تجرنا الصحافة التي نطالع اخبارها يوميا، رغم ما وصلت اليه من مستوى غير محمود،لعجزها في التحاليل، وعدم قدرتها لتصور المستقبل، وغلق منابر الحوار مع قرائها،وانخفاض رهيب في مواردها،نجد في صفحاتها من يتناول كل المواضيع، بدون استثناء،لأنهم يعتبرون انفسهم من اهل السياسة، ومن ذوي الحل والعقد،وبالرجوع الى تاريخهم، نجدهم دائما في الصدارة، يتزلفون للحكام، بكل الوسائل، غايتهم الوصول الى كرسي الحكم،وزير او ما شابهه، مسخروناقلامهم للذود عن كل من هو في الحكم، ومدافعون عليهم بلا هوادة، وبدون ان تكون لهم اي صلة بهم، يذهبونالى توخي الدفاع عن ما لا يؤمنون به همانفسهم، من مبادئ، ان كانت لهمتلك، طوال حياتهم المهنية،وطوال قربهم من النفوذ،يحولون حولهم على مر الزمن، حتى ان اصدقاؤهم تنكروا لهم، لعدم وفائهم لعهودهم، وقد نالهم منهم الهدايا بأنواعها،و عرفوا الشهرة بجودهم في حلقاتهم،والغريب انهم بعيدون كل البعد عن الصدق في القول، والاتقان في العمل،والمثالية في التصرف،وفي تجربتهم دلائل على ذلك، وجب اذا الكشف عنها، حتى تخرس السنتهم، ويتقوا الله في اولي الامر،اذ ليس هم وصية عليهم، ولا على سلوكهم،للتباهي بهم، وليتركواللتاريخ الحكم لهم او عليهم،وكفى البلاد التملق واهله، وقد ملا ضجيجهم دنيا السياسة، فافسدوا مناخها، وعرقلوا مسيرتها، وكانوا حجرة عثرة في تقدمها الى الافضل، وعليهم الابتعاد عن التضليل و المغالاة، وليتركوا القطار يواصل سيره، بأكثر سرعة من هذا النحو،ليشق منعرجات التاريخ،لأنه في نقطة تحول حاسمة، ومنعرج خطير،لا حاجة له في من جرب وخاب، واستعمل المسؤولية ومردودها لأهله وذويه،وكم من مسؤول خان العهد، وافشى سر الدولة،كل ذلك نتيجة قلة وعي، وفقدان تجربةالحكم، والركض وراء المناصب بدون تأهيل يذكر، ولا قدرة فائقة معترف لهم بها، يحاولون مطية السلطة من جديد،لكنهم وأزلامهم سحابة عابرة، حتى ولو عمروا في الحكم طويلا، وعبثوا بمزاياه، وتصرفوا فيه بدون الرجوع الى الشعب،هم اليوم تحت سلطة القضاء،او فارون من العدالة،لأيام معدودة، منهم من هو في المهجر، كما كان غيرهم، ينعمون بمظلة الاجنبي، وفي رحاب عطفه، ولا بد أن يكشف التاريخ دورهم، في محاولة تفكيك لحمة الامة التي بناها بورقيبة والشعب من حوله،والتي يجب المحافظة عليها وتطهيرها من الانتهازيين،وان أنصار الفكر البورقيبي والمدافعين عليه،يدركونتماما، ان المهم في السياسة هي الحقائق وان المسؤول لا يحاسب على نواياه،بل على النتائج المرجوة منه، والدستوريون يمثلون مرجعا في هذا المضمار،والاحياء منهم يبقون مخزوناللدفاع عن مبادئ الحرية واستقلال القرار، ودفع البلاد من جديد الى البناء والتشييد، لانهم يتمتعون بتجربة ميدانية كبيرة، مفقودة حاليا في كل الاحزاب الموجودة،لان المنافسة بينها، لم تقم على برامج لم توضح في الانتخابات، ولا الى رؤى لم تطفح الى السطح،لأنهاغائبة في اذهانهم، بل