تابعت بكل شوق المناظرات التي كلفت المواطن التونسي ثمنا غاليا لا يعرفه،رغم أنه يدفع ضريبة مفروضة عليه لميزانية الاذاعة،وهو جدير بمعرفة هل صرفالمبلغ للخلق والابداع، ام يشارك بهكليا في وحدانية تمويل الميزانية،ويندثر في خلاص اجور الوظيفة العمومية التي كبلتها "التروكا"بمآت انتدابات عشوائية، ارضاء لكوادرها و منخرطيها، وهل كلمة نضال لها معنى اليوم، واي نضال يقصد به، اذ اصبحت المؤسسات التي بعث بها الدستور تبحث غالبا على تصفية حسابات مع التاريخ، او اظهار زعامات من قاع البئر، ليس لها وزنا او تاريخا يذكر،او جرايات مخولة لمستقلين برهنت بمرور الزمن، انها تنتمي الى احزاب،كلفت عن دراية،لتخدم مصالحها، وتتفانى في تطبيق اوامرها، وقد فلشت احزاب تونس كليا، وغابت جلها في الانتخابات،لأنها لم تواكب عصرها، ولم تعمل على بيان نواياها ببرامج تخرج البلاد من طاغوت حزب، استولى على مناطق النفوذ في الدولة، واصبح من "الثورجيين"، وما كانت مراجعه الثابتة تظهر بوضوح للعالم،لولا الاموال الطائلة التي انفقت في الاشهاروالدعاية في مختلف وسائل الاعلام المحلية والخارجية، وسؤل احدهم ذات يوم، وهو مبوب لرئاسة الحكومة، حسب تصريحه،يعمل كوزير في الحكومة الفاشلة الحالية بكل الموازين، فكانت اجابته تبعث على الانشغال، اذ اكتفى بالقول ان الاموال دفعها منخرطي الحركة، والاجابة عليه بسيطة جدا،بالرجوع الى المثل "اذا لم تستح فقل ماشئت" غاب الإنصات من أولي الأمر في حكمهم،طيلة السنوات التي خلت، وأصبحت الرؤى حكرا عليهم،وعلىأقربائهم أهل السياسة، ولقلة خبرتهم و عدم شفافيتهم، ذهبت البلاد إلى ما هي عليه اليوم، من تداين مجحف، وغلاء معيشة لا يطاق، ومن انفلات امني لم يسبق له مثيلا،رغم الجهود التي بذلت لتحسينه، والتي من الواجب تدعيمها وبرمجتها على المدى الطويل لخمس سنوات مثلا، وتونس تعش بالطاقات الكفأة في كل الميادين، والوقت حان لمد اليد المفتوحة لهافي تحمٌل المسؤولية،وتصور المستقبل، وهي أدرى بمشاكلها من كل الطبقة السياسية المنعدمة البرامج حاليا، والتي غايتها كانتالتموقع للانتخابات وحصل لها ذلك، و رفض الشعب من همه الحصول على حقيبة وزارية او مقعد في البرلمان وقد لهثوا وراء ذلك، وضحوا بمصير البلاد وادخلوها في متاهات لم تكن مهيأة لها، ولا شريكة فيها، عملوا للإفلات من العدالة، بحصانة المسؤولية،وكم كان من الأجدر تقييم عملهم قبل إعادة تكليفهم، ومنهم من يبوأ من جديد لان حزبه حزب الاغلبية، وبالدستور الحالي، الذي فقد سيته بالتجربة،اذ اصبح المشكل في البلاد، عوض ان يكون الحل لمشاكلها المتراكمة منذ المخلوع وازلامه، بدعم من المؤسسات المالية العالمية التي يطول الحديث في شانها، فقد جربت بياناتها في بلادنا التي تعتبرها المخبر، وكانت فخورة بما عرفه الاقتصاد التونسي،قبل الثورة،من نمو مطرد،اعتبرته مثالا يحتدا به، فسوٌقته كمثال قوي البنية، واضح المعالم، بينما في الحقيقة ان الأمن انعدم، والبؤس انتشر، والثقة غابت، والطاقة الشرائية تدهورت، والمال السياسي أتى من كل حدب، والاستثمار تراجع، والعجز التجاري ارتفع،والبطالة تراكمت، واختلال التوازن الجهوي في كل مظاهره لازال قائما، الحصيلة لتدخل المؤسسات المالية ازدياد الفقر، وانتشار الأمية من جديد، وزرع الفساد بأنواعه، كل ذلك رغم مراقبةخبرائهم المدققة، وتتبعهم الحيني لما يجري في بلادنا،أما المديونية وارتفاعها وصلت الى ما لا طاقةلتسديدها،وجب اذا على الحكام الجدد اخذ عصا الترحال،وتكوين فريق حول رئيس الدولة، والاتصال بالمانحين، والطلب بجدولة ديونهم،لتأجيل دفعها، مراعاة لظروف البلاد التي حققت ثورة سلمية، شهد لها بها العالم، ووعدوها رؤساء البلدان الغنية بتحمل وزرها، لكن الاماني لم تحقق، وبقيت حبرا على ورق، والخطر يهدد من كل الجوانب، والازمة استفحلت، ولا يمكن حلها عاجلا،وتستدعي المزيد من الوقت ومن التحليل، ومن مراجعة لأرقام ترد هنا وهناك، وهي متأتية في معظمها من معهد الاحصاء، وقد أجزم وزير سابق وهو أدرى من غيره إذ كان وزير التخطيط والتنمية الجهويٌة، أن كل الأرقام مزيٌفة، وليس لها مصداقية، وليس للمؤسسات مراجع أخرى تمدها بثوابت تدلٌ بوضوح أن الوضعية الحالية للبلاد غير كارثية، نتيجة التركيز على "السياسوية" المتبعة حتى اليوم، التي تمول من المال الفاسد غالبا، والبنك المركزي غير مؤهل لمعرفة ثقلها، حسب تصريح ادلى به المحافظ السابق للبنك، والنتيجة لكل ذلك ان المواطن كما كتبه صالح الحاجٌة بكل ذكاء في احدى بطاقاته اليومية،الممتازة بدقائق لغة الكلام العادي، والتي عنونها "ضربنا الصبٌاط" "وأبناء الشعب...