بوريل..امريكا فقدت مكانتها المهيمنة في العالم وأوروبا مهددة بالانقراض    86 مشرعا ديمقراطيا يؤكدون لبايدن انتهاك إسرائيل للقانون الأميركي    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فتحي الحنشي: "الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية أصبحت أساسية لتونس"    تصنيف يويفا.. ريال مدريد ثالثا وبرشلونة خارج ال 10 الأوائل    قرعة كأس تونس لكرة القدم (الدور ثمن النهائي)    إفتتاح مشروع سينما تدور    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    بين النجم والمنستيري صراع مثير على المركز الثاني    منير بن رجيبة يترأس الوفد المشارك في اجتماع وزراء خارجية دول شمال أوروبا -إفريقيا    انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي لمركز «أكساد»    القصرين: تمتد على 2000 متر مربع: اكتشاف أول بؤرة ل«الحشرة القرمزية»    بطاقتا إيداع بالسجن في حقّ فنان‬ من أجل العنف والسرقة    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    المركب الثقافي بمدنين يحتضن فعاليات الملتقى الجهوي للمسرح بالوسط المدرسي    محاميتها تتحدث عن كواليس ليلة القبض على الإعلامية حليمة بولند    المحمدية.. القبض على شخص محكوم ب 14 سنة سجنا    تالة: مهرجان الحصان البربري وأيام الاستثمار والتنمية    "سلوكه مستفز": الافريقي يطالب بتغيير هذا الحكم في مباراته ضد الصفاقسي    سوسة: ايقاف مروج مخدرات وحجز 500 قرصا مخدرا    حالة الطقس هذه الليلة    عاجل/ قضية "اللوبيينغ" المرفوعة ضد النهضة: آخر المستجدات..    مجلس وزاري مضيق: رئيس الحكومة يؤكد على مزيد تشجيع الإستثمار في كل المجالات    توقيع محضر اتفاق بين وزارة التربية وجامعة التعليم الأساسي .    توطين مهاجرين غير نظاميين من افريقيا جنوب الصحراء في باجة: المكلف بتسيير الولاية يوضّح    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    عاجل/ الحوثيون: سنستهدف جميع السفن المتّجهة للاحتلال حتى في البحر المتوسّط    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    مدنين: حجز 50 طنا من المواد الغذائية المدعّمة    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    فوز التونسي محمد خليل الجندوبي بجائزة افضل لاعب عربي    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    عاجل/ الأمن يتدخل لاخلاء محيط مقر مفوضية شؤون اللاجئين في البحيرة من الأفارفة..    الرابطة المحترفة الاولى : تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    ''أسترازنيكا'' تعترف بأنّ لقاحها له آثار قاتلة: رياض دغفوس للتونسيين ''ماتخافوش''    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد ترشيح مورو للرئاسية : النهضة بين خيار كرسي الرئاسة وكرسي البرلمان
نشر في الصريح يوم 09 - 08 - 2019

في حركة مفاجأة أعلنت حركة النهضة عن مرشحها للانتخابات الرئاسية باختيار الشيخ عبد الفتاح مورو ممثلا لها في هذا السباق المحموم الذي ظهر في المدة الأخيرة إلى قصر قرطاج بعد أن كانت كل الأنظار متجهة نحو مرشح توافقي من خارجها ومن غير أبنائها بناءا على موقف ثابت ينتصر له رئيسها الشيخ راشد الغنوشي الذي يعتبر وفق قراءة سياسية عميقة للوضع الداخلي والإقليمي والعالمي أن رئيس البلاد لا يمكن أن يكون نهضويا وأن كل المعادلات لا تسمح بأن يعتلي إسلاميا كرسي الرئاسة من أجل ذلك كان خيار النهضة دوما الذهاب إلى دعم شخصية توافقية تحظى بإجماع كبير للطيف السياسي بحثا عن الاستقرار الداخلي والرضى الخارجي.