المنافسة كانت على الزعامة فحسب،ولم تكشف ذلك وسائل الاعلام بوضوح،ولم تجد نفعالمغازلتها،اذ سيطر المال على خط تحريرها، وافتك منها السلطة الرابعة، التي هي وحدها لها الحق في ممارستها، ان كانت جديرة بها، والتاريخ أثبت ان انظمة تلاشت وتدهورت، في بلدان كانت فيها الصحافة واهل مهنتها في الصف الامامي، للتشهير بالزعامات المفبركة،ودحض الشعبية الخيالية، واغلب الساسة الجدد جربوا في المسؤولية، ولم يؤدوها على الوجه الاكمل، اذ اغتنموها في الاثراء الغير المشروع،و بالرجوع الى الدستوريين بناة البلاد، وصانعوا تقدمها وازدهارها،نتيجة تضحياتهم الجسام بدون مقابل، لا تعنيهم المغازلات البائسة لاستدراجهم في احزاب اصبح عددها من الوبال على تونس، او في قيادات غير كفيلة ببعث الامل في الشباب وارجاع الثقة للمواطن،يبقى للدستوريين الاصيلين وزنهم في البلاد، ولن يتحالفوا مع الذين ينكرون لتاريخهم، وولاءهم دائما لتونسلا غير، مهما كان الثمن،يرددونعن جدارة"الصدق في القول والاخلاص في العمل" ولو اهتم الاعلام بالمؤسسات التي جاء بها الدستور وهي تبعث على الافتخار في شكلها، لكن مضمونها من حيث كيفية التصرف فيها لايزالمحل شك وريبة،كما برهنت عليه،بمرور الزمن، فقدان استقلاليتها، والتناحر في داخلها،واستجابتها لا حزاب كلفتها عن دراية، لتخدم مصالحها، وتتفانى في تطبيق اوامرها، وقد فشلت احزاب تونس كليا في مسعاها، وغابت جلها في الانتخابات، لأنها لم تواكب عصرها، ولم تعمل على بيان نواياها ببرامج تخرج البلاد من طاغوت حزب، استولى على مناطق النفوذ في الدولة، واصبح من "الثورجيين"، وتجدر المراجعة الثابتة ،للأموال الطائلة التي انفقت في الاشهاروالدعاية في مختلف وسائل الاعلام المحلية والخارجية، وما البلاغ الذي صدر عن رئاسة الحكومة واوردنا نصه في ما يلي للإشهار بفحواه "في إطار الحرص على تحسين الحوكمة وترشيد تسيير عمل الهياكل والمصالح العمومية وبعد التشاور مع رئاسة الجمهورية والتنسيق معها بغاية إضفاء مزيد من النجاعة والشفافية على تسيير هياكل الدولة والارتقاء بمردوديتها، قرر رئيس الحكومة تكليف هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية بإجراء مهمات تفقد إداري ومالي معمق بوزارة الشؤونالخارجية وعدد منالمصالح الإدارية الأخرى" وأضافت رئاسة الحكومة أن تقارير هياكل الرقابة ستكونمحل متابعة مستمرة من رئاسة الحكومة"ان البادرة تذكر فتشكر،وجب تعميمها لتكون مثلا يستفاد منه، و انذارا لمن يعبث بأموال الدولة،ويتصرف فيها بدون موجب،والمواطن يترقب بفارغ الصبر الجزاء لمن اتبع الشفافية، والعقاب الشديد لمن حاد عن القانون،ولم يراع الاهداف التي كلف بإنجازها،وستساهم الاجراءات المتخذة، بدون شك،في ارجاع الثقة وارجاع حصانة الدولة ورفع شانها، و للإعلام دور مميز في التعريف بذلك، اذا رافق هذا المنهج، واتخذه سبيلا لمرافقة التطور،ومواصلة التغيير المرجو