تكتوي بالأسعار"، تلك هي حقيقة الأمر، ولامغالاة فيها،و الاقتصاد في حالة انكماش ولا أحد يشك في ذلك، والبلاد لا تزال في وضعية عنق الزجاجة،يصعب الخروج منه اذا لم تتخذ الاجراءات العاجلة، الكفيلة بإرجاع الثقة في النفوس، وليس هذا من منظار "نظرة سوداء و تشاؤمية "كما ينعته البعض، بل هو الواقع المرير،لأن الاقتصاد على حافة الانهيار، ولا يمكن للذين شاركوا في الحكم التهرب من المسؤولية، و إخفاء الحقيقة أو تجاهلها، حتى ولو جعلهم الصندوق في المرتبة الاولى، وهو من المتوقع، اذ كان تحرير قانون الانتخاب على هواهم، وكونت المؤسسات الدستورية المقترحة في الدستور حسب مشيئاتهم، وطبقا لإرادتهم،بغلاف استقلالية اعضائها، وتدعيم كيانها من الخارجبغطاء "حقوق الانسان"وللمواطن الحق في معرفة واقعه ومستجداته، وان كانت مرة لا تتاق،وللناخب الذي ادى بصوته عن مضض، تأدية للواجب، هو المتضرر الوحيد لان اختياره كان من الموجود في قوائم احزاب لا غير، ولا يمكن له محاسبة اي كان لأنه لم يدل بصوته حسب برامج شخصية مرقمة، بل حسب شعارات خيالية،ولا تدار الشعب بالحساسية او الاهازيج بل بالتجربة والحنكة والممارسة، وقد غابت كل هاته الصفات في مشهدنا السياسي، ولا يمكن التوقع خيرا من الذين جربوا، ونتائج تجربتهم واضحة للعيان في سلوكهم وحاشيتهم، ورجاؤنا الرجوع ببلادنا الى الجادة وتوضيح المهام حتى تمكن المراقبةوتصبح الشفافية مسلكا، والواقعية سلوكا، والادلاء بالحقيقة مذهبا تلك هي خواطر أردت المشاركة بها في خضم ما تثيره الانتخابات من ردود،وما يترقبنا من تضحيات جسام،ولم تحصل مع الاسف الشديد على ما هو منتظر من مؤهلين لقيادة السفينة الى بر الامان، من مقارعة الرأي بالرأي، والحجة بالحجة، وظهر العجز جليا في غياب اجندات مشاريعهما، ولم يكونا في مستوى الانتظار اذ لم يوضحا المسالك، ولم يعبدا الطريق، وغابت عليهما الصراحة والمصداقية بالواقع المعاش، ولا نلومهما على ذلك اذ غايتهما الوصول الى قرطاج، مهما كان الثمن، وساعداهما على تأديتهما الهزيلة،و التي كانت دون المأمول، اسئلة وتوقيت غير كاف،للإجابة عن مصير امة،حاولا جاهدان المراوغة، وعدم الاجابة الدقيقة،وطمس الحقائق، وجهل التاريخ،فغاب حق الاختلاف، ولتجنيب البلاد أكثر معانات، فعلى الحكام الإعلان الرسمي في أقرب وقت ممكن على تركيبة الحكومة، التي لا يمكن ان يتعدى اطلاقا عددها العشرون( وزراء وكتاب دولة ويحدد لكل منهم عدد المستشارين ومرتباتهم ومنحهم) موضوعون على ذمة الدولة لخدمتها في مهمة تنتهي بانتهائها، بلا جزاء ولا شكورا، و حينئذ سيعود الأمنإلىمجراه الطبيعي، وينتعش الاقتصاد، ويزول الكابوس، وتوقظ العزائم والهمم، في وحدة صماء تفتح الأبواب للخروج من المأزق الذي وقعنا فيه، وترجع الاحزاب والجمعيات الى مراجعة دورها، مرورا بنقدها الذاتي ومحاولة الاخذ بيد المواطن لتدريبه على الحكم، وما الحكم في تونس هين لفقدان الكاريزما وانقراض السياسيين من المشهد، وذواب اليسار من الخارطة، والبحث عن الذي "فتل اليسار" واخرجها من الركح كما اخرجوا حزب الاستقلال وهي مصيبة دلالاتها تعود بالوبال على الامة جمعاء، وترهق مصارها للرقي والتقدم، وتفتح الباب على مصراعيه للتغول، كما هو اليوم على الثورة، والتركيبة السياسة الجديدة لا مناص منها لإرجاع القطار الى مجراه، والدفع باتجاه الديمقراطية، وتكوين مجموعات ضغط حتى نضع حدا لتراكم الجهل والغفلة "وقل اعملوا وسيٌر الله عملكم ورسوله والمؤمنون" صدق الله العظيم رجب حاجي مكلف بمهمة في الوزارة الاولى ثم في وزارة الشباب والرياضة، ثم بنفس الخطة في الوزارة الاولى، ثم رئيس ديوان الوزير المعتمد لدى الوزير الاول ومدير الحزب الاشتراكي الدستوري، ثم وزارة التجهيز والاسكان حيث كلف بإدارة الدراسات والتخطيط، ثم وزارة الصحة حيث اشتغل كمستشار، ثم رئيس ديوان الوزير