مهما كنا راضين او غير راضين عن شخصية الرئيس قيس سعيد( مع العلم والتذكير ان غير الراضين عنه باليقين هم اقلية قليلة لا تبدئ اليوم ولا تعيد) الا ان الثابت والأكيد ان كل شيء وكل امر يتعلق بشان شخصيته وتولي منصب رئاسته هو من النوع المفاجئ الجديد فالرجل وصل الى منصب رئاسة البلاد التونسية وليس له او ليس وراءه حزب ينتمي اليه ويتغنى به اوحركة سياسية رشحته وقدمته ولا هم يحزنون كما تعود بذلك الرؤساء السابقون الفائزون الذين عرفهم التونسيون مؤيدين مؤزرين بمن وراءهم من الاحزاب الذين يعملون من اجلهم سواء كانوا على خطا او على صواب ثانيا ان هذا الرجل استاذ من اساتذة التعليم ودكتور في القانون ولم يراس قبله البلاد التونسيون استاذ تعليم قانون مثله ولا هم يحزنون ثالثا ان الرجل فصيح ومتبحر في اللغة العربية ويتكلم بها ويخطب بها بصفة جميلة رائعة تكاد تكون قطعة فنية موسيقية غنائية ولم نتعود بهذا الأسلوب في رؤسائنا السابقين اجمعين فقد كان كلامهم خليطا وهجينا بين العربية والفرنسية والدارجة التونسية وكثيرا ما كانت متابعة خطب بعضهم مقلقة مقرفة مزعجة وكانها مصيبة او نكبة اوبلية اما رابع جديد هذا الرجل العجيب فاننا نكاد نجزم انه لا يعرف شيئا في الحياة وفي القاموس اسمه الابتسامة الواضحة اوالضحك العادي المعروف وكانه ولد او نزل او تربى في كوكب اخرغير كوكبنا الأرضي العادي والمعلوم والدليل على ذلك ان الشيخ مورو قد استقبله ببهو مجلس النواب وكان يخاطبه في بشاشة وابتسامة واضحة وهو يتحرك كعادته ويومئ ويهتزويشير يمينا وشمالا ولكن الرجل لم يبادله هذه البشاشة ولا هذه الابتسامات ولا هذا النوع من الحركات ومن الاهتزازات بل كان ينظر اليه بلا حراك ولا انثناء ولا اهتزازبل كان جسمه على عكس ذلك في كامل وفي تمام الاستقامة ولعل هذا المظهر الذي راه عليه المشاهدون يدل كما يرى ذلك علماء النفس على شخصية صلبة واثقة من نفسها لا تتاثر بمخاطبيها سريعا ولا يفلح في مخادعتها والتغرير بها المشعوذون والمبطلون والمنافقون والدليل على ذلك ايضا انه لما وضع اول رجل له في قصر قرطاج واستقبلته عائلته لم تظهرعليه اي علامة من علامات الفرح والغبطة والابتهاج التي تظهرعادة على كل شخصية خاصة اذا بلغت هذه الرتبة الرفيعة السنية وانما ظهرالرجل وكانه يدخل ويلج مكانا عاديا وانه يلاقي اناسا غرباء عنه لا تربطه بهم اي علاقة عائلية عاطفية وهذه ايضا ميزة تميز شخصيته تدل وتنبئ بلا شك انه نوعية من النوعيات الجديدة التي لم يعرفها التونسيون في رؤسائهم السابقين الذين كانوا يظهرون وهم منشرحون مبتسمون ضاحكون فرحون اذا راوا اي فرد من افراد عائلاتهم كزوجاتهم وابنائهم ولقد راينا بورقيبة رحمه الله في ابان عهده وعنفوان زمانه يبتسم ويضحك وينشرح وينبسط مع زوجته وسيلة وابنته هاجر اكثر من مرة وهو ملئ بالغبطة والسرور او المسرة اما عن خليفته ابن علي فقد كان اذا ظهر مع زوجته ليلى يبتسم ويضحك وينشرح وكانه في مقام المحبين الهائمين من امثال كثيرعزة ومجنون ليلى او غيرهم من العاشقين المعروفين وكان في غاية النشوة وقمة السرور بل يكاد يقفز من الفرح والبهجة وكانه طائر او فرخ اوعصفور...هذه اربعة مظاهر جديدة رايناها ولاحظناها في رئيسنا الجديد قيس سعيد ولا شك عندي انه ستظهرعليه و منه اشياء اخرى كبرى وصغرى عديدة وجديدة ستفاجئ التونسيين وتغير نظرتهم الى نوعية الرؤساء ولاشك ايضا انهم سيعلمون وسيتاكدون وسيتذكرون ذلك المثل التونسي القديم الذي كثيرا ما يردده الى اليوم عقلاء وحكماء هذه البلاد(ان الله سبحانه وتعالى قد خلق العباد كما اشتهى وكما اراد)