حرارة مرتفعة ورياح معتدلة على السواحل    اليوم: الحرارة تصل إلى 44 درجة    في يوم شديد الحرارة...الحماية المدنية تُحذّر    « لستُ خادمتك » : ردّ رشيدة داتي اللاذع يشعل مجلس الشيوخ الفرنسي    فرنسا.. مدينة نيم تفرض حظر تجوال على القاصرين    الإدارة الجهوية للصحة بالكاف: قريبا يتحول قسم الاشعة إلى قسم جامعي    قيس سعيّد يستقبل سفير لبنان ويؤكد على عمق العلاقات التونسية اللبنانية    قيس سعيّد: دُور الشباب تحوّلت إلى أوكار... والرياضة تحتاج تطهيرًا عاجلًا    الشيخ العلامة يونس بن عبد الرحيم التليلي (فريانة) .. موسوعة علوم ومعارف عصره    استراحة صيفية    تاريخ الخيانات السياسية (19) الرّاوندية يتخذون المنصور إلاها    عاجل: للقادمين من تونس نحو المروج: تغييرات في المسالك المرورية نهاية الأسبوع    مهرجان الفسقية الدولي في دورته الرابعة... من اجل بعث الحياة في المدينة    اتفاق تونسي - عراقي لتصدير الأدوية ونقل تكنولوجيا التصنيع    وزير الشؤون الاجتماعية يوضّح موقف الوزارة من منظومة أمان وملف المناولة وصندوق البطالة والسكن الاجتماعي    عاجل/ بشرى سارّة لخرّيجي التعليم العالي ممّن طالت بطالتهم    عاجل: قابس: السيطرة على حريق نشب بمستودع للعجلات المطاطية المستعملة ببوشمة    توقيع اتفاقية شراكة بين اتصالات تونس والنادي الرياضي الصفاقسي    الستاغ تضع حزمة اجراءات جديدة لتسريع دراسة وربط محطات الطاقة الشمسية الفولطاضوئية    وزارة التجارة: خبر الألياف يتطلّب خطّة.. #خبر_عاجل    بعد حملة تلقيح واسعة: خطر الجلد العقدي يتراجع في الكاف    وزارة الفلاحة تعلن عن فتح موسم جني الحلفاء في هذا الموعد    لطيفة العرفاوي حول حفلها في عيد الجمهورية: "هذا شرف لي"..    رقدت لباس؟ يمكن السر في صوت المروحة    عاجل/ موجة حرّ متوقعة آخر هذا الأسبوع و الأسبوع القادم.. أهم مميزاتها والتفاصيل..    زغوان: تقدم موسم حصاد الحبوب بحوالي 98 بالمائة    بورصة: رسملة السوق تزيد بنسبة 12،8 بالمائة منذ بداية 2025    كرة اليد: منتخب الكبريات يشرع في التحضير لبطولة العالم بتربص في الحمامات من 21 الى 25 جويلية    مهرجان قرطاج 2025: انتقادات قبل الانطلاق وسجالات حول البرمجة وسط تطلع لتدارك العثرات    الموسيقار محمد القرفي يفتتح الدورة 59 من مهرجان قرطاج بعرض "من قاع الخابية": تحية للأصالة برؤية سمفونية معاصرة    باريس ....تحتفي بالشاعر الجليدي العويني    القرآن والتنمية الذاتية: 10 آيات تغيّر الحياة    وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية تصادق على استثمارات ومشاريع لفائدة ولايتي نابل وقابس بقيمة 19،1 مليون دينار    30٪ من الناجحين يرسبون في أوّل عام جامعي... علاش؟    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة بداية من يوم غد السبت    في سهرة مشتركة على ركح الحمامات: "سوداني" و"جذب" يحلّقان بالجمهور بجناحي البوب والإنشاد الصوفي    حفل كولدبلاي في بوسطن يفضح علاقة سرية للملياردير آندي بايرون    معهد الرصد الجوي يؤكد أن شهر جوان 2025 كان أشد حرّا من المعتاد    أستاذ تونسي يُفسّر ''ناقصات عقل ودين''    من بينهم نساء وأطفال: استشهاد 10 فلسطينيين في قصف للاحتلال بخان يونس جنوب غزة..#خبر_عاجل    إجراءات صحية يجب على ترامب اتباعها بعد تشخيصه ب"القصور الوريدي المزمن"    وزيرا الفلاحة والتجارة يشرفان على اجتماع لمتابعة وضعية تزويد السوق بالمنتجات الفلاحية ومواجهة الاحتكار    موجة حر تضرب تونس خلال هذه الفترة... درجات الحرارة قد تصل إلى47°    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم : لأنه حوار صريح ومباشر أقلقنا حديث سفير الاتحاد الأوروبي عن اقتصادنا
