أمام حضور جماهيري فاق كل التوقعات لحوالي 15 ألف متفرجا غصّ بهم مسرح الهواء الطلق ببنزرت بل أضيف و أن البعض ظل ينتظر أمام الأبواب الموصدة لعدم وجود أماكن شاغرة سواء بالكراسي أو المدارج في حين استغل البعض الآخر حتى سور المدارج العالي ليأخذ مكانا به حتّى لا يفوته العرض و لا تفوته النكتة و لا تفوته أن يشاهد مباشرة نجما الكوميديا بتونس كريم الغربي و بسام الحمراوي الذين يحتلان موقعا هاما في قلوب كل التونسيين بما فيهم المقيمين بالخارج الذي استغلوا قضاء عطلتهم بالوطن ليتابعوا عرض " double face ". المسرحية الثنائية لكريم و بسام انطلقت على غير عادة العروض المسرحية و ذلك بعرض موسيقي قصير قدمته أحد الفرق البنزرتية و التي تغنّت بالتراث الموسيقي البنزرتي و في مقدمته " يا سيدة يا نغارة " ممّا ألف المدارج و الكراس و الكواليس و كل شبر من فضاء مسرح الهواء الطلق و كأن الثنائي كريم و بسام عرف من أين تؤكل " اللحمة البنزرتية " لتنطلق بعدها المسرحية لحوالي ساعتين من الزمن صال و جال خلالها الممثلان دون كلل أو ملل و دون أيضا أن تنقطع الابتسامة بل رنين الضحكات العالية الصادرة عن الجمهور و الذين كان راض كل الرضا على المسرحية التي تناولت العديد من المواضيع الاجتماعية و السياسية و حتّى مآل نسيان الفنان بصفة عامّة الذي يفنى عمره لإسعاد الجماهير ليتم نسيانه عندما يتقدم في السّن أن لا يقبل الهبوط إلى جعل الفن وسيلة تجارية و يحافظ على دور الفن في توعية الشعوب و صقل الأفكار. كلّ هذه المشاكل تمّ التعرض إليها بطريقة ساخرة و لكنها في الحقيقة تدمي القلوب حيث عالجت المسرحية خاصة بعض المظاهر الاجتماعية و تحديدا أجواء حفلات الزواج و العادات المحيطة بها فضلا عن رسالة مفادها في المجال السياسي و أنّ تونس الجميلة و تونس المعطاء و تونس الحب و تونس السلام لا تستحق ما تتعرض إليه من قبل السياسيين الذين تجاوز خبثهم – حسب المسرحية – خبث الشيطان مما دفع هذا الأخير إلى اعلان إسلامه لعجزه أمام الخبث المتفاقم للسياسيين لتتدرج المسرحية إلى علاقة الأبناء بالأمهات و الوالدين عموما و الدعوة للبرّ بالوالدين أحياء كانوا أو أمواتا و هي من الرسائل التي صفّق لها الجمهور كثيرا لأنّها نابعة من القلب إلى القلب. لتطرق المسرحية إلى الوضع الاجتماعي الذي عليه الفنان بصفة عامة و المسرحي بصفة خاصة و بالأخص نسيانه و تركه وحيدا يعاني و يصارع تقلبات الدّهر عند تقدمه في السّن و كانت رسالة تحمل الكثير من معاني الحزن و المأساة بالرغم من أنّ الأجواء العامة للمسرحية تدور في إطار الضجكة و النكتة و لكن تلك هي الكوميديا السوداء نضحك الجمهور و نحن نتألم من الداخل. لنحتم هذه المواكبة بالقول و أن الثنائي بسام الحمراوي و كريم الغربي و خلال في الندوة الصحفية التي عقبت العرض ظهرت على محياهما كل علامات الارتياح لنجاح المسرحية جماهيريا و فنيّا و أجابا بكل أريحية على كلّ تساؤلات الاعلاميين التي كانت في مجملها تبعث رسالة واحدة هي رضاها كل الرضاء عن العرض المسرحي و كان كل ذلك في جوّ من الارتياح لكلا الطرفين ( ممثلو وسائل الاعلام و الفرقة المسرحية بكل عناصرها ) مما أضفى على الندوة الكثير من الحميمية و بالتالي لا يسعنا إلاّ أن نقول " برافو..برافو " لكل من كريم الغربي و بسام الحمراوي و كل عناصر الفرقة بما منتج العمل السيد حامد الذي أشرف بنفسه على كل صغيرة و كبيرة خلال العرض و قبل العرض و بعد العرض