فماذا حصل حتى غيرت النهضة استراتجيتها المبدئية القائمة على التوافق ؟ وما هي المتغيرات والمستجدات التي دفعت برئيس الحركة إلى أن يتنازل عن الرؤية الثابتة القائمة على فكرة تجنب الاستقطاب الثنائي وعدم العودة إلى نظرية الانتخاب الموجه الذي يستهدف الحركة ؟
من المعلوم أن حركة النهضة تشقها نضرتان أو خياران واحد عقلاني وآخر عاطفي وفي كل الموافق أو القضايا التي تطرح عليها تجد نفسها بين هذه الثنائية الحادة. الخيار العقلاني يتبناه رئيس الحركة وجيل التأسيس الأول وخاصة من كانوا في المهجر الذين يعتبرون أن الحركة مهما بلغت من قوة وتماسك حزبي ومهما وسعت من خزانها الانتخابي وحزامها السياسي فإن حجمها معروف وهو يدور في حدود مليون وخمسة ناخب وهذا العدد من الناخبين لا يسمح لها بأن تكون الحزب الأغلبي في البلاد بالنظر إلى العدد الجملي للناخبين المقدر بحوالي 7 ملايين ناخب إذا أضفنا إلى هذا المعطى مسألة أخرى مهمة وهي أن الحركة لا تملك مصيرها بيدها وليست حرة في أن تختار ما تراه من خيارات من دون مراعاة للجانب الخارجي والقوى الدولية التي لها تأثيرها المباشر على المشهد السياسي في البلاد وهي تتدخل بقوة في الخيارات السياسية سواء بصورة خفية أو بصورة علنية وهذه القوى تقرأ لها النهضة ألف حساب في كل توجهاتها في المسائل الكبرى لضمان التأييد الخارجي الذي تحتاجه في وضع عالمي متقلب ومتحرك وغير ثابت خاصة فيما يتعلق بمستقبل الإسلام السياسي والاعتراف بالأحزاب الاسلامية طرفا في الحياة الديمقراطية وبالتالي فإن النهضة تعلم يقينا بأن الطرف الخارجي لا يقبل بالإسلام السياسي في تونس بأكثر من مشاركته في الانتخابات التشريعية والعمل الحكومي لذلك رأينا كيف كانت النهضة عازفة عن الترشح للرئاسية .
إن فهم هذه المعادلات التي تحكم سلوك النهضة واستيعابها جيدا من قبل القيادات هو الذي جنبها تكرار السيناريو المصري وجعلها حاضرة دوما في الحكم منذ الثورة ولكن ما حصل هذه المرة مع ظهور الشيخ مورو في سباق الرئاسية هو تغيير في الاستراتيجية تحت اكراهات داخلية وإحراجات المرحلة .
الأستاذ راشد الغنوشي يعلم يقينا أنه عليه أن يعمل جاهدا حتى لا يتكرر سيناريو سنة 2012 حينما مارست حركة النهضة الحكم في صيغة الترويكا وكيف فعلت المعارضة اليسارية والمنظومة القديمة كل ما يمكن فعله من أجل أن لا تدوم هذه التجربة ورأينا وقتها محاولات لإحراق البلاد بكل من فيها . كما أنه واع جيدا بخطورة الاستقطاب الثنائي الذي حصل في انتخابيات سنة 2014 والذي كاد أن يعصف بالبيت النهضاوي وكاد أن يخرج الحركة من المشهد السياسي نهائيا بما حصل من تصويت إيجابي تجمعت حوله كل القوى المعادية للنهضة من يسارية وحداثية ومنظومة الحكم القديمة وهو كذلك يتذكر دوما ما قاله ذات مرة إلى الصافي سعيد وقد جاءه زائرا بعد فوز المرحوم محمد مرسي في الانتخابات الرئاسية المصرية أين وجده مهموما حيث قال له " لقد وضع مرسي نفسه في فوهة مدفع ولن يواصل كثيرا " لعلمه الجازم بأن كل المعطيات لا تسمح بأن يكون رئيس الدولة شخصية إسلامية ومع ذلك تنازل رئيس الحركة وقبل بأن يكون أحد المرشحين للرئاسة شخصية نهضوية.