نشر في الصريح يوم 17 - 07 - 2019

شكل الحوار الذي أجراه سفير الإتحاد الاوروبي بتونس وهو يستعد لمغادرة البلاد بعد انتهاء مهمته الدبلوماسية لصحيفة لومند الفرنسية في عددها الصادر ليوم الأربعاء 9 جويلية الجاري الحدث البارز الذي فرض نفسه في الآونة الأخيرة على المشهد السياسي والإعلامي وفرض الاهتمام الكبير في شبكات التواصل الاجتماعي وفي حديث الشارع التونسي ، غير أن اللافت للنظر أن الإعلام لم ينقل ولم يركز من كل الحوار الذي أجراه السفير الأوروبي إلا حديثه عن نفاذ عدد من العائلات التونسية وتحكمها في دواليب الاقتصاد التونسي وسيطرتها على مفاصل التجارة وهي عائلات قد توارثت أبا عن جد السيطرة على الاقتصاد وشكلت شبكة هيمنة واسعة جعل منها لوبيات متحكمة في المال والثروة ومؤثرة بقوة في ممارسة الحكم وإدارة السلطة وهي بفضل قوتها المالية والاقتصادية تحولت إلى حاكم حقيقي ولو من وراء ستار و الحاكم الفعلي وإن لم تظهر في مقدمة الصورة.
واللافت الآخر أن إعلامنا لم يحتفظ من كل الحوار إلا بحديث السفير عن ضرورة تغيير الحكومة التونسية القادمة لمنوال التنمية الحالي وضرورة البحث عن خيارات اقتصادية بديلة من شأنها أن تعالج الاكراهات الاقتصادية وتستجيب إلى مشاكل الناس وهي بالأساس مشاكل اجتماعية، منوال للتنمية يقطع مع هيمنة العائلات الاقتصادية التي لا تسمح بتطور الاقتصاد وتمنع ظهور قوى اقتصادية ناشئة وصعود مستثمرين جدد من خارج اللوبي العائلي وهذا التركيز الاعلامي المفرط على ما فهم منه استهداف من السفير لمن يمسك اليوم بمفاصل المال والتجارة ويحتكر إدارة الاقتصاد وفق شبكة علاقات محكمة ومغلقة تمنع أي قوة أخرى من الولوج إلى السوق الاقتصادية قد شوه مضمون الحوار وحول وجهة الاهتمام من حديث عن قضايا أساسية وجوهرية تعاني منها البلاد وتعرض لها الحوار إلى حديث عن استهداف العائلات التونسية المسيطرة على الاقتصاد والمتحكمة في التجارة والمحتكرة للمال ومن ثم رأينا كيف اصطف الكثير من الإعلام وانحاز جانب من السياسيين إلى الدفاع عن هؤلاء المحتكرين للمال والمهيمنين على الاقتصاد والحال أن حوار السفير كان بالأساس حوارا مرتبطا بقضية كبرى و قضية جوهرية وهي اتمام ما تبقى من تحرير اقتصادي يشمل تحرير قطاع الفلاحة والخدمات في اطار ما يعرضه الجانب الأوروبي من اتفاق للتبادل الحر الشامل والمعمق المعروف " بالأليكا " بما يسمح للمستثمر الأوروبي من الولوج إلى السوق التونسية والنفاذ إلى الفضاء الفلاحي والخدماتي وهي فضاءات يقول عنها الكثير من العارفين بأن التفريط فيها فيه تهديد لأمننا الفلاحي واستقلال لقرارنا السياسي وارتهان البلاد نهائيا إلى الخارج في استراتيجية إدامة الاستعمار من بوابة الشراكة الاقتصادية علما وأن رئيس الحكومة يوسف الشاهد كان قد تعهد إلى الجانب الأوروبي بالإمضاء معه خلال سنة 2019 واليوم تتعثر هذه الاتفاقية لأسباب مختلفة البعض يقول أنها بسبب ضغط قوى المجتمع المدني وجانب من المعارضة والبعض الآخر يقول أن توقف الحوار عن اتفاقية " الأليكا " سببه معطيات موضوعية يمر بها الطرفان نتيجة قرب اجراء انتخابات جديدة في كل من تونس والاتحاد الاوروبي ما حتم تأجيل الامضاء على أن يستأنف الخوض فيها بعد تحديد المفاوض الجديد من كلا الطرفين.
لقد ركزنا على ما بدا لنا تحريفا قام به جانب من الإعلام التونسي في تعاطيه مع حوار السفير الأوروبي و الحصر المتعمد الذي قام به جانب من السياسيين لمضمون الحوار حينما تم الاقتصار على الحديث عن العائلات النافذة اقتصاديا فقط للقول إن الحديث عن اللوبيات الاقتصادية النافاذة التي تنخر الاقتصاد التونسي وتمنعه من التطور وتمنع قوى أخرى ناشئة أن تعمل وتنجح لم يكن حديثا لذاته وإنما كان في إطار حديث السفير الأوروبي عن تعثر إنهاء اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق بعد اتفاق سنة 1995 الذي حرر التجارة والمتعلق بتحرير قطاعي الفلاحة والخدمات القطاعين المتبقيين وهو تصور قدمه السفير لبعض أسباب فشله بين الجانبين حيث ارجع عدم التوصل الى الإمضاء إلى معارضة العائلات النافذة ماليا وتجاريا واقتصاديا لكون هذا الاتفاق يهدد مصالحهم ويضرب نفوذهم ويهدد شبكة الهيمنة التجارية التي يملكونها على النسيج الاقتصادي الذي يتحكم فيه هذا اللوبي العائلي والذي تحول إلى إرث ينتقل داخل دائرة مغلقة من العلاقات لا تسمح لأي فرد تونسي آخر أن يدخلها.
وحتى حديثه عن المخاطر التي تهدد البلاد من عدم استقرار الجارتين ليبيا والجزائر فقد جاء في إطار الدفاع عن الخيار الأوروبي وفي إطار أهمية العمق الاقتصادي الأوروبي لتونس وهي تبريرات يقدمها لدعوة الحكومة القادمة أن تعجل في إمضاء الاتفاقية وكذلك حديثه عن ضرورة إرساء منوال تنمية جديد يقطع مع هيمنة الاقلية التي تملك الثروة وتمسك بدواليب التجارة والمتحكمة في الاقتصاد والذي تم تأويله اعلاميا على أنه تدخل غير مباشر في شأننا الداخلي قد جاء هو الآخر في إطار الحديث عن اتفاقية " الأليكا " بما يعني أن حوار سفير الاتحاد الاوروبي مع جريدة لومند لم يكن حديثا من أجل التعرض بالأساس الى اللبوبيات المسيطرة على مفاصل الاقتصاد في تونس والتشهير رأسا بمن يملك الثروة ويعيق نهضة البلاد وإنما الحوار كان جوهره تعثر اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق مع الإتحاد الاوروبي فبدل أن يركز الاعلام على موضوع " الأليكا " وبدل أن ينظر السياسيون في كامل محتوى الحوار الذي تناول محاور مهمة جاءت تلفت النظر إلى الإخلالات التي يعاني منها اقتصادنا وهي أمراض الحديث عنها ليس بالجديد وإنما هي مسألة معروفة عند الجميع وكان الكثير من المهتمين بالشأن الداخلي قد تعرضوا لها على غرار الناشط السياسي جوهر بن مبارك الذي نبه منذ أشهر قليلة في حوار على قناة حنبعل إلى وجود 250 عائلة تمثل لوربيات مالية هي من يتحكم في مفاصل الاقتصاد وهي من يحكم فعليا في البلاد وهي من يؤثر في الخيارات والقرارات السياسية من وراء ستار غير أن الصاعقة التي أصبات الجميع أن هذا التشخيص الذي قدمه السفير الأوروبي لوضعنا الداخلي قد جاء هذه المرة من طرف أجنبي ومن شخصية لها وزنها على الصعيد العالمي مما يجعل كلامه مؤثرا بقوة في أوساط القرار الغربي وله وزنه في تحديد نوعية الروابط مع تونس مستقبلا في علاقة بمنح القروض والمرافقة الأوروبية لمرحلة الانتقال الديمقراطي وضمان نجاح التجربة الديمقراطية التونسية.
ما أردنا قوله هو أن حديث سفير الاتحاد الأوروبي في حواره مع جريدة لومند ليس حديثا جديدا ولا مفاجئا فقط لأنه حوار هادئ ، صريح ومباشر فقد أقلق الكثير من المستفيدين من منظومة الهيمنة الاقتصادية والمتحالفين مع لوبيات الاحتكار المالي والمتحكمين في مفاصل الاقتصاد وهو حوار تداعياته كشفت عن حجم شبكة الدولة العميقة وعرت وجوه قوى الردة وقوى الجذب إلى الوراء وقوى الثورة المضادة التي بدأت تستعيد مواقعها القديمة ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.