يبدو أن الشيخ الراشد بما قام به من تعديل جزئي في خياراته السياسية فيما يتعلق بنظرته إلى الحكم والتصور الذي يدافع عنه لكيفية إدارة السلطة فقد أراد أن يجني أكثر من ثمرة وأن يبقي على كل الأوراق تحت تصرفه. فمهما قيل عن شخصية عبد الفتاح مورو من كونه رجل توافقي ويحسن الحديث ويتقن فن التعامل وهو يشبه في الكثير من التصرفات شخصية الباجي من ناحية قربها من الشخصية التونسية التي تجمع بين المرح والبشاشة والجدية والصرامة ومهما قيل عن الشيخ مورو من كونه لا يقل قيمة عن باقي المترشحين وخاصة فكرة الرئيس الجامع الذي يمثل كل التونسيين وكونه الشخص الأقرب الى " الموديل " القديم الراسخ في الاذهان والأقرب إلى صورة الباجي قائد السبسي إلا أن ترشيحه من قبل النهضة له غاية أساسية وهي توحيد الصف الداخلي وترميم اللحمة التي عرفت بعض الشروخ جراء عدم رضا القواعد عن خيارات القيادة بما يعني أن ترشيح مورو كان يهدف إلى إنهاء التململ في صفوف الاسلاميين وإعادة التعبئة والتجميع وإعداد الخزان الانتخابي الكبير اللازم لخوض غمار الانتخابات ذلك أنه لا يمكن للنهضة أن تدخل الانتخابات التشريعية التي تراهن عليها بقوة من دون لحمة قوية واتفاق كبير وهذا ما حصل مع ترشيح مورو للرئاسية.
يعلم راشد الغنوشي علم اليقين أن حدود النهضة هو تخطي الدور الأول فقط لتجد نفسها في الدور الثاني أمام مواجهة من العيار الثقيل ومواجهة صعبة وأن الصراع سوف يكون بين خزان انتخابي حدوده مليون وخمسة ألف ناخب وخزان انتخابي آخر وإن كان مشتتا إلا أنه يشكل خطرا ببلوغه حدود 4 ملايين وخمسة ألف ناخب وهنا تأتي الاستراتيجية غير المعلنة أو الاتفاق الخفي وهو أن الدعم الاساسي للنهضة في الدور الثاني هو إما يوسف الشاهد وإما عبد الكريم الزبيدي وهذا الخيار سوف يظهر في الدور الثاني لكن الخطير في هذا التصور هو أن نجد أنفسنا في الطور الثاني أمام مرشحين من نفس المنظومة القديمة فكيف ستتصرف النهضة حينها ؟ وماذا يمكن أن يكون موقف أفراد الشعب وكل القوى الثورية وكل المؤمنين بها تجاه هذه الوضعية.
ما أردنا قوله هو أنه رغم كل المحاولات التي تريد أن تقنع بأن ترشيح الشيخ مورو هو الخيار الصائب وأنه خيار مبدئي إلا أن الكثير من المعطيات تؤكد – على الأقل إلى حد كتابة هذه السطور - أنه خيار تكتيكي ومناورة الغاية منها تهدئة أوضاع النهضة من الداخل وإنهاء حالة التململ في صفوف القواعد التي تحركها العاطفة وتغيب عنها النظرة العقلانية التي تزن الأمور بأكثر من ميزان وأنه خيار الغاية منه تجميع كل الخزان الانتخابي النهضاوي سواء من كان منتميا أو من كان في الحزام والمحيط التابع للحركة والنزول بكل الثقل للفوز بالانتخابات التشريعية الهدف الحقيقي للحركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.